يذكرون

يذكرون

منذ أسبوع

حقيقةُ الذِّكر

حقيقةُ الذِّكر
أَكملُه ما جرى في ظاهر الإنسان وباطنِه
ـــ الإمام الخمينيّ قدّس سرّه ـــ
«إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقول: مَن شُغِلَ بذكري عن مسألتي أعطيْتُه أفضل ما أُعطي مَنْ سَأَلني». الإمام الصّادق عليه السلاممقتطف من (الأربعون حديثاً) للإمام الخمينيّ قدّس سرّه حول حقيقة ذكرِ الله تعالى –بمعنى عدم الغفلة عن حضورِه سبحانه- وأنّه من صفات القلب، ولا تُنال غايتُه إلّا بالتّدرّج في مراتبه بدءاً بالذِّكر اللّسانيّ وهو أدناها، وصولاً إلى حيث يُصبح الذّاكر مظهرَ اسم الله عزّ وجلّ.
ذِكْرُ الحقّ والتّذكُّر لذاته المقدَّسة من صفاتِ القلب، ومتى تذكَّر القلبُ ترتَّبت على ذلك جميع الفوائد المذكورة للذِّكر، ولكنَّ الأفضل أن يَعقب الذِّكرُ القلبيّ الذِّكرَ اللّسانيّ. ثمّ إنَّ أفضل مراتب الذِّكر كافّة وأكملَها هو الذِّكرُ السَّاري في نَشَآت مراتب الإنسانيّة، والجاري على ظاهر الإنسان وباطنِه، سرِّه وعَلَنِه، بحيث يكون الحقُّ سبحانه مشهوداً في سرِّ الوجود، وتكون الصّورة الباطنيّة للقلب والرُّوح صورةً تذكرُ المحبوب، ويطغى على الأعمال القلبيّة والقالبيّة -الظّاهريّة- التّذكُّر لله سبحانه. ".."بل لو أنَّ حقيقة الذِّكر تحوّلت إلى صورةٍ باطنيّةٍ للقلب، وانفَتَحت مملكةُ القلب على يدَيه [الذِّكر]، لجَرَى حكمُه في كلّ الممالك والأقاليم -قوى الإنسان الظّاهريّة والباطنيّة- ولكانت حركةُ العين واللّسان واليد والرِّجل، وسكونها، وكذا أفعال كلّ القوى والجوارح مع ذكرِ الحقّ، فلا تُقدِم على ما يُخالف الوظائف الشَّرعيّة المقرَّرة، بل تكون حركاتُها وسكناتُها مبدوّةً ومختومةً بِذِكْرِ الحقّ، وتنفُذ ﴿..بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا..﴾هود:41في جميع أطراف المملكة. [مملكة الإنسان بما فيه القوى الظّاهريّة والباطنيّة] وفي النّتيجة، يتحوَّل الإنسان إلى حقيقة الأسماء والصِّفات، بل إلى صورةِ اسمِ الله الأعظم، ومظهرِه. وهذه هي الغاية القصوى لكمال الإنسان، ومُنتهى رجاء أهلِ الله تعالى. وكلّما حَصَل انخفاضٌ عن هذا المستوى الرَّفيع وقلّ نفوذُ الذِّكر في الإنسان، انتقصَ وبالمقدارِ نفسِه من كماله، وأثّر نقصانُ كلٍّ من الظّاهر والباطن في الآخر، لأنّ نَشَآت وجود الإنسان مترابطةٌ ومتأثّرةٌ بعضُها ببَعض.

اللّسان يَمُدُّ القلب، ثمّ يستمدُّ منه
ومن هنا يُعلَم أنّ ذكر الحقّ بالنُّطق واللّسان الذي يُعَدُّ من أقلّ مراتب الذِّكر، يكون –أيضاً- مُجدياً ونافعاً لأنّه:أوّلاً:قام اللّسانُ بوظيفتِه بواسطةِ ذكره، وإن كان هذا الذِّكرُ قالباً لا روحَ له.ثانياً:يُمكن أن يصير -أيضاً- هذا التذكُّر سبباً لتَفتُّح لسان القلب بعد مدّةٍ من المواظبة على الذِّكر، والاستمرار عليه بشروطه.قال شيخُنا الكاملُ العارفُ الشّاه آباديّ (روحي فداه): يجبُ أن يكون الإنسانُ الذَّاكر مثل المعلِّم الذي يريدُ أن يعلِّم الطّفل الصّغير -الذي لم ينطق بعد- الكلمات، حيث يكرّر الكلمة، حتّى يَنفتح لسانُ الطّفلِ وينطق بها ".."كذلك هو الذّاكر، يجب عليه أن يعلِّم قلبَه الذِّكر إذا لم ينفتح لسانُ قلبه عليه.والغايةُ من تكرار الذِّكر هو أن ينفتحَ لسانُ القلب عليه، وآيةُ انفتاحِه أنّ يتبعَ لسانُ الفم القلبَ، فيزول نَصَبُ تكرار الذِّكر وعناؤه. في البدء، كان اللّسانُ ذاكراً والقلبُ استمدَّ الذِّكرَ منه، وبعدَ انفتاحِ لسان القلبِ بالذِّكر، يتبعُه لسانُ الفم، ويستمدُّ اللّسانُ منه -من القلب- الذِّكر، أو يستمدُّه من الغَيْب.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 0 ساعة

إصدارات عربية

نفحات