لمحة تاريخيّة موجزة

لمحة تاريخيّة موجزة

01/04/2011

المدينة المنوّرة قبل الإسلام
إعداد: أحمد الحسيني

إعداد: أحمد الحسيني

* المدينة المنوّرة، أو «يثرب» أو «طيبة» أرضٌ شرّفها الله تعالى باحتضان دعوة خاتم المُرسلين صلّى الله عليه وآله، فكانت عاصمة الدولة النموذجية في جميع أبعاد نظام الحكم والإدارة، وإقامة العدل، وبناء الإنسان.
* كان «اليهود» قد نزلوا المدينة، مُنتظرين بعثة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله، حيث كانوا ﴿..يعرفونَه كما يعرفون أبناءهم..﴾ بنصّ القرآن الكريم.
* من المدينة المنوّرة انطلق رسلُ النبيّ الأعظم إلى ملوك العصر النبوي وحكّامه، يحملون الدعوة إلى توحيد الله تعالى، ورفع الإصر والأغلال عن «عباد الله».
وعلى رُبى المدينة المنوّرة، تحطّمت أعتى حملات الكفر والشرك، التي كانت تهدف إلى مواجهة الدعوة إلى الله تعالى، بالسيف وعبادة الأصنام والفراعنة.
* وفي هذا التحقيق محاولة للتعرّف إلى جغرافيا المدينة وخصائصها الطبيعيّة، والإطلالة على تاريخها إلى ما قبل هجرة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله إليها، تمهيداً للقسم الثاني من التحقيق بحوله تعالى حول «المدينة المنوّرة بعد الإسلام».

كانت المدينة المنوّرة قبل هجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله إليها، تُسمّى «يَثْرِب»، وقد ورد هذا الإسم في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم..﴾ الأحزاب:13، وقيل إنّها سُمّيت بذلك لأنّ أوّل من سكنها «يثرب» من أحفاد نبي الله نوح على نبيّنا وآله وعليه السلام، وقيل أيضاً إن اسمها مشتقّ من «التثريب» ومعناه في اللغة اللّوم الشديد، كما جاء في جواب يوسف عليه السلام لإخوته وقد عبّروا عن ندمهم عمّا فعلوه به ﴿قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين﴾ يوسف:92، وقيل غير ذلك. أمّا تسميتها بـ«المدينة»، فلأنّها صارت مدينة رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد هجرته إليها، وإقامته دولة الاسلام على أرضها، وقد ذُكرت في القرآن باسم المدينة في ثلاث آيات:
- ﴿وممّن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق..﴾ التوبة:101.
- ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلّفوا عن رسول الله..﴾ التوبة:120.
- ﴿يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجنّ الأعزّ منها الأذل..﴾ المنافقون:8.
وروي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله سمّاها «طِيبة».

الموقع الجغرافي

تقع المدينة في الجهة الغربية من شبه الجزيرة العربية  إلى الشمال من مكة المكرّمة على بعد 430 كلم منها، وتبعد عن ساحل البحر الأحمر حوالى 150 كلم، أمّا ارتفاعها فحوالى 625 م، تُحيط بها الجبال والحِرار (مفردها حَرّة وهي الأرض التي فيها حجارة سود)، فتمدّها بعدد من الأودية التي تشكّل مناطق تجمّعٍ لمياه الأمطار، فتُغني المياه الجوفية، وتتفجّر من خلالها العيون في عدّة من نواحيها، ما جعلها أرضاً صالحةً للزراعة، وذلك من أسباب التوطّن فيها منذ أقدم العصور.
* أما أشهر الجبال التي تحيطها فهي:
جبل أُحُد: وهو من أهمّ معالم المدينة المنوّرة، وقد نُسب إليه اسم «غزوة أحد».
جبل الرماة: جبل صغير يقع بجانب جبل أحد.
جبل الراية: قيل إنّه يُعرف بهذا الإسم لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، كان يُعطي عنده الراية لمن يبعثه في مهمّة جهاديّة.
جبل وَرقان: أعلى جبل في المدينة، يصل ارتفاعه إلى 2400 م.
جبل عير: وهو يحدّها من الجنوب.
ومن الأودية المشهورة: وادي العقيق، وادي بطحان، وادي الرَوحاء (يقع بين مكّة والمدينة، فيه بئر معروفة ببئر الروحاء).
وممّا اشتُهر من  الآبار: بئر رُومة، وأريس (ومعناها بلغة الشام الفلّاح)، والأعواف، وبضاعة، وبيرحاء، والقويم، والعقيق. وأمّا العيون، فمنها: العين الزرقاء، وعيون وادي حمزة.

السكّان

تعاقب على التوطّن في أرض «المدينة» شعوب عدّة، يُرجّح الباحثون أنّ أوّل من سكنها هم «العَبِيليّون» نسبةً إلى «عَبِيل» الحفيد الرابع لنوح عليه السلام كما في تاريخ الطبري، فقد خرجوا من «بابل» في بلاد ما بين النهرين بقيادة «يثرب بن قاينة»، وساروا مدّة عشرين يوماً حتى وصلوا إلى موضع المدينة فنزلوها وسمّوها باسم قائدهم، ولأنّهم كانوا من أهل الزراعة في بابل، فقد نقلوا مدنيّتهم تلك إلى موطنهم الجديد. وممّا رسمه البعض -استناداً إلى القرائن التاريخية- من وصف لواقع هؤلاء العَبِيلِيِّين القاطنين في أرض يثرب حينها، أنّهم «مجموعة من الأُسر تسكن قرية صغيرة، كثيرة الأشجار والمياه، وتربّي حيواناتها المُدَجَّنةِ مثل الإبل والخيل والغنم، وتزرع النخيل وبعض الخضراوات والفواكه الأخرى، وتستمتع بمحصول وافر وإنتاج جيد، في شبه عزلة عن العالم الخارجي البعيد والمجهول، تحميها الجبال والتلال البركانية التي تحيط بالمنطقة، ولا تترك منفذاً إليها سوى بعض الدروب التي يُمكن مراقبتها وتحصينها».
ومن بعد العَبِيليِّين سكن «العماليق»، وهم  بنو «راحل بن جاشم بن عمليق» على ما في (معجم قبائل العرب)، وقيل إنّ نسبتهم غير ذلك. و«عمليق» هو جدّ العمالقة، وقد زعم بعضهم أنه أوّل من تكلّم بالعربيّة بعدما رحلوا عن بابل، وكان يُقال لهم ولقبيلة «جُرهم» العرب «العاربة». وقال بعضهم: إنّ كلمة عماليق عبرانيّة، وهي مؤلفة من «عم» ومعناه شعب، و«ماليق» وهو اسم قبيلة عربيّة سكنت في منطقة العقبة، وَرد اسمها في آثار البابليّين. والعرب يُطلقون على هؤلاء اسم «عماليق» و«عمالقة» وقد عُرِفوا بارتفاع قاماتهم وطول أعمارهم.
وفي العام 138 لميلاد السيد المسيح عليه السلام، دخلت يثرب ثلاث قبائل يهوديّة هرباً من الرومان على ما يُروى، والقبائل هي: «قُرَيْظَة»، و«النَّضِير»، و«قَيْنُقاع». ويحاول اليهود إثبات وجودهم في شبه الجزيرة العربيّة منذ عهد النبيّ موسى عليه السلام، طبقاً لما جاء في التوراة والإسرائيليّات، فيزعم فريق منهم أنّ هجرتهم إليها كانت زمن «نبوخذ نصّر» البابلي الذي شرّدهم ودمّر هيكلهم في القرن السادس قبل الميلاد. وقد سكن اليهود الوافدون المناطق الخصيبة من المدينة، فسكن بنو النضير على «وادي مُذَيْنِيب» بالعوالي، وأقام بنو قريظة إلى شمالهم على «مَهْزُور»، وأقام بنو قينقاع عند منتهى جسر «وادي بُطْحان» ممّا يلي العالية، وانتشرت بقيّة البطون اليهوديّة في أماكن متفرّقة من المدينة.
وتؤكّد المصادر الإسلاميّة على أنّ السبب في نزول اليهود أرض المدينة المنوّرة، هو انتظارهم بعثة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله، وقد كانوا يعرفونه ﴿..كما يعرفون أبناءهم..﴾ وكانوا يستفتحون به على الكافرين الذين لم يكونوا من «أهل الكتاب».
 
جاء في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام:

«كانت اليهود تجد في كُتُبها أنّ مهاجر محمّدٍ عليه الصلاة والسلام ما بين [جَبَلي] عير وأُحُد، فخرجوا يطلبون الموضع فمرّوا بجبلٍ يُسمّى حدادا، فقالوا: حداد وأُحُد سواء فتفرّقوا عنده، فنزل بعضهم بفَدَك، وبعضهم بخَيبر، وبعضهم بتيماء، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض اخوانهم فمرّ بهم أعرابيٌّ من قيس فتكاروا [استأجروا بعيراً] منه، وقال لهم: أمُرُّ بكم ما بين عير وُأُحُد، فقالوا له: إذا مررت بهما فأَرِناهُما، فلما توسَّط بهم أرض المدينة قال لهم: ذاك عير وهذا أُحُد، فنزلوا عن ظهر إِبِلِه فقالوا له: قد أَصَبنا بُغيتَنا، فلا حاجة لنا في إِبِلك، فاذهب حيث شئت، وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفَدك وخيبر: إنّا قد أصبنا الموضع فهلمُّوا إلينا، فكتبوا إليهم: إنّا قد استقرّت بنا الدار، واتّخذنا الأموال وما أَقْرَبَنا منكم، وإذا كان ذلك [ظهور النبيّ صلّى الله عليه وآله] فما أسرعنا إليكم. فاتَّخذوا بأرض المدينة الأموال، فلما كَثُرت أموالهم بلغ تُبَّع [بن حسّان] فغزاهم فتحصّنوا منه فحاصرهم، فكانوا يَرِقُّون لضُعفاء أصحاب تُبَّع، فيُلقون إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تُبَّع فَرَقَّ لهم وآمَنَهم، فنزلوا إليه فقال لهم: إنّى قد استطبتُ بلادكم ولا أرى إلّا مُقيماً فيكم، فقالوا له: إنّه ليس ذلك لك، إنّها مهاجر نبيّ، وليس ذلك لِأَحدٍ حتّى يكون ذلك، فقال لهم: فإنّي مُخَلِّفٌ فيكم من أُسرتي مَن إذا كان ذلك ساعدَه ونصرَه، فخلّف فيهم الحَيَّين الأوسَ والخزرج، فلمّا كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود، فكانت اليهود تقول لهم: أَمَا لو بُعث محمّد لُنُخرِجنَّكم من ديارنا وأموالنا، فلمّا بعث الله محمّداً عليه وآله الصلاة والسلام آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود، وهو قول الله: ﴿ولمّا جاءهم كتابٌ من عند الله مصدّق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنةُ الله على الكافرين﴾ البقرة: 89».

و«الأوس» و«الخزرج» أخوان شقيقان، أبوهما «عمرو بن عامر» آخر ملوك سبأ قبل خرابها، وأمّهما «قَيْلة» التي يُنسب إليها عرب يثرب فيُقال «بنو قيلة». وقد نزح إخوتهم «بنو جفنة بن غسّان» إلى أرض الشام، فأسّسوا بها إمارة الغساسنة العربية، وآخرون من «جُرهم» نزلوا حول مكّة. وقد انقسمت كلٌّ من قبيلتي الأوس والخزرج إلى خمسة بطون، وهذه البطون الخمسة انقسمت بدورها إلى بطون أخرى توزّعت في مناطق مختلفة من المدينة، وأشهر بطون الأوس :بنو عوف بن مالك، بنو جشم بن مالك، بنو امرئ القيس بن مالك، بنو مرّة بن مالك.
وأمّا الخزرج، فبطونهم الكبرى :بنو عمرو بن الخزرج (وهم أربعة بطون من بني النجار)،  بنو عوف بن الخزرج (وهم ثلاثة بطون ويعرفون بالقواقل)، بنو جشم بن الخزرج (وهم بطون كثيرة أكبرها بنو بياضة وبنو زريق وبنو سلمة)، بنو الحارث بن الخزرج (وهم بطون كثيرة أيضاً)، بنو كعب بن الخزرج (وأشهر بطونهم بنو ساعدة).

الأوضاع السياسيّة

كان اليهود والأوْس والخَزْرَج قد عقدوا معاهدة وحلفاً للدفاع عن يثرب، والتزموا مدّةً بالعيش بسلام. وعندما تحسَّنت أحوال الأَوْس والخَزْرَج الاقتصاديّة، خاف اليهود من تعاظم قوّة هاتين القبيلتَيْن، ففسخوا الحلف معهم، وقتلوا عدداً من أبنائهم، وعمدوا إلى إذلالهم. وعندما برز «مالك بن العجلان» من الخزرجيّين، استنجد بالغساسِنة في الشام، فأرسلوا جيشاً لمحاربة اليهود، فعاد التوازن إلى يثرب وعاش الجميع بوفاق، لكنّ اليهود أرادوا استعادة سيطرتهم الاقتصاديّة والسياسيّة على يثرب، ولا سيّما بعدما أضحى للخَزْرَج والأوْس بطون كثيرة منتشِرة في مواقع متعدّدة، فَعَمدوا إلى سياسة «فرِّق تَسُد»، فتحالف بنو النَّضِير وبنو قُرَيْظة مع الأوْس، وبنو قَيْنِقاع مع الخَزْرَج، وأشعلوا نار الفتنة بينهم. فاشتعلت الحروب بين القبيلتين واستمرّت قرابة مائة وعشرين عاماً، ابتدأت بحرب «سمير»، وانتهت بحرب «بُعاث» قبل الهجرة النبويّة بخمس سنوات، وبينهما وقائع وحروب كثيرة، منها: حرب حاطب، ووقعة جَحْجَبا، وموقعة السَرارة، وموقعة الحصين بن الأسلت، وموقعة فارع، ويوم الربيع، وموقعة الفِجَار الأولى والثانية، وموقعة مَعبَس ومَضْرَس.
وكان آخرها وأشدّها حرب «بُعاث» وقد استعدّ لها الطرفان، والتقيا في منطقة تُسمّى بُعاث، واقتتلوا قتالاً شديداً، وقُتل من الأوسيّين وحلفائهم عددٌ كبير، وبدأوا بالفرار، ولكنّ قائدهم «حُضَير الكتائب» ثبَّتهم، فقاتلوا بشجاعة وهزموا الخزرجِيِّين وحلفاءهم، وهمُّوا أن يقضوا عليهم نهائيّاً، حتى صرخ رجل من الأوْس: «يا معشر الأوْس، انسحبوا ولا تُهلِكوا إخوانكم، فجوارهم خير من جوار الثعالب»، ويقصد اليهود الماكرين. بعد تلك الواقعة سئموا الحرب وكرهوا الفتنة، وأجمعوا أن يُتوِّجوا «عبد الله بن أبي سلول» ملِكاً عليهم لِيستتبّ الأمن وتنتهي الفِتن. تزامن ذلك مع بدايات الدّعوة النبويّة، وشاء الله تعالى أن تقع بيعة العقبة الأولى، ثمّ تليها بيعة العقبة الثانية في مكّة، وشارك فيها أفراد من القبيلتَيْن المتصارعتَيْن، فكانت بداية لتأليف القلوب وجمعها على الإسلام.

الأوضاع الاقتصاديّة

كانت يثرب بلداً زراعيّاً نتيجة لخصوبة تربتها، ولتوفُّر مصادر المياه فيها، فاشتهرت بزراعة أشجار النخيل وكلِّ ما كانوا يعرفونه من مزروعات، وازدهرت فيها تربية المواشي لوجود المراعي في الوديان المحيطة، كما نشطت فيها التجارة باعتبارها طريقاً للقوافل العابرة بين شمال شبه الجزيرة العربية وجنوبها، فعمل أهلها في تقديم الخدمات إلى تلك القوافل، فضلاً عن بيعهم لما تُنتجه المدينة وشراء ما يلزمهم من بضائع الشام واليمن.

العُمران

تؤكّد الروايات التاريخيّة وجود عدد غير قليل من المنازل في يثرب، بُني معظمها بالطين واللِبن، وبعضها بالحجارة المأخوذة من الجبال المحيطة، وقد سُقِّفت بجذوع وسعف النخل. وكان توزُّعُ هذه البيوت على شكل مجموعات سكنيّة متفرّقة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمواقع القبائل المنتشرة في المناطق الزراعيّة. ومن أشهر تلك المناطق: منطقة قُباء، والعَوالي، وقُربان، والعيون.
 وعرف السكّان أيضاً «العرائش»، وهي مكوّنة من أعمدة من جذوع النخيل، يغطّيها الجريد والخُوص، ثم تُربط بعضها مع بعض، ويبلغ ارتفاع هذه العرائش في العادة ارتفاع قامة الإنسان، وتُسوّى الأرض تحتها وتُرشُّ بالماء، لتكون صالحة للجلوس والاستظلال من الشمس.
وكان اليهود والعرب على السواء يُخصّصون بعض الأبنية للمرافق العامّة، مثل كتاتيب تعليم الصبيان، وصالات الاجتماع وغيرها، وكانوا يختارون مواقعها بدقّة كبيرة، بحيث تكون قريبة من منازل القبيلة ليسهل الوصول إليها من أطرافها كافّة.
ومن أشهر هذه المرافق «بيت الدراس»، وهي دارٌ خُصّصت لاجتماع علماء اليهود وزعمائهم. ومن المرافق التي اشتهرت أيضاً سقيفة بني ساعدة، (السقيفة بناء مستطيل مسقوف له جدران في جهاته الثلاث، في وسطه أعمدة يستند عليها السقف)، كان بنو ساعدة يستخدمونه لاجتماعاتهم، وقد اشتهرت سقيفتُهم هذه يوم اجتمع فيها الأنصار والمهاجرون بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ونظراً لوقوع المدينة المنوّرة على طريق التجارة القديم، فقد ساعد ذلك على قيام بعض الأسواق التي كانت مرتبطة بقبائل اليهود؛ كسوق بني قَيْنِقاع، وسوق قُباء، وكانت هذه الأسواق في الغالب ساحة مفتوحة، يبسط فيها البائعون بضاعتهم في الصباح، ثم يحملونها في المساء، وكانت اليهود تبني بعض الدكاكين في مواقعهم، وتُعتبر هذه الأسواق إحدى أُسس ومكوّنات النسيج العمراني للمدينة المنورة قبل الإسلام.
ولم يكن لِيثرب سُورٌ يحيط بها، ولا خندق يقف حائلاً في وجه الأعداء، فكان اليثربيّون يدافعون عن أنفسهم بالتحصُّن في بيوتهم، وبسدّ الطرقات. وكان لأغنيائهم آطام وحصون، (الأُطُم هو حصن بُني بحجارة) فكانوا يرمون أعداءهم بالسهام والحجارة من فوق الحصون، وليس بعجيب أن يؤرّخ الأوْس والخَزْرَج بحرب دارت بين آطامهم، فقالوا «عام الآطام». وقد استخدم النبيّ صلّى الله عليه وآله بعض هذه الحصون لحماية النساء والذراري في غزوة الخندق، فورد أنه صلّى الله عليه وآله جعل نساءه وعمّته «صفيّة» في أُطُم يُقال له «فارع»، وجعل معهم «حسان بن ثابت» الشاعر.
أمّا مقابرهم، فالمشهور منها مقبرة البقيع، واستمرّ الدفن فيها بعد الإسلام.

ديانة اليثربيّين

كان أهل يثرب من غير اليهود وثنيّين يعبدون الأصنام، ولم يُذكر أنه كانت لهم أمكنةٌ خاصّة لأداء طقوسهم، فيظهر أنّهم كانوا يحتفظون بأصنامهم داخل البيوت، وقيل إنّهم كانوا يحجّون إلى محجّات قريبة من يثرب، حتى ظهر الإسلام وكانوا أنصاراً للدين الحنيف.




اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

04/04/2011

  إصدارت

إصدارت

  إصدارات

إصدارات

نفحات