بسملة

بسملة

03/12/2013

النّصر الثّقافيّ النّوويّ

النّصر الثّقافيّ النّوويّ

بقلم: الشّيخ حسين كوراني

  «القرن الخامس عشر الهجريّ، قرن تحطيم الأصنام الكبيرة»

الإمام الخمينيّ

 وليست الأصنام الكبيرة، إلَّا الطّواغيت الّتي يُخال إنّها الأقدار والآلهة، إلى حيث كانت مواجهة الأكثرين للتّسلُّط الغربيّ غربيّة الهوى والسّبل، تمعنُ في «الاستلاب» ليرضى عنها الإلهُ المُدّعى.

الأصنام الكبيرة، هي هذه الّتي تداعى ممثِّلوها بمستوى وزراء الخارجيّة إلى «جنيف» على عَجَل!

ليست «إسرائيل» الغربِ من الأصنام الكبيرة، إنَّما هي خنجر هذه الأصنام، المزروعُ في قلبِ قلب الشّرق والعالم، «أرضِ النّبوّات»، الّتي لم تَعرف البشريّة العقل والأخلاق والقِيَم إلَّا على يد رسُل الله من أهلها إلى النّاس كافّة.

وليس المُستقوُون –حتّى اليوم!- بالكيان الصّهيونيّ «الغُدّةِ السَّرطانيّة» كما وصفها الإمام الخمينيّ، إلّا الوجه الآخر لهذه «الغدّة» فهم من مَرافق هذا الصّنم الصّغير.

تحطيمُ الصّنم غيرُ إزالته من الوجود؛ يُشكِّل التّحطيمُ المدخل إليها. وَتيرةُ مسار التّحطيم تتصاعد منذ حرب «تمّوز».  كانت -هذه الحرب التّاريخيّة بامتياز-  المفصل الأبرز لإعادة كتابة حاضر المنطقة وكلّ الأقاليم والقارّات، ورسمِ ملامح المستقبل، وصولاً إلى تحقيق الوعد الإلهيّ بتحرُّر البشريّة من إصْرِ الطّواغيت والأغلال.

***

 في التّخصّص النّوويّ: قيل الكثير. كانت «إيران» سلمان الفارسيّ -هذا وقومه-  الشّغل الشّاغل لكلِّ المختَصِّين والسّاسة الغربيّين والشّرقيّين حوالي عقدٍ من الزّمن.

في البُعد العسكريّ: كادت الحرب العالميّة الثّالثة أن تنشب إلَّا أنّ عزم الإمام الخامنئيّ الخمينيّ البدريّ - الكربلائيّ حالَ دون ذلك. حين رَصدَت أقمارُهم الصّناعيّة أنَّ إيران ماضيةٌ في المواجهة قُدُماً كالسّكّة المُحماة، بل كَحدِّ «ذي الفقار» أطفأوا كلّ محرّكاتهم.

في السّياسة -فنّ مُمكِنِهم- سيُقال الكثير وقد قيل. ويَتمظهر من التّحوّلات الأكثر، وقد تبدّى وظَهَر.

كلُّ ما قيلَ أو يُقال في الأبعاد المتقدّم ذكرها، لا يَنبغي أنْ يحجبَنا عن «سرّ السِّرّ» ومُنطلَقِ هذه الأبعاد وهو «البُعد الثّقافيّ» «الحضاريّ» «العقائديّ» «الغّيبيّ» مع  التّذكير بأنّ واقعيّة عالم الشّهادة مكتسبةٌ من أصالة الغَيْب.

وهو يلامس سرّ السّرّ، قال الإمام الخمينيّ: «كلّ ما عندنا من عاشوراء»، وقال: «محرّم وصفر، شهرا الإسلام».

ها هو النّصر «الثّقافيّ» النّوويّ للمُستضعَفين والأحرار، يوقَّع –بما يشبه التّوقيع بالأحرف الأولى- في محرّم وعلى أبواب صفر.

**

 عاشوراء –كما قدّمها الإمامُ الخمينيّ- مدرسة «صناعة الإنسان». كربلاء محمّديّة لأنّ الحسين محمّديٌّ بامتياز.

«محرّم وصفر شهرا الإسلام» لأنّهما شهرا محمّدٍ وآل محمّدٍ بامتياز.

مهمّة الأنبياء والأولياء -وفي الطّليعة سادتهم محمّد وآله صلّى الله عليه وآله وعليهم- هي حفظ سلامة إنسانيّة الإنسان، وحراسة الفطرة الإنسانيّة وصيانتها من  العبثِ والتّشويه وتغليبِ الهوى والنّزعات الحيوانيّة عليها.

ليست الحرب في الإسلام إلَّا لإزالة العقبات عن طريق التّكامل الإنسانيّ:

في (صحيفة النّور) يقول الإمام الخمينيّ:

1-  «لا يُظنَّنَّ أنَّ الإسلامَ امتَشقَ السَّيف لأجل السُّلطة كباقي الحكومات. الحكم الإسلاميّ ليس على هذا الغرار. إذا عملَ المسلمُ لأجل السُّلطة وشَهرَ سَيفَه من أجل الاستيلاء على السُّلطة فهو بعيدٌ عن الإسلام، ولم يدخل في الإسلام. إنّه مسلمٌ في الظّاهر ولكنّه لا يتحلّى بالإيمان الّذي يجب أنْ يتحلّى به. جاء الأنبياءُ لتحطيم هذه القوى ".." الشّيطانيّة. ".." هذه إحدى وظائف الأنبياء، ولكنّها ليست الوظيفة الوحيدة. الوظيفة المهمَّة للأنبياء هي أن يُوصِلوا النَّاس إلى نقطة الكمال، أمّا بقيّة الأعمال فهي وسائل. الغاية هي الكمال..».

2-  «الإسلام مجموعةُ أحكامٍ هدفها بناء الإنسان. والقرآن كتابٌ لبناء الإنسان، هدفه أنْ يَصنعَ بَشَراً. والرّسول منذ أن بُعِثَ وإلى حين رحيله عن الدُّنيا كان بصدد صناعة الإنسان، كان مهتمّاً بهذا. كلّ الحروب الّتي شهدها الإسلام كانت من أجل إدخال هؤلاء المتوحِّشين المفترسين داخل حدود الإيمان، لم يكُن في الأمر نزعةٌ إلى التّسلُّط..».

***

  لم يضع الإيرانيُّون «سيوفهم على عواتقهم» إلَّا في خطِّ «صناعة الإنسان».

المنطلَقُ في ذلك إجماع علماءِ الأمّة على أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله هو الإنسان الكامل، ولم يُبعَث نبيٌّ إلَّا لتحقيق إنسانيّة الإنسان وتكاملها.

ليس الهدى الإلهيّ -الّذي حملَ نسختَه الأولى النّبيُّ الأوّل «آدم» عليه السّلام، وحملَ رايتَه بنسخته النّهائيّة النّبيُّ الخاتم صلّى الله عليه وآله- إلّا هداية الإنسان إلى سُبُلِ  سلامة فطرته الإنسانيّة، والإقامة والاستقامة في صراط الحقّ بلا شوبِ باطلٍ يَنتج من تغليب هوى الغرائز على دولة العقل النّاظم بتسليمه لاختصاص الشَّرع  لصراط الإنسانيّة.

ولم تكُن استجابةُ الأمّة لهذا النِّداء من الشّعب الإيرانيّ المسلم إلَّا في خطّ حفظ إنسانيّة الإنسان، وتحريره من كلِّ فراعنة الغرائزيّة العمياء الّتي تُغلِّب الحيوانيّة على العقل والقِيَم والإنسانيّة، وتسمِّي ذلك «حضارة» و«النّظام الدوليّ الجديد»!.

**

يوم كانت طلائع الجهاد والمقاومة في لبنان تتفاعل مع الهدير الخمينيّ كان يُقال عنّا: الجالية الإيرانيّة في لبنان. يوم انتَصَرت «غزّة هاشم» قال بيريز: أقامت إيران قاعدةً لها على بعد 50 كلم من «تلّ أبيب»!

ويوم تعاظمَ مِحوَرُ المقاومة بإيران وبقيادتها تَنادى عبَدةُ الأهواء النّفسانيّة  والغرائزيّة الحيوانيّة ودُماهم بالوَيل والثّبور وعظائم الأمور: ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ص:6.

كان عصيّاً على الأصنام – الفراعنة، الكِبار والصِّغار -وما يزال- أنْ يلتقطوا أنَّ الإمام الخمينيّ قد حَملَ رايةَ العَصَب المُحرِّك لفطرة الشُّعوب. راية النّبوّة الخاتمة، راية ثقافة «صناعة الإنسان». الثّقافة الّتي سجّلت اليوم انتصاراً ثقافيّاً نوويّاً وفلكيّاً. ثقافة الشُّعوب المُستضَعَفة. ثقافة الانتصار والمستقبل بل الخلود.

﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ الأنبياء:68-70.

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

05/12/2013

دوريات

نفحات