الملف

الملف

30/12/2013

من الولادة حتّى ظهورِ أمر الدّعوة وانتشارِه

من الولادة حتّى ظهورِ أمر الدّعوة وانتشارِه

أشعّةٌ من أحوال النّبيّ الأعظم  صلّى الله عليه وآله

------- الفقيه القطب الرّاونديّ قدّس سرّه (ت: 573 للهجرة) --------

 

كلُّ سيرةِ الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله كراماتٌ ومعاجز، والمفارقة الأشدّ أن يصرّ بعضُ المؤمنين على تَغييب المعاجز والكرامات من سيرته صلّى الله عليه وآله، لسوء فهمِ معنى «بشريّة الرّسول» ناتجٍ عن الجموح إلى التّماهي مع «روح العصر» المُمعنِ في المادّيّة وإنكارِ الرّوح والعقل والقِيَم والغَيب عموماً.

استدعى ذلك إعادةُ التّذكير بملامح من سيرة النّبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله تداخَلتْ في جنباتها الكراماتُ النّبويّة، مع تركيزٍ على معجزةٍ أبرز من بين المعاجز الّتي طلبتها قريش منه صلّى الله عليه وآله.

 

·        رُوي أنّه صلّى الله عليه وآله:

 

* وُلد في السّابع عشر من شهر ربيع الأوّل عام الفيل يوم الاثنين، وقيل: يوم الجمعة ".." وهو محمّدُ بنُ عبد الله بنِ عبدِ المطّلب بنِ هاشم.

* ورُويَ عنه صلّى الله عليه وآله: «إذا بلغَ نَسَبي إلى عَدنان فَأَمْسِكوا، ثمّ قرأ: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ الفرقان:38، لا يعلمُهم إلّا اللهُ تعالى جَلَّ ذِكرُه».

* وأنَّ أباه تُوفّي وأمّه حبلى، وقدمتْ أمُّه آمنه بنت وهب على أخواله من بني عَديّ من النّجار بالمدينة، ثمّ رجعتْ به حتّى إذا كانت بالأَبواء ماتت. (الأبواء: قريةٌ بين المدينة ومكّة).

* وأرضَعته صلّى الله عليه وآله حتّى شبَّ: حليمةُ بنتُ عبد الله السَّعْدِيّة.

* وتزوّج بخديجة وهو ابنُ خمسٍ وعشرين سنة.

* وتُوفِّيَ عنه أبو طالب وله ستٌّ وأربعون سنةً وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوماً.

* والصّحيح أنَّ أبا طالب، رضي الله عنه، تُوفِّيَ عنه في آخر السّنة العاشرة من مبعث رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ تُوفّيت خديجةُ بعد أبي طالب بثلاثة أيّام، فسمّى رسولُ الله صلّى الله عليه وآله ذلك العام عامَ الحزن، فقال: «ما زالتْ قريشُ قاعدةً عنّي حتّى ماتَ أبو طالب».

 

* وأقامَ بعدَ البعثةِ بمكّة ثلاثَ عشرة سنة، ثمّ هاجرَ منها إلى المدينة بعد أن استَتر في الغار، ثلاثةَ أيّام.

* ودخلَ المدينةَ يومَ الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأوّل، وبقيَ بها عشرَ سنين، ثمّ قُبِضَ صلّى الله عليه وآله يومَ الاثنين لليلتَين بقيَتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة.

***

بدءُ نزول جبرئيل عليه السّلام

* ذكر عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، وهو من أَجَلِّ رواةِ أصحابنا، أنَّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله لمّا أتى له سبعٌ وثلاثون سنةً كان يرى في نومِه كأنَّ آتياً أتاه فيقول: يا رسولَ الله -وكان بين الجبال يرعى غَنَماً- فنظرَ إلى شخصٍ يقول له: يا رسولَ الله، فقال: مَن أنت؟ قال: أنا جبرئيلُ أرسلَني اللهُ إليك ليتَّخذَك رسولاً، وكان رسولُ الله صلّى الله عليه وآله يكتمُ ذلك.

الوضوءُ والصّلاة

* فأنزلَ جبرئيلُ بماءٍ من السّماء، فقال: يا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، قُمْ فَتَوَضَّأ، فعلَّمه جبرئيلُ الوضوءَ على الوجه واليدَين من المرفق ومسح الرّأس والرِّجلَين إلى الكعبَين، وعلَّمه الرُّكوعَ والسُّجود، فدخلَ عليٌّ عليه السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يصلّي -هذا لمّا تمّ له صلّى الله عليه وآله أربعون سنة- فلمّا نظرَ إليه يصلّي قال: يا أبا القاسم، ما هذا؟ قال: هذه الصّلاةُ الّتي أمرَني اللهُ بها، فدعاه إلى الإسلام، فأسلمَ وصلَّى معه، وأسلمتْ خديجة، فكان لا يُصلّي إلّا رسولُ الله وعليٌّ صلوات الله عليهما وخديجةُ خلفَه. فلمّا أتى لذلك أيّام دخلَ أبو طالب إلى منزل رسول الله صلّى الله عليه وآله ومعه جعفر، فنظرَ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليٍّ عليه السّلام بجَنبه يُصَلِّيان، فقال لجَعفر: يا جعفر، صِلْ جناحَ ابن عمِّك، فوقفَ جعفرُ بن أبي طالب من الجانب الآخَر.

زيد بن حارثة

ثمّ خرج رسولُ الله صلّى الله عليه وآله إلى بعضِ أسواق العرب فرأى زيداً [زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله والد أسامة بن زيد، استُشهد في معركة اليرموك مع  الشّهيدين جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة]، فاشتراه لخديجة ووجده غلاماً كيِّساً، فلمّا تزوّجها وَهبَته له، فلمّا نُبِّئ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله أسلمَ زيدٌ أيضاً، فكان يُصلّي خلفَ رسول الله صلّى الله عليه وآله عليٌّ وجعفر وزيد وخديجة.

فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ

* قال عليّ بن إبراهيم: ولمّا أتى على رسول الله صلّى الله عليه وآله زمان، عند ذلك أَنزل اللهُ عليه ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ الحجر:94، فخرجَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وقام على الحِجر، وقال: يا مَعشرَ قريش، يا مَعشرَ العرب، أَدعوكُم إلى عبادةِ الله وخَلْعِ الأندادِ والأصنامِ، وأَدعوكُم إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رسولُ الله، فَأَجيبوني تَملكوا بها العربَ، وتدينُ لكم بها العَجَمُ وتكونون ملوكاً، فاستَهزأوا منه وضحكوا وقالوا: جُنَّ محمّدُ بن عبد الله، وآذوه بألسنَتِهم.

ادفع إليكم ابني لتقتلوه، وتدفعون إليَّ ابنكم لأربِّيه

* وكان مَن يسمعُ من خبره ما سمع من أهل الكُتب يُسلمون، فلمّا رأت قريش مَن يدخل في الإسلام جَزعوا من ذلك، ومشوا إلى أبي طالب وقالوا: كُفَّ عنّا ابنَ أخيك، فإنّه قد سَفَّهَ أحلامَنا وسَبَّ آلهتَنا وأفسدَ شبابَنا وفَرَّقَ جماعتَنا، وقالوا: يا محمّد، إلامَ تدعو؟

قال: إلى شهادة أنْ لا إلهَ إلّا الله وخَلْعِ الأندادِ كلِّها.

قالوا: نَدَع ثلاثَ مائة وستّين إلهاً ونعبدُ إلهاً واحداً؟ وحكى اللهُ تعالى قولَهم: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ص:4-5 إلى قوله: ﴿..بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِص:8.

ثمّ قالوا لأبي طالب: إنْ كان ابنُ أخيك يحملُه على هذا: العُدم [أي الفقر] جَمعنا له مالاً، فيكون أكثرَ قريشٍ مالاً، فقال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله: مَا لي حاجةٌ في المال، فَأَجيبوني تكونوا ملوكاً في الدّنيا وملوكاً في الآخرة، فتفرّقوا ثمّ جاؤوا إلى أبي طالب، فقالوا: أنت سيّدٌ من ساداتنا وابنُ أخيك قد فرَّق جماعتَنا، فَهَلُمَّ نَدفعْ إليكَ أبهى فتًى من قريش وأجملَهم وأشرفَهم، عمارة بن الوليد، يكون لك ابناً وتدفع إلينا محمّداً لنقتلَه، فقال أبو طالب: ما أَنصَفتموني، تسألوني أنْ أدفعَ إليكم ابني لتَقتلوه، وتدفعون إليَّ ابنَكم لأُربِّيه لكم، فلمّا آيَسوا منه كَفُّوا.

إنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ

* وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله لا يكفُّ عن عيبِ آلهةِ المشركين، ويقرأُ عليهم القرآن، وكان الوليدُ بن المغيرة من حكّام العرب، يتحاكمون إليه في الأمور، وكان له عبيدٌ عشرةٌ عندَ كلِّ عبدٍ ألفُ دينار يَتَّجِرُ بها وملكَ القنطار وكان عمَّ أبي جهل، فقالوا له: يا عبدَ شمس، ما هذا الّذي يقول محمّد؟ أَسِحرٌ أم كهانة، أم خُطَب؟ فقال: دَعوني أسمعْ كلامَه.

فدنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وهو جالسٌ في الحِجر، فقال: يا محمّد، أنشِدني شِعرَك، فقال: ما هو بِشِعْرٍ، ولكنّه كلامُ اللهِ الّذي بعثَ أنبياءَه ورُسُلَه [به]، فقال: أُتْلُ، فقرأ: ﴿بسم الله الرَّحمن الرَّحيم﴾، فلمّا سمع «الرّحمن» استهزأَ منه، وقال: تدعو إلى رجلٍ باليمامة بِسم الرّحمن؟ قال: لا، ولكنّي أدعو إلى الله، وهو الرّحمنُ الرّحيم. ثمّ افتتحَ (حم السّجدة)، فلمّا بلغَ إلى قوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فصّلت:13 وسَمِعَه اقشَعرَّ جِلدُه، وقامت كلُّ شَعرةٍ في بدنه، وقامَ ومَشى إلى بيتِه ولم يرجعْ إلى قريش، فقالوا: صبا أبو عبد الشّمس إلى دِينِ محمّد.

فاغتمّتْ قريش، وغدا عليه أبو جهل، فقال: فضَحتَنا يا عمّ.

قال: يا ابن أخي، ما ذاك وإنّي على دِين قومي، ولكنّي سمعتُ كلاماً صعباً تقشعرُّ منه الجلود.

قال : أَفَشِعْرٌ هو؟ قال: ما هو بشِعر.

قال : فخُطَب؟ قال: لا، إنَّ الخُطَبَ كلامٌ متّصل، وهذا كلامٌ منثورُ لا يُشبِهُ بعضُه بعضاً، له طُلاوة. [الطُّلاوَةُ، بالضَّمِّ: السِّحْرُ]

قال: فكهانة هو؟ قال: لا.

قال: فما هو؟ قال: دَعْنِي أُفكِّر فيه.

فلمّا كان من الغد، قالوا: يا عبدَ شمس، ما تقول؟

قال: قولوا: هو سِحْرٌ، فإنّه آخذٌ بقلوبِ النّاس، فأنزلَ اللهُ تعالى فيه:

﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ المدّثّر11-30.

 

* و".." عن عكرمة قال: «جاء الوليدُ بن المغيرة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال: اِقرأ عَلَيَّ، فقال: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النّحل:90، فقال: أَعِد، فأعاد، فقال: واللهِ إنّ له لَحلاوةً وطُلاوة، وإنّ أعلاه لَمُثمِر، وإنّ أسفلَه لَمُغْدِق، وما هذا بقولِ بَشَر».

أبو طالب لحِمزة: خُذ السَّيف

* وكان قريش يجدّون في أذى رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكان أشدّ النّاس عليه عمُّه أبو لهب، وكان صلّى الله عليه وآله ذات يومٍ جالساً في الحِجر، فبعثوا إلى سِلَى الشّاة فألقوه على رسول الله صلّى الله عليه وآله فاغتمّ من ذلك، فجاءَ إلى أبي طالب، فقال: يا عمّ، كيف حَسَبي فيكم؟

قال: وما ذاك يا ابنَ أخ؟

قال: إنَّ قريشاً ألقوا عليَّ السِّلَى.

فقال (أبو طالب) لحمزة: خُذْ السَّيف. وكانت قريشُ جالسةً في المسجد، فجاء أبو طالب ومعه السَّيف، وحمزةُ ومعه السَّيف، فقال: أمرّ السِّلَى على سبالهم [جمع سبلَة وهي الشّارب]، ثمّ التفتَ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، وقال: يا ابنَ أخ، هذا حَسَبُكَ منّا وفينا.

أللّهُمّ عليك الملأ من قريش

* وفي (صحيح) البخاريّ، عن عبد الله قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله ساجدٌ وحولَه النّاس من قريش ومعهم سِلَى بعير، فقالوا: من يأخذ هذا فيقذفُه على ظهرِه، فجاء عقبةُ بنُ أبي معيط، فقذفَه على ظهر النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وجاءت فاطمة عليها السّلام فَأَخَذَتْه من ظهره ودَعَت على مَن صَنع ذلك، قال عبد الله: فما رأيتُ رسولَ الله دعا عليهم إلَّا يومئذٍ، قال: أللّهمّ عليك الملأُ من قريش. قال عبد الله: ولقد رأيتُهم قُتلوا يومَ بَدْر وأُلقوا في القَليب.

ضربَ بالقوس رأسَه، ثمّ احتملَه فجلدَ به الأرض

* وكان أبو جهل تعرّضَ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وآذاه بالكلام، فقالت امرأةٌ من بعض السّطوح لحمزة: يا أبا يَعلى، إنَّ عَمْرو بنَ هشام تعرَّضَ لمحمّدٍ وآذاه، فغضبَ حمزةُ ومرَّ نحو أبي جهل، وأخذَ قوسَه فضربَ بها رأسَه، ثمّ احتملَه فجلدَ به الأرضَ.

واجتمعَ النّاسُ وكادَ يقعُ فيهم شرّ، فقالوا: يا أبا يَعلى، صبوتَ إلى دين محمّد؟ قال: نعم، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله وأنّ محمداً رسول الله. ثمّ غدا إلى رسول الله فقال: يا ابن أخ، أحقٌّ ما تقول؟

فقرأَ عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله من القرآن، فاستبصرَ حمزةُ فثبتَ على دين الإسلام، وفرحَ رسولُ الله، وسُرَّ أبو طالب بإسلامِه وقال:

 

فَصَبراً «أبا يَعْلَى» على دِيْنِ أحمدٍ

وَكُنْ مُظهِراً للدِّين وُفِّقْتَ صَابِرا

وحُطْ مَن أَتَى بالدِّينِ من عند ربِّهِ

بصدْقٍ وحقٍّ لا تَكُنْ «حَمْزُ» كافرا

فقد سرَّني أنْ قلتَ إنّك مؤمنٌ

فَكُنْ لرسولِ الله في اللهِ ناصرا

ونادِ قُريشاً بالذي قد أتَيْتَهُ

جِهاراً وقلْ: ما كانَ أحمدُ ساحرا

 

***

العِذْقُ ينزلُ من النّخلة، ويأتي إلى رسول الله

".." عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: جاء أعرابيٌّ إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله وقال: بِمَ أعرفُ أنّك رسول الله؟ قال: أرأيتَ إنْ دعوتُ هذا العِذْقَ من هذه النّخلةِ فَأَتاني، أتشهدُ أنّي رسولُ الله؟ قال: نعم.

قال (ابنُ عبّاس): فَدَعا العِذْقَ ينزل من النّخلة حتّى سقطَ على الأرض، فجعلَ يبقرُ حتّى أتى النّبيَّ صلّى الله عليه وآله.

ثمّ قال (النّبيّ للعِذق): ارجِع، فرجعَ حتّى عاد إلى مكانه، فقال: أشهدُ أنّك لرسولُ الله، وآمن، فخرج العامريّ يقول: يا آلَ عامر بن صَعْصَعة، واللهِ لا أُكَذِّبه بشَيءٍ أبداً.

 

ذو الجناحين، جعفرُ بن أبي طالب

(جعفرُ بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ، وأمّه [أي والدة جعفر] فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ. وكان لجعفر من الوَلد عبدُ الله، وبه كان يُكنَّى، وله العَقِبُ من وُلد جعفر، ومحمّد وعون لا عقبَ لهما، وُلدوا جميعاً لجعفر بأرض الحبشة في المهاجر إليها، وأمُّهم أسماء بنت عميس ".." وأخوا [أبناء جعفر] لأمّهم: يحيى بن عليّ بن أبي طالب ومحمّد بن أبي بكر. ".." أسلم جعفرُ بن أبي طالب قبل أن يدخل رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم دارَ الأرقم ويدعو فيها.

".." وهاجر جعفر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثّانية ومعه امرأته أسماءُ بنت عميس، وولدَت له هناك عبدَ الله، وعوناً، ومحمّداً. فلم يزل بأرض الحبشة حتّى هاجر رسولُ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى المدينة، ثمّ قدم عليه جعفر من أرض الحبشة وهو بخَيبر ".." ولمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من خَيبر تلقّاه جعفرُ بن أبي طالب، فالتزمَه رسولُ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وقبَّل ما بين عينَيه، وقال: ما أدري بأيّهما أنا أفرَح، بقدومِ جعفر أو بفتح خَيبر. ".."

عن محمّد بن أسامة بن زيد عن أبيه أسامة أنّه سمع النّبيَّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول لجعفر بن أبي طالب: «أشبَهَ خَلقُك خَلقي وأشبَهَ خُلقُك خُلُقي، فأنت منِّي ومن شَجرتي». ".."  حدَّثنا هشامُ بن سعد، عن جعفر بن عبد الله بن جعفر، عن جعفر بن أبي طالب أنّه تختَّم في يمينِه.

".." عن عبد الله بن جعفر قال: «بعثَ رسولُ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم جيشاً، واستعمل عليهم زيدَ بن حارثة وقال: إنْ قُتل زيدٌ أو استُشهِد فأميرُكم جعفرُ بن أبي طالب، فإنْ قُتل جعفر أو استُشهِد فأميرُكم عبدُ الله بن رواحة. فلَقوا العدوَّ ".." فأتى خبرُهم النّبيَّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فخرج إلى النّاس فحمدَ اللهَ وأثنى عليه ثمّ قال: إنَّ إخوانَكم لقوا العدوَّ، فأخذَ الرّايةَ زيدُ بنُ حارثة فقاتلَ حتّى قُتل أو استُشهد، ثمّ أخذَ الرّايةَ جعفرُ بن أبي طالب فقاتلَ حتّى قُتل أو استُشهد، ثمّ أخذها عبدُ الله بن رواحة وقاتل حتّى قُتل).

(ابن سعد، الطّبقات الكبرى: ج 4/ ص 37)

   

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

02/01/2014

دوريّات

نفحات