بصائر

بصائر

26/01/2014

الاهتداء، معرفةُ الإمام


﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى طه:82

الاهتداء، معرفةُ الإمام

ـــــ الفقيه الفيضُ الكاشانيّ رحمه الله ـــــ

 

في (الوافي) للفقيه الفيض الكاشانيّ قدّس سرّه جملةُ أحاديث عن أنّ الإيمان مشروطٌ بمعرفة الإمام المفترَض الطّاعة، المنصوصِ على إمامتِه من رسول الله صلّى الله عليه وآله، ومشروطٌ أيضاً بردِّ الأمرِ إليه؛ اخترنا ثلاثةً منها نقلها الفيض عن (الكافي) للكلينيّ رحمهما الله تعالى، معلّقاً على الأخيرَين منها.

1- عَنْ أَحَدِهِمَا [الإمام الباقر أو الإمام الصّادق] عليهما السّلام أَنَّه قَالَ: «لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتَّى يَعْرِفَ اللهَ ورَسُولَه والأَئِمَّةَ كُلَّهُمْ وإِمَامَ زَمَانِه، ويَرُدَّ إِلَيْه ويُسَلِّمَ لَه»، ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ يَعْرِفُ الآخِرَ وهُوَ يَجْهَلُ الأَوَّلَ».

***

2- عن أبي عبد الله عليه السّلام: «إِنَّكُمْ لَا تَكُونُونَ صَالِحِينَ حَتَّى تَعْرِفُوا، ولَا تَعْرِفُونَ حَتَّى تُصَدِّقُوا، ولَا تُصَدِّقُونَ حَتَّى تُسَلِّمُوا أَبْوَاباً أَرْبَعَةً، لَا يَصْلُحُ أَوَّلُهَا إِلَّا بِآخِرِهَا. ضَلَّ أَصْحَابُ الثَّلاثَةِ وتَاهُوا تَيْهاً عظيماً (بعيداً). إِنَّ الله تَعَالَى لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْعَمَلَ الصَّالِحَ، ولَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ والْعُهُودِ، فَمَن وَفَى للهِ بِشَرْطِه واستعملَ مَا وَصَفَ فِي عَهْدِه، نَالَ مَا عِنْدَه واسْتَكْمَلَ وَعْدَه. إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أَخْبَرَ الْعِبَادَ بِطَرِيقِ الْهُدَى وشَرَعَ لَهُمْ فِيهَا الْمَنَارَ، وأَخْبَرَهُمْ كَيْفَ يَسْلُكُونَ فَقَالَ: ﴿وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى﴾ طه:82، وقَالَ: ﴿..إِنَّما يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ المائدة:27، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ فِي مَا أَمَرَه لَقِيَ اللهَ مُؤْمِناً بِمَا جَاءَ بِه مُحَمَّدٌ صلّى اللهُ عليه وآله، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! فَاتَ قَوْمٌ ومَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَهْتَدُوا وظَنُّوا أَنَّهُمْ آمَنُوا، وأَشْرَكُوا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، إِنَّه مَنْ أَتَى الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا اهْتَدَى، ومَنْ أَخَذَ فِي غَيْرِهَا سَلَكَ طَرِيقَ الرَّدَى. وَصَلَ اللهُ طَاعَةَ وَلِيِّ أَمْرِه بِطَاعَةِ رَسُولِه، وطَاعَةَ رَسُولِه بِطَاعَتِه، فَمَنْ تَرَكَ طَاعَةَ وُلَاةِ الأَمْرِ لَمْ يُطِعِ اللهَ ولا رَسُولَه، وهُوَ الإِقْرَارُ بِمَا نَزَلَ مِنْ عِنْدِ الله تَعالى: ﴿..خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ..﴾ الأعراف:31، والْتَمِسُوا الْبُيُوتَ الَّتِي ﴿..أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُه..﴾ النّور:36، فَإِنَّه أخبرَكُمْ أَنَّهُمْ ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ولَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وإِقَامِ الصَّلاةِ وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيه الْقُلُوبُ والأَبْصَارُ﴾ النّور:37. إِنَّ الله قَدِ اسْتَخْلَصَ الرُّسُلَ لأَمْرِه، ثُمَّ اسْتَخْلَصَهُمْ مُصَدِّقِينَ لِذَلِكَ (بِذَلك) فِي نُذُرِه فَقَالَ: ﴿..وإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾ فاطر:24. تَاه مَنْ جَهِلَ واهْتَدَى مَنْ أَبْصَرَ وعَقَلَ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ: ﴿..فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ الحج:46، وكَيْفَ يَهْتَدِي مَنْ لَمْ يُبْصِرْ وكَيْفَ يُبْصِرُ مَنْ لَمْ يتدبَّر، اتَّبِعُوا رَسُولَ اللهِ وأهلَ بيتِه، وأَقِرُّوا بِمَا نَزَلَ مِنْ عِنْدِ الله، واتَّبِعُوا آثَارَ الْهُدَى فَإِنَّهُمْ عَلَامَاتُ الأَمَانَةِ والتُّقَى. واعْلَمُوا أَنَّه لَوْ أَنْكَرَ رَجُلٌ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَليه السّلام، وأَقَرَّ بِمَنْ سِوَاه مِنَ الرُّسُلِ لَمْ يُؤْمِنْ. اقْتَصُّوا الطَّرِيقَ بِالْتِمَاسِ الْمَنَارِ، والْتَمِسُوا مِنْ وَرَاءِ الْحُجُبِ الآثَارَ تَسْتَكْمِلُوا أَمْرَ دِينِكُمْ وتُؤْمِنُوا بِالله رَبِّكُمْ».

قال الفيض الكاشانيّ قدّس سرّه: «بيان: أشار (بالأبواب الأربعة) إلى التّوبةِ عن الشِّرك، والإيمانِ بالوحدانيّة، والعملِ الصّالح، والاهتداءِ إلى الحُجج عليهم السّلام، كما يتبيّن ممّا ذُكِرَ بعدَه. و(أصْحابُ الثّلاثة) إشارةٌ إلى مَن لم يَهتدِ إلى الحُجج ".." و(الشُّروط والعُهُود) كنايةٌ عن الأمور الأربعة المذكورة، إذ هي شروطٌ للمغفرة وعهود. و(المنار) جمع منارة على ما قاله ابن الأثير، وهي عَلَم الطّريق [وكنّى به عن الأئمّة عليهم السّلام]. ".."

﴿..خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ..﴾ الأعراف:31 كأنّه عليه السّلام أشار إلى تأويل (الزّينة) بمعرفة الإمام، و(المسجد) بمطلَق العبادة ".."  وقوله عليه السلام: (والتَمِسُوا مِن وراءِ الحُجُب الآثار)، كأنّه أراد به: إنْ لم يتيسَّر لكم الوصولُ إلى الإمام، فالتَمِسوا آثارَه».

***

3- عن أبي عبد الله عليه السّلام: «أَبَى اللهُ أَنْ يُجْرِيَ الأَشْيَاءَ إِلَّا بِأَسْبَابٍ، فَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَباً، وجَعَلَ لِكُلِّ سَبَبٍ شَرْحاً، وجَعَلَ لِكُلِّ شَرْحٍ عِلْماً، وجَعَلَ لِكُلِّ عِلْمٍ بَاباً نَاطِقاً عَرَفَه مَنْ عَرَفَه وجَهِلَه مَنْ جَهِلَه، ذَاكَ رَسُولُ الله صلّى اللهُ عليه وآله ونَحْنُ».

بيان: يعني ذلك الباب رسولُ الله ونحن، فمِن الباب يُمكن الدُّخولُ إلى العِلم، ومِن العِلم يمكنُ الوصول إلى الشَّرح، ومن الشَّرح يُعرَف السَّبب، ومن السَّبب يُعلم المُسبِّب، فالعلمُ بالأشياء كلِّها موقوفٌ على معرفةِ الإمام والأخذِ منه عليه السّلام.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

26/01/2014

دوريات

  كتب أجنبيّة

كتب أجنبيّة

نفحات