صاحب الأمر

صاحب الأمر

28/03/2014

السّفيرُ الثّالث، الحُسين بن روح النّوبختيّ


الوكيل، والثّقةُ الأمين

السّفيرُ الثّالث، الحُسين بن روح النّوبختيّ

ـــــ السّيّد محسن الأمين العامليّ رحمه الله ـــــ

 

السّفير الثّالث من سفراء الغَيبة الصّغرى الأربعة، أبو القاسم الحسينُ بن روح رحمه الله، أقامه في مقام السّفارة، وبأمرٍ من الإمام عجّل الله فرجه، سلفُهُ محمّد بن عثمان. وللتّعرّف على سيرته، اقتطفت «شعائر» من (أعيان الشّيعة) للسّيّد محسن الأمين، رحمه الله، نبذةً عن حياته وظروف سفارته.

 

أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النُّوبختيّ، توفّي في شعبان سنة 326 للهجرة ببغداد، ودُفِن بها. والنُّوبختيّ نسبةٌ إلى «نوبخت» جدِّهم، ذُكِر في [ترجمة] إبراهيم بن إسحاق. هو ثالثُ السُّفراء الأربعة في الغَيبة الصُّغرى؛ أوَّلُهم عثمانُ بن سعيد العَمريّ، وثانيهم ابنُه محمّد بن عثمان، وثالثُهم هو [المترجَم له]، ورابعُهم عليّ بن محمّد السُّمَّريّ، ثمّ حصلت الغَيبةُ الكبرى وانقطعت السّفارة.

قال الشّيخ الطّوسيّ في كتاب (الغَيبة):

1- «كان أبو القاسم، رحمه الله، مِن أعقل النّاس عند المُخالِف والمُوافق ويستعملُ التّقيّة»، ثمّ روى عن أبي عبد الله بن غالب، حمي أبي الحسن بن أبي الطّيّب، قال: «ما رأيتُ مَن هو أعقلُ من الشّيخ أبي القاسم الحسين بن روح».

2- وأخبرني جماعة عن أبي عبد الله محمّد بن أحمد الصّفوانيّ، حدّثني الحسين بن روح، أنَّ يحيى بن خالد سَمَّ موسى بنَ جعفر عليهما السّلام في إحدى وعشرين رطبةً، وبها مات، وأنَّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السّلام، جميعاً ما ماتوا إلّا بالسَّيف أو السُّمّ. وقد ذُكر عن الرّضا عليه السّلام أنّه سُمَّ، وكذلك ولدُه وولدُ ولدِه.

3- قال: «وسأله بعضُ المتكلّمين وهو المعروف بـ (تُرك الهرويّ)، فقال له: كم بناتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ فقال: أربع [لاحظ قول الشّيخ الطّوسيّ أعلاه إنّ أبا القاسم رحمه الله كان يستعمل التّقيّة، وفي موارد أُخَر ما يدلّل على نكيره على المتهاون بها نظراً لحراجة الظّرف في ظلّ الحكم العبّاسيّ، الذي كان يترصّد ولادة القائم عليه السّلام، ثمّ ضاعف حملاته في البحث عن الإمام بعد شهادة أبيه العسكريّ عليهما السّلام]، قال: فأيّهنّ أفضل؟ قال: فاطمة، قال: ولِمَ صارت أفضل وكانت أصغرهنّ سنّاً وأقلّهنّ صحبةً لِرسول الله صلّى الله عليه وآله؟ قال: لخصلتَين خصَّها اللهُ بهما، تطوُّلاً عليها وتشريفاً وإكراماً لها. إحداهما أنّها وَرِثَتْ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله ولم يَرِثه غيرُها من ولده، والأخرى أنّ الله تعالى أبقى نسلَ رسول الله صلّى الله عليه وآله منها ولم يُبقِه من غيرها، ولم يَخصُصها بذلك إلّا لفضلِ إخلاصٍ عَرَفه من نيَّتها. قال الهرويّ: فما رأيتُ أحداً تكلّم وأجاب في هذا الباب بأحسن ولا أوجزَ من جوابه».

4- وقال: «أخبرني ابنُ إبراهيم، عن ابن نوح، عن أبي نصر، هبة الله بن محمّد ابن بنت أمّ كلثوم بنت أبي جعفر [السّفير الثّاني] رضوان الله عليه، قالت: كان أبو القاسم الحسين بن روح، رضوان الله عليه، وكيلاً لأبي جعفر سنينَ كثيرة، يَنظر له في أملاكه ويُلقي بأسراره لرؤساء من الشِّيعة ".." فحصَّلَ في أنفُس الشّيعة محصّلاً جليلاً لمعرفتِهم باختصاص أبي إيّاه وتوثيقه عندهم، ونشر فضلِه ودِينه وما كان يحتملُه من هذا الأمر، فمهّدت له الحال في طول حياة أبي إلى أن انتهت الوصيّةُ إليه بالنّصّ عليه، فلم يَختلف في أمره ولم يَشكّ فيه أحدٌ، إلّا جاهلٌ بأمر أبي أوّلاً، مع أنّي لستُ أعلمُ أنّ أحداً من الشّيعة شكَّ فيه. وقد سمعتُ هذا من غير واحدٍ من بني نوبخت، رحمَهم الله، مثل أبي الحسن بن كبرياء وغيره».

 

إقامةُ محمّدِ بن عثمان العَمريّ، الحسينَ بنَ روح مقامَه بأمر الإمام عليه السلام

روى الشّيخ الطّوسيّ في كتاب (الغَيبة):

1- بسنده عن أبي جعفر بن عليّ الأسود، قال: «كنتُ أحملُ الأموالَ الّتي تحصلُ في باب الوقف إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ، رحمه الله، فيقبضها منّي، فحملتُ إليه يوماً شيئاً من الأموال في آخر أيّامه قبلَ موته بسنتَين أو ثلاث سنين، فأمَرَني بتسليمه إلى أبي القاسم الرّوحيّ، فكنتُ أطالبه بالقبوض، فشكا ذلك إلى أبي جعفر، فأمَرَني أنْ لا أُطالبَه بالقبوض، وقال: كلُّ ما وَصل إلى أبي القاسم فقد وصلَ إليّ، فكنتُ أحملُ بعد ذلك الأموالَ إليه ولا أطالبه بالقبوض». ".."

2- عن أبي محمّد هارون بن موسى، قال: «أخبرَني أبو عليّ محمّد بن همام، رضي الله عنه وأرضاه، أنَّ أبا جعفر محمّد بن عثمان العمريّ، قدّس الله روحه، جَمَعَنا قبلَ موتِه، وكنّا وجوهَ الشّيعة وشيوخَها، فقال لنا: إنْ حدثَ عليَّ حدثُ الموت فالأمرُ إلى أبي القاسم الحسينِ بن روح النّوبختيّ، فقد أُمِرتُ أن أجعلَه في موضعي بعدي، فارجِعوا إليه وعوِّلوا في أموركم عليه».

3- بسنده عن جماعة من بني نوبخت: «أنّ أبا جعفر العَمريّ لمّا اشتدّت به حالُه، اجتمع جماعةٌ من وجوه الشّيعة، منهم أبو عليّ بن همام، وأبو عبد الله بن محمّد الكاتب، وأبو عبد الله الباقطانيّ، وأبو سهل إسماعيل بن عليّ النّوبختيّ، وأبو عبد الله بن الوجناء، وغيرهم من الوجوه الأكابر. فدخلوا على أبي جعفر فقالوا له: إنْ حدث أمرٌ، فمَن يكونُ مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسينُ بن روح بن أبي بحر النّوبختيّ، القائمُ مقامي والسّفيرُ بينَكم وبين صاحب الأمر، والوكيلُ له والثّقةُ الأمين، فأَرجِعوا إليه أمورَكم، وعوِّلوا عليه في مهمّاتكم، فبذلك أُمِرتُ وقد بلَّغت».

ملاحظات السّيّد الأمين

 أقول [السّيّد محسن الأمين]: وكانت مدّةُ سفارته بعد موت محمّد بن عثمان نحواً من إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين سنة.

* قال ابنُ الأثير في (الكامل في التّاريخ) في حوادث سنة 305 للهجرة: «فيها في جُمادى الأولى مات أبو جعفر محمّد بن عثمان العَمريّ رئيسُ الإماميّة، وكان يدّعي أنّه البابُ إلى الإمام المنتظَر، وأوصى إلى أبي القاسم الحسين بن روح».

* وفي (لسان الميزان) لابن حجر: «الحسينُ بن روح بن بحر أبو القاسم، أحدُ رؤساء الشّيعة في خلافة المقتدِر، وله وقائعُ في ذلك مع الوزراء، ثمّ قُبض عليه وسُجن في المطمورة (....) ومات سنة 326، وقد افترى له الشّيعةُ الإماميّةُ حكايات، وزعموا أنّ له كراماتٍ ومكاشفات، وزعموا أنّه كان في زمانه البابَ إلى المُنتظَر، وأنّه كان كثيرَ الجلالة في بغداد، والعِلمُ عند الله».

وسببُ حبسِه لم أظفر به في (تاريخ) ابن الأثير. وفي (غَيبة) الطّوسيّ ما يشير إلى حبسه. فإنّه روى عن محمّد بن الحسن بن جعفر بن إسماعيل بن صالح الصّيمريّ، أنّه قال: «لمّا حُبِسَ الحسين بن روح، أَنفذَ من محبسه في دار المقتدر توقيعاً في ذمِّ الشّلمغانيّ في ذي الحجّة سنة 312 إلى أبي عليّ بن همام، وأملاه أبو عليٍّ عَلَيَّ، وعرّفني أنَّ أبا القاسم الحسين بن روح راجع في تركِ إظهاره، فإنّه في يد القوم وحبسِهم، فأمَرَ بإظهاره وأنْ لا يَخشى ويأمن، فتخلَّص وخرج من الحبس بعد ذلك بمدّةٍ يسيرة».

ونِسبتُه [في لسان الميزان] إلى الشّيعة أنّها افترت له حكايات، من باب: المرءُ عدوُّ ما جَهِل؛ فهؤلاء كلّما رَأوا شيئاً لم تألَفهُ نفوسُهم نَسبُوه إلى الافتراء، ولا عَجَبَ فالأُممُ السّالفةُ كانت كذلك، كما حكاه اللهُ تعالى عنها في الكتاب العزيز.

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

28/03/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات