الملف

الملف

26/07/2014

روائع من كلام الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام


الحِكَمُ الصّادِقة

روائع من كلام الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام

ـــــ رواية الحسين بن محمّد الحلوانيّ* ـــــ

 

يتضمّن النّص التّالي سبعين حكمةً ممّا ورد في الرّوايات عن الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليهما السّلام، وقد اقتُبست هذه الحِكَم من روائع ما وردَ عنه عليه السّلام في ميادين العبادة والسّياسة والاجتماع والأخلاق. وسيَظهر للقارئ العزيز إلى أيّ مدى يحتاج فيه الأفراد والجماعات في مجتمعاتنا الإسلاميّة، بل في المجتمع البشريّ بعامّة، إلى مثل هذه الأنوار الهادية إلى سبيل الصّلاح والنّجاة.

وفي ما يلي مختاراتٌ من هذه الرّوائع التي ارتَأَينا أن نوردَها، على شكلٍ مُتَتالٍ، طبقاً لوقوعها في النّص الأصليّ للرّوايات.

«شعائر»

 

1- قال الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَنْ تَطَأْطَأَ للسُّلْطانِ تَخَطّاهُ، وَمَنْ تَطاوَلَ عَلَيْهِ أَرْداهُ».

2- وقال عليه السّلام: «الاسْتِرْسالُ إِلى المُلوكِ مِنْ عَلامَةِ النُّوكِ [أي الحُمق]، وَالحَوائِجُ فُرَصٌ فَخُذوها عِنْدَ إِسْفارِ الوُجوهِ، وَلا تَعْرُضوا لَها عِنْدَ التَّعْبيسِ وَالتَّقْطيبِ».

3- وقال عليه السّلام: «لَوْ عَلِمَ سَيِّءُ الخُلُقِ أَنَّهُ يُعَذِّبُ نَفْسَهُ لَتَسَمَّحَ في خُلُقِهِ».

4- وقال عليه السّلام: «ما ارْتَجَّ امْرُؤٌ، وَأَحْجَمَ عَلَيْهِ الرَّأْيُ، وَأَعْيَتْ بِهِ الحِيَلُ، إِلّا كانَ الرِّفْقُ مِفْتاحَهُ».

5- وقال عليه السّلام: «آفَةُ الدِّينِ العُجْبُ وَالحَسَدُ وَالفَخْرُ».

6- وقال عليه السّلام: «مَنِ اعْتَدَلَ يَوْماهُ فَهُوَ مَغْبونٌ، وَمَنْ كانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَهُوَ مَفْتونٌ، وَمَنْ لَمْ يَتَفَقَّدِ النُّقْصانَ في نَفْسِهِ دامَ نَقْصُهُ، وَمَنْ دامَ نَقْصُهُ فَالمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، وَمَنْ أَذْنَبَ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ كانَ للعَفْوِ أَهْلاً».

7- وسُئل عليه السّلام عن الرّقّة؟ فقال عليه السّلام: «مَنْعُ اليَسيرِ، وَطَلَبُ الحَقيرِ». [في مصادر أخرى: طلبُ اليَسير، ومَنعُ الحقير، وردت تفسيراً من الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام للدَّنيئة]

8- وقال عليه السّلام: «لا تَكْمُلُ هَيْبَةُ الشَّريفِ إِلّا بِالتَّواضُعِ».

9- وقال عليه السّلام: «لا يُحْفَظُ الدّينُ إِلّا بِعِصْيانِ الهَوى، وَلا يُبْلَغُ الرِّضا إِلّا بِخيفَةٍ أَوْ طاعَةٍ».

10- وقال عليه السّلام: «مَنْ كانَ الحَزْمُ حارِسَهُ، وَالصِّدْقُ جَليسَهُ، عَظُمَتْ بَهْجَتُهُ وَتَمَّتْ مُروءَتُهُ، وَمَنْ كانَ الهَوى مالِكَهُ، وَالعَجْزُ راحَتَهُ، عاقاهُ عَنِ السَّلامَةِ، وَأَسْلَماهُ إِلى الهَلَكَةِ».

11- قيل: وسأله بعضُ الملحدين، فقال: ما يفعلُ ربّك في هذه السّاعة؟ فقال عليه السّلام: «يَسُوقُ المَقاديرَ إِلى المَواقيتِ». وسأل آخر فقال: ما فعل ربّك؟ فقال عليه السّلام : «فَسَخَ العَزْمَ، وَكَشَفَ الغَمْرَ».

12- وقال عليه السّلام: «اطْلُبوا العِلْمَ وَلَوْ بِخَوْضِ اللُّجَجِ، وَشَقِّ المُهَجِ».

13- وقال عليه السّلام: «جاهِلٌ سَخِيٌّ، أَفْضَلُ مِنْ ناسِكٍ بَخيلٍ».

14- وقال عليه السّلام: «ثَلاثَةٌ لا يُصيبونَ إِلّا خَيْراً: أُولو الصَّمْتِ، وَتارِكو الشَّرِّ، وَالمُكْثِرونَ ذِكْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.. وَرَأْسُ الحَزْمِ التَّواضُعُ»، فقال له بعضُهم: وما التّواضع؟ قال عليه السّلام: «أَنْ تَرْضى مِنَ المَجْلِسِ بِدونِ شَرَفِكَ، وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلى مَنْ لَقِيتَ، وَأَنْ تَتْرُكَ المِراءَ وَإِنْ كُنْتَ مُحِقّاً».

15- وسُئل عليه السّلام عن فضيلةٍ لأمير المؤمنين، صلوات الله وسلامه عليه، لم يَشرَكْهُ فيها غيرُه، فقال عليه السّلام: «فَضَلَ الأَقْرَبينَ بِالسَّبْقِ، وَسَبَقَ الأَبْعَدينَ بِالقَرابَةِ».

16- وقال عليه السّلام: «خُذْ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِطَرَفٍ، تُرَوِّجُ بِهِ أَمْرَكَ، وَتُرَوِّحُ بِهِ قَلْبَكَ».

17- وقال عليه السّلام: «المُؤْمِنُ الذي إِذا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنْ حَقٍّ، وَإِذا رَضِيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضاهُ في باطِلٍ، وَالذي إِذا قَدَرَ لَمْ يَأْخُذْ أَكْثَرَ مِمّا لَهُ».

18- وقال عليه السّلام: «امْتَحِنْ أَخاكَ عِنْدَ نِعْمَةٍ تَتَجَدَّدُ لَكَ، أَوْ نائِبَةٍ تَنوبُكَ».

19- وقال عليه السّلام: «مِنْ حَقِّ أَخيكَ أَنْ تَحْتَمِلَ لَهُ الظُّلْمَ في ثَلاثَةِ مَواقِفَ: عِنْدَ الغَضَبِ، وَعِنْدَ الذِّلَّةِ، وَعِنْدَ الهَفْوَةِ».

20- وقال عليه السّلام: «مَنْ ظَهَرَ غَضَبُهُ ظَهَرَ كَيْدُهُ، وَمَنْ قَوِيَ هَواهُ ضَعُفَ حَزْمُهُ».

21- وقال عليه السّلام: «مَنْ أَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ رُضِيَ حَكَماً لِغَيْرِهِ».

22- وقال عليه السّلام: «مَنْ لَمْ يُقَدِّمِ الامْتِحانَ قَبْلَ الثِّقَةِ، وَالثِّقَةَ قَبْلَ الأُنْسِ، أَثْمَرَتْ مُروءَتُهُ نَدَماً».

23- وقال عليه السّلام: «لا تَتَّبِعْ أَخاكَ بَعْدَ القَطيعَةِ وَقيعَةً فيهِ، فَتَسُدَّ عَلَيْهِ طَريقَ الرُّجوعِ إِلَيْكَ، وَلَعَلَّ التَّجارِبَ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيْكَ».

24- وقال عليه السّلام: «لَحْظُ الإِنْسانِ طَرَفٌ مِنْ خَبَرِهِ».

25- وقال عليه السّلام: «أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ هَواكَ».

26- وقال عليه السّلام: «العُجْبُ يَكْلِمُ [أي يجرح] المَحاسِنَ، وَالحَسَدُ للصَّديقِ مِنْ سُقْمِ المَوَدَّةِ، وَلَنْ تَمْنَعَ النّاسَ مِنْ عِرْضِكَ إِلّا بِما تَنْشُرُ عَلَيْهِمْ مِنْ فَضْلِكَ».

27- وقيل له عليه السّلام: بمَ يُداوى الحرص؟ فقال عليه السّلام: «لَنْ تَنْتَقِمَ مِنْ حِرْصِكَ بِمِثْلِ القَناعَةِ».

28- وكان عليه السّلام يقول: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ بِما أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ (مِنَ) العَفْوِ، أَوْلى مِنِّي بِما أَنا لَهُ أَهْلٌ مِنَ العُقوبَةِ».

29- وقال عليه السّلام: «اسْتَحِ مِنَ اللهِ بِقَدْرِ قُرْبِهِ مِنْكَ، وَخَفْهُ بِقَدْرِ قُدْرَتِهِ عَلَيْكَ».

30- وقال عليه السّلام: «كِتابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْياءَ: عَلى العِبارَةِ، وَالإِشارَةِ، وَاللَّطائِفِ، وَالحَقائِقِ، فَالعِبارَةُ للعَوامِّ، وَالإِشارَةُ للخَواصِّ، وَاللَّطائِفُ لِلأَوْلِياءِ، وَالحَقائِقُ لِلأَنْبِياءِ».

31- وقال عليه السّلام: «مَنْ سَأَلَ فَوْقَ قَدْرِهِ اسْتَحَقَّ الحِرْمانَ».

32- وقال عليه السّلام: «العِزُّ أَنْ تَذِلَّ للحَقِّ إِذا أَلْزَمَكَ».

33- وقال عليه السّلام: «صَلاحُ مَنْ جَهِلَ الكَرامَةَ في هَوانِهِ».

34- وقال عليه السّلام: «المُؤمِنُ مَن يُدَارِي، وَلَا يُمَارِي».

35- وقال عليه السّلام: «مَنْ أَكْرَمَكَ فَأَكْرِمْهُ، وَمَنْ اسْتَخَفَّ بِكَ فَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْهُ».

36- وقال البراديّ: قلت للمفيد الجرجرائيّ: رُوي عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال: «الحَزْمُ سوءُ الظَّنِّ». ورُوي عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: «مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ رَوَّحَ قَلْبَه». فما هذه المضادّة؟

قال: يريدون بسوء الظّنّ أن لا تَستنيم [أي لا تستريح] إلى كلّ أحَد، فتودعَه سرَّك وأمانتَك، ويريدون بحُسن الظّنّ أن لا تُسيءَ ظنَّك بأحدٍ أظهرَ لك نُصحاً، وقال لك جميلاً، وصحَّ عندك باطنُه، وهو مثلُ قولِهم: «اِحمِلْ أمرَ أخيكَ عَلى أحسَنِه، حتّى يبدوَ لكَ ما يغلبُك عَليه».

37- وقال عليه السّلام: «مِنْ أَخْلاقِ الجاهِلِ الإِجابَةُ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ، وَالمُعارَضَةُ قَبْلَ أَنْ يَفْهَمَ، وَالحُكْمُ بِما لا يَعْلَمُ».

38- وقال عليه السّلام: «مِنْ أَدَبِ الأَديبِ دَفْنُ أَدَبِهِ». [هكذا في المصدر، ولم نعثر عليها في غيره، وقد وجّهها بعض الباحثين بأنّ على الأديب ألّا يُبالغ في إظهار أدبه، من قبيل قولهم: البلاغةُ الإيجاز]

39- وقال عليه السّلام: «سِرُّكَ مِنْ دَمِكَ، فَلا يَجْرِيَنَّ في غَيْرِ أَوْداجِكَ».

40- وقال عليه السّلام: «صَدْرُكَ أَوْسَعُ لِسِرِّكَ».

41- وقال عليه السّلام: «أَوْلى النّاسِ بِالعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلى العُقوبَةِ، وَأَنْقَصُ النّاسِ عَقْلاً مَنْ ظَلَمَ مَنْ دونَهُ، وَمَن لَمْ يَصْفَحْ عَمَّنْ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ».

42- وقال عليه السّلام: «القادِرُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ سُلْطانٌ».

43- وقال عليه السّلام: «المُسْتَبِدُّ بِرَأْيِهِ مَوقوفٌ عَلى مَداحِضِ الزَّلَلِ».

44- وقال عليه السّلام: «حِشْمَةُ الانْقِباضُ أَبْقى للعِزِّ مِنْ أُنْسِ التَّلاقِ».

45- وقال عليه السّلام: «إِيّاكَ وَسَقْطَةَ الاسْتِرْسالِ، فَإِنَّها لا تُسْتَقالُ».

46- وقال عليه السّلام: «القُرْآنُ أَنيقٌ، وَباطِنُهُ عَميقٌ».

47- وقال عليه السّلام: «الهَوى يَقْظانُ، وَالعَقْلُ نائِمٌ».

48- وقال عليه السّلام: «لا تَكونَنَّ أَوَّلَ مُشيرٍ، وَإِيّاكَ وَالرَّأْيَ الفَطيرَ [الفطير: كلّ شيء أعجلتَه عن إدراكه وَتَجَنَّبِ ارْتِجالَ الكَلامِ، وَلا تُشِرْ عَلى مُسْتَبِدٍّ بِرَأَيْهِ، وَلا عَلى وَغْدٍ، وَلا عَلى مُتَلَوِّنٍ، وَلا عَلى لَجوجٍ. وَخَفِ اللهَ في مَواقِعِ هَوَى المُسْتَشيرِ، فَإِنَّما التِماسُ مُوافَقَتِهِ لُؤْمٌ، وَسوءُ الاسْتِماعِ مِنْهُ جِنايَةٌ».

49- وكان عليه السّلام يقول في سُجوده: «اللَّهُمَّ احْفَظْ إِقْرارِي لَكَ بِالوَحْدانِيَّةِ، وَإِقرارِي إِيّاكَ بِالعبادَةِ، وَرَجائِي لَكَ في الشِّدَّةِ».

50- وقال عليه السّلام: «إِنَّ القَلْبَ يَحْيا وَيموتُ، فَإِذا حَيَّ فَأَدِّبْهُ بِالتَّطَوُّعِ، وَإذا ماتَ فَاقْصِرْهُ عَلى الفَرائِضِ».

51- أنفذ أبو عبد الله كاتبُ المهديّ رسولاً إلى الصّادق عليه السّلام بكتابٍ منه يقول فيه: وحاجتي إلى أن تهدي إليَّ من تبصيرِك على مداراةِ هذا السّلطان، وتدبير أمري، كحَاجتي إلى دعائك لي.

فقال عليه السّلام لرسوله: قُل له: «احْذَرْ أَنْ يَعْرِفَكَ السُّلْطانُ بِالطَّعْنِ عَلَيْهِ في اخْتِيارِ الكُفاةِ، وَإِنْ أَخْطَأَ في اخْتِيارِهِمْ، أَوْ مُصافاةِ مَنْ يُباعِدُ مِنْهُمْ وَإِنْ قَرُبَتِ الأَواصِرُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، فَإِنَّ الأُولى تُغْريهِ بِكَ، وَالأُخْرَى تُوحِشُهُ مِنْكَ، وَلَكِنْ تَتَوَسَّطُ في الحالَيْنِ. وَاكْتَفِ بِعَيْبِ مَنِ اصْطَفَوْا لَهُ [أي من اصطفاهم السّلطان]، وَالإمْساكِ عَنْ تَقريظِهِمْ عِنْدَهُ، وَمُخالَفَةِ (وَمُخَالَطَة) مَنْ أُقْصوا بِالتَّنائي عَنْ تَقْريبِهِمْ.

وَإِذا كِدْتَ فَتَأَنَّ في مُكايَدَتِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَنَّفَ بِخَيْلِهِ كَدَحَتْ فيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَدْحِها في عَدُوِّهِ، وَمَنْ صَحِبَ خَيْلَهُ بِالصَّبْرِ وَالرِّفْقِ كانَ قَمِناً [أي خليقاً وجديراً] أَنْ يَبْلُغَ بِها إِرادَتَهُ، وَتَنْفُذَ فيها مِكائِدُهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَدّاً، فَإِنْ جاوَزَهُ كانَ سَرَفاً، وَإِنْ قَصُرَ عَنْهُ كانَ عَجْزاً، فَلا تَبْلُغْ بِكَ نَصيحَةُ السُّلْطانِ إِلى أَنْ تُعادِيَ لَهُ حاشِيَتَهُ وَخاصَّتَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ حَقِّهِ عَلَيْكَ، وَلَكِنَّ الأقضى لِحَقِّهِ، وَالأَدْعى إِلَيْكَ للسَّلامَةِ أَنْ تَسْتَصْلِحَهُمْ جُهْدَكَ، فَإِنَّكَ إِذا فَعَلْتَ ذَلِكَ شَكَرْتَ نِعْمَتَهُ، وَأَمِنْتَ حُجَّتَهُ، وَطَلَبَ عَدُوِّهُ عِنْدَكَ (عَدُوِّكَ عِنْدَه).

وَاعْلَمْ أنَّ عَدُوَّ سُلْطانِكَ عَلَيْكَ أَعْظَمُ مَؤونَةً مِنْهُ عَلَيهِ (عليكَ)، وَذَلِكَ أنَّهُ تَكيدُهُ في الأَخَصِّ مِنْ كُفاتِهِ وَأَعْوانِهِ، فَيُحْصي مَثالِبَهُم وَيَبْلُغُ آثارَهُم، فَإِنْ نَكَأهُ فيكَ وَسَمَكَ بِعارِ الخِيانَةِ وَالغَدْرِ، وَإِنْ نَكَأَهُ بِغَيْرِكَ أَلزَمَكَ مَؤونَةَ الوَفاءِ وَالصَّبْرِ».

52- وقال عليه السّلام: «يُهلِكُ اللهُ سِتّاً بِسِتٍّ: الأُمَراءَ بِالجَورِ، وَالعَرَبَ بِالعَصَبِيَّةِ، وَالدَّهاقينَ بِالكِبَرِ، وَالتُّجّارَ بِالخِيانَةِ، وَأَهْلَ الرُّسْتاقِ [الرُّستاق والرُّزداق: أطراف المناطق والقرى، معرّب] بِالجَهالَةِ، وَالفُقَهاءَ بِالحَسَدِ».

53- وقال عليه السّلام: «لا تُحَدِّثْ مَنْ تَخافُ أَنْ يُكَذِّبَكَ، وَلا تَسْأَلْ مَنْ تَخافُ أَنْ يَمْنَعَكَ، وَلا تَأْمَنْ مَنْ تَخافُ أَنْ يَغْدُرَ بِكَ. ومَنْ لَمْ يُواخِ إلّا مَنْ لا عَيْبَ فيهِ قَلَّ صَديقُهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْ صَديقِهِ إلّا بِإيثارِهِ إِيّاهُ عَلى نَفْسِهِ دامَ سَخَطُهُ، وَمَنْ عاتَبَ عَلى كُلِّ ذَنْبٍ كَثُرَ تَعَبُهُ».

54- وقال عليه السّلام: «دِراسَةُ العِلْمِ لِقاحُ المَعرِفةِ، وَطولُ التَّجاربِ زِيادَةٌ في العَقْلِ، وَالشَّرَفُ التَّقْوى، والقُنوعُ راحَةُ الأَبْدانِ».

55- وقال عليه السّلام: «مُرُوَّةُ الرَّجُلِ في نَفْسِهِ نَسَبٌ لِعَقِبِهِ وَقَبيلَتِهِ».

56- وقال عليه السّلام: «مَن صَدَقَ لِسانُهُ زَكا عَمَلُهُ، وَمَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زِيْدَ في رِزْقِهِ، وَمَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِ بَيْتِهِ زيدَ في عُمُرِهِ».

57- وقال عليه السّلام: لبَعض شيعته يُوصيه، لمّا أخبره أن السّلطان قد قبلَه وأقبلَ عليه:

«اعْلَمْ أنَّ التَّشاغُلَ بِالصَّغيرِ يُخِلُّ بِالمُهِمِّ. وَإفْرادَ المُهِمِّ بِالشُّغلِ يَأْتي عَلَى الصَّغيرِ وَيُلْحِقُهُ بِالكَبيرِ. وَإِنَّما يُمْنى بِهاتَيْنِ الخَلَّتَيْنِ السُّلْطانُ الذي تَحمِلُهُ قِلَّةُ الثِّقةِ عَلى تَرْكِ الاسْتِكْفاءِ، فَيكونُ كَالنَّهرِ بَيْنَ الأَنْهارِ الصِّغارِ، تَتَفَجَّرُ إِلَيْهِ عِظامُ الأَوْدِيَةِ، فَإِنْ تَفَرَّدَ بِحَمْلِ ما تُؤَدّي إلَيْهِ لَمْ يَلبَثْ أنْ يَغْمُرَهُ فَيَعودَ نَفْعُهُ ضَرَراً، فَإن تَشَعَّبَتهُ مَجارٍ تَعْلَقُ بِهِ، حَمَلَ بَعضُهُ بَعْضاً، فَعادَ جَنابُهُ خَصْباً. فَابْدَأْ بِالمُهِمِّ، وَلا تَنْسَ النَّظَرَ في الصَّغيرِ، وَاجْعَلْ للأُمورِ الصِّغارِ مَنْ يَجْمَعُها وَيَعْرِضُها عَلَيكَ دُفْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلى كَثْرَتِها وَقِلَّتِها، وَانْصِبْ نَفْسَك لِشُغُلِ اليَومِ قَبلَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ شُغُلُ غَدٍ، فَيَمْتَلِئَ النَّهْرُ الذي قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ. وَتَلَقَّ كُلَّ يَوْمٍ بِفَراغِكَ فيما قَدْ رَسَمْتَهُ لَهُ مِنَ الشُّغُلِ في أَمْسِ. وَرَتِّبْ لِكُفاتِكَ في كُلِّ يَوْمٍ ما يَعمَلونَهُ في غَدٍ. فَإِذا كانَ في غَدٍ فَاسْتَعرِضْ مِنْهُمْ ما رَتَّبتَهُ لَهُمْ بِالأَمْسِ، وَأَخْرِجْ إِلى كُلِّ واحِدٍ بِما يوجِبُهُ فِعلُهُ مِن كِفايةٍ أوْ عَجْزٍ، فَامْحُ العاجِزَ وَأَثْبِتِ الكافي. وشَيِّعْ جَميلَ الفِعْلِ بِجَمِيلِ القَوْلِ؛ فَإنَّكَ لَنْ تَستَميلَ العاقِلَ بِمِثْلِ الإِحْسانِ. وَاجْعَلْ إِحْسانَكَ إِلى المُحْسِنِ تُعاقِبُ بِهِ المُسيءَ؛ فَلا عُقوبةَ للمُسيءِ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يَراكَ قَدْ أَحْسَنْتَ إِلى غَيْرِهِ وَلَمْ تُحْسِنْ إِلَيْهِ، وَلا سِيَّما إِنْ كانَ ذلِكَ مِنْكَ بِاسْتِحْقاقٍ؛ فَإِنَّ المُسْتَحِقَّ يَزيدُ فيما هُوَ عَلَيْهِ، وَالمُقَصِّرَ يَنْتَقِلُ عَمّا هُوَ فيهِ. وَمِلاكُ أَمْرِ السُّلْطانِ مُشاوَرَةُ النُّصَحاءِ، وَحِراسَةُ شَأْنِهِمْ، وَتَرْكُ الِاسْتِقْرَاءِ (الاسْتِفْزازِ)، وَاسْتِثْباتُ الأُمورِ».

58- وقال عليه السّلام: «تَأْخيرُ التَّوْبَةِ اغْتِرارٌ، وَطولُ التَّسْويفِ حَيْرَةٌ، وَالِاعْتِلالُ عَلَى اللهِ هَلَكَةٌ، وَالإصْرارُ [عَلَى الذَّنْبِ] أَمْنٌ، وَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إلّا القَوْمُ الخاسِرونَ».

59- وروي أنّه عليه السّلام قال، وقد قيلَ بمجلسه: جاوِرْ مَلِكاً أو بَحراً. فقال عليه السّلام: «هَذا كَلامٌ مُحالٌ، وَالصَّوابُ: لا تُجاوِرْ مَلِكاً وَلا بَحْراً؛ لِأَنَّ المَلِكَ يُؤْذيكَ، وَالبَحْرَ لا يَرْويكَ».

60- وقال عليه السّلام لزُرارة بن أعين: «يا زُرارَةُ، أُعْطيكَ جُمْلَةً في القَضاءِ والقَدَرِ؟»، قال زرارة: نعم جُعِلتُ فداك. قال عليه السّلام: «إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ وَجَمَعَ اللهُ الخَلائِقَ، سَأَلَهُمْ عَمّا عَهِدَ إلَيْهِمْ، وَلَمْ يَسأَلْهُمْ عَمّا قَضى عَلَيْهِمْ».

61- وروى حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السّلام، أنه قال: «النّاسُ في القَدَرِ عَلى ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ: رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ تَعالى أَجْبَرَ خَلْقَهُ عَلَى المَعاصي، فَهَذا قَدْ أَظْلَمَ اللهَ تَعالى في حُكْمِهِ، فَهُوَ كافِرٌ. ورَجُلٌ يَزعُمُ أَنَّ الأَمْرَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِمْ، فَهَذا أَوْهَنُ في سُلْطانِ اللهِ، فَهُو مُنافِقٌ. وَرَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ تَعالى كَلَّفَ العِبادَ ما يُطيقونَ، ولَم يُكَلِّفْهُمْ ما لا يُطيقونَ، فَإِذا أَحْسَنَ حَمِدَ اللهَ، وَإذا أَساءَ اسْتَغْفَرَ اللهَ تَعالى، فَهُوَ مُسْلِمٌ بالِغٌ».

62- وقال عليه السّلام لهشام بن الحَكَم: «إِنَّ اللهَ لا يُشْبِهُ شَيْئاً، وَلا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ، وَكُلُّ ما وَقَعَ في الوَهْمِ فَهُوَ بِخِلافِهِ».

63- وقال عليه السّلام: «ما كُلُّ مَنْ أَرادَ شَيْئاً قَدَرَ عَلَيهِ، ولا كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلى شَيْءٍ وُفِّقَ لَهُ، ولا كُلُّ مَنْ وُفِّقَ أَصابَ لَهُ مَوْضِعاً، فَإِذا اجْتَمَعَتِ النِّيَّةُ وَالقُدْرَةُ وَالتَّوْفيقُ وَالإِصابَةُ، فَهُناكَ تَجِبُ السَّعادَةُ».

64- وقال عليه السّلام: «مَنْ أمَّلَ رَجُلاً هابَهُ، وَمَنْ قَصَرَ عَن شَيْءٍ عابَهُ».

65- وقال عليه السّلام: «لا يَزالُ العِزُّ قَلِقاً حَتّى يَدْخُلَ داراً قَدْ أَيِسَ أَهْلُها مِمّا في أَيدي النّاسِ، فُيوطِنُها».

66- وقال عليه السّلام: «إنّ الزُّهّادَ في الدُّنْيا نورُ الجَلالِ عَلَيهِم، وَأَثَرُ الخِدْمَةِ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ، وَكَيْفَ لا يَكونونَ كَذلِكَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْقَطِعُ إِلى بَعْضِ مُلوكِ الدُّنْيا فَيُرَى أَثَرُهُ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ لِمَنْ يَنقَطِعُ إِلى مَلِكِ المُلوكِ لا يُرَى أثَرُهُ عَلَيْهِ؟».

67- وقال عليه السّلام: «صِلَةُ الرَّحِمِ تُهَوِّنُ الحِسابَ يَوْمَ القِيامةِ؛ قالَ اللهُ تَبارَكَ وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ الرّعد: 21».

68- وقال عليه السّلام: «ما مِنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيَّ مِن رَجُلٍ سَلَفَت مِنّي إِلَيْهِ يَدٌ أَتْبَعْتُها أُخْتَها، وَأَحْسَنْتُ رَبَّها، لِأَنّي رَأَيْتُ مَنْعَ الأَواخِرِ يَقطَعُ لِسانَ شُكْرِ الأَوائِلِ». [في بحار الأنوار: وأحسنتُ ربَّها: أي تَربيتِها بعَدم المنع بعد ذلك العطاء..]

69- وقال عليه السّلام: «يَنْبَغي للمُؤْمِنِ أَنْ يَكونَ فيهِ ثَمانُ خِصالٍ: وَقورٌ عِندَ الهَزاهِزِ، صَبورٌ عِنْدَ البَلاءِ، شَكورٌ عِنْدَ الرَّخاءِ، قانِعٌ بِما رَزَقَهُ اللهُ، لا يَظْلِمُ الأَعْداءَ، ولا يَتَحامَلُ للأَصْدِقاءِ، بَدَنُهُ مِنْهُ في تَعَبٍ، والنّاسُ مِنْهُ في راحةٍ».

70- وقال عليه السّلام: «إِنَّ العِلْمَ خَليلُ المُؤْمِنِ، وَالحِلمَ وَزيرُهُ، وَالعَقلَ أَميرُ جُنودِهِ، والرِّفْقَ أَخوهُ، وَالبِرَّ والِدُهُ».

 

 


اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

26/07/2014

دوريّات

نفحات