كتابا موقوتا

كتابا موقوتا

منذ 5 أيام

شرح سُنن تكبيرة الإحرام


أكبر من أن يحيط به الواصفون

سُنَنُ تكبيرة الإحرام

ـــــــــــــــــــ الشّهيد الثّاني قدّس سرّه ـــــــــــــــــــــ

بين يديك عزيزي القارئ سُنن تكبيرة الإحرام في مفتَتح الصّلاة كما قرّرها الشّهيد الأوّل الشيخ شمس الدّين محمّد بن مكّيّ الجزينيّ العامليّ في رسالته الموسومة بـ (الألفيّة والنّفليّة)، وقد أدرجنا هذه السُّنن – وهي تسع – باللّون الأزرق، تمييزاً لها عن شروحها المختصرة من كتاب (الفوائد المَليّة) للشّهيد الثّاني، والذي شرح فيه (الرّسالة النّفليّة) وأوضح مبانيها وبيّن مدارك الأحكام فيها باختصار.

 

سُنَنُ التّحريمة، وهي تسع:

1- (استشعار عظَمة الله): عند الحكم بكونه أكبر، ليطابق العقدُ اللّفظ، فإنّ الحكم عليه بالأكبريّة من دون ملاحظة عظَمته وجلالته - الّتي يقصر بل يضمحلّ دونها كلّ كبير - ومن دون التّبرّي وصرف النّفس عن كلّ محبوب حكمٌ على الواقع بمجرّد اللّسان، وهو من آياتِ النّفاق لا من خصائص الإيمان. وما أقبح حال مَن كانت الدّنيا في عينه أعظم وهواه في نفسه أكبر، فافتتحَ صلاته بالكذب والبهتان، فإنّ ذلك عينُ الخسران.

قال الإمام الصّادق عليه السّلام: «إِذا كَبَّرْتَ فَاسْتَصْغِرْ ما بَيْنَ العُلَى وَالثَّرَى دونَ كِبْرِيائِهِ، فَإِنَّ اللهَ إِذا اطَّلَعَ عَلى قَلْبِ العَبْدِ وَهُوَ يُكَبِّرُ وَفي قَلْبِهِ عارِضٌ عَنْ حَقيقةِ تَكْبيرِهِ، قالَ: يا كاذبُ، أَتَخْدَعُني؟! وَعِزَّتي وَجَلالي لَأَحْرِمَنَّكَ حَلاوَةَ ذِكْري وَلَأَحْجُبَنَّكَ عَنْ قُرْبي وَالمَسارّةِ بِمُناجاتي».

والمراد بالاستشعار: إحضارُه بالبال وإضمارُه فيه. قال الجوهري: «استشعر فلانٌ خوفاً أي أضمرَه».

2- (واستحضار أنّه تعالى أكبر من أن يحيطَ به وصفُ الواصفين، ويلزمُه احتقار جميع ما عداه من الشّيطان والهوى المُطغيَين والنّفس الأمّارة بالسّوء): فإنّ العبد متى عرض له أمران: أحدهما مرادٌ لله والآخر مرادٌ للشّيطان أو للهوى أو للنّفس الأمّارة، فاختار مرادَ غير الله، فهو عنده أكبر من الله التزاماً، بل يكون عبداً له على الحقيقة وإن كان يعترف لله بالعبوديّة باللّسان.

قال الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ..﴾ الجاثية:23، وقال صلَّى الله عليه وآله: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، وتَعِسَ عَبْدُ الدِّيْنَارِ». وأطلق عليه العبوديّة لها، لإيثاره لهما وميله إليهما، وإن اعتقد مع ذلك معبوديّة الله تعالى، نسأل الله العافية والمسامحة.

3- (والخشوع): وهو - هنا - الخضوع والتّطامن [بمعنى الخضوع والتّصاغُر] والتّواضع.

4- (والاستكانة): استفعالة من الكون، أو افتعالة من السّكون، وهي الذِّلَّة والمسكنة (عند التلفّظ بها والإفصاح بها مبيَّنةَ الحروف والحركات).

5- (والوقف على «أكبرْ» بالسّكون): لقول النّبيّ صلَّى الله عليه وآله: «التّكبيرُ جَزْمٌ».

والمراد من عدم سكونه الّذي هو خلافُ الأولى: إعرابه مع وصله بكلامٍ بعده - أمّا دعاء الاستفتاح أو القراءة، فإنّه حينئذٍ جائز - لا إعرابه مع الوقف عليه، فإنّه لحنٌ مُبطِل...

6- (وإخلاؤها من شائبة المدّ في همزة «الله» وباء «أكبر»، بل يأتي بـ «أكبر» على وزن أَفْعَلْ): واحترِز بالشّائبة المذكورة عمّا لو تحقّق المدّ في الموضعين، فإنّ التّكبير يبطل به وإن لم يقصد الاستفهام بالأوّل، والجمع بالثّاني على أصحّ القولين، إذ لا اعتبار للقصد في دلالة اللّفظ على معناه الموضوع له.

7- (وجَهر الإمام بها): ليعلم به المأموم فيتحرّم بعده، تحقيقاً للقدوة. ولو لم يجهر بها لم يصحّ تحريم المأموم إلى أن يتحقّق تحريم الإمام بإشارةٍ وشروعٍ في قراءة ونحوهما. (وإسرار المأموم) بها كما يسرّ بباقي أذكاره مطلقاً.

8- (ورفعُ اليدين بها..): خلافاً للمرتضى حيث أوجبه، تأسّيا بالنّبيّ والأئمّة عليهم السّلام.

9- (وأن يُخطِرَ بباله عند الرّفع: اللهُ أَكْبَرُ الواحِدُ الأَحَدُ الّذي لَيْسَ كَمثلِهِ شَيْءٌ، لا يُلمَسُ بِالأَخْماسِ وَلا يُدْرَكُ بِالحَواسّ): كما رُوي عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام، فسّرَ بذلك التّكبيرة الأولى أعمّ من تكبيرة الإحرام.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 5 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات