الملف

الملف

20/12/2014

وقعةُ الماء، أوّل وقعة صِفِّين

وقعةُ الماء، أوّل وقعة صِفِّين

ـــــــــــــــــــــ تنسيق: «أسرة التحرير» ـــــــــــــــــــــــــــــــ

* عندما وصل الإمام عليّ عليه السّلام مع جيشٍ قوامُه تسعين ألفاً، إلى «صِفّين» - الرّقّة في الشّام - سنة 38 هجريّة لحرب معاوية، أمر معاوية جيشَه - الذي كان تسعين ألفاً أيضاً - بمَنْع جيش الإمام من الوصول إلى الماء.

* وبعد أن استعاد جيشُ الإمام عليه السلام الماء بعد مواجهاتٍ قاسية، أباح الإمامُ الماء لمعاوية وجيشه ولم يُعامِلهم بالمثل.

* ما يلي عرضٌ لمسار هذه الوقعة الأولى التي عُرفت باسم «وقعة الماء في صِفّين» تقدّمها «شعائر» بتصرّف، من (تاريخ ابن أعثم) المعروف باسم (فتوح أعثم).

قال ابنُ أعثم في كتابه (الفتوح):

* نزل عليٌّ عليه السّلام بالعساكر والأثقال [في «صِفِّين» بالشّام] وذلك في النّصف من المحرّم سنة ثمان وثلاثين [هجريّة]، وأمر معاوية أصحابه فنزلوا على شاطئ الفرات وحالوا بين عليٍّ عليه السّلام وأصحابه وبين الماء.

 * وأرسل أصحاب عليٍّ عليه السّلام ليَستقوا الماء من الفرات، فإذا هم بأبي الأعور [قائد جيش معاوية] وقد صفّ خيلَه على شاطئ الفرات وحال بينَهم وبين الماء، ووثبَ الناسُ إلى عليٍّ عليه السّلام يُخبرونه بذلك.

* ودعا عليٌّ عليه السّلام بشَبَث بن رِبْعي الرّياحيّ، وصَعْصَعة بن صوحان العَبديّ، فقال لهما: «انْطَلِقا إِلى مُعاوِيَةَ فَقُولا لَهُ: إِنَّ خَيْلَكَ قَدْ حالَتْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الماءِ، وَلَوْ كُنّا سَبَقْناكَ لَمْ نَحُلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، فَإِنْ شِئْتَ فَخَلِّ عَنِ الماءِ حَتّى نَسْتَوِيَ فيهِ نَحْنُ وَأَنْتَ، وَإِنْ شِئْتَ قاتَلْناكَ عَلَيْهِ حَتّى يَكونَ لِمَنَ غَلَبَ، وَتَرَكْنا ما جِئْنا لَهُ مِنَ الحَرْبِ».

فأقبلَ شَبَث فقال: يا معاوية، إنّك لستَ بأحقّ من هذا الماء منّا، فخَلّ عن الماء، فإنّنا لا نموت عَطَشاً وسيوفُنا على عواتقنا.

ثمّ تكلّم صَعْصَعة بن صوحان فقال: يا معاوية! إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ يقول لك: «إِنَّنا قَدْ سِرْنا مَسيرَنا هَذا وَإِنّي أَكْرَهُ قِتالَكُمْ قَبْلَ الإِعْذارِ إِلَيْكُمْ، فَإِنَّكَ قَدَّمْتَ خَيْلَكَ فَقاتَلْتَنا مِنْ قَبْلِ أَنْ نُقاتِلَكَ، وَبَدَأْتَنا بِالقِتالِ وَنَحْنُ مَنْ رَأَيْنا الكَفَّ حَتّى نُعْذِرَ إِلَيْكَ وَنَحْتَجَّ عَلَيْكَ، وَهَذِهِ مَرَّةٌ أُخْرَى قَدْ فَعَلْتُموها، حُلْتُمْ بَيْنَ النّاسِ وَالماءِ، وَأَيْمُ اللهِ لَنَشْرَبَنَّ مِنْهُ شِئْتَ أَمْ أَبَيْتَ! فَامْنُنْ إِنْ قَدِرْتَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَغْلِبَ فَيَكونَ الغالِبُ هُوَ الشّارِبُ».

فقال [معاوية] لعمرو بن العاص: ما ترى أبا عبد الله؟ فقال: أرى أنّ عليّاً لا يظمأ وفي يده أعنّةُ الخيل، وهو ينظر إلى الفرات، دونَ أن يشرب منه، وإنّما جاء لغير الماء، فخَلّ عن الماء حتّى يشربَ ونشرب.

فقال الوليد بن عقبة: يا معاوية! إنّ هؤلاء قد منعوا عثمان بن عفّان الماء أربعين يوماً وحَصَروه، فامنَعهم إيّاه حتّى يموتوا عَطَشاً واقتلهم، قاتلهم اللهُ أنّى يؤفَكون!

ثمّ تكلّم عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح [من أركان حرب معاوية]، فقال: لقد صدقَ الوليد في قوله: فامنَعهم الماء، منعَهم اللهُ إيّاه يومَ القيامة!

فقال صَعصعة: إنّما يمنعُه اللهُ يومَ القيامة الكفَرة الفسَقة الفجَرة مثلَك ومثلَ نظرائك، هذا الذي سمّاه اللهُ في الكتاب فاسقاً؛ الوليد بن عقبة الذي صلّى بالناس الغداةَ أربعاً وهو سكران.

ثمّ قال: أزيدُكم؟ فجُلد الحدَّ في الإسلام.

قال: فثاروا إليه بالسيوف، فقال معاوية: كفّوا عنه، فإنّه رسول.

ثمّ وثب «السّليل بن محرم السَّكونيّ» إلى معاوية، وجعل يقول:

اسْمَعِ اليَوْمَ ما يَقولُ السّليلُ

إِنَّ قَوْلي قَوْلٌ لَهُ تَأْويلُ

امْنَعِ الماءَ مِنْ صحابِ عَلِيٍّ

أَنْ يَذوقوهُ وَالذَّليلُ ذَليلُ

وَاقْتُلِ القَوْمَ مِثْلَ ما قَتَلُوا الشَّيْـ‍

خَ ظَمَاً، وَالقِصاصُ أَمْرٌ جَميلُ

إِنَّه وِالذي تُساقُ لَهُ البُدْ

نُ هَدايا لنَحْرِهِنّ نحولُ

لَوْ عَلِيٌّ وَصَحْبُهُ وَرَدوا الما

ءَ، لَما ذُقْتُموهُ حَتّى تَقولوا:

قَدْ رَضينا بِمَا حَكَمْتُم عَلَيْنا

بَعْدَ ذاكَ الرِّضا خراجٌ ثَقيلُ

فَامْنَعِ القَوْمَ ماءَكُمْ لَيْسَ لِلْقَوْ

مِ بَقاءٌ، وَإِنْ يَكُنْ فَقَليلُ

 

فقال معاوية: الرأيُ واللهِ ما تقول! ولكن عمرو لا يدعني ورأيي.

ثمّ أخذ معاوية عمامتَه عن رأسه مغضَباً وقال: لا سقى الله معاوية ولا أباه من حوض محمّد إنْ شربَ عليٌّ أو أصحابه من ماء الفرات أبداً، إلّا أن يغلبوا عليه.

فوثب رجلٌ من أهل الشام يقال له «المعراء بن الأقبل بن الأهول»، فقال: ويحكَ يا معاوية! واللهِ لو سبقَك عليٌّ إلى الماء فنزلَ عليه من قبلِك إذاً لما منعَك منه أبداً! ولكنْ أخبرني عنكَ أنّك إذ أنت منعتَه الماءَ من هذا الموضع، ألا تعلمُ أنّه يرحلُ من موضعِه هذا وينزلُ على مَشرَعَةٍ أخرى فيشرب منه، ثمّ يحاربك على ما صنعت؟

ألا تعلم أنّ فيهم العبيد والإماء والضّعيف ومَن لا ذنب له؟ هذا واللهِ أوّلُ البَغي والفجور! واللهِ لقد حملتَ مَن لا يريد قتالك على قتالك [بمَنعك] هذا الماء، فإنْ شئتَ فاغضب وإنْ شئتَ فارضَ، فإنّي لا أدعُ القولَ بالحقّ، ساءَك أم سرّك، ثمّ أنشأ يقول:

لَعَمْرُ أَبي مُعاوِيَةَ بْنِ حَرْبٍ

وَلَيْسَ لَرَأيِهِ عِنْدِي دَواءُ

سِوَى طَعْنٍ يحارُ العَقْلُ فيهِ

وَضَرْبٍ حينَ يخْتَلِطُ الرَّجَاءُ

فَلَسْتُ بِتابِعٍ دينَ ابْنِ هِنْدٍ

طَوالَ الدَّهْرِ ما أَوفى حراءُ

وقَدْ ذَهَبَ العِتابُ فَلا عِتابٌ

وَقَدْ ذَهَبَ الوَفاءُ فَلا وَفاءُ

وَقَوْلي في حَوادِثِ كُلِّ أَمْرٍ

عَلى عَمْرٍو وَصاحِبِهِ العَفاءُ

أَلا للهِ درُّكَ يا ابْنَ هِنْدٍ

لَقَدْ ذَهَبَ الحَياءُ فَلا حَياءُ

أَتَحْمونَ الفُراتَ عَلى رِجالٍ

وَفي أَيْديهِمُ الأَسَلُ الظّماءُ

وَفي الأَعْناقِ أَسْيافٌ حِدادٌ

كَأَنَّ القَوْمَ عِنْدَكُمُ نِسَاءُ

أَتَطمعُ أَنْ [يقرَّ] أبو حسينٍ

بِلا ماءٍ وَلِلأَحْزابِ ماءُ

دَعاهُمْ دَعْوَةً فَأَجابَ قَوْمٌ

كَجُرْبِ الإِبْلِ خالَطَها الهِناءُ

* الهِناء: ضرب من القطران.

فأمر معاوية بقَتل هذا الرجل، فوثب قومٌ من بني عمّه فاستَوهبوه منه، فوهبَه لهم، فلمّا كان اللّيل هربَ إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فصار معه.

وانصرف أصحابُ عليٍّ عليه السّلام من عند معاوية بالخيبة، فاغتمَّ عليٌّ عليه السّلام لِما أصابَ أصحابَه من العطش، ثمّ إنّه خرج ليلاً نحو رايات مَذْحِج، فإذا هو برجلٍ يقول أبياتاً من الشّعر من جوف خيمته:

أَيَمْنَعُنا القَوْمُ ماءَ الفُراتِ

وَفينا الرِّماحُ وَفينا الحَجَفْ*

وفينا الشَّوازِبُ مِثْلُ الوَشيجِ

وَفينا السُّيوفُ وَفينا الزَّغَفْ**

وَفينا عَلِيٌّ لَهُ سَوْرَةٌ

إِذا خَوَّفوهُ الرَّدى لَمْ يَخَفْ

وَنَحْنُ الّذينَ غَداةَ الزُّبَيْرِ

وَطَلْحَةَ خِضْنا غِمارَ التَّلَفْ

فَما بالُنا أَمْسِ أُسْدَ العَرينِ

وَما بالُنا اليَوْمَ شاءُ النَّجَفْ

* الحَجف : جمع حَجَفَة ، وهي التّرس من جلود الإبل.

** الشّوازب : الخيل الضّامرة . والوشيج : أراد به الرّماح ، وشبّه الخيل بالرّماح في دقّتها وضمرها. والزّغَف: جمع زغفة، وهي الدّرع الطّويلة الواسعة.

".." وجعل الأشتر يرتجزُ ويقول:

لَأُورِدَنَّ خَيْلِيَ الفُراتا

شُعثَ النَّواصي أَوْ يُقالُ مَاتَا

وأصبحَ النّاس واضعي سيوفِهم على عواتقهم، وتقدّم الحارثُ بن هشام وهو يرتجز ويقول:

يا أَشتر الخَيْراتِ يا خَيْرَ النَّخَعْ

وَصاحِبَ النَّصْرِ إِذا عَمَّ الفَزَعْ

وَكاشِفَ الكَرْبِ إِذِ الأَمْرُ وَقَعْ

إنْ تَسْقِنَا المَاءَ فَمَا ذَا بِالبِدَعْ

أو نعْطَشِ اليَوْمَ فخيرٌ مُنْقَطعْ

فَذَاك إنْ شِئْتَ، وإنْ شِئْتَ فَدَعْ

   

 

قال: فَدَنا منه الأشترُ فقبّلَ بين عينَيه.

وأقبلَ الأشعث بن قيس على صاحبِ رايته واسمه الحارث بن حِجر الكنديّ، فقال له: ابنَ حِجر! واللهِ ما النّخعُ بخيرٍ من كِندة، ولا الأشترُ بخير منّي! فتقدّم، فداك أبي وأمّي، بالراية! "..".

 وتقدّم فتًى من أصحاب عليٍّ عليه السّلام، وفي يده رمحٌ له وهو يقول:

أَنَعْطَشُ اليَوْمَ وَفينا الأَشْعَثُ

وَالأَشْتَرُ الخَيْر كَلَيْثٍ يبعثُ

"..".

قال: وتقدّم رجلٌ من همدان في كفّه سيفٌ له مشهور، وهو يرتجز ويقول: خلّوا لنا ماء الفرات الجاري "..".

وتقدّم «ظبيان بن عُمارة التّميمي» وهو يَرتجز ويقول:

هَلْ لَكَ يا ظَبْيانُ مِنْ بَقاءِ

في فُسْحَةِ الدّنيَا بِغَيْرِ ماءِ

ألا وَربِّ الأَرْضِ وَالسَّماءِ

فَاضْرِبْ وُجوهَ الرِّجْسِ الأَعْداءِ

بِالسَّيْفِ عِنْدَ حَمَسِ اللّقاءِ

حَتّى يُجيبوكَ إِلى السَّواءِ

 

وخَشِيَ أهلُ العراق أن [يتمكّن] أهل الشام (من تثبيت غلبَتهم) على الماء، فأمر الأشعث الرَّجّالة، فتقدّم أكثر من أربعة آلاف رجل حتّى بركوا خلف الأَتْرِسة والحَجَف.

وجعل الأشعث يقدّم رمحَه ويقول: بأبي أنتم وأمّي يا أهل العراق، تقدّموا. فلم يَزَلْ يفعلْ ذلك هو والأشتر جميعاً وصاحوا بأصحاب معاوية: خلّوا عن الماء. فقال «أبو الأعور السّلمي»: هيهات، واللهِ حتّى تأخذَنا وإيّاكم السّيوف، فقال الأشعث: بلى والله أظنّ أنّها قد دَنَتْ منّا ومنكم.

ونظر الأشتر إلى عمرو بن العاص واقفاً في أوّل القوم فصاح به: ويلك يا عَمرو! لقد كنتُ أظنّ أنّ لك رأياً، أتظنّ أننا نخلّيك والماء؟ أي تَرِبَت يداك، وثكلتك أمُّك! أما علمتَ أنّنا أفاعي أهلِ العراق؟ لقد رمتَ أمراً عظيماً.

فقال له عمرو: ستعلمُ يا أشتر أيّنا يُوفي بالعهد ويتمّ على العقد. قال: فتبسّم الأشتر، وهو يقول:

وَيْلَكَ يا بْنَ العَاصي

تَنَحَّ في القَواصي

وَاهْرُبْ إِلى الصَّياصي

مِنْ شِدَّةِ المَناصِ

فَاليَوْمَ في العِراصِ

يُؤْخَذُ بِالنَّواصي

مِنْ حَذَرِ القِصاصِ

في الأَدْرَعِ الدِّلاصِ

 

قال: وجعل عمرو يقول:

وَيْلَكَ يا بْنَ الحارِثْ

أَنْتَ العَدوُّ النّاكِثْ

أَنْتَ الكَذوبُ الحانِثْ

احمل مالَ الوارِثْ

وَفي الضَّلالِ لابِثْ

وَفي القُبورِ ماكِثْ

قال: فحمل عليه الأشتر ليضربَه بسيفه، فمرّ عمرو من بين يديه هارباً حتّى اختلط بأهل الشام.

وصاح الأشعث بالرجّالة والأشتر بالخَيل، واختلط القوم على شاطئ الفرات فاقتتلوا قتالاً شديداً، فقُتل من أهل الشام جماعةٌ كثيرة وغرق منهم في الفرات مثل ذلك، وولّوا الأدبار منهزمين، وصار الماء في يد عليّ عليه السّلام وأصحابه، فأنشأ «النجاشي» يقول:

كَشَفَ الأَشْتَرُ عَنّا

سَكْرَةَ المَوْتِ عَيانا

بَعْدَما طارَتْ حِصانا

طَيْرَةً مَسَّتْ لَهانا

إِذْ حَمى القَوْمُ حِماهُم

ثُمَّ لَمْ يُحْمَ حِمانا

قد دعا الأَشْعَثُ قَوْماً

مِنْ مَعَدٍّ وَدَعانا

فَمَنَحْنا القَوْم في النَّقْـ‍

عِ ضِراباً وَطِعانا

فَلَهُ المَنُّ عَلَيْنا

وَبِهِ دارَتْ رَ  حانا

لَبِسَ التّاجَ غُلاما

ثُمَّ لَمْ يَثْنِ عِنانا

نَذْرَعُ الأَرْضَ بِريحٍ

قابَهُ كانَ [خُطانا]

فَنَهَضْنا نَهْضَةَ البا

زِيِّ لَمْ نَبْغِ سِوانا

ساعَةً، ثُمَّ تَوَلّوا

وَحَمى الأَشْعَثُ مانا

وَبِمِثْلِ الأَشْعَثِ اليَوْ

مَ لَكَ الخَيْرُ كَفانا

عَنْ هَوَى المُلْكِ ابْنُ قَيْسٍ

قَدْ حَمانا وَرَعانا

ثم أقبل عمرو بن العاص على معاوية فقال: ما تقول الآن إنْ منعَك عليٌّ الماء كما منعتَه إيّاه؟

فقال معاوية: دعْ عنك هذا، ولكن ما ظنّك بعَلِيّ؟

فقال عمرو: ظنّي واللهِ بعليٍّ أنّه لا يستحلّ منك مثلَ الذي استحلَلْتَ منه، لأنّه إنّما جاء لغير الماء، وقد كنتُ أشرتُ عليك في بدء الأمر أنْ لا تمنعه الماء، فخالفتني وقبلت من (ابن) أبي سَرح، فقلّدت نفسك عاراً يحدّث به إلى آخر الأبد، ثم قال:

أَمَرْتُكَ أَمْراً فَفَسَخْتَهُ

[وخَالَفَني ابنُ أبي سَرحَه]

وَأَغْمَضْتَ في الرّأْيِ إِغْماضَةً

وَلَمْ تَرَ في الحَرْبِ كَالفُسْحَة

فَكَيْفَ رَأَيْتَ كِباشَ العِراقِ

أَلَمْ يَنْطَحُوا جَمْعَنا نَطْحَة

أَظُنُّ لَها اليَوْمَ ما بَعْدَها

وَميعادُ ما بَيْنَنا صُبْحَة

فَإِنْ يَنْطَحونا غَداً مِثْلَها

فَقَدْ قَدّموا الخَبْطَ وَالنَّطْحَة

وَقَدْ شَرِبَ القَوْمُ ماءَ الفُراتِ

وَقَلَّدَكَ [الأشترُ] الفَضْحَة

 

وأرسل عليٌّ عليه السلام إلى أصحابه أنْ خلّوا بينهم وبين الماء ولا تَمنعوهم إيّاه.

قال: فكان أصحابُ عليٍّ عليه السّلام وأصحاب معاوية يَرِدون الماء بالقِرَب والأسقية، يَستقون ويسقون الخيلَ والإبل، ما يؤذي أحدٌ منهم أحداً.

 

(أنظر: إبن أعثم، الفتوح: ج 2/ ص 569، وج 3/ ص 5،

مصحّحاً على «وقعة صفين» لنصر بن مزاحم المنقري)

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

20/12/2014

دوريّات

نفحات