يذكرون

يذكرون

منذ 3 أيام

في معنى «الذِّكر القلبي»


ذِكرُ الله في القلب

درجة رفيعة من التعبّد، وَصِفة من صفات الآخرة

 

يعتني النصّ التالي بمنزلة تعبديّة في غاية اللّطف، وهي ذكرُ الله تعالى بالقلب بعد تصفية الباطن من شوائب المعاصي وسيّئات الخواطر الشيطانية.

ولأهميّته الأخلاقية والتربويّة اخترنا في هذا الشأن أحد أبواب كتاب (سرّ الإسراء في شرح حديث المعراج) للأستاذ الشيخ علي سعادت بَرور، وقد جاء تحت عنوان: «في فضل ذكر الله تعالى بالقلب وأنّه من صفات أهل الآخرة».

«شعائر»

 

الذّكر القلبي، هو الذي يدلّ صاحبه على كلّ خير دنيوي وأُخروي، ويهديه إلى كلّ أمر باطنيّ ومعنويّ، وهو الذي يوجب الصّيانة عن كلّ شرّ والعصمة عن كلّ سوء.

وحقيقة الذِّكر هي التوجّه إلى الفطرة التي أمر الله تعالى رسولَه صلّى الله عليه وآله بالتوجّه إليها بقوله: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا..﴾ الروم:30.

وللذِّكر القلبيّ مرحلتان: إحداهما أعلى وأشرف من الأخرى:

أما المرحلة الأولى: فهي توجّه الإنسان بعالَمه الخَلقي والقلب الصنوبري - الذي هو رئيس الأعضاء والجوارح - إلى الله سبحانه، ولعلّه هو المقصود من كلام النبيّ صلّى الله عليه وآله لأبي ذر حيث قال: «أُعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَراهُ».

ومن كلامه الآخر صلّى الله عليه وآله له: «احْفَظِ اللهَ، يَحْفَظْكَ».

وأما المرحلة الثانية: فهي توجّه العبد بعالَمه الأمريّ والملَكوتي إلى الله سبحانه، ولذا قال سبحانه: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا..﴾، إذ ليس المراد بالوجه، الوجهَ الظاهريّ، بل المراد به هو عالَم الأمر والملكوت، كما قال سبحانه حكايةً عن إبراهيم عليه السّلام بعد إرائته ملكوت نفسِه: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا..﴾ الأنعام:79.

وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله بعد الأمر بالمرحلة الأولى من الذِّكر: «إحْفَظِ اللهَ، تَجِدْهُ أَمَامَك».

ففي كلامه صلّى الله عليه وآله مضافاً إلى بيان المرحلة الثانية من الذكر القلبي، إشارة إلى أنّ حصول المرحلة الأولى مقدّمة لحصول الثانية منه.

ولا تحصل المرحلة الثانية من الذِّكر القلبي، إلّا لنبيّ أو وصيّ نبيّ أو مؤمنٍ امتحنَ الله قلبه للإيمان، إذ الإنسان من حيث التوجّه إلى عالَمه العنصريّ وحاجته إلى الكَثَرات الخارجيّة، لا يمكن له أن يتوجّه إلى فطرته ويذكر ربّه بالمعنى الثاني، إلّا بعناية من الله سبحانه والانقطاع من عالَمه العنصري وتعلّقاته المادية، وذلك لا يحصل إلّا بالمتابعة الكاملة للأنبياء والأوصياء عليهم السلام في جميع الشؤون المادية والمعنوية من الحياة.

هذا، ويشير إلى هذه المرحلة من الذِّكر أيضاً كلام الإمام عليّ عليه السلام في دعاء كميل: «أَسأَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفاتِكَ وَأَسْمائِكَ، أَنْ تَجْعَلَ أَوْقاتِي مِنَ اللّيْلِ وَالنَّهارِ بَذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، وَأَعْمَالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتَّى تَكُونَ أَعْمالِي وأوْرادِي كُلُّها وِرْداً وَاحِداً، وَحالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَدَاً»، ويُشير أيضاً إلى هذه المرحلة كلامُه عزّ وجلّ في هذه الفقرة من حديث المعراج: «وَقُلوبُهُمْ ذاكِرَةٌ، وَإِذا كُتِبَ النّاسُ مِنَ الغافِلينَ، كُتِبوا مِنَ الذّاكِرينَ»، وغيرها من الفقرات المشابهة لها.

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ 3 أيام

دوريّات

نفحات