صاحب الأمر

صاحب الأمر

منذ 3 أيام

ليلة النصف من شعبان


ليلة النصف من شعبان

فضلُها، وأَهَمُّ الأعمال

ـــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــ

النص الآتي في فضيلة ليلة النّصف من شهر شعبان المبارك، ومنزلة زيارة سيّد الشهداء عليه السلام فيها مقتبس عن كتاب (مناهل الرجاء) للشيخ حسين كوراني.

 

ليلة النصف من شعبان ليلةٌ بالغةٌ الشرف، وقد رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «سُئل الباقرُ عليه السلام عن فضل ليلة النّصف من شعبان، فقال عليه السلام: هي أفضلُ ليلةٍ بعدَ ليلةِ القَدر، فيها يَمنحُ اللهُ تعالى العبادَ فضلَه، ويَغفرُ لهُم بِمنِّه، فاجتَهدوا في القُربة إلى الله فيها، فإنَّها ليلةٌ آلَى اللهُ تعالى على نَفسِه - أي أقسم اللهُ تعالى على نفسه - أنْ لا يَرُدّ سائلاً له فيها ما لم يَسأل معصية، وإنّها اللّيلةُ التي جَعَلَها اللهُ تعالى لنا أهلَ البيت بإزاءِ ما جعلَ ليلةَ القدر لنَبيّنا صلّى الله عليه وآله، فاجتهدوا في الدّعاء والثّناء على الله تعالى عزَّ وجلَّ، فإنّه مَن سبّح الله تعالى فيها مائة مرّة وحمدَهُ مائة مرّة وكَبَّرَه مائة مرّة، غَفَر اللهُ تعالى له ما سَلَفَ من مَعاصيه، وقَضى له حوائجَ الدُّنيا والآخرة، ما التَمَسَهُ منه - أي ما طلبه من الله عزَّ وجلَّ - وما عَلِمَ حاجتَه إليه وإنْ لمْ يَلتمسْه منه، كَرماً منه تعالى وتفضُّلاً لعباده».

ومن عظيم بركات هذه اللّيلة المباركة أنّها ميلادُ سلطان العصر وإمام الزّمان أرواحنا له الفداء، وُلد عند السَّحَر سنة خمس وخمسين ومائتين في سُرّ مَن رأى. وهذا ما يزيد هذه اللّيلةَ شرفاً وفضلاً.

وهناك رواياتٌ كثيرة، غير ما تقدَّم، حول عَظَمة ليلة النّصف من شعبان، وفضيلتها وأهميّة إحيائها، ولأجل ذلك أولاها العلماء أهميّة خاصّة:

قال الشيخ المفيد في (مسارّ الشيعة): «وهي ليلةٌ يُعظِّمها المسلمون جميعاً وأهلُ الكتاب».

وقال السيّد ابن طاوس في (إقبال الأعمال): «فيَنبغي أن يكون تعظيمُ هذه الليلة لِأجْل ولادته عند المسلمين والمُعترِفين بِحقوق إمامته على قدر ما ذَكَره جدُّه محمّدٌ صلّى الله عليه وآله، ولستُ أَجِد القوّة البشريّة قادرةً على القيام بهذه الحقوق المعظَّمة الرضيّة إلَّا بقوّةٍ من القدرة الربانيّة، فليَقُم كلُّ عبدٍ بما يبلغ إليه بما أنعم عليه اللهُ جلَّ جلالُه من القوّة والاجتهاد».

يَبلغ تأكيد سيِّدُ العلماء المراقبين السيّد ابن طاوس عليه الرحمة إلى حدِّ أنّه يقول: 

«إيّاك.. إيّاك أن تضيِّع شيئاً من الوقت في هذه اللّيلة بما يَضرّك من الحركات والسَّكَنات أو بما لا يَنفعك بعد المَمات، فإنْ غَلَبك النّومُ بغير اختيارك حتّى شَغَلَك عن بعض عبادتك ودعائك وأذكارك فليَكُن نومُك لأجل طَلَب القوّة على العبادة كَنَوم أهل السّعادة».

وهذا صريحٌ في أنّ غَلَبة النّوم لشخصٍ بالاختيار في هذه اللّيلة - أي أنّه يَختار أن ينام في ليلة النصف من شعبان - هو أمرٌ لا يَنبغي فعلُه، ولكن لو افترضنا أنّ شخصاً يريد أن لا ينام، إلّا أنّ النوم غَلَبه بِغَير اختياره كأنْ يُلحّ عليه النّوم ولا يَعود باستطاعتِه مواصلة السّهر، فيُضطرّ إلى النوم الذي قد غَلَبه بِغَير اختياره. هنا كيف يكون نومُه؟ يَنبغي أن يَنام بنيَّة أنْ يستيقظ بعد ذلك ويواصل العبادة، لا أنْ ينام وكأنَّ الليلة ليست ليلة النّصف من شعبان! والفائدة العمليّة هي:

أوّلاً: أن يستعدَّ المؤمنُ قبل ذلك، بأنْ ينام في النهار مثلاً لكي يبقى مستيقظاً حتّى الصباح.

وثانياً: أنْ يُكتَب المؤمن الّذي اضطُرّ إلى النوم بحسب نيّته هذه، في عداد مَن أحيُوا ليلة النصف من شعبان، بسبب حبِّه للإحياء وحرصه الشّديد عليه.

وقد تحدَّث آيةُ الله الملكي التبريزي في (المراقبات) عن ليلة النصف من شعبان وكيف يَنبغي أن يَكون عملُنا فيها، والمِحوَرُ الأبرز في كلامه رضوان الله تعالى عليه، أنْ نَعمل في هذه اللّيلة عملَ مُودِّعٍ للدُّنيا، أيْ عملَ مَن عَرف أنّه سيَموت غداً. كيف يَتَضرَّع إلى الله تعالى؟ كيف يتذكَّر جميعَ ذنوبِه ويَبكي؟

وتعبير «أنْ يَعمل الإنسانُ في هذه اللّيلة عَملَ مودِّعٍ للدُّنيا» يُرادُ به الإلفات إلى أهميّة كلِّ لحظةٍ من لحظات الليلة، أي اغتَنم هذه الفرصة وأنتَ في غاية الانتباه والجدّ، لأنَّ المودِّع للدّنيا لا يُضيِّع من ليلته الأخيرة أيّ لحظةٍ يُمكنه استثمارها.

فهل سنرى أنّ المجالس العامّة تُعقد في كلِّ الأحياء لنُمضي ليلة ذكرى ولادة الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف بعبادة الله عزّ وجلّ متوسِّلين إلى الله تعالى بوليِّه، وصيّ المصطفى صلّى الله عليه وآله؟

 أمَا سَمع القلبُ ووَعَى أنَّ المحروم، والخاسِر الكبير مَن يُحرم هذه اللّيلة وخيرَها وعطاءَها؟

يؤكّد السيّد ابن طاوس في هذا السّياق على أمرَين:

1-   أنَّ الإنسان مهما عمل في هذه الليلة، فلا يَصحّ أن يُحسنَ ظنّه بنفسه، فيَتداخله العجْب، يقول في هذا المجال:

«ولا تُحسنْ ظنَّك بنفسك وبطاعتك، فكَم مِن عملٍ عملْتَهُ في دنياكَ بغاية اجتهادك وإرادتك ثمّ بانت لك فيه من العيوب ما تَعَجبُ من الغفلة عنه، فكيف إذا كان النّاظرُ في عملك اللهُ عزَّ وجلَّ الذي لا يَخفى عليه شيء».

2-   أهميّة التوسّل في آخر ليلة النّصف من شعبان بأهل بيت العصمة صلوات الله عليهم أجمعين، ويقول في ذلك:

«..إذا كان أواخر هذه اللّيلة، نصفِ شعبان، فاجعَل تسليمَ أعمالِك إلى مَن تَعتقدُ أنّه داخلٌ بينَك وبين الله جلَّ جلالُه في آمالك، وتوسَّلْ إليه وتوجَّه إلى الله جلَّ جلالُه بإقبالِك عليه، في أن يُسْلِمَ عبادتك من النّقصان ويَحملَها بالعَفو والغفران، ويَفتحَ بها أبواب القبول ويَرفَعها في معارج درجات المأمول».

 

زيارة الإمام الحسين عليه السلام

قال الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجّد): «ليلةُ النصف من شعبان: أفضلُ الأعمال فيها زيارة أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام:

* رَوَى خِدَاشٌ عَنْ‏ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام، قَالَ‏: (مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ، فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ الْبَتَّةَ).

* ورَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مَارِدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ، ولَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ فِي سَنَتِهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَإِنْ زَارَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ‏).

* ورَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ:‏ (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُصَافِحَهُ مِائَةُ أَلْفٍ وعِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ فَلْيَزُرْ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فِي نِصْفِ شَعْبَانَ، فَإِنَّ أَرْوَاحَ النَّبِيِّينَ يَسْتَأْذِنُ الله تَعَالَى فِي زِيَارَتِهِ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ‏).

* ورَوَى هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام، قَالَ:‏ (إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ نَادَى مُنَادٍ مِنَ الْأُفُقِ الْأَعْلَى: زَائِرِي الْحُسَيْنِ ارْجِعُوا مَغْفُوراً لَكُمْ ثَوَابُكُمْ عَلَى رَبِّكُمْ ومُحَمَّدٍ نَبِيِّكُم‏)».

وفي (مسارّ الشيعة) للشيخ المفيد: «وفي هذه اللّيلة تكون زيارة سيّدنا أبي عبد الله الحسين بن عليّ عليهما السلام ".." ومَن لم يَستطعْ زيارةَ الحسين بن عليّ عليهما السلام في هذه اللّيلة فليَزُرْ غيرَه من الأئمّة عليهم السلام، فإنْ لم يتمكَّن من ذلك أوْمى إليهم بالسّلام وأحياها بالصّلاة والدّعاء».

وظاهرُ الرّوايات وكلمات العلماء، أنّ المُراد بزيارته عليه السلام، التّواجد في كربلاء، ولكن لا تُترَك الزيارة من بُعد، لورود رواياتٍ عامّة حول زيارته عليه السلام من أيِّ مكانٍ «مرتفع»، في أيِّ وقتٍ، فكيف بمثل ليلة النّصف من شعبان.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 3 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات