بصائر

بصائر

14/05/2015

كيف تتحقّق الإعانة لرسول الله صلّى الله عليه وآله في شهره؟*


كيف تتحقّق الإعانة لرسول الله صلّى الله عليه وآله في شهره؟*

____ الشيخ حسين كوراني ____

 

تتحقّقُ الإعانةُ لرسول الله صلّى الله عليه وآله، بالصّوم، والصّلاة، والذِّكر، ولكن بشرط أن يكون ذلك بعد بذْل الجهد في عدم المعصية، أو متزامناً معه.

إنّ كثيراً ممَّن لا يوفَّق منّا للصّوم والصّلاة وسائر الأعمال المستحبّة في شعبان، يمكنهم أن يأخذوا بنصيبٍ من الذِّكر، ليكون ذلك تأسيساً لرأسمال التجارة التي لن تبور.

والمطلوب هو الذِّكر الكثير: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًاالأحزاب:41-42. وعن أمير المؤمنين عليه السلام: «مداومةُ الذِّكر قُوْتُ الأرواح ومفتاحُ الصّلاح».

بمداومة الذّكر مع الحرص على الطاعة واجتناب المعصية، يبدأُ القلب يتعافى، إلى أن يصبح القلب مبصراً، ليمكنه أن يصبح «القلبَ السليم».

[وقد] رويَ عن أمير المؤمنين عليه السلام: «هذا غرّة شعبان، وشُعَبُ خيراته: الصّلاة، والصّوم، والزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبرُّ الوالدين والقرابات، والجيران، وإصلاحُ ذات البَيْن، والصّدقة على الفقراء والمساكين..».

لقد جمع أميرُ المؤمنين عليه صلوات الرحمن، في هذا الجانب من النّص كلّ ما ينبغي أن نوليه اهتمامنا في شهر شعبان، وهي:

·              الصّلاة

شهر شعبان فترة زمنيّة شرّفها الله تعالى بتشعُّب الخيرات فيها، فباستطاعة المؤمن أن يتزوَّد فيها ومنها بما لا يمكنه عادةً الحصول عليه، ومن ذلك الخشوع في الصّلاة وحضور القلب فيها، وهو هدفٌ للمؤمن عزيزُ المنال.

·              الصّوم

مطلوبٌ منّا أن نتدرّب في شهر شعبان ليكون صومنا في شهر الله تعالى، من نوع ٍخاص، صوماً عن المعاصي والذنوب.

وردت عدّة روايات في صوم شهر شعبان، منها:

عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «شَعبانُ شَهْري، وَرَمضانُ شَهرُ اللهِ، فَمَنْ صامَ يَوماً مِنْ شَهرِي كُنتُ شَفِيعَهُ يومَ القِيامةِ، وَمَنْ صَامَ يومينِ مِنْ شَهري غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقدّمَ مِنْ ذَنبِهِ، وَمَن صَامَ ثَلاثةَ أيام مِنْ شَهرِي قِيلَ لَهُ (طَهُرْتَ مِن ذُنوبِك) استأنِفِ العمَل».

 

·           الزّكاة

وقد ورد الحثّ عليها في كتاب الله وفي الروايات كثيراً، ومن المفيد جداً التنبّه إلى أنّ مِن أهمّ مفردات الزكاة الواجبة زكاة البدن أو زكاة الفطرة، فلو فرضنا أنّ شخصاً منّا لم يدفعها، فليأتِ به الآن قضاء، ليتخلّص من موانع قد تَحُول دون استقامة مسيرته الإيمانيّة وحُسن إسلامه.

 

·           الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من أعظم الواجبات بل بهما تُقام كلّ الواجبات الأُخَر، حتّى الصلاة والصوم والجهاد، وبهما يتمّ تطبيق شريعة الله عزّ وجلّ. إنّ من واجبنا أن نهتمّ بالتبليغ وإيصال الحقيقة إلى البعيدين عنها بأيِّ طريقةٍ ممكنة، ولا مجال إطلاقاً للفصل بين تهذيب النفس وتزكيتها وبين حمل الهمّ العامّ، وإلّا انقلب التّديُّن إلى تقوقع وانغلاق، ممّا يُفقده أيّ قيمة.

 

·           برُّ الوالدَين

بِرُّ الوالدَين أحد الأعمدة الأساسيّة في مجال التّديُّن، فقد قرن الله عزّ وجلّ طاعتهما بطاعته، فلا يُتصوَّر تديُّنٌ أو تهذيبُ نفسٍ إلّا برضا الوالدَين، ومهما كان الولد بارّاً فليَستزِد، أمّا إذا لم يكن بارّاً والعياذ بالله فيجب أن يضع في أولى اهتماماته إصلاحَ علاقته بوالدَيه، وشهر شعبان فرصة متاحة تساعده على تحقيق ما لا يُمكنه القيام به عادةً.

 

·           صِلَةُ الأرحام

وهي مادّة الامتحان الأصعب الذي يخضع له كلّ مَن يريد أن يكون تديّنه صادقاً، ففي الأرحام ما في سائر النّاس من صفاتٍ نفسيّةٍ متباينة.

تتوقّف صِلَةُ الأرحام على تشذيب زوائد النفس وفضلاتها، وإقامة شجرتها على التواضع والعبوديّة، وحمايتها من عواصف الأنانيّة الهوجاء، وبديهيّ أنّ ذلك هو الأصل في سلامة الدين.

 

·           الإحسانُ إلى الجيران

والفرق واضح بين عدم الإساءة إلى الجيران، وبين الإحسان إليهم، وكأنّ المراد أنّ عدم الإساءة أمرٌ مفروغٌ منه. وطبيعيٌّ أنّ في الجيران الصالح والطالح، وربما المسلم وغيره، ما يضعنا أمام أصلٍ إسلاميٍّ في حسن التعامل مع الناس أوسع دائرة من العنوانَين المتقدِّمَين.

 

·           إصلاحُ ذات البَين

وهو عنوان ينطبق على الموارد التالية:

أ) السّعي في الإصلاح بين أيّ متخاصمَين.

ب) السّعي في إرضاء مَن له حقّ علينا، نَتَج عنه فسادُ علاقتنا وذات بيننا، فنحاول أن نتسامح منه ونُرضيه في شهر شعبان، لندخل إلى شهر رمضان ولا يبقى في قلب أحد غلٌّ علينا.

ت) السّعي في إصلاح العلاقة مع مَن لنا حقٌّ عليه، لندخل إلى شهر الله تعالى بقلبٍ نقيٍّ، وسريرةٍ طاهرة، ولا نُبقي غِلّاً في قلوبنا على أحد.

 

·           الصّدقة على الفقراء والمساكين

الصّدقة وإن كانت شديدة الأهميّة في أيّ وقت، إلّا أنّ هناك شأناً خاصّاً عن الصدقة في شهر رجب وشهر شعبان، ولعلّ من أسباب ذلك حشْدُ كلّ عناصر إصلاح القلب في موسم التهيئة لشهر الله تعالى، حيث يبلغ الحثّ على الصدقة الغاية.

 

·               الاستغفار

سُئِلَ الإمام الرضا عليه السلام: فما أفضل الدعاء في هذا الشهر؟

فقال: «الاستغفار. إنّ مَن استغفر في شعبان كلّ يوم سبعين مرّة كان كَمَن استغفر في غيره من الشهور سبعين ألف مرّة».

وقد وردت صِيَغٌ مختلفة للاستغفار في شهر شعبان، وهي:

أ) أستغفرُ الله.

ب) (أستغفرُ اللهَ وأسألُه التّوبَة) سبعين مرّة يومياً.

ت) (أستغفرُ اللهَ الذي لا إلهَ إلّا هو الرّحمنُ الرّحيمُ الحيُّ القَيُّوم وأَتوبُ إليه) سبعين مرّة يوميّاً.

عندما نجد الحثّ على الاستغفار في شعبان، فيَجب أن نفهم أنّه حثٌّ على التوبة في شعبان.

 

·            الصّلاة على النّبيّ محمّد وآله صلّى الله عليه وآله

من الأعمال العامّة في شهر شعبان، الإكثار من الصّلاة على النّبيّ وآله صلّى الله عليه وآله، فقد رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «وأكثِروا في شعبان من الصّلاة على نبيّكم وأهلِه».

ويبلغ الحثّ في الروايات على أهميّة الصّلاة على محمّد وآلِه صلّى الله عليه وآله إلى حدّ التصريح بأنّ مَن قالَها يخرجُ من الذنوب كَيومِ وَلَدَتْه أُمّه. وفي رواية: «لم يبقَ عليه ذرّةٌ من ذنوبه».

 

 

·          تهليل شعبان: عبادة ألف سنة وأكثر

وهي من جملة الأعمال العامّة في شهر شعبان التي يُؤتى بها في أيّ وقت، فقد ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن قال في شعبان ألف مرّة: (لا إِلهَ إِلّا اللهُ، وَلا نَعْبُدُ إِلّا إِياهُ، مُخْلِصينَ لَهُ الدّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، كتبَ اللهُ له عبادةَ ألف سنة، ومحى عنه ذَنْبَ ألف سنة، ويخرجُ من قبره يوم القيامة ووجهُه يتلألأُ مثلَ القمر ليلةَ البدر، وكُتب عندَ الله صِدِّيقاً».

 

 

__________________________

* من كتاب (مختصر أعمال شهر شعبان)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

14/05/2015

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات