مراقبات

مراقبات

14/06/2015

مراقبات شهر رمضان المبارك

مراقبات شهر رمضان المبارك

ربيعُ الفقراء

____ إعداد: «شعائر» ____

* قال الشّيخ المفيد في (المقنعة): «اعلم أنّ الله جلّ جلاله فضّلَ شهر رمضان على سائر الشهور لِما علم من المصلحة في ذلك لخلقه، فحكم به في الكتاب المسطور، وأوجبَ فيه الصوم إلزاماً، وأكّد فيه المحافظة على الفرائض تأكيداً، وندب فيه إلى أفعال الخير ترغيباً، وعظّم رتبته، وشرّفه، وأعلى شأنه، وشيّد بنيانه، فخبّر جلّ اسمُه: أنّه أنزل فيه القرآنَ العظيم، وأنّ فيه ليلةً خيراً من ألف شهرٍ للعالَمين».

* النّصوص الواردة في هذا المقال منتخبة من مجموعة من الكتب الفقهيّة والروائية، وهي تُعرّف بأهمّ الآداب التي يجدر بالصّائم مراعاتها في شهر الله تبارك وتعالى، لا سيّما في ليالي القدر، والعشر الأواخر.

 

في الحديث النبويّ الشريف أنّ شهر رمضان سُمّي بذلك «لِأَنَّهُ تُرْمَضُ فِيهِ الذُّنُوبُ»، أَيْ تُحْرَق.

وعن أبي عبد الله الإمام الصّادق عليه السّلام: «إِذَا سَلِمَ‏ شَهْرُ رَمَضَانَ‏ سَلِمَتِ السَّنَةُ».

وَقَالَ عليه السلام: «رَأْسُ السَّنَةِ شَهْرُ رَمَضَان‏».

وفي (الكافي) عن الإمام الباقر عليه السّلام: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، وَلَيْسَ بِالرَّأْيِ وَالتَّظَنِّي، وَلَيْسَ الرُّؤْيَةُ أَنْ يَقُومَ‏ عَشَرَةُ نَفَرٍ يَنْظُرُونَ فَيَقُولَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: "هُوَ ذَا، هُوَ ذَا"، وَيَنْظُرَ تِسْعَةٌ فَلَا يَرَوْنَهُ، وَلَكِنْ إِذَا رَآهُ وَاحِدٌ رَآهُ أَلْفٌ».

 

ما يُقال عند الاستهلال

في (الهداية) للشيخ الصّدوق، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَا تُشِرْ إِلَيْهِ‏ بِالْأَصَابِعِ‏، وَلَكِنِ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ وَخَاطِبِ الْهِلَالَ تَقُولُ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى. اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا، وَارْزُقْنَا عَوْنَهُ وَخَيْرَهُ، وَاصْرِفْ عَنَّا ضَرَّهُ وَشَرَّهُ وَبَلَاءَهُ وَفِتْنَتَهُ».

 

فضلُ شهر رمضان

 

* في (عيون أخبار الرضا عليه السّلام) للشيخ الصّدوق، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «.. وَفِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ تُغَلُّ الْمَرَدَةُ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَيُغْفَرُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِسَبْعِينَ أَلْفاً، فَإِذَا كَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ غَفَرَ اللَّهُ بِمِثْلِ مَا غَفَرَ فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَشَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ، إِلَّا رَجُلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْظِرُوا هَؤُلَاءِ حَتَّى‏ يَصْطَلِحُوا».

* وفي الدعاء الخامس والأربعين من (الصحيفة السجادية) في وداع شهر رمضان، يقول الإمام زين العابدين عليه السلام مخاطباً شهر الله تعالى: «السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ..».

قال السيد علي خان المدني في (رياض السالكين) عند شرحه لهذه الفقرة: «لمّا كان الزمان من الأسباب المعدّة لحصول ما يحصل في هذا العالم من الخير والشرّ، وكان شهر رمضان من الأزمنة التي أعدّها الله تعالى لإخبات النفوس وإقصارها عن المعاصي والقيام بالطاعات وكسْب المَثوبات، حتّى أنّ أكثر من مردَ على الفسق والفجور يتناهى فيه عمّا كان يرتكبه في غيره وينتهكه من الحُرمات؛ شبّهه عليه السلام بالناصر المُعين على الشيطان، والصاحب المُسَهِّل سبُلَ الإحسان».

 

في معنى الصيام

* في (مَن لا يحضره الفقيه) للشيخ الصّدوق: «وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ [الإمام الباقر عليه السلام] لِجَابِرٍ [الجُعفيّ]: يَا جَابِرُ، مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَصَامَ نَهَارَهُ، وَقَامَ وِرْداً مِنْ لَيْلِهِ، وَحَفِظَ فَرْجَهُ وَلِسَانَهُ، وَغَضَّ‏ بَصَرَهُ‏، وَكَفَّ أَذَاهُ، خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

قَالَ جَابِرٌ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا أَحْسَنَ هَذَا مِنْ حَدِيثٍ. قَالَ: مَا أَشَدَّ هَذَا مِنْ شَرْطٍ».

* قال السيد حبيب الله الهاشمي الخوئي في (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة) يشرح الحديث القدسيّ المرويّ في (الكافي) وغيره: «الصَّوْمُ لِي وأَنَا أجْزِي عَلَيْه (بِهِ)»، قال: «.. وتخصيصُه من بين سائر العبادات، مع كون جميعها لله سبحانه، من جهة مزيد اختصاصه به تعالى، إمّا لأجل أنّ الصّوم عبادةٌ لم يُعبَد بها غيرُ الحقّ سبحانه بخلاف سائر العبادات والرّكوع والقيام والقُربان ونحوها، فإنّها ربّما يُؤتَى بها للمعبودات الباطلة كما يُعبَد بها للمعبود بالحقّ، وأما الصّوم فلم يُتعبَّد به إلَّا لله سبحانه وتعالى، أو لأنّ الصوم عبادةٌ خَفيّةٌ بعيدةٌ عن الرّياء، وليست مثلَ سائر العبادات التي تعلُّقها بالجوارح والأعضاء الظاهرة غالباً».

وقال عند شرحه لفقرة من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وردَ فيها: «وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّه جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ»: «.. وإنما خصّه بهذه العلّة، مع كون سائر العبادات كذلك، لكونه أشدّ وقايةً من غيره.

بيانُ ذلك: أنّ استحقاق الإنسان للعقوبة إنّما هو بقُربه من الشيطان وإطاعته له وللنفس الأمّارة، وبشدّة القرب وضعْفه يتفاوت العقابُ شدّة وضَعفاً، وبكثرة الطاعة وقلَّتها يختلف العذابُ زيادةً ونقصاناً، وسبيل الشّيطان على الإنسان ووسيلته إليه إنّما هي الشّهوات، وقوّة الشهوة بالأكل والشرب، فبالجوع والصوم تضعفُ الشهوة وتنكسر صولةُ النفس وينسدُّ سبيل الشيطان، ويَنجو [العبد] من العقوبة والخذلان، كما قال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم: إنّ الشّيطانَ لَيَجْرِي منِ ابنِ آدمَ مَجْرَى الدّم؛ فَضَيِّقوا مَجاريهِ بِالجُوعِ».

 

آداب شهر رمضان ومستحبّاته

 

* في (هداية الأمّة إلى أحكام الأئمّة عليهم السلام) للحرّ العاملي ما ملخّصه: «في‏ آداب شهر رمضان،‏ وهي كثيرة، نذكر منها اثني عشر:

1) كَثرةُ التّلاوة فيه‏: قَالَ الْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ رَبِيعٌ، وَرَبِيعُ الْقُرْآنِ شَهْرُ رَمَضَانَ).

2) قَالَ رسول الله صلّى الله عليه وآله: (.. مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَهُوَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ، فَصَامَ نَهَارَهُ، وَقَامَ وِرْداً مِنْ لَيْلِهِ، وَوَاظَبَ عَلَى صَلَاتِهِ، وَهَجَرَ إِلَى جُمعَتِهِ، وَغَدَا إِلَى عِيدِهِ، فَقَدْ أَدْرَكَ‏ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَفَازَ بِجَائِزَةِ الرَّبِّ).

3) كثرة الدّعاء والاستغفار: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (عَلَيْكُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ، فَأَمَّا الدُّعَاءُ فَيُدْفَعُ بِهِ عَنْكُمُ الْبَلَاءُ، وَأَمَّا الاسْتِغْفَارُ فَتُمْحَى بِهِ ذُنُوبُكُمْ).

وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذَا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ، لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ إِلَّا بِالدُّعَاءِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالاسْتِغْفَارِ، وَالتَّكْبِيرِ.

4) كَثرة الصّدقة: كَانَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَعْتَقَ كُلَّ أَسِيرٍ، وَأَعْطَى كُلَّ سَائِلٍ.

وَقَالَ صلّى الله عليه وآله: (مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِماً مُؤْمِناً، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَمَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ).

وَرُوِيَ: أَنَّهُ يُنَادِي فِيهِ مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ: (هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ اللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفاً، وَأَعْطِ كُلَّ مُمْسِكٍ تَلَفاً).

وَقَالَ صَلّى اللهُ عَليه وآلِه: (مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فِي هَذَا الشَّهْرِ، غُفِرَ لَهُ).

5) الاجتهاد في العبادة: قَالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عليه وآلِه فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ شَعْبَانَ: (إِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَرَضَ اللَّهُ صِيَامَهُ، وَجَعَلَ قِيَامَ لَيْلَةٍ فِيهِ بِتَطَوُّعِ صَلَاةٍ كَتَطَوُّعِ‏ صَلَاةِ سَبْعِينَ لَيْلَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ، وَمَنْ خَفَّفَ فِيهِ عَنْ مَمْلُوكِهِ، خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ حِسَابَهُ).

6) أنواع الذّكر: قَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (رَمَضَانُ شَهْرُ اللَّهِ، اسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَهُوَ رَبِيعُ الْفُقَرَاءِ).

7) قال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام: «لَا تَقُولُوا: رَمَضَان، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَان، فَمَنْ قَالَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ ".." وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ :(شَهْرُ رَمَضَانَ)» .

8) الدّعاء عند رؤية الهلال. [بما تقدّم وغيره]

9) إتيان الأهل في أوّل ليلة منه.

10) الاجتهاد في العبادة ليلةَ القدر. [يأتي مزيد توضيح]

11) قَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْعَنْكَبُوتِ وَالرُّومِ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهُوَ وَاللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَا أَسْتَثْنِي فِيهِ أَبَداً، وَلَا أَخَافُ أَنْ يَكْتُبَ اللَّهُ عَلَيَّ فِي يَمِينِي إِثْماً، وَإِنَّ لِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مِنَ اللَّهِ مَكَاناً).

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) أَلْفَ مَرَّةٍ، لَأَصْبَحَ شَدِيدَ الْيَقِينِ بِالاعْتِرَافِ بِمَا يَخْتَصُّ فِينَا).

وَرُوِيَ: (إِذَا أَتَى شَهْرُ رَمَضَانَ، فَاقْرَأْ سُورَةَ الدُّخَانِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ).

12) دعاءُ الوداع في آخر ليلةٍ منه‏، أو في آخر جمعةٍ منه: (كَتَبَ رَجُلٌ‏ إِلَى الإمام الْمَهْدِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْأَلُهُ عَنْ وَدَاعِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَدْ اخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: يُقْرَأُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: فِي آخِرِ يَوْمٍ، فَوَقَّعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْعَمَلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي لَيَالِيهِ، وَالْوَدَاعُ يَقَعُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَنْقُصَ الشَّهْرُ، جَعَلَهُ فِي لَيْلَتَيْنِ)».

* وفي (مفاتيح الشرائع) للفيض الكاشاني حول مستحبّات شهر رمضان المبارك ما ملخّصه: «يُستحبّ الدعاء لكلّ ليلة ويوم منه، وعند دخوله، وأسحاره، ووداعه بالمأثور، ولا سيّما الدعاء الطويل في السَّحَر، وقيام لياليه كلّها وخصوصاً فُراداه، والإتيان بالنوافل المختصّة به مع دعواتها المأثورة... كلّ ذلك للنصّ».

* ومن أبرز نوافل شهر رمضان التي أشار إليها الفيضرحمه الله صلاةُ الألف ركعة التي يُؤتى بها في الشّهر كلّه. قال الشيخ الطوسي في (الخلاف): «يصلّي طول شهر رمضان ألف ركعة زائداً على النوافل المرتّبة في سائر الشهور..»، وعدّها الشريف المرتضى في (جمل العلم والعمل) «من وَكيد السُّنن».

وقال السيد المَدَني الشيرازي في (رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين عليه السلام): «وإنّما قيل لشهر رمضان شهر القيام لكثرة الصلوات المَسنونة فيه ليلاً، والأشهر في الروايات استحبابُ ألف ركعة في لياليه زيادةً على النوافل المرتّبة، وهو قول معظمُ الأصحاب..». [حول كيفية هذه الصّلاة، انظر: «بصائر» من هذا العدد]

وفي (مجمع الفائدة) للمحقّق الأردبيلي عن الشّهيد الأول: «.. ولو فات شيءٌ من هذه النّوافل ليلاً، فالظّاهر أنّه يستحبّ قضاؤه نهاراً، لعموم قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً..﴾ الفرقان:62».

* وفي طليعة أعمال شهر رمضان المبارك، زيارة سيّد الشهداء عليه السّلام. روى ابن قولويه القمّي في (كامل الزيارات) عن أبي عبد الله الصّادق عليه السّلام، أنّه قال: «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عَلَيه السَّلامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَمَاتَ‏ فِي‏ الطَّرِيقِ،‏ لَمْ يُعْرَضْ وَلَمْ يُحَاسَبْ. وَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ آمِناً».

والرّوايات بهذا المعنى متواترة، وفيها تأكيدُ زيارته صلوات الله عليه في أوّل شهر رمضان، ومنتَصفه وفي آخر ليلة منه، وكذا في ليلة العيد.

ليلةُ القدر

* في (المقنعة) للشيخ المفيد، عن الإمام الباقر عليه السّلام: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَات وَسَارَ إِلَى مِنى، دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَامَ خَطِيباً، فَقَالَ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:... اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَّهُ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَهُوَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ، فَصَامَ نَهَارَهُ، وَقَامَ وِرْداً مِنْ لَيْلِهِ، وَوَاظَبَ عَلَى صَلَاتِهِ، وَهَجَرَ إِلَى جُمُعَتِهِ، وَغَدَا إِلَى عِيدِهِ، فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَفَازَ بِجَائِزَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ».

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «فَازُوا، وَاللهِ، بِجَوَائِزَ لَيْسَتْ كَجَوَائِزِ الْعِبَادِ».

*  وفي (هداية الأمّة) ما ملخّصه: «سُئل الصّادق عليه السّلام كيف تكونُ ليلة القدر خيراً من ألف شهر؟ قال: (العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ العَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيلَةُ القَدْرِ).

وأمّا آداب ليلة القدر وأحكامها، فهي اثنا عشر:

1) أنّها في شهر رمضان.

2) أنّها في العَشر الأواخر، وفي كثيرٍ من الرّوايات تصريحٌ بأنّها ليلة ثلاث وعشرين.

3) يُستَحبّ كثرة الدّعاء فيها.

4) يُستحبّ الغُسل فيها مرّتين؛ من أوّل اللَّيل وآخره.

5) يُستحبّ إحياؤها بالعبادة: قال الصّادق عليه السّلام: «..فَاطْلُبْهَا فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَصَلِّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَأَحْيِهِمَا إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَى النُّورِ».

6) قيل للصّادق عليه السّلام: «إن لم أقدِر على ذلك - يعني إحياء اللَّيلتَين - وأنا قائمٌ، قال: فَصَلِّ وأنت جالسٌ، قال: فإنْ لم أستطع؟ قال: فعَلَى فِراشِكَ، قال: فإنْ لم أستطع؟ قال: لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكْتَحِلَ أَوّلَ اللَّيلِ بِشَيءٍ مِنَ النَّوْمِ، إنَّ أَبوابَ السَّماءِ تُفْتَحُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ».

 7) قال رجلٌ للصّادق عليه السّلام: «اللَّيلة الَّتي يُرجَى فيها ما يُرجَى، فقالَ عَليه السّلامُ: فِي إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، وَثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ، قيل: فإنْ لَم أقوَ عَلى كلتَيهما؟ قال: مَا أَيْسَرَ لَيْلَتَيْنِ فَيْمَا تَطْلُبْ، قيل: فربّما رأينا الهلالَ عندَنا وجاءَنا مَن يُخبرنا بخلاف ذلك، قال: مَا أَيْسَرَ أَرْبَعَ لَيَالٍ تَطْلُبُهَا فيهَا.

8) كان أبو جعفر الباقر عليه السّلام إذا كان ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، أخذَ في الدّعاء، حتّى يزولَ اللَّيل، فإذا زال اللَّيل، صلَّى.

9) سُئل الصّادق عليه السّلام عن ليلةِ القدر كانت أو تكونُ في كلِّ عام، فقال عليه السّلام: «لَوْ رُفِعَتْ لَيْلَةُ القَدْرِ، لَرُفِعَ القُرْآنُ».

10) تُستَحبّ الاستعاذةُ من قضاء السّوء فيها، فقد رُوي: أنّه يُقدَّر ما يكون من أمر السَّنة فيها، من خيرٍ أو شرّ، وأنّ لله تعالى فيه المشيئة، يَمحو ما يشاءُ ويُثبِتُ وعندَه أمُّ الكتاب.

11) تسُتحبّ قراءة العنكبوت والرّوم فيها.

12) سُئل أحدهما عليهما السّلام عن علامة ليلة القدر، فقال: «عَلَامَتُهَا أَنْ تَطيبَ رِيْحُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَرْدٍ دَفِئَتْ، وَإنْ كَانَتْ فِي حَرٍّ بَرَدَتْ فَطَابَتْ». وروي: «أنَّ يَومَها مِثْلُ لَيْلَتِهَا».

 

 

الأيّام العشرة الأخيرة من شهر رمضان

* عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ، ثُمَّ اعْتَكَفَ فِي الثَّانِيَةِ فِي الْعَشْرِ الْوُسْطَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ فِي الثَّالِثَةِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ».

وفي الخبر أنه صلّى اللهُ عَليه وآلِه كانَ إذا دخلَ العشرُ الأواخر «شَدَّ الْمِئْزَرَ، وَأَحْيَا اللَّيْلَ، وَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ».

* هذا وقد خُصَّت كلّ ليلة من اللّيالي العَشر الأخيرة بدعاءٍ خاصّ، أوردها الشيخ المفيد بتمامها في (المقنعة)، والشيخ الطوسي في (المصباح)، والمحدّث القمّي في (مفاتيح الجنان).

* وفي (الكافي) عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «تَقُولُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ - فِي كُلِّ لَيْلَةٍ: أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ، أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هَذِه، ولَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْه».

* وفي (هداية الأمّة) للحرّ العاملي: «وَرُوِيَ: أَنَّهُ يُقَالُ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْهُ: (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ صِيَامِنَا إِيَّاهُ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاجْعَلْنِي مَرْحُوماً، وَلَا تَجْعَلْنِي مَحْرُوماً)، فَإِنَّهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، ظَفِرَ بِإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا بِبُلُوغِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ قَابِلٍ، وَإِمَّا بِغُفْرَانِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ».

 

شهادةُ أمير المؤمنين عليه السلام

كانت شهادةُ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه في ليلة القدر الثانية، أي ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين للهجرة، بعد يومَين من جرحه عليه السّلام في محراب مسجد الكوفة، ومن جملة مستحبّات اللّيلة التاسعة عشرة أن يقول مائة مرّة: «اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ».

وتتأكّد زيارة أمير المؤمنين عليه السّلام في يوم شهادته وليلتها.

 

ولادة الإمام أبي محمّد الحسن المجتبى عليه السلام

قال الشهيد الأول في (الدروس الشرعيّة): «الإمامُ الزكيّ أبو محمَّد، الحسنُ بن عليٍّ عليهما السَّلام، سيّدُ شباب أهل الجنّة، وُلد بالمدينة يوم الثّلاثاء منتصف شهر رمضان سنة اثنتَين من الهجرة، وقال المفيد: سنة ثلاث، وقُبض بها مسموماً يوم الخميس سابع صفر سنة تسع وأربعين، أو سنة خمسين من الهجرة، عن سبع أو ثمان وأربعين سنة.

قال عليه السَّلام: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لِمَنْ زَارَنَا؟ فقال صلّى اللهُ عليه وآلِه: مَنْ زَارَنِي حَيَّاً أَوْ مَيِّتَاً، أَوْ زَارَ أَبَاكَ حَيَّاً أَوْ مَيِّتَاً، أَوْ زَارَ أَخَاكَ حَيَّاً أَوْ مَيِّتَاً، أَوْ زَارَكَ حَيَّاً أَوْ مَيِّتَاً، كَانَ حَقَّاً عَلَيَّ أَنْ أَسْتَنْقِذَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».

وفي (جمال الأسبوع) للسيد ابن طاوس نَصُّ زيارة الإمام الحسن عليه السلام:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَليْكَ يا ابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِينَ اللهِ، السَّلامُ عَليْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صِراطَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَيانَ حُكْمِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَاصِرَ دِيْنِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّيِّدُ الزَّكيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها البَرُّ الوَفِيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها القَائِمُ الأمِينُ، السَّلامُ عَليْكَ أَيُّها العَالِمُ بِالتَّأْوِيلِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الهادِي المَهْديُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الطّاهِرُ الزَّكيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها التَّقيُّ النَّقيُّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الحَقُّ الحَقِيقُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ».

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

14/06/2015

دوريات

نفحات