أحسن الحديث

أحسن الحديث

منذ أسبوع

سورة التغابن


موجز في التّفسير

سورة التغابن

ــــــ سليمان بيضون ــــــ

* السّورة الرابعة والسّتّون في ترتيب سوَر المُصحف الشّريف، نزلت بعد سورة التحريم. 

* سُمّيت بـ «التغابن» لقوله تعالى في الآية التاسعة منها: ﴿..ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ..﴾.

* آياتها ثماني عشرة، وهي مدَنيّة، مَنْ قرأها في فريضة كانت شفيعةً له يوم القيامة كما عن الإمام الصادق عليه السّلام.

في ما يلي موجز في تفسير السّورة المباركة اخترناه من تفاسير: (الميزان) للعلّامة السّيّد محمّد حسين الطّباطبائيّ، و(الأمثل) للمرجع الدّينيّ الشّيخ ناصر مكارم الشّيرازيّ، و(نور الثّقلين) للشّيخ عبد عليّ الحويزيّ.

 

«يوم التغابن: يومُ القيامة؛ لظهور الغَبن في المبايعة المشار إليها بقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ..﴾ البقرة:207، وبقوله: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ..﴾ التوبة:111، وبقوله: ﴿..الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا..﴾ آل عمران:77، فعلموا أنّهم غُبنوا فيما تركوا من المبايعة، وفيما تعاطوه من ذلك جميعاً.

وسُئل بعضُهم عن يوم التَّغَابُنِ؟ فقال: تبدو الأشياءُ لهم بخلاف مقاديرهم في الدّنيا. قال بعضُ المفسِّرين: أصل الْغُبْنِ: إخفاء الشيء، والْغَبَنُ بالفتح: الموضعُ الذي يَخفى فيه الشيء».

(المفردات، الراغب الأصفهانيّ)

هدف السورة

(تفسير الميزان): «السورة شبيهةٌ بسورة الحديد في سياقٍ كسياقها، ونَظْمٍ كنَظْمِها، كأنّها مُلخّصة منها، وغرَضُها تحريض المؤمنين وترغيبهم في الإنفاق في سبيل الله، ورفْع ما يهجس في قلوبهم ويدبّ في نفوسهم من الأسى والأسف على المصائب التي تهجم عليهم في تحمّل مشاقّ الإيمان بالله، والجهاد في سبيل الله والإنفاق فيه، بأنّ ذلك كلّه بإذن الله.

والآياتُ من صدر السورة تقدِمة وتمهيد لبيان الغرض المذكور، تُبيّن أنّ أسماءه، تعالى، الحسنى وصفاته العليا، تقضي بالبعث ورجوع الكلّ إليه سبحانه، رجوعاً يُساق فيه أهلُ الإيمان والعمل الصالح إلى جنّةٍ خالدة، وأهلُ الكفر والتكذيب إلى نارٍ مُؤبّدة، فهي تمهيدٌ للأمر بطاعة الله ورسوله، والصبر على المصائب والإنفاق في سبيل الله من غير تأثّرٍ من منع مانعٍ، ولا خوفٍ من لَوْمة لائم».

محتوى السورة

(تفسير الأمثل): يمكن تقسيم هذه السورة من حيث المواضيع التي احتوتها إلى عدّة أقسام:

1 - بداية السورة التي تبحث في التوحيد وصفات الله تعالى وأفعاله.

2 - حثّ الناس على ملاحظة أعمالهم ظاهراً وباطناً، وأن لا يغفلوا عن مصير الأقوام السابقين.

3 - الحديث عن المعاد، وأنّ يوم القيامة «يوم تغابن»، تُغبن فيه جماعة وتفوز فيه جماعة.

4 - الأمر بطاعة الرسول، صلّى الله عليه وآله، وتحكيم قواعد النبوّة.

5 - يأمر الله تبارك وتعالى في القسم الأخير من السورة بالإنفاق في سبيله، ويحذّر من الانخداع بالأموال والأولاد والزوجات. وتختم السورة بذكر صفات الله تبارك وتعالى.

ثواب تلاوة السورة

* عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ التَّغابُنِ رُفِعَ [دُفِعَ] عَنْهُ مَوْتُ الفَجْأَةِ».

* وعن الإمام الصّادق عليه السّلام أنّه قال: « مَنْ قَرَأَ سورَةَ التَّغابُنِ في فَريضَةٍ كانَتْ شَفيعَةً لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ، وَشاهِدَ عَدْلٍ عند من يُجيزُ شهادتها، ثمّ لا تُفارِقُهُ حَتّى يَدْخُلَ الجَنَّةَ».

 

تفسيرُ آياتٍ منها

قوله تعالى: ﴿..فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ..﴾ الآية:2.

سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن الآية فقال: «عَرَفَ اللهُ إيمانَهُمْ بِوِلايَتِنا وَكُفْرَهُمْ بِها؛ يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الميثاقَ في صُلْبِ آدَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَهُمْ ذَرٌّ».

 

قوله تعالى: ﴿فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا..﴾ الآية:8.

سأل أبو خالد الكابليّ الإمام الباقر عليه السلام عن الآية، فأجاب: «يا أَبا خالِدٍ، النّورُ، وَاللهِ، الأئِمَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، إِلى يَوْمِ القِيامَةِ، وَهُمْ، وَاللهِ، نورُ اللهِ الّذي أَنْزَلَ، وَهُمْ، وَاللهِ، نورُ اللهِ في السَّماواتِ وَفي الأَرْضِ. وَاللهِ يا أَبا خالِدٍ، لَنورُ الإِمامِ في قُلوبِ المُؤْمِنينَ أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ المُضيئَةِ بِالنَّهارِ، وَهُمْ، وَاللهِ يُنَوِّرونَ قُلوبَ المُؤْمِنينَ وَيَحْجُبُ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، نورَهُمْ عَمَّنْ يَشاءُ فَتُظْلِمُ قُلوبُهُمْ. وَاللهِ يا أَبا خالِدٍ، لا يُحِبُّنا عَبْدٌ وَيَتَوَلّانا حَتّى يُطَهِّرَ اللهُ قَلْبَهُ، وَلا يُطَهِّرُ اللهُ قَلْبَ عَبْدٍ حَتّى يُسَلِّمَ لَنا وَيَكونَ سِلْماً لَنا، فَإِذا كانَ سِلْماً لَنا سَلَّمَهُ اللهُ مِنْ شَديدِ الحِسابِ وَآمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ القِيامَةِ الأَكْبَرِ».

قوله تعالى: ﴿..ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ..﴾ الآية:9.

النبيّ صلّى الله عليه وآله: «ما مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلّا أُريَ مَقْعَدَهُ مِنَ النّارِ - لَوْ أَساءَ - لِيَزْدادَ شُكْراً، وما مِنْ عَبْدٍ يَدْخُلُ النّارَ إِلّا أُريَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ - لَوْ أَحْسَنَ - لِيَزْدادَ حَسْرَةً».

 

قوله تعالى: ﴿..وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ..﴾ الآية:11.

الإمام الصادق عليه السلام: «إِنَّ القَلْبَ لَيَرَجَّجُ فيما بَيْنَ الصَّدْرِ وَالحَنْجَرَةِ حَتّى يُعْقَدَ عَلى الإِيمانِ، فَإِذا عُقِدَ عَلى الإِيمانِ قَرَّ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾».

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الآية:14.

الإمام الباقر عليه السلام: «..وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كانَ إِذا أَرادَ الهِجْرَةَ إِلى رَسولِ الله، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، تَعَلَّقَ بِهِ ابْنُهُ وَامْرَأَتُهُ، وَقالوا: نُنْشِدُكَ اللهَ أَنْ تَذْهَبَ عَنّا وَتَدَعَنا فَنَضيعَ بَعْدَكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُطيعُ أَهْلَهُ فَيُقيمُ، فَحَذَّرَهُمُ اللهُ أَبْناءَهُمْ وَنِساءَهُمْ، وَنَهاهُمْ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْضي وَيَذَرُهُمْ، وَيَقولُ: أَما وَاللهِ، لَئِنْ لَمْ تُهاجِروا مَعي، ثُمَّ يَجْمَعِ اللهُ بَيْني وَبَيْنَكُمْ في دارِ الهِجْرَةِ لا أَنْفَعُكُمْ بِشَيْءٍ أَبَداً. فَلَمّا جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَمَرَهُ اللهُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِمْ وَيَصِلَهُمْ، فَقالَ: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾».

قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ..﴾ الآية:15.

أمير المؤمنين عليه السلام: «لا يَقولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ إِنّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الفِتْنَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلّا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلى فِتْنَةٍ، وَلَكِنْ مَنِ اسْتَعاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلّاتِ الفِتَنِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ يَقولُ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ..﴾».

قوله تعالى: ﴿..وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الآية:16.

* الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ أَدّى الزَّكاةَ فَقَدْ وُقِيَ شُحَّ نَفْسِهِ».

** قال الفضل ابن أبي قُرَّةَ: رأيت أبا عبد الله، عليه السلام، يطوف من أوّل اللّيل إلى الصباح وهو يقول: «اللَّهُمَّ قِنِي شُحَّ نَفْسي». فقلت: جُعلت فداك، ما سمعتُك تدعو بغير هذا الدعاء. قال: «وَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِنْ شُحَّ النَّفْسِ، وَإِنَّ اللهَ يَقولُ: ﴿..وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾».

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ أسبوع

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات