مصطلحات

مصطلحات

09/12/2015

المفهوم، والمصطلح، والتعريف

الفروق بين «المفهوم»، و«المصطلَح»، و«التعريف»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. أحمد إبراهيم خضر* ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعتقد الكثير من الباحثين أنّ «المفهوم»، و«المصطلح»، و«التعريف» مترادفات لفظية، والواقع أنّ كلّ واحد منها يختلف عن الآخر؛ حيث لكلٍّ دلالته وماهيّته.

وقد حدّد بعضُ الباحثين الفروقَ بين هذه الكلمات بطريقة جاذبة لافتة للنّظر، وذلك على الوجه التالي:

1) المفهوم: فكرة أو صورة عقلية تتكوّن من خلال الخبرات المتتابعة التي يمرّ بها الفرد؛ سواء كانت هذه الخبرات مباشرة، أم غير مباشرة. فعلى سبيل المثال: يتكوّن المفهوم الصحيح لـ «الصلاة» من خلال خبرة المتعلّم التي يكتسبها في المراحل التعليمية المختلفة، ومن خلال أدائه للصلاة على الوجه الصحيح، وكذلك يتكوّن مفهوم «الإنفاق في سبيل الله» لدى المتعلّم من خلال المعرفة التي تُقدَّم له في محتوى مناهج التربية الإسلامية، ومن خلال مواقف الحياة المختلفة، ويتّسم كلّ مفهوم بمجموعة من الصفات والخصائص التي تميّزه عن غيره، فمفهوم «الزكاة» يختلف مثلاً عن مفهوم «الحجّ».

وتُعتبر خاصّيتا «التجريد» و«التعميم» من أهمّ خصائص المفهوم، فمفهوم «الإنفاق» مثلاً من المفاهيم غير المحسوسة، ويتجسّد فيما يُبذل من مال في سبيل الله، وهو في الوقت نفسه مفهوم عامّ يشمل: الإنفاق بالمال، أو الجهد، أو الوقت.

2) المصطلح: يختلف المفهوم عن المصطلح في أنّ المفهوم يركّز على «الصورة الذهنية»، أمّا المصطلح فإنّه يركز على «الدلالة اللّفظية للمفهوم»، كما أنّ المفهوم أسبق من المصطلح، فكلّ مفهوم مصطلَح، وليس العكس، وينبغي التأكيد أنّ المفهوم ليس هو المصطلح، وإنّما هو مضمون هذه الكلمة، ودلالة هذا المصطلح في ذهن المتعلّم؛ ولهذا يُعتبر التعريف بالكلمة أو المصطلح هو «الدلالة اللفظية للمفهوم»، وعلى ذلك يمكن القول بأنّ كلمة «الحجّ» ما هي إلا مصطلح لمفهوم معيّن ينتج عن إدراكنا للعناصر المشتركة بين المواقف؛ كالإحرام، والطواف حول الكعبة المشرّفة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات، والنزول بالمزدلفة، والرجم، والحلق أو التقصير...

هذا وتترادف كلمة «مصطلح» و«اصطلاح» في اللغة العربيّة، وهما مشتقّتان من «اصطلح» (وجذره صلح) بمعنى: «اتّفق»؛ لأنّ المصطلح أو الاصطلاح يدلُّ على اتّفاق أصحاب تخصّص ما على استخدامه للتعبير عن مفهوم علميّ محدّد، ومَن يدقّق النظر في المؤلَّفات العربيّة التراثية، يجد أنّها تشتمل على لفظَي: «مصطلح»، و«اصطلاح» بوصفهما مترادفَين، و«الاصطلاح هو اتّفاق القوم على وضع الشيء، وقيل: إخراج الشيء عن المعنى اللغوي إلى معنى آخر لبيان المراد». والمصطلحات هي مفاتيح العلوم على حدّ تعبير الخوارزمي، وقد قيل: إنّ فَهم المصطلحات نصفُ العِلم؛ لأنّ المصطلح هو لفظ يعبِّر عن مفهوم، والمعرفة مجموعة من المفاهيم التي يرتبط بعضها ببعض في شكل منظومة..

3) التعريف في اللغة: مِن عرفَ الشيء؛ أي: علِمه، وعرَّف الأمر؛ أي: أعلَم به غيرَه، وعُرف اللسان: ما يُفهم من اللفظ بحسب وضعه اللغويّ، وعُرف الشارع: ما جعله علماء الشرع مَبنى الأحكام.

أمّا في الاصطلاح، فهو عبارة عن ذِكر شيء تستلزم معرفته معرفةَ شيء آخر، وينقسم إلى تعريف حقيقي، ويُقصد به أن يكون حقيقة ما وُضع اللفظ بإزائه من حيث هي، فيعرف بغيرها، وتعريف لفظي، ويقصد به أن يكون اللفظ واضحَ الدلالة على معنى، فيفسّر بلفظ أوضح دلالة على ذلك المعنى؛ كقولك: الغَضَنفر الأسد، وليس هذا تعريفًا حقيقيًّا يراد به إفادة تصوّر غير حاصل، إنّما المراد تعيين ما وُضع له لفظ الغضنفر من بين سائر المعاني.

* باحث وأستاذ جامعي - مصر

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

09/12/2015

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات