بسملة

بسملة

01/07/2011

ثقافة الحكومة العالميّة الواحدة الشيخ حسين كوراني


ثقافة الحكومة العالميّة الواحدة

الشيخ حسين كوراني 
             
لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْط. قرآن كريم


ثقافةُ شهرِ «شعبان» ثقافةُ العدلِ والقِيامِ بالقِسط، وصياغةِ القلوب في مسار الحكومة العالميّة الواحدة.
يؤكّد هذه الثقافة والمسار، الوِردُ الشعباني، والمنشورُ الإنساني، المعروف بالصلوات عند الزوال، الذي تُستحبُّ قراءتُه  في شهر شعبان، ظُهرَ كلِّ يوم.
في هذا المنشور الثقافي الشعباني، تنطلقُ عمليةُ البناء الثقافي والسلوكي الإستشهادي حبّاً بِلقاءِ الله تعالى، تحتَ العنوان الثقافي الأبرز للمفاهيم الدينيّة الإسلاميّة: «أللّهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد».
وعلى مسار بسطِ العدلِ في القلب والحياة، ومسارِ إقامة الحكومة العالميّة العادلة الواحدة والوحيدة، تتوزَّع البنودُ الستّة العقائديّة، لِتُؤَسِّسَ لثقافة الحياة الطيّبة في الدَّارَين: المَمرّ، والمستقرّ.
مُؤدّى بنود الصلوات الست، هو الآتي: * موالاةُ شجرةِ النبوّة، الكهفِ الحَصين، وسفينةِ النجاة. * هذه الموالاة هي المدخل إلى تحقيق الإقرار بنبوّة سيِّد المُرسلين، الذي كان يَدْأَب في خضوعه لله تعالى، والصيام والقيام، في شعبان.* طلبُ التوفيق للإستنان بسُنَّتِه صلّى الله عليه وآله لِيَتَحقَّق التوحيد العملي، في العقيدة والسلوك، مواساةً في العدل، ونشرِه. (لاحظ الدعاء، في باب «يذكرون»).

**


شهرُ شعبان شهرُ رسول الله، وهو صلّى الله عليه وآله، سَيِّدُ النبيِّين والشاهدُ عليهم، والنورُ الأوّل الذي انبثق منه وبه -بإذن الله تعالى- الهدى الإلهي. لولاه ما خلَقَ اللهُ آدمَ عليه السلام، ولا بَنِيه.
شعبان -إذاً-  شهرُ الحقيقة المحمديّة، شهرُ أهل البيت، أو شهرُ البيتِ وربِّ البيت. لا فرقَ من حيث المبدأ، إلا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله خصَّ شعبان بأهل البيت عليهم السلام. إنّه شهرُ رُوّاد الهدى الإلهي، وقادةِ البلاد وساسةِ العباد في مسيرة نشرِ الهدى وبسطِ العدل، وإقامةِ القسط.
والحسينُ والتسعة من بَنيه، وآخرُهم «المهديّ المنتظَر» عليهم السلام، أكثر فروع «شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ، ومَوْضِعِ الرِّسَالَةِ، ومُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ، وَمَعْدِنِ العِلْمِ، وأهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ».
 من الطبيعي أن يحتضن شعبان ولادة سيّد الشهداء -إمامِ الجهاد لِتحقيق رفعِ الإصْرِ والأغلال عن المستضعفين، وأن يحتضن –كذلك- ذكرى ولادة حاملِ رايةِ الحسين وأوَّلِ الواصلين إليه، أبي الفضل العبّاس عليه السلام، ومولدِ وارثِ وارثِ النبيّين الإمامِ السجّادِ زينِ العابدين عليه السلام.
وشعبان واسطة العِقد في الدورة الثقافيّة العباديّة على مدار السنة والعمر، يصِلُ بين رجبِ الحرام، وشهرِ الله الأعظم، لِيتعاهد غرسةَ التوحيد التي تمَّ غرسُها وسقيُها في شهر رجب، لِتواصل ثقافة شعبان العلميّة والعمليّة، الروحيّة والجهاديّة، تنقيةَ تُربتَها وحمايةَ مناخِها، إعداداً لضيافة الله تعالى تأهيلاً لِما فوقَ الضيافة والقربان المتقبَّل.
وحيث إنّ هذه الثقافة هي ثقافةُ العدل والقانون في أُفق الوعي والإدراك لِيُوقِنَ بها القلب، وثقافةُ الجهاد من أجل المستضعفين في فكرهم وقُوْتهم، فإنّ شهر شعبان هو شهر القِسط. من هنا كان من الطبيعي أيضاً أن يحتضنَ ذكرى مولد «القائمِ بالقِسط» المهديِّ المنتظَر حاملِ رايةِ ثار العدل، ثارِ الله وقد كتب عليها: «يا لِثارات الحُسين».

**

تلازم الهدى الإلهي مع  بدء رحلةِ الإنسان في الدنيا: ﴿فإمّا يأتينّكم منّي هدىً فمَن اتَّبع هداي فلا يضلُّ ولا يشقى﴾ طه:123. وكان الهدف بسط العدل: ﴿ليقوم الناس بالقسط﴾ الحديد:25.
والفرق بين العدل والقسط أنّ العدل –في الأصل- يكون في عالم المَعنى، بينما يكون القسط في ما حُدِّد في الخارج، وتمَّ تقسيطُه.
العدلُ نظريّة، وحقٌّ، وقانون، والقِسطُ تطبيقُها. لذلك تعيَّن في الحديث عنهما مثل تعبير: «الحُكم بالعدل» و«القيام بالقِسط». والعدل في عالم المَعنى أساس القِسط -المتقوِّم بالعدل- في عالم المادّة والظاهر.
العدلُ هو العمل بالحقّ، والجَورُ خِلافه. تتماهى ساحة الحقِّ والعدل حتى يتراءى أنّهما مفهومٌ واحد. كذلك الأمر في الظُّلْم والجَور.
قد يَشِفُّ العدلُ فيُقدَّم في لَبوس الجَوْر، فإذا الفرق بينهما كالفَرق بين «قَسَط» بمعنى «جارَ»، و«أقسط» بمعنى «عدل».
وعلى الخلاف في معنى العدل، وإقامة «القِسط» دارت دورةُ الزمن، وتصرَّمت القرون. كلُّ طرَفٍ يدَّعي الإدراكَ النظري السليم، والفهمَ الحقيقي للقانون، والعملَ لِتطبيقه.
في هذا المضمار كانت كلُّ الحروب والمواجهات، والثورات، والإنقلابات، والجهاد المدمى، والفساد في الأرض وسفك سيل الدماءِ العَرِم. كلٌّ يدّعي الحقَّ، والقيامَ بالقسط. تلك هي طبيعة كونِ الإنسان مختاراً، لا يُفرض عليه العدلُ فرضاً. عليه أن يعرفَ حقَّه وَواجبَه تجاه حقِّ الآخر ويحرسَهما، فالحقُّ يُؤخذ، والقسطُ لا يقوم بل يُقام.

**


حراسةُ الحقِّ بمعناه العام، هي الجهادُ بالقلب ، فاللِّسان، ثمّ اليد، والنقيضُ لِلحراسة السَّطوُ على الحقّ، وهو ظلمٌ، وجَورٌ، له تمظهراتُه المشكِّكة المُتفاوتة من أقلِّ  دَرَكَات «الأنا» إلى أشدِّ ظلمات «الفرعونيّة» و«القارونيّة» والعَبِّ من أَكْؤسِ الشهوات، والضلالِ في أودية الهَوى.
وبين حراسة الحقّ، والسَّطو عليه يقبع «القاعدون» بِتَمظهراتهم من العبثيّة، والجُبن، والزَّيْغ، أو الفرار من الزَّحف، وعبادة صنم «ما لنا وللدخول بين السلاطين».
الدنيا قافلتان. المجاهدون والمُحاربون، وعلى التلِّ أو في المنحدر القاعدون. والفَرزُ قائمٌ أبداً.
العدلُ هدفُ المجاهدين، والمصلحةُ معبودُ المحاربين. و«حُبُّ السلامة» ذريعةُ القاعدين.
إمامُ قافلة الجهاد المحمديّة مَن قال فيه سيِّدُ النبيِّين: «حسينٌ منّي وأنا من حسين». قبلَ شهادتِه بكاه الأنبياءُ وتلهَّفوا للتأسِّي به، ودعوا مَن يُدرِكُه من أجيال أُمَمِهم لِنُصرتِه، وبعد شهادته انحصرت قيادةُ قافلة الجهاد بالتِّسعة من بَنيه «المُعوَّضِ» بهم من شهادته، لِيَتواصل الزَّحف المحمديّ البدريّ الكربلائيّ في دروب القيام بالقِسط.
لن يتحقّقَ قيامُ الناس -كلّهم- بالقِسط إلا مع «القائم» المهدي المنتظر عليه السلام، الذي يُظهِر اللهُ تعالى على يديه الدِّينَ على الدِّينِ كلِّه، تحت شعار «يا لِثارات الحسين» فَيَملأُ الأرضَ قِسطاً وعدلاً بعد ما مُلِئتْ ظُلماً وجَوراً.
والصالحون، جندُ المهديِّ المنتظَر المُمهِّدون، الحسينيُّون، المُحمديُّون، هم تلامذةُ مدرسةِ رجب وشعبان وشهر رمضان، وثقافتها العلميّة والعمليّة. أللّهمّ ارزقنا.

**


 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

03/07/2011

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

03/07/2011

  كتب عربية

كتب عربية

03/07/2011

نفحات