وصايا

وصايا

06/05/2016

آخر وصايا النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله في المهاجرين والأنصار


آخر وصايا النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله في المهاجرين والأنصار

مَن آمنَ بي... فَأُوصيه بِولاية عليِّ بن أبي طالب عليه السلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العلامة المجلسي رحمه الله ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


شكّلت الوصية العُظمى للرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله بكتاب الله تعالى وبأهل بيته عليهم السلام المنعطف التأسيسيّ في ديمومة الوحي الإلهي بعد عروجه إلى جوار الرفيق الأعلى.

في ما يلي استعادة روائية لهذا الحديث العظيم كما جاء في الجزء الثاني والعشرين من (بحار الأنوار) نقلاً عن كتاب (الطُّرَف) للفقيه العارف السيد ابن طاوس، وفيه وصيّته صلّى الله عليه وآله للأمّة بوجوب التمسُّك بالقرآن والعِترة من بعده؛ فإنهما لن يَفترقا حتّى يرِدا عليه الحوض، كما في الحديث النبويّ الشريف.

 

 

عَنْ عَيسَى بنِ المُستَفاد الضَّرير، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (الكاظم)، عَنْ أَبِيهِ عَلَيهِمَا السّلامُ، قَالَ:

لَمَّا حَضَرَتْ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْوَفَاةُ دَعَا الْأَنْصَارَ، وَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ! قَدْ حَانَ‏ الْفِرَاقُ‏ وَقَدْ دُعِيتُ وَأَنَا مُجِيبٌ الدَّاعِي. وَقَدْ جَاوَرْتُمْ فَأَحْسَنْتُمُ الْجِوَارَ، وَنَصَرْتُمْ فَأَحْسَنْتُمُ النُّصْرَةَ، وَوَاسَيْتُمْ فِي الْأَمْوَالِ، وَوَسَّعْتُمْ فِي الْمُسْلِمِينَ،‏ وَبَذَلْتُمْ للهِ مُهَجَ النُّفُوسِ،‏ وَاللهُ يَجْزِيكُمْ بِمَا فَعَلْتُمُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى. وَقَدْ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ تَمَامُ الْأَمْرِ وَخَاتِمَةُ الْعَمَلِ. الْعَمَلُ مَعَهَا مَقْرُونٌ. إِنِّي أَرَى أَنْ لَا أَفْتَرِقَ بَيْنَهُمَا جَمِيعاً (أن لا يُفرّقَ بينَهما). لَوْ قِيسَ بَيْنَهُمَا بِشَعْرَةٍ مَا انْقَاسَتْ. مَنْ أَتَى بِوَاحِدَةٍ وَتَرَكَ الْأُخْرَى كَانَ جَاحِداً لِلْأُولَى، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلًا.

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيْنَ لَنَا بِمَعْرِفَتِهَا؟ فَلَا نُمْسِكَ عَنْهَا فَنَضِلَّ وَنَرْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ. وَالنِّعْمَةُ مِنَ اللهِ وَمِنْ رَسُولِهِ عَلَيْنَا، فَقَدْ أَنْقَذَنَا اللهُ بِكَ مِنَ الْهَلَكَةِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ وَأَدَّيْتَ، وَكُنْتَ بِنَا رَؤوفاً رَحِيماً شَفِيقاً.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه لَهُمْ:

كِتَابُ اللهِ وَأَهْلُ بَيْتِي. فَإِنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَفِيهِ الْحُجَّةُ وَالنُّورُ وَالْبُرْهَانُ، كَلَامُ اللهِ جَدِيدٌ غَضٌّ طَرِيٌّ، شَاهِدٌ وَمُحْكَمٌ عَادِلٌ، وَلَنَا قَائِدٌ بِحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ وَأَحْكَامِهِ، يَقُومُ غَداً فَيُحَاجُّ أَقْوَاماً فَيُزِلُّ اللهُ بِهِ أَقْدَامَهُمْ عَنِ الصِّرَاطِ.

وَاحْفَظُونِي مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

أَلَا وَإِنَّ الْإِسْلَامَ سَقْفٌ تَحْتَهُ دِعَامَةٌ؛ لَا يَقُومُ السَّقْفُ إِلَّا بِهَا، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَتَى بِذَلِكَ السَّقْفِ مَمْدُوداً لَا دِعَامَةَ تَحْتَهُ، فَأَوْشَكَ أَنْ يَخِرَّ عَلَيْهِ سَقْفُهُ فَيَهْوِيَ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا النَّاسُ! الدِّعَامَةُ دِعَامَةُ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿.. إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ..﴾‏ [فاطر:10]. فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ طَاعَةُ الْإِمَامِ وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَالتَّمَسُّكُ بِحَبْلِهِ.

أَيُّهَا النَّاسُ! أَفَهِمْتُمْ؟! اللهَ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي مَصَابِيحِ الظُّلَمِ، وَمَعَادِنِ الْعِلْمِ، وَيَنَابِيعِ الْحِكَمِ، وَمُسْتَقَرِّ الْمَلَائِكَةِ. مِنْهُمْ وَصِيِّي وَأَمِينِي وَوَارِثِي، وَهُوَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ؟

أَلَا فَاسْمَعُوا وَمَنْ حَضَرَ! أَلَا إِنَّ فَاطِمَةَ بَابُهَا بَابِي، وَبَيْتُهَا بَيْتِي، فَمَنْ هَتَكَهُ فَقَدْ هَتَكَ حِجَابَ اللهِ!

قَالَ عِيسَى [الراوي]: فَبَكَى أَبُو الْحَسَنِ (الكاظم) عَلَيهِ السّلامُ طَوِيلًا، وَقَطَعَ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ‏، وَقَالَ: هُتِكَ وَاللهِ حِجَابُ اللهِ، هُتِكَ وَاللهِ حِجَابُ اللهِ، هُتِكَ وَاللهِ حِجَابُ اللهِ يَا أُمَّهْ‏ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهَا.

***

ثُمَّ قَالَ عَلَيهِ السّلامُ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ لَهُمْ:

أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي قَدْ دُعِيتُ وَإِنِّي مُجِيبٌ دَعْوَةَ الدَّاعِي، قَدِ اشْتَقْتُ إِلَى لِقَاءِ رَبِّي وَاللُّحُوقِ بِإِخْوَانِي مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنِّي أُعَلِّمُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْصَيْتُ إِلَى وَصِيِّي وَلَمْ أهْمِلْكُمْ إِهْمَالَ الْبَهَائِمِ، وَلَمْ أَتْرُكْ مِنْ أُمُورِكُمْ شَيْئاً.

فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْصَيْتَ بِمَا أَوْصَى بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ لَهُ: فَبِأَمْرٍ مِنَ اللهِ أَوْصَيْتَ، أَمْ بِأَمْرِكَ؟!

قَالَ لَهُ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، أَوْصَيْتُ بِأَمْرِ اللهِ، وَأَمْرُهُ طَاعَتُهُ. وَأَوْصَيْتُ بِأَمْرِي، وَأَمْرِي طَاعَةُ اللهِ.

وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ عَصَى وَصِيِّي فَقَدْ عَصَانِي، وَمَنْ أَطَاعَ وَصِيِّي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ‏. لَا مَا تُرِيدُ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ!

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ، وَهُوَ مُغْضَبٌ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! اسْمَعُوا وَصِيَّتِي: مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَأُوصِيهِ بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَطَاعَتِهِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُ، فَإِنَّ وَلَايَتَهُ وَلَايَتِي وَوَلَايَةُ رَبِّي. قَدْ أَبْلَغْتُكُمْ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ‏ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ هُوَ الْعَلَمُ، فَمَنْ قَصَّرَ دُونَ الْعَلَمِ فَقَدْ ضَلَّ، وَمَنْ تَقَدَّمَهُ تَقَدَّمَ إِلَى النَّارِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنِ الْعَلَمِ يَمِيناً هَلَكَ، وَمَنْ أَخَذَ يَسَاراً غَوَى،‏ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ،‏ فَهَلْ سَمِعْتُمْ؟

قَالُوا: نَعَمْ.

 


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

06/05/2016

دوريات

   إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات