فكر ونظر

فكر ونظر

03/06/2016

أمير المؤمنين عليه السّلام في عين عاصفة المستَأثِرين

 

«.. وإنّي حاملُكم على مَنهجِ نبيِّكُم صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم»

أمير المؤمنين عليه السّلام في عين عاصفة المستَأثِرين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابن أبي الحديد المُعتزليّ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مثّلت تجربةُ أمير المؤمنين عليه السّلام في الحُكم وثيقةً ناطقةً في المنهج النبويّ لإدارة الصراع مع أهل الأهواء وذَوي الأطماع، ممّن بنَوا على أمجاد الماضي لينالوا حظوةً خاصّةً في حكومة خلافة سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله وسلّم.

في هذه المقالة التي أوردها ابنُ أبي الحديد في (شرحه على نهج البلاغة)، نقلاً عن كتابٍ لشيخه أبي جعفر الإسكافي، صورةٌ حيّةٌ لنشأة حالة المعارضة لحكومة «الحَمْل على المَحجّة البيضاء».

«شعائر»

 

قال أبو جعفر [الإسكافي]: لمّا اجتمعت الصحابة في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله، بعد قتل عثمان للنّظر في أمر الإمامة، أشار أبو الهيثم بن التَّـيِّهان، ورفاعة بن رافع، ومالك بن العجلان، وأبو أيّوب الأنصاري، وعمّار بن ياسر بعليٍّ عليه السلام، وذكروا فضله وسابقتَه، وجهاده وقرابتَه، فأجابهم الناسُ إليه. فقام كلّ واحدٍ منهم خطيباً يذكر فضلَ عليٍّ عليه السلام، فمنهم مَن فضّله على أهل عصره خاصّة، ومنهم مَن فضّله على المسلمين كلّهم كافّة.

ثمّ بُويع، وصعد المنبر في اليوم الثاني من يوم البيعة، وهو يوم السبت، لإحدى عشرة ليلةٍ بقينَ من ذي الحجّة، فحَمد الله وأثنى عليه، وذكر محمّداً فصلّى عليه، ثمّ ذكر نعمة الله على أهل الإسلام، ثمّ ذكر الدنيا فزهَّدهم، فيها، وذكر الآخرة فرغَّبهم إليها، ثمّ قال:

«أمّا بعد، فإنّه لمّا قُبض رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، استَخلف الناسُ أبا بكر، ثمّ استَخلف أبو بكرٍ عمراً، فعَمل بطريقِه، ثمّ جَعلها شورى بين ستّة، فأَفضى الأمرُ منهُم إلى عثمان، فعملَ ما أنكرتُم وعرفتُم، ثمّ حُصر وقُتِل، ثمّ جئتُموني طائعين فطلبتُم إليّ، وإنّما أنا رَجلٌ منكُم، لي ما لكُم وعليَّ ما عليكُم، وقد فَتح اللهُ البابَ بينكُم وبينَ أهلِ القِبلة، وأقبلَتِ الفتنُ كقِطع اللّيل المُظلِم، ولا يَحملُ هذا الأمر إلّا أهلُ الصّبرِ والبَصرِ والعلم بمواقعِ الأمر، وإنّي حاملُكم على منهجِ نبيّكم صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومنْفِذٌ فيكم ما أُمِرتُ به إنِ استَقمتُم لي، وباللهِ المُستعان.

ألَا إنّ مَوضعي من رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، بعدَ وفاتِه كَموضعي منه أيّام حياتِه، فامضوا لِما تؤمَرون به، وقِفوا عند ما تُنهون عنه، ولا تَعجلوا في أمرٍ حتّى نُبيّنه لكم، فإنّ لنا عن كلّ أمرٍ تُنكرونه عُذراً ".."».

أمير المؤمنين عليه السلام يردّ الأمر إلى ما كان زمنَ الرّسول صلّى الله عليه وآله

ثمّ التفت عليه السلام يميناً وشمالاً، فقال: «ألَا لا يَقولنّ رجالٌ منكم غداً قد غمرَتْهم الدنيا فاتّخذوا العَقَار، وفجّروا الأنهار، ورَكِبوا الخيولَ الفارِهة، واتّخَذوا الوَصائف الرُّوقَة، فصارَ ذلك عليهم عاراً وشَناراً، إذا ما منعتُهم ما كانوا يخوضونَ فيه، وأَصَرتُهم إلى حقوقِهم التي يَعلمون، فيَنقمون ذلك، ويَستنكِرون ويَقولون: حرَمَنا ابنُ أبي طالب حقوقَنا!

ألا وأيّما رجلٍ من المهاجرينَ والأنصار من أصحابِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم، يَرى أنّ الفضلَ له على مَن سِواه لصُحبتِه، فإنّ الفضلَ النيِّرَ غداً عندَ الله، وثوابُه وأجرُه على الله.

وأيّما رَجُلٍ استجابَ للهِ وللرّسولِ، فصدّقَ مِلّتنا، ودَخلَ في دينِنا، واستَقبل قِبلتَنا، فقد استَوجبَ حقوقَ الإسلام وحُدودَه، فأنتُم عبادُ الله، والمالُ مالُ الله، يُقْسَمُ بينكم بالسَّويّة، لا فضلَ فيه لأحدٍ على أحدٍ، ولِلمتّقين عندَ الله غداً أحسنُ الجزاء، وأفضلُ الثّواب، لم يَجعلِ اللهُ الدّنيا لِلمتّقين أجراً ولا ثواباً، وما عندَ اللهِ خيرٌ لِلأبرار.

وإذا كان غداً إنْ شاءَ اللهُ فاغْدوا علينا، فإنّ عِندنا مالاً نَقْسِمُه فيكم، ولا يَتخلّفنّ أحدٌ منكم، عربيٌّ ولا عَجَمِيٌّ، كانَ من أهلِ العطاءِ أو لمْ يكُن، إلّا حَضر إذا كان مًسلماً حرّاً. أقولُ قَولي هذا وأَستغفرُ اللهَ لي ولكم»، ثمّ نزل.

[قال ابن أبي الحديد] قال شيخنا أبو جعفر: وكان هذا أوّلَ ما أنكروه من كلامه عليه السلام، وأورثهم الضِّغْنَ عليه، وكرهوا إعطاءَه وقَسْمَه بالسويّة.

فلمّا كان من الغد، غدا [أمير المؤمنين] وغدا الناس لِقبض المال، فقال لعبيد الله بن أبي رافع كاتبِه: «اِبدأْ بِالمهاجرين فنادِهم، وأعطِ كلَّ رجلٍ ممّن حَضر ثلاثةَ دنانير، ثمّ ثَنِّ بالأنصارِ فافعَلْ معهُم مثلَ ذلك، ومَن يَحضر من النّاس كلّهم، الأحمرِ والأسودِ فاصنَع به مثلَ ذلك».

فقال سهلُ بن حنيف: يا أميرَ المؤمنين، هذا غُلامي بالأمس، وقد أعتقتُه اليوم، فقال: «نُعطيه كما نُعطيكَ»، فأعطى كلّ واحدٍ منهما ثلاثة دنانير، ولم يفضِّل أحداً على أحدٍ، وتخلّف عن هذا القَسْمِ يومئذٍ طلحةُ، والزبيرُ، وعبدُ الله بن عمر، وسعيدُ بن العاص، ومروانُ بن الحكم، ورجالٌ من قريش، وغيرها. ".."

قريش تتآمر وتشترط... وتستحضر قَتلى بدر

قال: فبينا الناس في المسجد بعد الصّبح إذ طَلع الزبيرُ وطلحة، فجلسا ناحيةً عن عليّ عليه السلام، ثمّ طلع مروان وسعيد وعبد الله بن الزبير، فجلسوا إليهما، ثمّ جاء قومٌ من قريش، فانضمّوا إليهم، فتحدّثوا نجيّاً ساعةً، ثمّ قام الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط، فجاء إلى عليٍّ عليه السلام، فقال: يا أبا الحسن، إنّك قد وترتَنا جميعاً! أمّا أنا فقتلتَ أبي يوم بدرٍ صبراً، وخَذلت أخي يوم الدار بالأمس، وأمّا سعيد فقتلتَ أباه يوم بدرٍ في الحرب - وكان ثورَ قريش - وأمّا مروان فسخّفت أباه عند عثمان إذ ضمّه إليه، ونحن إخوتك ونظراؤك من بني عبد مناف! ونحن نبايعُك اليومَ على أن تضع عنّا ما أصبناه من المال في أيّام عثمان! وأن تقتل قتلَتَه! وإنّا إنْ خفناك تركناك، فالتحقنا بالشام!

فقال [عليه السلام]: «أمّا ما ذَكرتُم من وَتري إيّاكم فالحقُّ وتَرَكم، وأمّا وَضعي عنكُم ما أَصبتُم فليسَ لي أن أَضعَ حقَّ الله عنكُم ولا عن غيركُم، وأمّا قتلي قتلَة عثمان، فلَو لزمني قتلُهم اليوم لَقتلتُهم أمس، ولكن لكُم عليّ إن خفتُموني أن أؤمّنكُم، وإن خفتكُم أن أسيّركُم».

فقام الوليد إلى أصحابه فحدّثهم، وافترقوا على إظهار العداوة وإشاعة الخلاف. فلمّا ظهر ذلك من أمرهم، قال عمّار بن ياسر لأصحابه: قوموا بنا إلى هؤلاء النفر من إخوانكم، فإنّه قد بلَغنا عنهم ورأيْنا منهم ما نكرَه من الخلاف والطعن على إمامهم ".." فدخلوا على عليٍّ عليه السلام، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انظُر في أمرك، وعاتِب قومَك؛ هذا الحيَّ من قريش، فإنّهم قد نقَضوا عهدك، وأخلَفوا وعدك، وقد دَعونا في السرّ إلى رفضك! "..".

فخرج عليٌّ عليه السلام، فدخل المسجد، وصعد المنبر مرتدياً بـ «طَاقٍ»، مؤتَزِراً بـ «بُردٍ قِطريّ»، متقلّداً سيفاً، متوكّئاً على قوس، فقال: «أمّا بعد ".." يا معشرَ المهاجرينَ والأنصار: أَتَمُنّون على الله ورسولِه بإسلامِكُم، بلِ اللهُ يمنُّ عليكم أنْ هَداكُم للإيمان إنْ كنتُم صادِقين».

ثمّ قال: «أنا أبو الحَسن» - وكان يقولها إذا غَضِب - ثمّ قال: «ألَا إنَّ هذه الدُّنيا التي أصبحتُم تَمَنّونها وترغَبون فيها، وأصبحَت تُغضِبكُم وتُرضيكُم، ليست بِداركُم ولا منزلكُم الذي خُلقتم لهُ فلا تَغُرنّكم، فقد حُذِّرتُموها، واستتِمّوا نِعمَ الله عليكُم بالصّبر لأنفسِكُم على طاعةِ الله، والذلِّ لِحُكمِه جلَّ ثناؤه، فأمّا هذا الفَيءُ فليس لأحدٍ على أحدٍ فيه أَثَرَة، وقد فَرغ اللهُ من قِسْمَتِه، فهو مالُ الله، وأنتم عبادُ الله المسلمون، وهذا كتابُ الله بِه أقرَرْنا ولَهُ أَسلَمنا، وعهدُ نبيّنا بين أظهُرِنا، فمَن لم يرضَ به فليَتولَّ كيف شاء، فإنَّ العاملَ بطاعةِ الله والحاكِمَ بحكمِ الله لا وحشةَ عليه».

ثمّ نزل عن المنبر، فصلّى ركعتَين.

بوادر نَكْث البيعة... والمطالبة بالشراكة في الحُكم!

ثمّ بعث بـعمّار بن ياسر، وعبد الرحمن بن حنبل القرشيّ إلى طلحة والزبير، وهما في ناحية المسجد، فأَتياهما فدعواهما، فقاما حتّى جلسا إليه عليه السلام، فقال لهما: نَشَدْتُكما اللهَ، هل جِئتُماني طائعَين لِلبَيعة، ودَعوتُماني إليها، وأنا كارهٌ لها؟ قالا: نعم.

فقال: غير مُجبَرين ولا مَقسورَين، فأسلمْتُما لي بَيعتَكما وأعطيتُماني عهدَكُما؟ قالا: نعم.

قال: فما دَعاكُما بعدُ إلى ما أرى؟

قالا: أعطيناكَ بيعتَنا على ألّا تقضيَ الأمور ولا تقطعَها دوننا، وأن تستشيرنا في كلّ أمرٍ ولا تستبدَّ بذلك علينا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمتَ، فأنت تقسِم القَسْم وتقطَعُ الأمر، وتُمضي الحُكمَ بغير مشاورتنا ولا عِلمنا!

فقال: لقد نَقَمتُما يسيراً، وأَرجأتُما كثيراً، فاستَغفرا اللهَ يَغفِر لكما. ألَا تُخبِرانني، أَدَفعتُكما عن حقٍّ وجَبَ لكما فظَلمتُكما إيّاه؟ قالا: معاذ الله!

قال: فهل استَأثرتُ من هذا المال لِنفسي بشيءٍ؟ قالا: معاذ الله!

قال: أفوَقعَ حكمٌ أو حقٌّ لِأحدٍ من المسلمين فجهلتُه أو ضعفتُ عنه؟ قالا: معاذ الله!

قال: فمَا الذي كَرِهتُما من أمري حتّى رأيتُما خِلافي؟

قالا: خلافُك عمرَ بن الخطّاب في القَسْم، إنّك جعلتَ حقّنا في القَسْم كحقّ غيرنا، وسوّيت بيننا وبين مَن لا يُماثلنا فيما أفاءَ اللهُ تعالى علينا بأسيافنا ورماحنا، وأوجَفْنا عليه بخَيلنا ورَجِلِنا، وظهَرتْ عليه دعوتُنا، وأخذناه قَسْراً قَهْراً، ممّن لا يَرى الإسلام إلّا كَرهاً.

فقال: فأمّا ما ذَكرتُماه من الاستشارةِ بكُما، فوَاللهِ ما كانتْ لي في الولايةِ رَغبة، ولكنّكم دَعوتُموني إليها، وجعلتُموني عليها، فخِفتُ أن أردَّكُم فتَختلفَ الأمّة، فلمّا أفضَتْ إليَّ نظرتُ في كتابِ اللهِ وسُنّةِ رسولِه، فأمضيتُ ما دلّاني عليه واتّبعتُه، ولم أحتَجْ إلى آرائِكُما فيه، ولا رأيِ غيركُما، ولو وَقَع حكمٌ ليسَ في كتابِ الله بيانُه ولا في السُّنّة برهانُه، واحتِيجَ إلى المشاورةِ فيه لَشاورتُكما فيه.

وأما القَسْمُ والأُسوة؛ فإنّ ذلك أمرٌ لم أَحكُم فيه بادئَ بَدء! قد وجدتُ أنا وأنتما رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يَحكمُ بذلك، وكتابُ الله ناطقٌ به، وهو الكتابُ الّذي ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾. (فصّلت:42)

وأمّا قولُكما: جعلتَ فَيْئَنا وما أفاءَتهُ سيوفُنا ورماحُنا سواءً بينَنا وبينَ غَيرنا، فقديماً سبَقَ إلى الإسلامِ قومٌ ونَصروه بِسيوفِهم ورِماحِهم، فلمْ يُفَضِّلهم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في القَسم، ولا آثرَهم بالسَّبق، واللهُ سبحانه مُوَفٍّ السّابقَ والمجاهدَ يومَ القيامةِ أعمالَهم، وليسَ لكُما واللهِ عندي ولا لِغيركِما إلّا هذا. أخَذَ اللهُ بقُلوبِنا وقلوبِكُم إلى الحقّ، وألهَمَنا وإيّاكم الصّبرَ.

ثمّ قال: رَحِم اللهُ امرءاً رأى حقّاً فأعانَ عليه، ورأى جَوراً فردَّه، وكان عَوناً لِلحقّ على مَن خالَفَه.

[قال ابن أبي الحديد] قال شيخنا أبو جعفر: وقد رُوي أنّهما قالا له وقتَ البيعة: نُبايعك على أنّا شركاؤك في هذا الأمر، فقال لهما: لا، ولكنّكما شَريكايَ في الفَيْء، لا أَستأثِرُ عليكما ولا عَلَى عَبْدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعٍ بدِرهَمٍ فما دونَه، لا أنا ولا وَلدايَ هذان، فإنْ أَبَيتُما إلّا لفظَ «الشّركة»، فأنتُما عَونان لي عندَ العَجز والفاقة، لا عِندَ القوّةِ والاستقامة.

قال أبو جعفر: فاشترطا ما لا يجوز في عقد الأمانة، وشرطَ عليه السلام لهما ما يجبُ في الدِّين والشريعة.

 

بابُ هُدىً... مَن خالفَه تَردَّى

الإمام الحسن عليه السلام محدّثاً عن مناقبَ أمير المؤمنين عليه السلام

في الجزء الثامن من (موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسُّنّة والتاريخ) للعلّامة المحقّق الشيخ محمّد الريشهري، فصلٌ كامل تحت عنوان: (عليٌّ عليه السلام عن لسان أهل البيت عليهم السلام)، ومنه اخترنا هذه الأقوال للإمام الحسن المجتبى عليه السلام، يبيّن فيها شطراً من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام.

عندما خَرج أميرُ المؤمنين عليه السلام من المدينة لقتال (أصحاب الجمل)، بَعث الإمامَ الحسن عليه السلام، ومعه عمّار بن ياسر، وعبد الله بن عبّاس إلى الكوفة لتحريض الناس على الخروج لقتال ناكثي البَيعة.. فصعد الإمام الحسن عليه السلام المنبر، وكان ممّا قال:

* «لقَد علِمْتُم أنَّ عَلِيّاً صَلّى مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلّمَ وَحْدَه، وإنَّهُ يَوْمَ صَدَّقَ بِهِ لَفِي عَاشِرةٍ مِن سِنِّهِ، ثُمّ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلّمَ جَميعَ مَشاهِدِه. وكان مِن اجتِهادِهِ فِي مَرضاةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسولِه، وآثارِه الحَسَنة فِي الإسلامِ ما قَد بَلَغَكُم، ولَمْ يَزَلْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلّمَ راضياً عنهُ، حتّى غَمَّضَهُ بِيَدِه، وَغَسَّلَهُ وَحْدَهُ والمَلائِكةُ أَعوانُه...».

* «أيُّها النَّاس! إنّ عليّاً أميرَ المُؤمنينَ بابُ هُدىً؛ فمَن دَخَلَهُ اهتَدَى، ومَنْ خَالَفَهُ تَرَدَّى».

* في خطبةٍ له عليه السلام بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام:

«يا أيُّها النّاس! لَقَد فارَقُكُم أمسِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الأوَّلُونَ، وَلَا يُدْرِكُهُ الآخِرونَ، وَلَقَد كَانَ رَسُولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وآلِهِ وَسَلّمَ، يَبْعَثُهُ المَبْعَثَ فيُعطِيهِ الرّايَةَ، فَمَا يَرجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيه، جِبريلُ عَنْ يَمِينِهِ، ومِيكَائيلُ عَن شِمالِهِ، مَا تَرَكَ بَيْضَاءَ وَلا صَفراءَ إِلاّ سَبعُمائة دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطائِهِ، أَرادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِها خَادِماً لأَهْلِه..».

* وفي خطبةٍ له عليه السلام لمّا أجمع على مهادنة معاوية:

«كانَ أَبي عليه السّلامُ أوّلَ مَنِ اسْتَجَابَ للهِ تَعالَى ولِرسولِه صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلّمَ، وأوّلَ مَنْ آمَنَ وصَدَّقَ اللهَ ورسولَه، وقَد قالَ اللهُ تعالى في كتابِه المنزَلِ عَلى نَبيِّه المُرسَل: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ..﴾ هود:17، فرَسولُ اللهِ الَّذِي علَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ، وأَبِي الّذِي يَتْلُوه، وَهُوَ شَاهِدٌ مِنْه.

وقد قالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلّمَ، حينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إلى مَكَّةَ والمَوْسِم بِـ«بَراءَة»: (سِرْ بِها يا عَليُّ؛ فَإنِّي أُمِرْتُ أَنْ لَا يَسيرَ بِهَا إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي، وَأَنْتَ هُوَ يَا عَلِيّ)، فَعَلِيٌّ مِنْ رَسُولِ اللهِ، ورَسُولُ اللهِ مِنْهُ.

وقالَ لهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلّم "..": (أَمّا أنتَ يَا عليُّ فَمِنِّي، وأَنَا مِنْكَ، وأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤمِنٍ بَعدي)». ".."

 

 

زاد الصائم

السلامُ عليكَ ما كانَ أمحاكَ للذّنوب

من دعاء الإمام زين العابدين، عليّ بن الحسين عليهما السلام في وداع شهر رمضان (فقرات من الدعاء):

«.. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَهْرَ اللهِ الأَكْبَرَ، ويَا عِيدَ أَوْلِيَائِه. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الأَوْقَاتِ... السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُه مَوْجُوداً، وأَفْجَعَ فَقْدُه مَفْقُوداً، ومَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُه.. السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ، وأَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ...السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ... السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا أَكْثَرَ عُتَقَاءَ اللهِ فِيكَ، ومَا أَسْعَدَ مَنْ رَعَى حُرْمَتَكَ بِكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ، وأَسْتَرَكَ لأَنْوَاعِ الْعُيُوبِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَطْوَلَكَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ، وأَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ... السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمْ مِنْ سُوءٍ صُرِفَ بِكَ عَنَّا، وكَمْ مِنْ خَيْرٍ أُفِيضَ بِكَ عَلَيْنَا، السَّلَامُ عَلَيْكَ وعَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ... اللَّهُمَّ ومَا أَلْمَمْنَا بِه فِي شَهْرِنَا هَذَا مِنْ لَمَمٍ أَوْ إِثْمٍ، أَوْ وَاقَعْنَا فِيه مِنْ ذَنْبٍ، واكْتَسَبْنَا فِيه مِنْ خَطِيئَةٍ عَلَى تَعَمُّدٍ مِنَّا، أَوْ عَلَى نِسْيَانٍ ظَلَمْنَا فِيه أَنْفُسَنَا، أَوِ انْتَهَكْنَا بِه حُرْمَةً مِنْ غَيْرِنَا، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه، واسْتُرْنَا بِسِتْرِكَ، واعْفُ عَنَّا بِعَفْوِكَ... اللَّهُمَّ اسْلَخْنَا بِانْسِلَاخِ هَذَا الشَّهْرِ مِنْ خَطَايَانَا، وأَخْرِجْنَا بِخُرُوجِه مِنْ سَيِّئَاتِنَا، واجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِه بِه...».

(الصحيفة السجادية، الدعاء الخامس والأربعون)

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

03/06/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات