حديث الأنبياء والملائكة، عن شهادة الحسين عليه السلام

حديث الأنبياء والملائكة، عن شهادة الحسين عليه السلام

01/07/2011

نزول الوحي بالشهادة قبل الولادة

 السيّد محمّد موسوي كريميان

شهادة الإمام الحسين، الموعودُ بها الأنبياء، والملائكة، وسيّدُ الخَلْق أجمعين النبيُّ الأعظم صلّى الله عليه وآله، وأهل البيت عليهم السلام، والموعود بها الحسين عليه السلام، كانت في عِلم الله تعالى، قبل خَلْق الخَلْق، واسطةَ العقد الإنساني، وجوهر رحلة البشريّة على وجه الأرض، ولذلك كان من الطبيعي أن يجري الحديث عنها قبل «استهلاله» عليه السلام، وقبل «ولادته».


جرى الحديث عن شهادة الإمام الحسين الموعودة، مع النبيّين، وتَحدَّثوا هم عليهم السلام بها وعنها، وجَرى حديثها مع الملائكة، وبينهم، وفي رسائل حملوها إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، قبل ولادة الحسين، وفي زيارات التهنئة بولادته عليه السلام، ثمَّ في محطّاتٍ متكرِّرة، من قبيل حديث جبرئيل المتكرِّر جداً، وحديث الملَك فُطْرس، أو ملَك القَطْر وغير ذلك.
وفي كلٍّ من هذه العناوين والمَحاور، روايات يُشكِّل مجموعها وثائق بالغة الأهميّة، تَشترك كلُّها في الدلالة على فرادة موقع الإمام الحسين عليه السلام، في وراثة النبيّين، وتحقيق الله تعالى وعدَه بإظهار الدِّين على الدِّين كلِّه تحت شعار: «يا لثارات الحسين». الأمر الذي يضعنا وجهاً لوجه أمام الخطّة الإلهيّة المُكتملة من بداية رحلة الهُدى الإلهي، إلى أن يَرِث اللهُ الأرض ومَن عليها، وأنَّ الطابع العامّ لهذه المسيرة هو جهاد النبيّين في مواجهة الطواغيت، الذي يَتركَّز كلُّه ويَتجلَّى في جهاد سيِّد الشهداء، لِيَنْطَلق في كربلاء وبعدها، حسينيّاً تخفق بنوده إلى يوم القيامة.
هذه الشهادة الموعود بها الأنبياء، والملائكة، وسيّد الخلق أجمعين النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله، وأهل البيت عليهم السلام، والموعود بها الحسين عليه السلام، كانت في عِلْم الله تعالى، قبل خَلْق الخَلْق واسطة العَقد الإنساني، وجوهر رحلة البشريّة على وجه الأرض، ولذلك كان من الطبيعي أن يجري الحديث عنها قبل «استهلاله» عليه السلام، وقبل «ولادته».

شهادة بالإختيار

وكان من الطبيعي أيضاً، أن يَبدأ الحديث عن شهادة الإمام الحسين، مع سيِّد النبيّين صلّى الله عليه وآله، -ولِيَصل ذلك إلى الأجيال- من نقطة تظهير ما كان في علم الله أنَّه سيتَحقَّق، ويكون، وهو أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، تقبّل هذه الشهادة مُختاراً، كما كان إقدام نبيّ الله إبراهيم على نبيّنا وآله وعليه السلام، على ذبح ابنه مُختاراً، وأنَّ أمير المؤمنين عليّاً والصِّدِّيقة الكبرى الزهراء عليهما السلام، تَقبَّلا خبر الشهادة، عندما عَلِما بما أَطْلَعَهما الله تعالى عليه من عظيم بركاتها ونتائجها على مستوى مسيرة الإنسانيّة كلِّها.
لأوّل وهلة، قد يبدو ما سيأتي من سؤال الله تعالى النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، هل يَقبل بولادة مولودٍ تَقتله أمّته من بعده، ورفْض رسول الله لذلك، ثمَّ إخبار الله تعالى نبيَّه عن علاقة ذلك بمسيرة الهُدى الإلهي عبر القرون، فيَرضى الرسول  صلّى الله عليه وآله ويُخبر عليّاً والزهراء، فيَرضيان بعد امتناعٍ كما امتنع سيِّد المرسلين من قبل.
غير أنَّ التأمُّل في سياق التظهير لِما كان ثابتاً في علم الله تعالى قبل بَدْءِ الخَلْق، والتأمّل في أن الشهادة اختيار، والرضا بالشهادة -من كلّ مَن يؤسِّس للشهادة، سواءً الشهيد نفسه، أم من يُقدِّم الشهيد- هو أيضاً اختيارٌ، يؤتى طَوْعاً. يكشف -التأمّلان التظهير، والإختيار- أنَّ عمليّة سؤال الله تعالى لِنَبيِّه، هي عملية حقيقيّة، أُريد منها ما أُريد من النبيّ إبراهيم عليه السلام، حين أَقدم على ذبح ابنه اختياراً.
عن الإمام الصادق عليه السلام: «أتى جبرئيل عليه السلام إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال له: السلام عليك يا محمّد، ألا أُبشِّرك بغلامٍ تقتلُه أُمّتك من بعدك؟ فقال: لا حاجة لي فيه. قال [الصادق عليه السلام]: فانقضَّ [جبرئيل] إلى السماء، ثمَّ عاد إليه الثانية، فقال له مثلَ ذلك. فقال صلّى الله عليه وآله: لا حاجةَ لي فيه، فانعرج إلى السماء، ثمّ انقضَّ إليه الثالثة فقال مثلَ ذلك، فقال: لا حاجةَ لي فيه. [يكشف هذا، أنّ الهدف كان حتّى الآن، هو السؤال: هل ترضى لِيُولد]، فقال [جبرئيل عليه السلام، في المرة الثالثة]: إنَّ ربَّك جاعلُ الوصيّة في عَقِبِه. فقال: نعم.
ثمَّ قام رسول الله صلّى الله عليه وآله، فدخل على فاطمة عليها السلام فقال لها: إنَّ جبرئيل عليه السلام  أتاني فبشَّرني بغلام تَقتلُه أُمّتي من بعدي، فقالت: لا حاجةَ لي فيه، فقال لها: إنَّ ربِّي جاعلُ الوصيَّة في عَقِبِه، فقالت: نعم إذَنْ. قال [الصادق عليه السلام]: فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى عند ذلك هذه الآية: ﴿حملته أمُّه كُرْهاً ووضعتْه كُرْهاً﴾، لِموضع إعلام جبرئيل إيّاها بقتله، فحملته كُرهاً بأنّه مقتول، ووضعته كُرها لأنّه مقتول».

أوّل مجلس عزاء حسيني

رُوِي عن الإمام الصادق عليه السلام: «لمّا أنْ هبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله بقتل الحسين عليه السلام، أخذ بِيَد عليٍّ فخَلا به مليّاً من النهار، فَغَلَبَتْهما العَبرة، فلم يَتفرَّقا حتّى هبط عليهما جبرئيل عليه السلام -أو قال: رسول ربِّ العالمين- فقال لهما: ربّكما يُقرؤكما السلام، ويقول: قد عزمتُ عليكما لمَّا صَبَرْتُما، قال: فصَبَرا».

* وحول ما يُحتمَل أنّه المجلس الحسيني الثاني، نقرأ في رواية، هي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام: «دخَلتْ فاطمة عليها السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وعيناه تدمعان، فسألَتْه: ما لك؟ فقال: إنّ جبرئيل عليه السلام أَخبرني أنّ أُمّتي تَقتل حسيناً، فجزعتْ وشَقَّ عليها، فأخبرَها بِمَن يملك من وُلدها، فطابتْ نفسها، وسَكَنَتْ».

**


إلى هنا، يكون هذا الملف قد تكفَّل بالتَّنبيه إلى مَحاوِر رئيسة مُغيَّبة في مجال التعرُّف على سيِّد الشهداء والمعصومين عموماً عليهم السلام، وكلُّها قبل الولادة، على أمل أن تُوفَّق «شعائر» لتقديم ملفّات أخرى: من الولادة إلى وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، من وفاة الرسول إلى خروج الحسين عليه السلام من المدينة. وهذه المَحاور هي أيضاً -في العموم- مُغيَّبة وإنْ بدرجةٍ أقلّ من تَغييب مَحاور ما قبل الولادة، رغم أنَّها بالغة الأهميّة، خصوصاً في باب عِلْم الإمام الحسين عليه السلام بشهادته، والتأسيس لفهم حقيقة أحداث الشهادة الموعودة قبل الإستهلال والولادة.

أبو المَهْدي

بِمَهْدِكَ آياتٌ ظَهَرْنَ لِفُطْرُسٍ           وآيةُ عيسى أنْ تكلَّمَ في المَهْدِ
فإنْ سادَ في أمٍّ فأنتَ ابنُ فاطمٍ   وإنْ سادَ في مَهدٍ فأنتَ أبو المَهْدي
 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

03/07/2011

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

03/07/2011

  كتب عربية

كتب عربية

03/07/2011

نفحات