كلمة سواء

كلمة سواء

04/07/2016

أمين معلوف نموذجاً

 

أمين معلوف نموذجاً

المثقّف العربي الانتهازي يتملّق الأنظمة التابعة

ــــــ إيمان شمس الدين ــــــ

يتناول هذا المقال للباحثة والكاتبة اللبنانية إيمان شمس الدين دلالات اللقاء التلفزيوني الذي أجراه الروائي اللبناني أمين معلوف مع إحدى القنوات الصهيونية، وما انطوى عليه من انتهازية تتناقض مع أفكاره التي ساقها في مؤلَّفه (الهويات القاتلة – قراءات في الانتماء والعولمة)، في مسعًى منه – على خُطى سلفه الروائي المصري نجيب محفوظ - للفوز بـ«جائزة نوبل» للآداب التي رُشّح لها.

يشار إلى أن المقال نُشر منتصف حزيران الفائت في جريدة البناء اللبنانية، ننقله مختصراً بعد استبدال العنوان الأساس: (هويّات أمين معلوف القاتلة).

كان لكتاب (الهويّات القاتلة) لأمين معلوف صدى كبيرٌ في المجال الثقافي، رغم وجود قراءة نقديّة لبعض أفكاره الملتبسة، إلّا أنّ محور فكرة معلوف في (الهويّات القاتلة) كان يدور حول العنصريّة ودوغمائيّة فكرة الهويّة.

ورغم أنّه رفض ثبات الهويّة وانغلاقها ورفض كلّ أنواع الهويّات العنصريّة، والعنصريّات المغلقة هويّانيّاً، إلّا أنّه خالف تلك الأفكار عملانيّاً من خلال قبوله اللقاء على (تلفزيون i24) الصهيوني في «حديث ثقافي» كخطوة تطبيعيّة لا تبرير لها سوى التطبيع المغلّف بحجّة الثقافة.

فعنصريّة الصهاينة هي من أشدّ أنواع العنصريّات الهويانيّة على الإطلاق في عصرنا الحالي، وموقف أي مثقّف، وخاصّة عربي، ينتمي إلى بلد عانى احتلالاً صهيونيّاً وقدّم شهداء في سبيل التحرير، بالتالي يكون مجبراً على رفض التطبيع، بل مجبراً على ترويج ثقافة الرفض ومقاومة التطبيع.

إنّ الرفض ثقافة مقاومة يُفترَض تبنّيها من قِبل شخصيّات رمزيّة متقدّمة ثقافيّاً وأدبيّاً كشخصيّة أمين معلوف، رغم أنني لست من المنبهرين بكلمة «مثقّف» و«مُفكّر» التي سقطت كلّ معالمها عند أعتاب الربيع العربي، وما زالت تسقط عند كلّ موقف مبدئي نتوقّعه من شخصيّات كهذه، وإذا بها غالباً ترجّح وجودها وكينونتها الذاتيّة على الوجود الإنساني الاجتماعي وقضايا الأُمّة العادلة، وخاصّة قضيّة فلسطين التي باتت انتهاكات الصهاينة بحقّها وحقّ أهلها في طَيّ نسيان أغلب المثقّفين، كونها قضيّة لا تحقّق لهم مكاسب ولا شعبيّة، خاصّة بعد انغماس المجتمعات العربيّة في قضاياها وحروبها الداخليّة.

لقد كشف الربيع العربي الستار عن أزمة المثقّفين في العالم العربي، وأماط اللثام عن أزمة القِيم التي يعاني منها أغلب المثقّفين، وعن علاقاتهم المُبطّنة مع السلطة، بل عن سَعيهم الحثيث لجعل الثقافة جسراً لعبورهم نحو مصالحهم على حساب آلام الناس وهمومها .
وأمين معلوف اليوم يلتحق بركب هذه الطبقة المأزومة قيميّاً، والتائهة مبدئيّاً، والملتبسة ثقافيّاً، حيث رَفْض التطبيع لم يعد بديهيّاً، بل التطبيع له مبرّراته عند هؤلاء دون أدنى خجل من دماء الشهداء، وعذابات الأسرى الذين تمارس الصهيونيّة في حقّهم أبشع أنواع الانتهاكات يوميّاً، فأيّ تثاقف لمعلوف مع الصهاينة الذين لا يُدركون سوى لغة الدم والاحتلال؟

قد نُدرك التباسات السياسة والسياسيّين في الأنظمة العميلة التابعة كقطيع لرعاتها حينما تعترف بوجود هذا الكيان الغاصب، وهذا إدراك واقعي وليس إمضائيّاً، لكن ما لا يُمكن إمضاؤه هو مساوقة حركة مفكّر كأمين معلوف لتلك الأنظمة في عمليّة التطبيع. فالمثقّف كلّما أبحر في الفكرة كلّما اتّضحت معالمها كمشروع متكامل في ذهنه وانكشفت له الوقائع والحقائق بعيداً عن ملابسات السياسة.

لقد التبست هويّات معلوف عليه لتقتله هو عند قبوله اللقاء مع الصهاينة كخطوة تطبيعيّة، يمكنها أن تُمهّد لمعلوف فوزه بـ«ـجائزة نوبل» حيث تمّ ترشيحه لها، لكنّه بهذه الخطوة التطبيعيّة طبع على ذاكرة الشعوب وصمة عار أبديّة على اسمه ستلاحقه عربيّاً وإسلاميّاً.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

04/07/2016

دوريات

نفحات