أحسن الحديث

أحسن الحديث

01/08/2016

سورةُ المُرسَلات


موجز في التّفسير

سورةُ المُرسَلات

ــــــ إعداد: سليمان بيضون ــــــ

* السورة السابعة والسبعون في ترتيب سُوَر المُصحف الشريف، نزلت بعد سورة «الهُمَزَة». 

* سُمّيت بـ «المرسلات» لابتدائها بقوله تعالى بعد البسملة: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾.

* آياتها خمسون، وهي مكيّة، مَنْ قرأها كُتب «أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ المُشْرِكينَ»، كما في الحديث النبويّ الشريف.

* ما يلي موجز في تفسير السورة المباركة اخترناه من تفاسير مُتعدّدة أبرزها «الأمثل» للمرجع الدينيّ الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ.

 

في كتاب (الخصال) للشيخ الصدوق قدّس سرّه أنّه قيل للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: أَسْرَعَ الشَّيْبُ إِلَيْكَ يا رَسولَ الله! فقال: «شَيَّبَتْني سورَةُ هودٍ، والواقِعَة، وَالمُرْسَلات، وعَمَّ يَتَساءَلونَ». فهذه السورة هي واحدة من السّوَر التي تركت أثراً بالغاً في الروح المُقدّسة للنبيّ صلّى الله عليه وآله.

محتوى السورة

أكثر محتويات هذه السورة تدور حول المسائل المرتبطة بالقيامة وتهديد المُنكرين لها وإنذارهم، ومن خصائصها تكرار الآية: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ عشر مرّات بعد كلّ موضوع جديد، وتُنبئ السورة بعد ذكر «الأقسام» في بدايتها عن القيامة والحوادث الثقيلة والصعبة للبعث.

أمّا أبرز محتوياتها، فهي كالتاليّ:

* القسَم بأمور أربعة اختلف المفسّرون في المقصود منها، الآيات (1-6).

* بعض التغييرات الكونيّة يوم القيامة، الآيات (8-12).

* جانب من خُصوصيّات خلق الإنسان، الآيات (20-23).

* بيان بعض المواهب الإلهيّة في الأرض، الآيات (25-27).

* تصوير بليغ لأحوال عذاب المُكذّبين، الآيات (23-29).

* إشارة إلى نِعَم الجنان للمُتّقين، الآيات (41-44).

* يعود ختام السورة إلى المقصد الأصليّ لها وهو إنذار المُكذّبين، الآيات (46-50).


فضيلة السورة

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «مَنْ قَرَأَ (سورَةَ المُرْسَلاتِ) كُتِبَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ المُشْرِكينَ».

* وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: « مَنْ قَرَأَ (وَالمُرْسَلاتِ عُرْفاً) عَرَّفَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ».


«الأَيْمانُ» التي استُهلّت بها السورة

ذُكرت في صدر السورة ابتداءً خمسة أيمان، وذلك في خمس آيات، والحديث وافرٌ في تفسير معانيها:

يقول تعالى: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾، أي قسَماً بالتي تُرسَل تِباعاً. ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا﴾، التي تُسرع في حركتها كالعاصفة. ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴾، التي تُوسع وتنشر ما وكّلت به. ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا﴾، التي تفرق وتفصل. ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾، التي تلقي بالآيات الموقظة والمذكّرة. ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾، إمّا لإتمام الحجّة أو للإنذار.

هذه الأيمان المغلَّظة التي تخبر عن مسائل مُهمّة، لها تفاسير ثلاثة:

1 - أنّ هذه الأيمان الخمسة إشارة إلى الرياح والعواصف التي لها الأثر البالغ في كثير من مسائل الطبيعة في العالم، فيصبح معنى الآيات حينئذٍ: أُقسم بالريح المتوالية الهبوب، وأُقسم بالأعاصير السريعة، وأُقسم بناشرات السحاب التي تأخذ المطر إلى الأراضي الميتة، وأُقسم بالرياح التي تُفرّق السحاب بعد هطول المطر، وأُقسم بالرياح المُذَكِّرَة بالله بهذه المعطيات النافعة.

2 - أنّ هذه الأيمان إشارة إلى ملائكة السماء، فيكون المعنى: أُقسم بالملائكة المرسلة تباعاً إلى الأنبياء، وأُقسم بأولئك المسرعين كالإعصار لتنفيذ مهامّهم، والذين ينشرون ما أنزل الله على الأنبياء، وأولئك الذين يفصلون بعملهم هذا الحقّ عن الباطل، والذين يُلقون ذكرَ الحقّ وأوامر الله على الأنبياء.

3 – أنّ القَسَم الأوّل والثاني ناظرٌ إلى الرياح والأعاصير، والقسَم الثالث والرابع والخامس يتعلّق بنشر آيات الحقّ بواسطة الملائكة، ثمّ فصْل الحقّ عن الباطل، وبعد ذلك إلقاء الذكر والأوامر الإلهيّة على الأنبياء بقصد إتمام الحجّة والإنذار.

وما يمكن أن يكون شاهداً على التفسير الثالث هو:

أوّلاً: فصل المجموعتين من الأقسام التي في الآيات بـ«الواو»، والحال أنّ البقيّة عطفت بالفاء وهي علامة ارتباطها.

ثانياً: أنّ هذه الأيمان واردةٌ لموضوع الآية السابعة، وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ﴾، أي أحقّيّة البعث والمعاد وواقعيّته، ونعلم أنّ تغيّراً عظيماً يحصل في الدنيا عند البعث، حيث العواصف الشديدة والزلازل والحوادث المهيبة من جهة، ثمّ تشكيل محكمة العدل الإلهيّة من جهة أخرى، وعندها تنشر الملائكة صحائف الأعمال وتفصل بين المؤمنين والكافرين، وتُلقي بالحكم الإلهيّ في هذا المجال. وطبقاً لهذا التفسير سوف يتناسب القَسَمُ مع المُقسَم له، ولهذا فهو الأقرب والله العالم.


ويلٌ يومَئذٍ للمُكِّذبين

تكرّر قوله تعالى ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾عشر مرّات في سورة المرسلات، والآية نفسها  في سورة المطفّفين الآية العاشرة، وورد قوله تعالى ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ في الآية الحادية عشرة من سورة الطور، بزيادة الفاء.

* جاء في تفسير (التبيان) للشيخ أبي جعفر الطوسيّ: «وقوله: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ تهديدٌ ووعيدٌ لمَن جحَدَ يومَ القيامة وكذّب بالثواب والعقاب، وإنّما خصّ الوعيد في الذكر بالمكذّبين لأنّ التكذيب بالحقّ يتبعُه كلّ شيء، فخصالُ المعاصي تابعةٌ له وإن لم يُذكَر معه، مع أنّ التكذيب قد يكون في القول والفعل المخالف للحقّ..».

* وقال في (الأمثل): «هدّد الله تعالى المُكذّبين بيوم القيامة تهديداً شديداً وقال: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. والوَيْل: قيلَ هو الهلاك، وقيل المراد به العذاب المتنوّع، وقيل هو وادٍ في جهنّم مليءٌ بالعذاب..».

من مفردات السورة

* ﴿..النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾: ذهب ضَوْؤُها ومُحق نورها.

* ﴿..السَّماءُ فُرِجَتْ﴾: شُقّت وتصدّعت كواكبها.

* ﴿..الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾: من التوقيت ليومٍ معلوم، أي عُرف وقت شهادة الرُّسُل على أُمَمهم.

* ﴿..الأَرْضَ كِفاتاً﴾: وعاء يضمّ الخلائق، أحياء على ظهرها، وأمواتاً في بطنها. رُوي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام – وهو عائدٌ بجيشه من صفّين - نظر إلى المقابر فقال: «هَذِهِ كِفاتُ الأَمْواتِ - أي مساكنهم - ثُمَّ نَظَرَ إِلى بُيوتِ الكوفَةِ فَقالَ: هَذِهِ كِفاتُ الأَحْياءِ، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعالَى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾». (الآيتان:25-26)


اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

نفحات