حدود الله

حدود الله

01/08/2016

من مختصّات سفر الحجّ


تصحيحُ النيّة، ومراعاة أسراره الخفيّة

من مختصّات سفر الحجّ

ــــــــــــــــــــــــ آية الله السيّد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي قدّس سرّة ــــــــــــــــــــــــ

يَختصّ سفر الحجّ بأمور...

* منها: اختيارُ المَشي فيه على الركوب على الأرجح، بل الحَفاء على الانتعال، إلا أن يُضعفه عن العبادة، أو كان لمجرّد تقليل النفقة. ".." ورُوي: ".." «مَا عُبِدَ اللهُ بِشَيءٍ مِثْلِ الصَّمْتِ وَالمَشْيِ إِلَى بَيتِهِ».

* ومنها: أن تكون نفقة الحجّ والعمرة حلالاً طيباً، فعنهم عليهم السلام: ".." «مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرامٍ نُودِيَ عِندَ التّلبِيَةِ: لَا لَبّيكَ عَبدِي وَلَا سَعْدَيكَ». ".."

* ومنها: استحباب نيّة العَود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة، وكراهة نيّة عدم العَود. فعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ رَجعَ مِن مَكَّةَ وَهُوَ يَنْوي الحَجَّ مِنْ قَابِلٍ زِيْدَ في عُمُرِه، ومَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَا يُرِيدُ العَودَ إِلَيهَا فَقَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُ وَدَنا عَذَابُهُ». وعن الصادق عليه السلام مثله مستفيضاً. ".."

* ومنها: أن لا يخرج من الحرمَين الشريفَين بعد ارتفاع النهار، إلا بعد أداء الفرضَين بهما.

* ومنها: البدأةُ بزيارة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمَن حجّ على طريق العراق. ".."

 ومن أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر احتسابُه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النيّة، وإخلاص السريرة، وأداء حقيقة القُربة، وتجنّب الرياء، والتجرّد عن حبّ المدح والثناء، وأن لا يجعل سفره هذا على ما عليه كثيرٌ من مُترفي عصرنا من جعْله وسيلةً للرفعة والافتخار، بل وُصْلَةً إلى التجارة والانتشار، ومشاهدة البلدان وتصفّح الأمصار، وأن يُراعي أسراره الخفيّة ودقائقه الجليّة، كما يُفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام [صاحب الجواهر]: «إنّ الله تعالى سَنَّ الحجّ ووضعه على عباده إظهاراً لجلاله وكبريائه، وعُلوّ شأنه وعِظَم سلطانه، وإعلاناً لرقّ الناس وعبوديّتهم وذُلِّهم واستكانتهم، وقد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم، والملَّاك لمماليكهم، يَستذِلُّونهم بالوقوف على بابٍ بعد باب، واللّبث في حجابٍ بعد حجاب. ".." ثمّ أذّن في الناس بالحجّ ليأتوه رجالاً ورُكباناً من كلّ فجّ، وأمَرَهم بالإحرام وتغيير الهيئة واللباس شُعثاً غُبراً، متواضعين مُستكينين، رافعين أصواتهم بالتلبية وإجابة الدعوة، حتّى إذا أتوه كذلك حَجبَهم عن الدخول، وأوقفَهم في حجبه يدعونه ويتضرّعون إليه، حتّى إذا طال تضرُّعهم واستكانتُهم ورجموا شياطينهم بجِمارهم، وخلعوا طاعة الشيطان من رقابهم، أَذِنَ لهم بتقريب قربانهم وقضاء تَفَثِهم، ليطّهروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم وبينه، وليزوروا البيت على طهارة منهم، ثمّ يُعيدهم فيه بما يظهر معه كمالُ الرقّ وكُنه العبوديّة، فجعلهم تارةً يطوفون فيه، ويتعلَّقون بأستاره، ويلوذون بأركانه، وأُخرى يسعون بين يدَيه مشياً وعَدْواً ليتبيّن لهم عزّ الربوبيّة، وذلُّ العبوديّة، وليعرفوا أنفسهم، ويضعَ الكِبر من رؤوسهم، ويجعلَ نِيرَ الخضوع في أعناقهم، ويستشعروا شعار المَذلَّة، وينزعوا ملابس الفخر والعزّة.

وهذا من أعظم فوائد الحجّ، مضافاً إلى ما فيه من التذكُّر بالإحرام والوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر، وأهوال يوم القيامة، إذ الحجُّ هو الحشر الأصغر. وإحرامُ الناس وتلبيتهم وحشرهم إلى المواقف ووقوفهم بها والِهين متضرّعين راجعين إلى الفَلاح أو الخَيبة والشقاء، أشبهُ شيءٍ بخروج الناس من أجداثهم، وتَوشُّحهم بأكفانهم، واستغاثتهم من ذنوبهم، وحشرهم إلى صعيدٍ واحد؛ إلى نعيمٍ أو عذابٍ أليم، بل حركاتُ الحاجّ في طوافهم وسَعْيِهم ورجوعهم وعَودهم يشبه أطوار الخائف الوَجِل، المضطربِ المدهوشِ الطالبِ مَلجأً ومَفزعاً، نحو أهل المحشر في أحوالهم وأطوارهم..».

(العروة الوثقى:338/4)

اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

نفحات