مرابطة

مرابطة

01/08/2016

أوجهُ الشَّبَه بين الكَيانين الصهيوني والوهّابي


العناقُ القاتل

أوجهُ الشَّبَه بين الكَيانين الصهيوني والوهّابي

ـــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــــــ

«على السطح، يُمكن أن تظهر العربيّة السعودية كعدوٍّ لـ(إسرائيل)، وبالفعل ليس بينهما علاقات دبلوماسيّة حتّى الآن... ولكن تحت السطح، هذان (الخصمان القديمان) لديهما في الواقع الكثير من القواسم المشتركة، وأصبحا الشريكَين الأكثر غرابة».

هذا ما ورد في مقدّمة مقال الناشطة الأميركية ميديا بنجامين الذي خصّصته للحديث عن أوجه الشبه بين الكيان الصهيوني والمملكة السعودية، نورده مختصراً نقلاً عن العدد السادس من مجلّة (رأي آخر).

 

في السنوات القليلة الماضية، شاع أنّ البلدَين عقدا - وما زالا يعقدان - اجتماعات سرّيّة ويتبادلان المعلومات الاستخباريّة. في عام 2015م، أكّد مسؤولون سعوديّون و«إسرائيليون» سابقون أنّهم عقدوا سلسلة من اجتماعات رفيعة المستوى لمناقشة الاهتمامات المشتركة، مثل تزايد نفوذ إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان، فضلاً عن برنامج إيران النووي. وقال شمعون شابيرا، وهو الممثل «الإسرائيلي» الذي شارك في لقاءات سريّة مع السعوديّين: «لقد اكتشفنا أنّ لدينا المشاكل والتحدّيات نفسها، وبعضاً من الحلول المشتركة».

وفي 5 أيّار 2016، وفي حفل استضافَته «إيباك AIPAC» الجناح السياسي للوبي «الإسرائيلي»، تحدّث الأمير تركي بن فيصل، الرئيس السابق للاستخبارات وسفير السعودية لمرّة واحدة في واشنطن، واللواء «الإسرائيلي» المتقاعد ومستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، يعقوب عميدرور في واشنطن العاصمة. بثّ معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الحدث مباشرةً على الشبكة الإلكترونيّة، ما يعني خروج العلاقة أخيراً إلى العلن.

 

 

الصّفات المشتركة

وهنا بعض الصفات المشتركة بين المملكة العربية السعوديّة و«إسرائيل»:

1) كِلا البلدّين يقمع الأقليّات التي تعيش على حدودهما. «إسرائيل» تضطهد الفلسطينيّين، وتبني المستوطنات على أرضهم، وتُحيط قراهم بجدران الفصل العنصري والجنود المدجّجين بالسلاح. والمملكة العربية السعوديّة تتبع نظاماً سياسيّاً وقضائيّاً يضطهد (الأقليّات) مثل الشيعة، وغيرهم. كما أنّه يضطهد النساء والملايين من العمّال المهاجرين. كِلا البلدَين يردّ على المعارضين السياسيّين بوسائل مماثلة، وذلك باستخدام القوّة المفرطة، والاعتقال التعسّفي، والترهيب والتعذيب وإلى أجلٍ غير مسمّى، ثمّ يفلت من العقاب.

2) «إسرائيل» والمملكة العربية السعوديّة قامتا بغزو الأراضي المجاورة، ما أسفر عن مقتل الآلاف من المدنيّين. وتقوم «إسرائيل» بغزو وقصف غزّة منذ العام 2008م وما زالت؛ في عام 2014 فقط، قتل الجيش «الإسرائيلي» أكثر من ألفَي شخص معظمهم من المدنيّين، ودمّر 17200 منزل، وترك 475 ألف فلسطيني يعيشون في ظروف مأزومة.

وقد تدخّل السعوديون في الشؤون الداخلية لليمن المجاورة. في شهر آذار من عام 2015، أطلقوا حملة قصفٍ مرعبة استهدفت الأسواق والمدارس والمستشفيات والمساكن وحفلات الزفاف، ما أسفر عن مقتل أكثر من ستّة آلاف يمني، معظمهم من المدنيّين، وتشريد أكثر من 2.5 مليون شخص. وكلتاهما تستعملان أسلحة تمّ حظرها دوليّاً: استخدمت «إسرائيل» الفوسفور الأبيض في غزّة؛ واستخدم السعوديّون القنابل العنقودية في اليمن.

3) يلعب (التعصّب الديني) دوراً رئيسيّاً في الحياة السياسيّة لِكلا البلدَين. وتعتبر «إسرائيل» وطناً للشعب اليهودي، وقوانين «إسرائيل» الأساسيّة التي تأخذ مكان الدستور تعرّف البلد على أنّه دولة يهودية. اليهود يحصلون على معاملة تفضيلية، مثل حقّ اليهود أن يهاجروا من أيّ مكان إلى «إسرائيل» ويصبحوا تلقائيّاً مواطنين، في حين يواجه المسلمون التمييز اليومي ويعامَلون كمواطنين من الدرجة الثانية. وفي المملكة العربية السعوديّة، يتمّ التعامل مع غير المسلمين [في العُرف السعودي غير المسلم هو غير الوهّابي] كمواطنين من الدرجة الثانية.

4) كِلا البلدَين يصدّر «منتجات» تروّج للعنف. «إسرائيل» مصدِّر كبير للأسلحة وتدرِّب الشرطة في بلدان أخرى (بما في ذلك الولايات المتّحدة) حول التقنيّات القمعيّة. السعوديّون بدورهم يصدّرون الفكر المتطرّف الذي يُدعى «الوهّابيّة»، إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والوهّابية هي الأساس الإيديولوجي لتنظيم القاعدة و«داعش».

5) إذا كان عدوّ عدوّي صديقي، عندئذٍ تكون كراهية إيران هي التي تجمع بين هذين الخصمَين. كلاهما يرى في إيران تهديداً وجوديّاً ويخشى تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. كلاهما عارض الاتفاق النووي الإيراني الذي مثّل فوزاً عظيماً للدبلوماسيّة على الحرب، ويسعى البلدان لمنع الولايات المتّحدة من التقارب مع إيران.

6) كِلا البلدين دعم الانقلاب العسكري في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي الذي أطاح بحكومة منتخبة ديموقراطيّاً، وأدّت إلى موجة من القمع الوحشي زجّت أربعين ألفاً من المعارضين في السجن. وتدخّل السعوديّون بمليارات الدولارات لملء خزائن نظام السيسي، وتعاونت مصر مع «إسرائيل» في الحصار «الإسرائيلي» المتواصل لقطاع غزّة.

7)  «إسرائيل» والمملكة العربية السعوديّة  تدعمان الجماعات المتطرّفة في سوريا، مثل «جبهة النُّصرة» التي تتبع «تنظيم القاعدة»، وكلتاهما أكثر اهتماماً بالإطاحة بالأسد (المتحالف مع إيران) من اهتمامهما بهزيمة «داعش». لقد أرسل السعوديّون الأسلحة والأموال إلى «النصرة»؛ و«إسرائيل» تعالج الجرحى من مقاتلي «النصرة» في مستشفيات «إسرائيليّة» ومن ثمّ تعيدهم لمحاربة الجيش السوري. كما قتلت «إسرائيل» المستشارين اللبنانيين والإيرانيين الذين كانوا يساعدون حكومة الأسد في القتال ضدّ «تنظيم النصرة».

8) في كِلا البلدين تجد الآلاف من السجناء السياسيّين، بما في ذلك القُصَّر. في فبراير 2016 كان لدى «إسرائيل» 6204 فلسطينياً في السجن، 438 منهم قاصرون. وسُجن العديد من القاصرين بتهمة إلقاء الحجارة على الجنود «الإسرائيليّين». وقطع السعوديّون رؤوس القصَّر، ولديهم حاليّاً ثلاثة سجناء من الأحداث يواجهون الحكم بالإعدام، كانوا قد اعتُقلوا بسبب احتجاجات سلميّة.

9) كلاهما يصرف عدّة ملايين من الدولارات للتأثير في سياسة الولايات المتّحدة. الحكومة «الإسرائيلية» مع اللوبي الأميركي «AIPAC» (لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية)، وهي جماعة الضغط الأكثر نفوذاً على السياسة الخارجيّة في الولايات المتّحدة. وأنشأ السعوديّون جماعة ضغط خاصّة بهم تسمّى «SAPRAC» (لجنة شؤون العلاقات العامّة الأميركية السعودية). لسنوات كان السعوديون ولا يزالون يشترون النفوذ عن طريق التعاقد مع شركات العلاقات العامّة المؤثّرة، مثل مجموعة «بوديستا» «Podesta»، والتبرّع لمؤسسة كلينتون، ومؤسسة كارتر، وعشرات من مراكز البحوث والجامعات.

10) كِلا البلدين حليف قديم للولايات المتحدة. وقد دعمت الإدارات الأميركية «إسرائيل» منذ تأسيسها في العام 1948م، ودعمت أيضاً مجموعة من الملوك السعوديّين منذ تأسيس هذه الدولة في العام 1932م. وقد ساعدت الولايات المتّحدة في ضمان أمن البلدَين. دافِعو الضرائب الأميركيّون يعطون أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً لدعم الجيش «الإسرائيلي». والجيش الأميركي يحرس الخليج للملوك السعوديين، والمملكة العربية السعوديّة هي المشتري رقم واحد للأسلحة الأميركية.

ويقول البعض إنّه لأمرٌ جيّد لـ«إسرائيل» والمملكة العربية السعوديّة أن تدفنا الأحقاد وتجدا أرضيّة مشتركة. لكنّ السلام في الشرق الأوسط لن يعزَّز بالتعاون بين «إسرائيل» والسعوديّة. على «إسرائيل» أن تصنع السلام مع الفلسطينيّن. وعلى المملكة العربية السعودية أن تتصالح مع إيران. وإلّا فإنّ التواطؤ السعودي - «الإسرائيلي» لن يكون سوى عناقٍ قاتلٍ يؤدّي إلى مزيد من الحسرة في المنطقة.      

اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

نفحات