مرابطة

مرابطة

28/11/2016

القنصلية الهندية وزّعت وجبات غذائية على مواطنيها


القنصلية الهندية وزّعت وجبات غذائية على مواطنيها

السعودية تمّول حرب اليمن من جيوب العمّال الآسيويّين

____ روبرت فيسك ____

مقال للكاتب والصحفي البريطاني روبرت فيسك يُلقي الضوء على العبث السعودي وعجز المملكة عن تسديد فواتيرها المستحقّة بسبب الإنفاق المتزايد على حرب اليمن، والإسراف في تمويل الجماعات التكفيرية في سوريا؛ حيث باتت مأساة العمّال الأجانب الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ شهور العنوان الأبرز لهذا العجز.

نُشر هذا المقال في صحيفة (الإندبندنت) في أيلول الفائت، واختصرنا ترجمته العربية نقلاً عن مجلّة (رأي آخر).

 

بعد عامٍ تقريباً على مغادرة سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك السعودية، على عجلٍ، قصره القريب من مدينة «كان» الفرنسية مع ألْفٍ من خدمه لمواصلة عطلته في المغرب، لا يتدفّق نقد المملكة بسلاسة إلى عشرات آلاف المغتربين في شبه الجزيرة الذين يعملون في أبنيتها الضخمة بعيداً عن أوطانهم.

تقريباً، لا يجري الحديث عن الأمر خارج المملكة، لكن شركات البناء العملاقة في البلاد – ومن بينها «مجموعة بن لادن» – لم تحصل على أجورها من الحكومة السعودية مقابل مشاريع البناء الكبيرة، وجزء من جيش العمّال الهنود والباكستانيين والسيريلانكيين وغيرهم، لم يحصلوا على رواتبهم، وبعضهم لم يُدفع أجره منذ سبعة أشهر.

اتصلت السفارتان الهندية والباكستانية بالحكومة السعودية، راجيتين أن تصل الرواتب إلى العمّال من الجنسيّتين. خبراء الاقتصاد الذين يعتمدون الموقف المتملّق نفسه تجاه المملكة السعودية، مثل الحكومة البريطانية، يشيرون على الدوام إلى أنّ السلطات أُرهقت نتيجة انهيار أسعار النفط. ويفضّلون عادةً عدم ذكر السبب الذي يسبّب الذعر لبقية العالم: الحرب المسرفة والميؤوس منها التي يشنّها وليّ وليّ العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان على اليمن.

فمنذ أن شنّ الابن المفضّل لدى الملك هذه الحملة المتهوّرة والحمقاء ضد الحوثيّين في العام الماضي، تقوم الطائرات التي يقودها طيّارون سعوديون وإماراتيون - بمساعدة «خبراء» بريطانيين على الأرض - بقصف مزيد من المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية، بنسبة فاقت ما دمّره الأميركيون في صربيا وأفغانستان منذ عام 1999م.

المملكة تتحايل!

بلد يحتوي على 16% من احتياطات النفط المؤكّدة في العالم، وحيث شركة «آرامكو» النفطية فيه تجني أكثر من مليار دولار يومياً، بات يُسَجّل عجزاً في الميزانية يصل إلى 100 مليار دولار، ولا يستطيع تسديد فواتيره.

في بداية الأمر، أُطلق على الإخفاق التام في اليمن اسم «عملية عاصفة الحزم» التي – أثبتت أنّها «العاصفة» الأطول والأقلّ حسماً في التاريخ الأخير للشرق الأوسط – ثمّ تحوّلت إلى «عملية إعادة الأمل». واستمرّ القصف، كما كان قبل «الأمل»، أي أثناء «العاصفة»، وكل ذلك بمساعدة «خبراء» بريطانيين. لا عجب في أنّ وليّ وليّ العهد الأمير محمّد نفسه أعلن هذا العام أنّ الإنفاق الرسمي على الرواتب سيُخفَّض، فيما الإيرادات الفردية ستزيد.

في باكستان، التي يشكّل جنودها عدداً كبيراً من القوات المسلّحة «السعودية»، كان الغضب شديداً، حيث أخذ أعضاء البرلمان بالسؤال عن السبب الذي يمنع ثلاث شركات سعودية من دفع الرواتب مدة ثمانية أشهر، رافضةً حتى تأمين الطعام لموظّفيها. في بعض الحالات، دفع الباكستانيون لإخوانهم في الجنسية بدل الطعام.

في السعودية نفسها، يبدو أنّ الحكومة غير قادرة على التعامل مع الأزمة. وكالة «عرب نيوز» تقول إنّ 31000 سعودي وغيرهم من العمّال الأجانب رفعوا الشكاوى إلى وزارة العمل السعودية، جرّاء عدم حصولهم على رواتبهم. وفي إحدى الحالات، جلبت القنصلية الهندية وبمساعدة مغتربين هنود محليّين الطعام إلى العمّال كي لا يتضوّر أناسهم جوعاً. أمّا الرقم الإجمالي لدَين الحكومة لمصلحة شركات البناء فيمكن أن يصل إلى مليارات الدولارات.

تعليقات معادية للأجانب ظهرت علناً في الصحافة السعودية. في الجريدة الرسمية السعودية، كتب عبد الرحمن سعد العرابي: «عمّال أجانب كُثر يكرهوننا وغاضبون لأنّنا بلدٌ غنيّ. يذهب بعضهم إلى حدّ القول إنّنا، كسعوديين، لا نستحقّ هذه النِّعم والأموال التي لدينا. وذاك هو السبب وراء لجوء البعض إلى العنف حين لا يحصلون على رواتبهم في الوقت المحدّد».

حسناً، أعتقد أنّ بعضهم يدفع الكثير من الأموال إلى «جبهة النصرة»، أو «القاعدة»، أو «الدولة الإسلامية»، التي تنتشر هناك على خط النار في سوريا.

موظفون في كلٍّ من السفارتين الفليبينية والفرنسية ومن بلدان أخرى في الشرق الأوسط، رفعوا تقارير عن المشاكل مع الحكومة السعودية. ولطالما كان الردّ النموذجي على ذلك، أنّ «شركة سعودي أوجيه تأثّرت بالظروف الحالية، ما أدّى إلى بعض التأخير في إتمام التزاماتنا تجاه موظفينا».

أصرّت الحكومة السعودية على أن تدفع الشركة الرواتب لموظفيها. وكثير منهم لبنانيون من المسلمين السنّة الذين أتوا من مناطق سنّية في لبنان.... أدلى مسؤول في الشركة بتصريح استثنائي، فقال: «وضعُ الشركة غير مستقر نظراً لإلغاء كثير من المشاريع التي كانت في صدد تنفيذها».

في هذه الأثناء، عمّال من شركة «سيماك المتّحدة» يشتكون من أنّهم لم يحصلوا على رواتبهم منذ أشهر – ولا الإذن بمغادرة البلاد أيضاً. وبعضهم لم يحصل على راتبه منذ أكثر من عام ونصف العام.

وخلافاً للشركات الضخمة على غرار «مجموعة بن لادن» و«أوجيه»، فإنّ هؤلاء العمّال والموظّفون – وهم فعلاً في العموم ذكور – تبتلعهم الشركات الأصغر. «كل الانتباه على الشركات الكبيرة، ومن السهل تجاهلنا لأنّ عددنا ليس كبيراً».

في العموم، ثمّة سيناريو تحايل في ديكتاتورية مملكتنا المحبوبة، التي لا تنتهي حربها ضد الحوثيين «الشيعة»، ولا ضد حزب الله «الشيعي» والنظام «الشيعي/العلوي» في دمشق وإيران. ألم تكن صفقة أسلحة اليمامة بالقدر نفسه من التحايل مع السعوديين قبل سنواتٍ عدة؟ وحينها لم يكن هناك مشاكل في تدفّق الأموال!

 

 

 

البصيرة في اللحظة المصيرية

كان عددُ التوّابين عدّة أضعاف شهداء كربلاء. 

شهداء كربلاء صُرِعوا كلّهم في يومٍ واحد، والتوّابون صُرعوا كلّهم في يومٍ واحدٍ أيضاً.

ولكن تلاحظون أنّ الأثر الذي تركه التوّابون في التاريخ... لا يعدل واحداً من ألف ممّا خلّفه شهداء كربلاء!..

 وذلك لأنهم لم يبادروا إلى العمل في وقته، ولأن تشخيصهم وقرارهم قد جاء متأخراً...

لاحظوا أينما تذهبون تصطدمون بموقف الخواصّ...

إنّ قرار الخواصّ في الوقت المناسب، ورؤيتهم الصائبة للأمور في الوقت المناسب، وتجاوزهم عن الدنيا في اللحظة المناسبة، وموقفهم في سبيل الله في الفرصة المؤاتية؛ هو الذي يستنقذ التاريخ ويصون القِيم.

وهذا ما يُوجِب اتّخاذ الموقف المناسب في اللحظة المناسبة.

أما اذا فات الأوان فلا جدوى في ما وراء ذلك.

(الإمام الخامنئي، الثورة الحسينية: خصائص ومرتكزات)

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

28/11/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات