تحقيق

تحقيق

25/05/2017

أُولى القبلتَين تستصرخ وجدان الأمة


في يوم القدس العالمي

أُولى القبلتَين تستصرخ وجدان الأمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: أحمد الحسيني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كيف تبدو صورة القدس الآن وسط تحولات شديدة الخطورة يعيشها الإقليم والعالم، وما المخاطر التي تحدق بالمسجد الأقصى وسائر المقدسات الدينية بفعل التهويد المتمادي من جانب سلطات الاحتلال الصهيوني؟

التقرير الشامل الصادر حديثاً عن «مؤسسة القدس الدولية» يكشف عن تصاعد وتيرة تهويد القدس بالتزامن مع تراجع التضامن العربي في خضمّ الحروب والاضطرابات التي تعصف بالأقطار العربية.

المقال التالي ملخص مكثف لأبرز ما ورد في التقرير المذكور حول أوضاع المدينة المقدّسة خلال العام المنصرم، نقدمه في أجواء «يوم القدس العالمي» الذي دعا الإمام الخميني رضوان الله عليه إلى إحيائه كلّ عام في يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك.

«شعائر»

 

* شهد عام 2016م أعلى عدد لمقتحمي المسجد الأقصى من المتطرفين اليهود منذ احتلاله عام 1967، وبلغ عددهم ما يقرب من 15 ألف مقتحمًا.

* زادت نسبة المقتحمين خلال 2016 بسبة 28% عن نسبتهم عام 2015، فيما زادت نسبتهم 150% بالمقارنة مع عام 2009.

* عدد من يسميهم الاحتلال «السيّاح» الذين يقتحمون الأقصى بلغ أكثر من 21 ألفاً. يضاف إلى ذلك 1165 جنديًّا اقتحم المسجد الأقصى خلال عام 2016.

* أخطر الاقتحامات «الإسرائيلية» للأقصى حصلت في العشر الأواخر من شهر رمضان، وترجع  أسباب هذه الزيادة الكبيرة في عدد مقتحمي الأقصى إلى نجاح الاحتلال في تقييد يد المصلين والمرابطين والمرابطات وحراس المسجد، وحظر وإغلاق عشرات المؤسسات الداعمة للأقصى.

* استغلّت الجماعات اليهودية المتطرفة الواقع الجديد واستطاعت تنظيم «مراسيم الزواج التلمودي» و«مراسيم البلوغ اليهودي» بكثرة داخل حرم الأقصى.

* أبعدت سلطات الاحتلال نحو 258 من المصلّين عن المسجد لفترات تتراوح بين ثلاثة أيام وستة أشهر. وتستمر سلطات الاحتلال في منع 60 مرابطة مقدسيّة من دخول الأقصى منذ شهر 8/2015.

* تصاعدت التصريحات والإجراءات التحريضيّة ضد الأقصى من قبل مسؤولين سياسيين ودينيين وقضائيين صهاينة، وبرزت تعهدات للحاخام يهودا غليك، عضو «الكنيست»، بالعمل على إقرار «حق» اليهود في الصلاة في «المعبد».

* افتتحت وزيرة الثقافة ميري ريغيف نفقًا يمتدّ من سلوان جنوب المسجد الأقصى إلى باب المغاربة في سوره الغربي.

* نظمت جماعات «المعبد» مؤتمرًا استضافه «الكنيست» وتخللته خطابات تحريضيّة وعدائيّة ضد الأقصى.

 

 

* في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر أقرّ الائتلاف الحكومي «الإسرائيلي» قانون منع الأذان الذي يحظر رفع الأذان في مساجد القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 عبر مكبرات الصوت من الساعة 11 مساء إلى 7 صباحًا.

* هدمت سلطات الاحتلال نحو 190 بيتًا و121 منشأة في القدس، وأصدرت نحو 227 أمر هدم؛ ما أدى إلى تهجير نحو 1243 مقدسيًّا. وقد زاد هدم البيوت عام 2016 بنسبة 94% عن عام 2015.

* ازداد عدد المستوطنين في القدس بنسبة 40% منذ عام 2009 حتى تشرين أول/أكتوبر 2016، فيما ارتفع عدد المستوطنين في البلدة القديمة بنسبة 70% خلال السنوات السبع الماضية.

* اعتقلت سلطات الاحتلال 2029 مقدسيًّا خلال 2016، واختتم العام على بقاء 40 مقدسيًّا في قيد «الحبس المنزلي»، وقد بلغ عدد الأسرى المقدسيين 515 أسيرًا، أقدمهم سمير أبو نعمة الذي أمضى في السجن 30 عامًا.

* استمر الاحتلال في التضييق على المسيحيين في القدس، والاعتداء على مقدساتهم. وقد تراجع عددهم إلى نحو 10000 أي ما نسبته 1% من سكان القدس. وقد اعتدى الاحتلال ومستوطنوه على عدد من كنائس القدس والمعالم المسيحية خلال عام 2016، وكتبوا عبارات مسيئة للمسيحيين وللمسيح عليه السلام، وأحرقوا بعض الكنائس، ودمروا جزءًا من مرافق بعضها.

انتفاضة القدس

* استمرت انتفاضة القدس خلال عام 2016 على الرغم من الإجراءات التي اتخذها الاحتلال للقضاء عليها. وعلى الرغم من غياب الدعم العربي - علاوة على انضمام السلطة الفلسطينية إلى الاحتلال في جهود إنهاء الحراك - تمكّن فلسطينيون من تنفيذ عمليات نوعية كلما نجحوا في تجاوز الإجراءات الاستخبارية والميدانية المفروضة من قوات الاحتلال ومن أمن السلطة الفلسطينية.

 

 

* منذ اندلاع انتفاضة القدس في تشرين أول/أكتوبر 2015 حتى نهاية عام 2016 بلغ عدد شهداء انتفاضة القدس 271، منهم 126 استشهدوا عام 2016، فيما قُتل من المستوطنين وجنود الاحتلال 17 خلال عام 2016.

* صعّدت السلطات «الإسرائيلية» من إجراءاتها ضد الفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة القدس، وغلب على هذه الإجراءات طابع الانتقام الجماعي لخلق حالة من الخوف بين الفلسطينيين تمنعهم من تنفيذ عمليات تحسبًا لما قد يلحق بعائلاتهم في حال استشهادهم، وشملت هذه الإجراءات هدم منازل منفذي العمليات، وسحب الهوية المقدسية، واحتجاز جثامين الشهداء.

* من المرجح استمرار الانتفاضة خلال عام 2017 الذي شهدت أشهره الأولى استمرار المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، بالإضافة إلى عدد من عمليات الدهس والطعن.

المشهد «الإسرائيلي»

* أقرّت سلطات الاحتلال قانون تبييض الاستيطان الذي يُشرعن حوالي أربعة آلاف وحدة استيطانية بناها مستوطنون على أراضٍ فلسطينية، تشكّل 53 بؤرة استيطانية وتمتد على مساحة 8 آلاف دونم في الضفة الغربية، ضمن سياقات تحدي القرارات الدولية، وآخرها قرار مجلس الأمن 2334 بخصوص الاستيطان.

* لا توافق سلطات الاحتلال على أكثر من 2% من الطلبات التي يقدمها المقدسيون للحصول على تراخيص بناء، ويستغرق وقت الحصول على رخصة في حال وافق الاحتلال بين 8 و12 سنة، فيما تبلغ تكلفة رخصة شقة بمساحة مئة متر مربع بين 60 و70 ألف دولار أمريكي.

* شهد عام 2016 إعلان سلطات الاحتلال عن مخططات وعطاءات ومنح تراخيص لنحو 18257 وحدة استيطانية جديدة في القدس وكلها في مرحلة البناء أو التخطيط أو المصادقة. وقد زاد الاستيطان في القدس بنسبة نحو 40%.

 

 

* اعتماد سياسة التقارب مع بعض الأنظمة العربية كمقدمة لتصفية القضية الفلسطينية، وتوصية من «معهد أبحاث الأمن القومي» الصهيوني بتحسين العلاقات مع «الدول العربية السنيّة»!

تنسيق السلطة مع الاحتلال

* وجدت السلطة الفلسطينيّة بأن الانتفاضة تعرقل مسار التسوية، وتقدم فرصةً لتعزيز حضور خصومها على الساحة الفلسطينيّة، فعملت على تعزيز التنسيق الأمني مع الاحتلال، وساهمت في قمع الانتفاضة.

* جمع لقاءٌ في 16/1/2016 في القدس المحتلة، مسؤولين فلسطينيين وآخرين «إسرائيليين»، تباحثوا خلاله في السبل الممكنة لوقف الانتفاضة، ومساهمة السلطة في ذلك مقابل تسهيلات اقتصاديّة عديدة.

* تتعقب أجهزة السلطة الأمنيّة من يحاولون تنفيذ العمليات على شبكات التواصل الاجتماعي، أو عبر الملاحقة الأمنيّة الاستخباريّة، حيث تصل المعلومات في بعض الأحيان من المخابرات «الإسرائيليّة».

* برز خلال 2016 «التنسيق المدني» إلى جانب الأمني، وجمعت لقاءات عدة سياسيين فلسطينيّين وآخرين من حكومة الاحتلال، لأهدافٍ مختلفة ذات طابع مدني، في إطار من التنسيق الاجتماعي والاقتصادي.

* عاد التطبيع المدني عبر تفعيل «لجنة التواصل الاجتماعي»، والتي تضمّ شخصيات من السلطة. وقامت خلال 2016 بعقد لقاءاتٍ تطبيعيّة مع شخصيات سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة ودينيّة وأفراد من المجتمع «الإسرائيلي».

* برّرت أوساط مقربة من السلطة الفلسطينية «التطبيع المدني» بأنه محاولةٌ لإحداث اختراق للمجتمع «الإسرائيلي»! ولكن هذه المحاولات لا تصبّ إلا في مصلحة الاحتلال، فهو لا يسمح لها إلا من بوابته الرسميّة، وأصبحت نموذجًا للتطبيع الناعم في الأوساط العربيّة.

* شكل تفاعل الفصائل الفلسطينية مع المستجدات في القدس نموذجًا للتعامل عبر ردات الفعل، حيث غلب التعامل مع ما يجري في المدينة، عبر بيانات الشجب والاستنكار، ومباركة العمليات الفرديّة.

المواقف العربية والدولية

* شهدت العلاقات العربيّة مع الاحتلال تناميًا خلال 2016، وكشفت مصادر عبريّة بأن مسؤولين «إسرائيليين» يتجولون في العالم العربي بوتيرة غير مسبوقة، وأشارت إلى لقاءات سريّة مع مسؤولين عرب.

* زار وفدٌ سعودي غير رسمي دولة الاحتلال، ضم أكاديميين ورجال أعمال، ترأسه الجنرال المتقاعد أنور عشقي، التقى الوفد خلال الزيارة أعضاء من «الكنيست» بهدف «تشجيع الخطاب في إسرائيل، حول مبادرة السّلام العربيّة».

* استقبل الاحتلال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية بترحيبٍ كبير جدًا، ومع اقتراب تسلمه الرئاسة بدأ فريقه الرئاسي بالتصريح عن قرب نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، وروّج الاحتلال بأن النقل لا يحتاج إلا إلى تغيير اليافطة التعريفيّة. وعيّن ترامب مستشاره ديفيد فريدمان ليصبح سفير بلاده في الدولة العبريّة، ويُعرف عنه بأنه من الداعين لنقل السفارة للقدس، وتربطه علاقات وطيدة مع قيادات الاحتلال.

* أحدث قرار الاتحاد الأوروبي وسم منتجات المستوطنات، أزمة دبلوماسية مع الاحتلال الذي صعد تصريحاته ضد الاتحاد. وبرزت خلال 2016 أزمة أخرى، على خلفية استمرار الاحتلال بهدم المنازل والمنشآت الفلسطينيّة الممولة من الاتحاد الأوروبي، ووصلت لحدّ المطالبة بمحاكمة الاحتلال على هذه الجرائم.

* قدمت فرنسا مبادرةً للسلام بين الجانبين الفلسطيني و«الإسرائيلي»، وتعتمد المبادرة على «حلّ الدولتين» طريقةً لإنهاء الصراع. لم يوافق الاحتلال على المبادرة الفرنسية، فهي مع سقفها المتدني لم ترضِ أطماعه، وأظهر الرفض «الإسرائيلي» عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على الضغط على الاحتلال برغم الإمكانات التي تتوافر له.

* شهد «اليونكسو» إصدار قرارين عن القدس والمقدسات فيها، وقد وصف القراران واقع المدينة ومعالمها بالمصطلحات الإسلاميّة متجاهلًا التسميات العبريّة، واستنكر اعتداءات الاحتلال في القدس والأقصى. أظهرت ردود مسؤولي الاحتلال سلوكًا هستيريًّا، وفي هذا الإطار اتهم الاحتلال «اليونسكو» بمعاداة السامية وبأن القرار «غير لائق»، فيما وصفه رئيس وزراء الاحتلال بأنه «سخيف».

* صدر القرار رقم 2334 عن مجلس الأمن في 23/12/2016، وقد أدان الاستيطان «الإسرائيلي» في الضفة الغربيّة بما فيها القدس، وأدان جميع التدابير الرامية إلى إحداث تغيير ديمغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها بناء وتوسيع المستوطنات، ونقل المستوطنين «الإسرائيليين» ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وتشريد المدنيين.

الخلاصات

* ستستمر الانتفاضة مدفوعة بعوامل ذاتيّة، وفي وجه تصعيد الاحتلال لسياساته التهويديّة، لا سيما مع انسداد أفق التسوية السياسية.

* من المرجح تعزيز السلطة التنسيق مع الاحتلال بشقيه «الأمني» و«المدني»، وتناميهما بشكل أكبر خلال 2017.

* سيشهد عام 2017 مزيدًا من التطبيع العربي مع الاحتلال، على الصعد الرسميّة وشبه الرسميّة.

* لن يتخلى ترامب عن فكرة نقل السفارة للقدس، ولكنه سيقوم بتأجيلها في انتظار الظروف المناسبة على الصعيدين الدولي والمحلي.

 

التوصيات

* السلطة الفلسطينية مطالبة بوقف التّنسيق الأمني والمدني مع الاحتلال، ودعم انتفاضة القدس، وتحويلها لورقة قوة في وجه الاحتلال. والالتفات للقطاعات الحياتيّة في القدس، لما في ذلك من تثبيتٍ ودعم للمقدسيين. والمضيّ في تنظيم الانتخابات المحليّة في القدس، وعدم الرضوخ لضغوطات الاحتلال.

* يتوجّب على الفصائل والقوى الفلسطينية الخروج من حالة الركود ورفع مستوى تفاعلها مع قضايا القدس والأقصى، عبر خطط العمل وتنظيم الفعاليات، والانخراط أكثر بالانتفاضة.

* ضرورة امتناع دول عربية وإسلامية عن الانزياح تجاه الاحتلال، والاتجاه المتنامي نحو التطبيع معه. والعمل الجاد على دعم القدس والمقدسيين والمقدسات، وتحريك رؤوس الأموال والجهود العربيّة لمواجهة خطر التهويد المحدق بالمدينة.

 

 

إلى ضيافة الله

من صلوات الليلة الأولى

* عن أمير المؤمنين عليه السلام: «مَن صلَّى في أوّل ليلة من شهر رمضان أربع ركعات، يقرأ في كلّ ركعة (الحمد) مرّة، وخمس عشرة مرّة (قل هو الله أحد)، أعطاه الله ثوابَ الصدِّيقين والشُّهداء، وغفرَ له جميعَ ذنوبِه وكان يومَ القيامة من الفائزين».

* عن الإمام الكاظم عليه السلام: «من صلّى عند دخول شهر رمضان بركعتين تطوُّعاً، قرأ في أوّلهما أمّ الكتاب [الفاتحة] والفَتح [إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً] وفي الأخرى ما أحبّ [أي الفاتحة وأي سورة شاء]، رفع الله عنه السُّوءَ في سَنَته، ولم يَزَل في حِرز الله إلى مثلِها من قابل».

(وسائل الشيعة، الحرّ العاملي)

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

25/05/2017

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات