وصايا

وصايا

21/07/2017

من وصايا المقدّس البهاري الهمداني

من وصايا المقدّس البهاري الهمداني

مقدّمات الحجّ إلى البيت الحرام

ـــــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــــ

مقتطفات من وصيّة المقدّس الشيخ محمّد البهاري الهمداني حول آداب الاستعداد لحجّ بيت الله الحرام، اخترناها من كتابه القيّم (تذكرة المتقين)، ترجمة الشيخ حسين كوراني. وإلى وصاياه ضمّن الشيخ البهاري رضوان الله عليه، الكتاب جملةً من وصايا أعلام آخرين.

«شعائر»

 

اعلم أيّها الطالب للوصول إلى بيت الله الحرام، أنّ لله جلّ شأنه العظيم بيوتاً مختلفة؛ أحدها يسمّى الكعبة الظاهرية، التي أنت قاصدها، وبيت المقدس، والبيت المعمور، والعرش، وهكذا إلى أن نصل إلى حيث البيت الحقيقي الأصلي الذي يسمّى القلب، الذي هو أعظم من كلّ هذه البيوت.

(ولا يتحقّق المقصود الأصليّ من الحجّ) إلّا بملاحظة الآداب والرسوم الحقيقية، وهي أمور:

* الأول: ...مَن أراد الحجّ يجب أولاً أن يتأمّل بعض الشيء في نيّته، فيضع هوى النفس جانباً، ويرى هل أنّ هدفه من هذا السفر هو امتثالُ الأمر الإلهيّ، والحصول على ثوابه تعالى، والفرار من عقابه، أم أنّ هدفه - نستجير بالله - تحصيل الاعتبار، أو خوف ذمّ الناس، أو تفسيقهم له، أو الخوف من الفقر، بناءً على أنّ كلّ مَن ترك الحج ابتُلي بالفقر، أو أمور أخرى من قبيل التجارة، والنزهة والسياحة في البلاد وغير ذلك. ".."

* الثاني: أن يُهيّئ نفسه لحضور مجلس الروحانيين بتوبة صادقة، بجميع مقدّماتها التي من جملتها رد الحقوق سواءً المالية (أو المعنوية) مثل الغِيبة، وهتْك الغير وجرْح كرامته، وسائر الجنايات على الآخرين، ممّا يجب الاستحلال من أصحابها، بالتفاصيل المذكورة في محلّها.

ويحسن إيقاع التوبة بعد هذه المقدّمات في يوم الأحد [المقصود هو صلاة يوم الأحد من ذي القعدة، وهي مذكورة في كتب الأعمال]... وإذا كان أحد والدَيه على قيد الحياة، فليُرضِه عنه مهما أمكن، ليخرج من منزله طاهراً نقياً، بل يزيل تمام تعلّقاته، ويقطع رأس انشغال قلبه وعدم حضوره، ليتوجّه بتمام قلبه إلى الله، وليتصرّف على أساس أنّه لن يرجع أبداً.

وبناءً على هذا، يجب أن يوصي وصيّة تامّة كاملة... ومع ذلك يترك أهله وعياله في كفالة الكفيل الحقيقي، فإنّه خير معين ونعم الوكيل...

* الثالث: أن لا يهيّئ لنفسه في سفره أسباب انشغال القلب، فيمنعه ذلك عن أن يكون في حركاته وسكناته في ذكر المحبوب سبحانه، سواءً كانت أسباب الانشغال هذه من قبيل العيال والأولاد، أو الرفيق غير الملائم للطبع، أو بضاعة للتجارة أو غير ذلك، المهم أن لا يهيّئ هو بيده ما يضطرّه إلى صرف اهتمامه فيه، بل إذا استطاع فليسافر مع أشخاص يغلب عليهم تذكيره، أو يذكّرونه دائماً كلّما غفل.

* الرابع: أن يبذل الجهد مهما أمكنه، لإحراز حلّية مصرفه، ويأخذ منه ما يزيد على حاجته، وأن لا يضيق ذرعاً في الإنفاق، لأنّ الإنفاق في الحجّ إنفاقٌ في سبيل الله... فإنّ درهماً منه في أحاديث أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين بسبعين درهماً...

بل من جملة أسباب سعادة الإنسان، إذا تلف له شيء في هذا السفر أو سُرق منه، أو زادت مصاريفه، فليشعر بكمال الامتنان، بل ينبغي أن تغمره الفرحة لأنّ جميع ذلك يتمّ ثبته وتسجيله على المضيف في الديوان الأعلى، وسيعوّضه عليه بأضعاف مضاعفة...

* الخامس: أن يكون حسنَ الخُلق ، ويتواضع للرفيق من السائق وغيره، ويحذر اللغو والفُحش والحدّة، والكلام غير المناسب، وليس حُسن الخلق أن لا يؤذي أحداً فقط، بل من جملة الأخلاق الحسنة أن يتحمّل أذى الآخرين، بل بالإضافة إلى تحمّل الأذى، يُخفض جناحه، وإلى ذلك يشير قوله في الحديث القدسيّ (وحاصله): «أَخفيتُ رضايَ في جفاءِ المخلوقِ، فمَن كان يريدُ رضايَ فليَتحمّل مِن الآخَرين جفاءَهم». [انظر: (مستدرك الوسائل): عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَثَلُ المُؤمنِ كَمثَلِ الأرضِ، منافِعُهم منها إذا هُم عليها، ومَن لا يَصبِر على جفاءِ الخَلقِ، لا يَصِل إلى رضى الله تعالى، لأنَّ رضى الله تعالى مَشُوبٌ بِجفاءِ الخَلقِ...]

* السادس: أن يقصد الحجّ، فقط دون غيره، بل يجب أن يقصد ضمن ذلك عدّة عبادات - إحداها الحجّ - من قبيل: زيارة القبور المطهّرة للشهداء والأولياء، والسعي في حوائج المؤمنين، وتعليم الأحكام الدينية وتعلّمها، وترويج المذهب الحقّ، وتعظيم شعائر الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك.

* السابع: أن لا يهيّئ لنفسه أسباب التكبّر، بل ينبغي أن يذهب إلى الحرم الإلهيّ منكسرَ القلب مغبرّاً، كما أشير إلى ذلك في المناسك في باب الإحرام.

* الثامن: أن لا يخرج من بيته إلّا بعد أن يودِع نفسه وكلّ ما معه من رفقائه، وما حمله، وأهل بيته، وكل ما له تعلّقٌ به، أمانةً عند خالقه جلّ ثناؤه، ويخرج عند ذلك من بيته، بكمال الاطمئنان، فإنّه جلّت عظمته نِعم الحفيظ ونِعم الوكيل، ونِعم المولى ونِعم النصير.

وهناك آداب أخرى ذُكرت في المناسك، بلى، يهتمّ اهتماماً تاماً بالصدقة، بمعنى أن يشتري صحّته وسلامته من خالقه بهذه الصدقة. [جاء في (العروة الوثقى) حول ذلك ما خلاصته: أن يصلّي العازم على السفر ركعتين أو أربعاً في بيته، ثمّ يقول: (اللهمّ إنّي أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذرّيتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي). فيُعطيه الله تعالى ما سأل]

* التاسع: أن لا يكون اعتماده على محفظة نقوده وقوّته وشبابه، بل يكون اعتماده في كلّ حال، بالنسبة إلى كلّ شيء على صاحب البيت.

والمقدّمات أكثر من ذلك... «إذا كان في البيت أحد، فحرف واحد يكفي». [ترجمة مثل فارسي بمعنى: إنّ اللبيب من الإشارة يفهم]

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

22/07/2017

دوريات

  أجنبية

أجنبية

22/07/2017

أجنبية

نفحات