مراقبات شهر شوّال

مراقبات شهر شوّال

26/08/2011

أبرزها: أعمال ليلة الفِطر، وصلاة العيد

ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

شَوّال -كَشَدّاد- من «الشَّوْل»، وهو الرَّفعُ. عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «شالَت فيه ذنوبُهم، فلم يبقَ فيه ذنبٌ إلّا غفَرَه». أي رُفعت عنهم ذنوبُهم في شوّال، لِمَعرفتهم حقّ شهر رمضان، كما قال السيّد ابن طاوس في (الإقبال).
وشوّال هو شهر الفِطْر الذي يلي شهر رمضان، وأوّلُ أشهُر الحجّ، ومن أبرز مناسباته يوم عيد الفِطر في غُرَّتِه، وشهادة الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام في الخامس والعشرين منه.

إقبال الأعمال: فليَكُن دخولك في شهر شوّال دخول المُصدِّقين، فإنّه شهرٌ حرامٌ له حقّ التعظيم بالمقال والفِعال. كَمَن دخل في دروب مكّة إلى مسجدها الأعظم، فلا بدَّ من أن يكون لدخوله كيفيّة على قدْر تصديقه صاحب المسجد المعظَّم، فاجهد أن يكون قلبُك وعقلُك مصاحبَين له [للشّهر] بالتَّعظيم، وجوارحك مُحافِظة على سلوك السَّبيل المستقيم، فمِن عادة المملوك المؤدَّب الكامل أن يكون موافِقاً لمالِكه في سائر مسالكه.

معنى عيد الفطر


إقبال الأعمال: [من معاني] العيد أنّه من مقامات السُّعود وإنجاز الوعود، وإقبال الله تعالى على العبيد، وإحضارهم بين يدي مقدَّس سُرادِق ظلِّه المجيد، وإطلاق خِلَعِ الحبِّ على القلب، ونشر أَلْوية القُرب من الرَّب، وإشراق شموس الإقبال على وجوه الآمال ".." وسَطْرِ كُتُبِ الأمن والأمان.

أعمال ليلة الفطر

هِيَ مِن اللّيالي الشريفة وقَد وَرَدت أحاديث كثيرة في فضل إحيائها والعبادة فيها، وَرُوِي أنّها لا تقلُّ عَن لَيلَة القَدر فضلاً، ولها عدّة أعمال:
1- الغُسل إذا غربت الشمس. 
2- إحياؤها بالصلاة والدُّعاء والإستغفار والبيتوتة في المسجد.
3- أن يَقول في أعقاب صلوات المغرب والعشاء: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا الله، وَالله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ، الحَمْدُ للهِ عَلى ما هَدانا، وَلهُ الشُّكْرُ عَلى ما أَوْلانا.
4- أن يرفع يديه إلى السّماء إذا فرغ مِن فريضة المغرب ونافلته، ويقول: يا ذا المَنِّ وَالطَّوْلِ، يا ذا الجُودِ، يا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَناصِرَهُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَحْصَيْتَهُ وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ.
ثمّ يسجد ويَقول في سجوده مائةَ مرّة: أتُوبُ إِلى اللهِ. ثمّ يسأل الله تَعالى ما يشاء.
وعَلى رواية أخرى يسجد بَعد صلاة المغرب، ويَقول: يا ذا الحَوْلِ، يا ذا الطَّوْلِ، يا مُصْطَفِياً مُحَمَّداً وَناصِرَهُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَنَسِيتُهُ أَنا، وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ، ثمّ قل مائةَ مرّة: أَتُوبُ إِلى اللهِ.
5- زيارة الإمام الحسين عليه السلام فإنَّ لها فضلاً عظيماً. [وردت في (مفاتيح الجنان) زيارة الحسين عليه السلام في عيدي الفطر والأضحى].
6- أن يدعو عَشر مرات بالدُّعاء: يا دائِمَ الفَضْلِ على البَرِيّة، يا باسِطَ اليدَيْن بالعَطِيّة، يا صاحبَ المواهِبِ السَّنِيّة، صلِّ على محمّدٍ وآله خيرِ الورَى سَجِيّة، واغفِر لنا يا ذا العُلى في هذه العشيّة.
7- أن يصّلي العشر ركعات الواردة في أعمال اللّيلة الأخَيرة مِن شَهر رَمَضان. [أنظر: (مفاتيح الجنان، أعمال آخر ليلة من شهر رمضان؛ و«مراقبات» العدد السادس عشر من «شعائر»).
8- يصلّي ركعتين، يقرأ في الأولى بَعد الحَمد التَّوحيد ألف مرّة، ويقرأها في الثّانِيَة مرّة واحدة، ويسجد بعد السَّلام فيقول: أَتُوبُ إِلى اللهِ.
ثمّ يَقول: يا ذا المَنِّ وَالجُودِ، يا ذا المَنِّ وَالطَّوْلِ، يا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا، ويسأل حاجته.
وَروي أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام كانَ يصلّيها كما ذُكر، فإذا رفع رأسه يَقول: «والَّذي نفسي بيده، لا يفعلُها أحدٌ يسأل الله تَعالى شيئاً إلَّا أعطاه، ولو أتاه مِن الذُّنوب عددَ رمل الصحراء غفر اللهُ لَه».
ووردت التَّوحيد في رواية أخرى مائةَ مرّةٍ عوض الألف مرّة، ولكن عَلى هذه الرِّواية يصلّي هذه الصلاة بَعد فريضة المغرب ونافلته، وأورد السيّد ابن طاوس دعاء بعد الصلاة أوّله: يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ يا رحمنُ... . [تجد الدعاء بتمامه في (مفاتيح الجنان، أعمال الليلة الأولى من شوّال)]
9- يصلّي أربع عَشرة ركعة، يقرأ في كُلِّ ركعة الحَمد، وآية الكرسي، وثلاث مرات سورة (قل هُوَ الله أحد) ليكون لَهُ بكلِّ ركعة عبادة أربعين سنة، وعبادة كُلّ مَن صام وصَلّى في هذا الشّهر.
10- الغسل في آخر اللّيل، قالَ الشَّيخ الطُّوسي في (مصباح المتهجّد): «إغتسل في آخر اللّيل، واجلس في مُصّلاك إلى طلوع الفَجر».

فضل يوم الفطر


نَظَر الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام إلى النّاس يوم الفطر يضحكون ويلعبون، فقال لأصحابه: «إنَّ الله عزَّ وجلَّ خلق شهر رمضان مِضماراً لِخَلقه، يَستبقون فيه بطاعته ورضوانه، فَسَبَق فيه قومٌ ففازوا، وتخلَّف آخرون فَخَابوا، فالعَجَب كلُّ العَجَب من الضَّاحك اللّاعب في اليوم الذي يُثاب فيه المُحسنون، ويَخسر فيه المقصِّرون، وأَيْمُ الله لو كُشِفَ الغطاء لَشغل مُحسنٌ بإحسانه ومسيئٌ بإساءته».

تهنئة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه


المراقبات: في ما نذكرُه من أدب العبد يوم العيد مع مَن يعتقد أنّه إمامه، وصاحبُ ذلك المقام المجيد فأقول: إعلم أنّه إذا كان يوم عيد الفطر، فإنْ كان صاحب الحُكم والأمر مُتصرِّفاً في مُلكه ورعاياه على الوجه الذي أعطاه مولاه، فليكن مهنِّئاً له صلوات الله عليه بشرف إقبال الله جلَّ جلاله عليه وتمام تمكينه من إحسانه إليه.
ثمّ كُن مهنِّياً لنفسك ولِمَن يعزُّ عليك، وللدّنيا وأهلها، ولكلِّ مسعودٍ بإمامته بوجوده عليه السلام، وبِسُعوده وهدايته وفوائد دولته.
وإن كان مَن يُعتَقَد وجوب طاعته ممنوعاً من التَّصرُّف في مُقتضى رياسته، فليكن عليك أثر المساواة في الغضب مع الله جلَّ جلاله مولاك ومولاه، والغضب لأجله، والتأسُّف على ما فات من فضله. فعن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال لعبد الله بن دينار: «يا عبدَ الله، ما من عيدٍ للمسلمين أضحى ولا فطر، إلَّا وهو يتجدَّد لِآلِ محمّد فيه حُزن، قال: قلت: وَلِمَ؟ قال: لأنّهم يَرَون حقَّهم في يدِ غيرهم».


أعمال يوم الفطر


1- التَّكبير: أن تكّبر بَعد صلاة الصبح، وبَعد صلاة العيد بالتكبيرات التي وردت في ليلة العيد.
2- الدُّعاء: أن تدعو بَعد فريضة الصُّبح بالدُّعاء الذي ورد في كتاب (الإقبال). [أنظر «لولا دعاؤكم» من هذا العدد].
3- زكاة الفطرة: إخراج زكاة الفطرة صاعاً (3 كلغ) عَن كُلّ نسمة قَبلَ صلاة العيد، وهي مِن الواجبات المؤكَّدة، وهِيَ شرط في قَبول صيام شَهر رَمَضان، وأمانٌ من الموت إلى السَّنة القابلة.
4- الغسل: ووقته مِن الفَجر إلى حين أداء صلاة العيد، فإذا هممتَ بذلِكَ فقل: أللَّهُمَّ إِيْماناً بِكَ وَتَصْدِيقاً بِكِتابِكَ وَاتِّباعَ سُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ. ثمّ سَمِّ باسم الله واغتسل، فإذا فرغت مِن الغسل، فقل: أللَّهمَّ اجْعَلْهُ كُفَّارَةً لِذُنُوبِي، وَطَهِّرْ دِيْنِي. أللَّهمَّ أذْهِبْ عَنِّي الدَّنَسَ.
5- تحسين الثياب واستعمال الطِّيب.
6- الإفطار: الإفطار أوّل النَّهار قَبلَ صلاة العيد، والأفضل أن يفطر عَلى التَّمر أو عَلى شَيءٍ مِن الحلوى. وقالَ الشَيخ المفيد يُستَحبّ أن يَبتلع شيئاً مِن تربة الحسين عليه السلام، فإنَّها شفاءٌ من كلِّ داء. قال أحدهم للإمام الكاظم عليه السلام: إنّي أفطرتُ يوم الفطر على طِينٍ وتَمْر، فقال له الإمام: «جَمَعْتَ بَركةً وسُنَّة».
7- دعاء قبل الخروج لصلاة العيد: ما رواه أبو حمزة الثمالي عَن الإمام الباقر عليه السلام، قالَ: «أدعُ في العيدين والجمعة إذا تهيَّأت للخروج بهذا الدُّعاء:
أللَّهُمَّ مَنْ تَهيَّأَ فِي هذا اليَوْمِ أَوْ تَعَبَّأ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَعطاياهُ، فَإِنَّ إِلَيْكَ يا سَيِّدِي تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي رَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَنَوافِلِكَ وَفَواضِلِكَ وَفَضائِلِكَ وَعَطاياكَ، وَقَدْ غَدَوْتُ إِلى عِيْدٍ مِنْ أَعْيادِ اُمَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، وَلَمْ أَفِدْ إِلَيْكَ اليَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ أَثِقُ بِهِ قَدَّمْتُهُ، وَلا تَوَجَّهْتُ بِمَخْلُوقٍ أَمَّلتُه، وَلكِنْ أَتَيْتُكَ خاضِعاً مُقِرّاً بِذُنُوبِي وَإِساءتِي إِلى نَفْسِي، فَيا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ، إِغْفِرْ لِيَ العَظِيمَ مِنْ ذُنُوبِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ العِظامَ إِلَّا أَنْتَ، يا لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ».
8- صلاة العيد: وهِيَ ركعتان، تقرأ في الأوّلى الحَمد وسورة الأعَلى، وتُكبّر بَعد القراءة خمس تكبيرات، وتقنت بَعد كُلّ تكبيرة، فتقول:
أللَّهُمَّ أَهْلَ الكَبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ التَّقوى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيْداً، وَلِمُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْراً وَمَزِيداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيْهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ. أللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمّا اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ.
ثمّ تكبّر السّادِسَة وتركع وتسجد، ثمّ تنهض للركعة الثّانِيَة فتقرأ فيها بَعد الحَمد سورة الشَّمس، ثمّ تكبّر أربع تكبيرات، تقنت بَعد كُلّ تكبيرة، وتقرأ في القنوت ما مرّ، فإذا فرغت كبّرت الخامِسَة فركعتَ وأتممتَ الصَّلاة، وسبّحت بَعد الصلاة تسبيح الزهراء عليها السلام.
9- زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
10- قراءة دعاء النُّدبة: وقالَ السيّد ابن طاوس رضوان الله تعالى عليه: «أُسجد إذا فرغت مِن الدُّعاء، فقل: أَعُوذُ بِكَ مِنْ نارٍ حَرُّها لا يُطْفأ، وَجَدِيدُها لا يَبْلى، وَعَطْشانُها لا يُرْوى.
ثمّ ضع خدَّك الأيمن عَلى الأَرْض وَقُلْ: إِلهِي لا تُقَلِّبْ وَجْهِي فِي النَّارِ بَعْدَ سُجُودِي وَتَعْفِيرِي لَكَ بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ، بَلْ لَكَ المَنُّ عَلَيَّ.
ثمّ ضع خدَّك الأيسر عَلى الأَرْض وَقُلْ: إرْحَمْ مَنْ أَساءَ وَاقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ.
ثمّ عد إلى السجود وَقُلْ: إِنْ كُنْتُ بِئْسَ العَبْدُ فَأَنْتَ نِعْمَ الرَّبُّ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ، فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يا كَرِيمُ.
ثمّ قل: العَفْوَ العَفْوَ. مائةَ مرّة».

صوم ستّة أيام من شوال


المراقبات: ورد في الأخبار صوم ستّة أيّام بعد العيد، ولكن في أخبار أُخَر أنّه لا صيام ثلاثة أيّام بعد العيدين، فيحمل هذه الستّة إلى ما بعد ثلاثة أيّام.
اليوم الخامس والعشرون
في الخامس والعشرين من شوّال سنة 148 هجريّة كانت شهادة الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصادق عليهما السلام، وكانَ سَبَب شهادته سمّاً دَسَّه له منصور الدوانيقي العباسيّ.
وحينما حَضَرتْه الوفاة فتح عينيه، وقالَ: «إجمعوا كلَّ من بيني وبينه قرابة»، فلمّا اجتمعوا كلّهم نظر إليهم، وقال: «إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة».


 

اخبار مرتبطة

  الصورة الملكوتيّة

الصورة الملكوتيّة

  دوريات

دوريات

27/08/2011

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات