كلمة سواء

كلمة سواء

منذ يومين

وهل يَجحد العاقلُ ما لا يعرف؟

 

وهل يَجحد العاقلُ ما لا يعرف؟

ــــــــــــــــــــــــــ رواية الشيخ الكليني ــــــــــــــــــــــــــ

عن هشام بن الحكم، قال: كان بمصرَ زنديقٌ تبلغه عن أبي عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام أشياء، فخرج إلى المدينة ليناظرَه فلم يُصادفه بها، وقيلَ له إنّه خارجٌ بمكّة. فخرج إلى مكّة ونحن مع أبي عبد الله، فصادفَنا ونحن مع أبي عبد الله عليه السلام في الطّواف، وكان اسمه عبد الملك وكنيته أبو عبد الله، فضرب كَتِفه كتفَ أبي عبد الله عليه السلام. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما اسمُك؟ فقال: اسمي عبد الملك.

قال: فما كُنيتك؟ قال: كنيتي أبو عبد الله.

فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فمَن هذا الملكُ الّذي أنتَ عبدُه، أَمِنْ ملوكُ الأرض، أم مِن ملوك السّماء، وأخبِرني عن ابنِك عبدُ إلهِ السّماء، أم عبدُ إلهِ الأرض؟ قُلْ ما شئتَ تُخصَم.

قال هشام بن الحكم: فقلت للزّنديق: أما تردُّ عليه؟ قال: فقبّح قولي!

فقال أبو عبد الله: إذا فرغتُ من الطّوافِ فَأْتِنا. فلمّا فرغ أبو عبد الله أتاه الزّنديق فقعد بين يدَي أبي عبد الله، ونحن مجتمعون عنده. فقال أبو عبد الله عليه السلام للزّنديق: أتعلمُ أنّ للأرض تحتاً وفوقاً؟

قال: نعم. قال: فدخلتَ تحتها؟ قال: لا.

قال: فما يُدريك ما تحتها؟ قال: لا أدري، إلّا أنّي أظنّ أنْ ليس تحتها شيءٌ.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: فالظّنُّ عجزٌ لما لا تَستيقن. (لمَن لا يَستيقن)

ثمّ قال أبو عبد الله: أفصعدتَ السّماء؟ قال: لا.

قال: أفتدري ما فيها؟ قال: لا.

قال: عجباً لك، لم تبلغِ المشرقَ ولم تبلغِ المغرب، ولم تنزلِ الأرضَ ولم تصعد السّماء، ولم تَجُز هناك فتعرف ما خلفهنّ وأنت جاحدٌ بما فيهنّ، وهل يجحدُ العاقلُ ما لا يعرف؟

قال الزّنديق: ما كلّمني بهذا أحدٌ غيرك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأنت من ذلك في شكٍّ، فلعلّه هو ولعلّه ليس هو.

فقال الزّنديق: ولعلّ ذلك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيّها الرّجل، ليس لمَن لا يعلمُ حجّةٌ على مَن يعلم، ولا حجّةَ للجاهل. يا أخا أهل مصر، تفهَم عنّي فإنّا لا نشكّ في الله أبداً؛ أما ترى الشّمسَ والقمرَ واللّيلَ والنّهارَ يَلِجان فلا يشتبهان، ويرجِعَان قد اضطُرّا ليس لهما مكانٌ إلّا مكانهما، فإنْ كانا يقدران على أن يذهبا فَلِمَ يرجعان، وإن كانا غيرَ مضطرّين فَلِمَ لا يصيرُ اللّيلُ نهاراً والنّهارُ ليلاً؟ اضطُرّا واللهِ يا أخا أهلِ مصر إلى دوامهما، والّذي اضطرّهما أحكمُ منهما وأكبر.

فقال الزّنديق: صدقتَ!

ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أخا أهل مصر، إنّ الّذي تذهبون إليه وتظنّون أنّه الدّهر، إن كان الدّهرُ يذهبُ بهم لِمَ لا يردّهم، وإن كان يردّهم لِمَ لا يذهبُ بهم؟ القومُ مضطرّون.

يا أخا أهلِ مصر، لِمَ السّماءُ مرفوعةٌ والأرضُ موضوعةٌ، لِمَ لا تسقط السّماءُ على الأرض، لِمَ لا تنحدرُ الأرضُ فوقَ طِباقها ولا يتماسكان ولا يتماسكُ مَن عليهما؟ (عدم التماسك في حالة الانحدار والسقوط)

قال الزّنديق: أمسكهما اللهُ ربّهما وسيّدهما. قال: فآمنَ الزّنديق على يدَي أبي عبد الله عليه السلام.. (ثمّ قال): اجعلني من تلامذتك.

فقال أبو عبد الله: يا هشامَ بنَ الحكم، خُذه إليك وعلّمه.

فعلّمه هشامٌ، فكان معلّمَ أهل الشّام وأهل مصر الإيمان، وحسُنتْ طهارته حتّى رضيَ بها أبو عبد الله عليه السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* (أصول الكافي: باب حدوث العالم، ح 1)

 

اخبار مرتبطة

  تقرير

تقرير

منذ يومين

تقرير

  اصدارات عربية

اصدارات عربية

منذ يومين

اصدارات عربية

نفحات