أحسن الحديث

أحسن الحديث

18/03/2018

موجز في تفسير سورة القدر

 

لولا أنّنا نقرأها ونأمر بقراءتها شيعتَنا لتخطّفهم الناس

موجز في تفسير سورة القدر

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ


* السورة السابعة والتسعون في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، نزلت بعد «عبس وتولّى».

* سُمّيت بـ«القدر» لورود عبارة «ليلة القدر» في الآيات الثلاث الأولى منها.

* آياتها خمس، وهي مكيّة، وفي الحديث النبويّ الشريف أنّ «من قرأها أعطيَ من الأجر كمَن صام شهر رمضان وأحيا ليلة القدر».

* ما يلي موجز في التعريف بهذه السورة المباركة اخترناه من تفاسير: (نور الثّقلين)، و(الميزان)، و(الأمثل).

تذكر السورة إنزال القرآن في ليلة القدر، وتعظّم الليلةَ بتفضيلها على ألف شهر وتنَزُّل الملائكة والروح فيها. والمشهور بين المفسّرين أنّها مكّية، لكن احتمل بعضهم أنّها مدنية، لما روي أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رأى في منامه «بني أمية» يتسلّقون منبره صلّى الله عليه وآله، فصعب ذلك على النبيّ وآلمَه، فنزلت سورة القدر تسلّيه [لذلك قيل إنّ ألف شهر في السورة هي مدّة حكم بني أمية]، ومنبر النبيّ صلّى الله عليه وآله أقيم في مسجد المدينة لا في مكّة، لكن المشهور أنّها مكية، وقد تكون الرواية من قبيل التطبيق لا سبباً للنزول.

فضيلة السورة

* عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: «من قرأها أُعطيَ من الأجر كمن صام رمضان وأحيا ليلة القدر».

* وعن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّه قال: «من قرأ إنّا أنزلناه بجهر كان كشاهر سيفه في سبيل الله، ومن قرأها سرّاً كان كالمتشحّط بدمه في سبيل الله..».

* وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: «من قرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر في فريضةٍ من فرائض الله نادى منادٍ: يا عبدَ الله، غفر الله لك ما مضى، فاستأنف العمل».

تفسير آيات منها

قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ الآية:1.

* الإمام الباقر عليه السلام: «..هي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر..».

* الإمام الصادق عليه السلام لمن سأله عن ليلة القدر: «اطلبها في تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين».

قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ الآية:2.

أمير المؤمنين عليه السلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا عليّ، أتدري ما معنى ليلة القدر؟

فقلت: لا يا رسول الله. فقال: إنّ الله تبارك وتعالى قدّر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكان فيما قدّر عزّ وجلّ ولايتك وولاية الأئمّة من ولدك إلى يوم القيامة».

قوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ الآية:3.

الإمام الباقر عليه السلام: «العمل الصالح فيها من الصلاة، والزكاة، وأنواع الخير، خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، ولولا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا، ولكنّ الله يضاعف لهم الحسنات».

قوله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ الآية:4.

* الإمام الصادق عليه السلام: «إذا كان ليلةُ القدر نزلت الملائكة، والروح، والكتَبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من قضاء الله تبارك وتعالى في تلك السنة، فإذا أراد الله أن يقدّم شيئاً أو يؤخّره أو ينقص منه أو يزيد، أمرَ الملَكَ أن يمحو ما شاء، ثمّ أثبت الذي أراد».

* وسُئل عليه السلام عن الروح: أليس هو جبرئيل؟

فقال: «الروح أعظم من جبرئيل، إنّ جبرئيل عليه السلام من الملائكة، وإنّ الروح هو خلقٌ أعظم من الملائكة..».

* الإمام الجواد عليه السلام: «إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عبّاس: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمرُ السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فقال ابن عبّاس: من هم؟

قال: أنا وأحد عشر من صُلبي».

قوله تعالى: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ الآية:5.

النبيّ صلّى الله عليه وآله: «إنّ الشيطان لا يخرج في هذه الليلة حتّى يضيء فجرُها، ولا يستطيع فيها أن ينال أحداً بخبَل، أو داء، أو ضرب من ضروب الفساد، ولا ينفذ فيها سحرُ ساحر».

من خصائص السورة

* في الحديث القدسي أنّ المولى تبارك وتعالى خاطب نبيّه صلّى الله عليه وآله: «اقرأ ﴿إنّا أنزلناه﴾ فإنّها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة».

* قيل للإمام الصادق عليه السلام: بم احترستَ من المنصور [العبّاسي] عند دخولك عليه؟ فقال: «بالله، وبقراءة ﴿إنّا أنْزلناهُ﴾، ثمّ قلتُ: (يا اللهُ يا اللهُ) سبعاً، إنّي أتشفّع إليك بمحمّدٍ وآله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأن تغلبَه لي. فمن ابتُلي بذلك فليصنعْ مثلَ صُنعي، ولولا أنّنا نقرأها ونأمر بقراءتها شيعتَنا لتخطّفهم الناس، ولكن هي والله لهم كهف».

* الإمام الرضا عليه السلام: «من أتى قبرَ أخيه المؤمن من أيّ ناحية، يضع يده وقرأ ﴿إنّا أنْزلْناه في لَيلةِ القدْر﴾ سبعَ مرّات أمِنَ من الفزع الأكبر».

* وعنه عليه السلام: «ما من عبد زار قبر مؤمن فقرأ عنده ﴿إنّا أنْزلْناه في لَيلةِ القدْر﴾ سبعَ مرّات، إلّا غفر اللهُ له ولصاحب القبر».

* عن إسماعيل بن سهل قال: كتبتُ إلى أبي جعفر [الجواد] عليه السلام: إنّي قد لزمني دَينٌ فادح، فكتب إليّ: «أكثرْ من الاستغفار، ورطّب لسانك بقراءة ﴿إنّا أنْزلْناه﴾».

قال المفسّرون

«تفسير الميزان»: الظاهر أنّ المراد بـ«القدر» التقدير، فهي ليلة التقدير، يقدِّر اللهُ فيها حوادث السنة من الليلة إلى مثلها من قابل؛ من حياة، وموت، ورزق، وسعادة، وشقاء، وغير ذلك كما يدلّ عليه قوله تعالى في سورة الدخان في صِفة الليلة: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ الدخان:4-6، فليس فَرْقُ الأمر الحكيم إلّا إحكام الحادثة الواقعة بخصوصيّاتها بالتقدير.

ويستفاد من ذلك أنّ الليلة متكرّرةٌ بتكرّر السنين، ففي شهر رمضان من كلّ سنة قمرية ليلةٌ تقدّر فيها أمور السنة من الليلة إلى مثلها من قابل، إذ لا معنى لفرض ليلة واحدة بعينها أو ليال معدودة في طول الزمان تقدّر فيها الحوادث الواقعة التي قَبلها والتي بعدها، وإن صحّ فرض واحدة من ليالي القدر المتكرّرة ينزل فيها القرآن جملة واحدة.

والمراد بكونها خيراً من ألف شهر خيريّتُها منها من حيث فضيلة العبادة على ما فسّره المفسّرون، وهو المناسب لغرض القرآن وعنايته بتقريب الناس إلى الله عزّ وجلّ، فإحياؤها بالعبادة خير من عبادة ألف شهر "..".

و «من» في قوله: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ قيل: بمعنى الباء، وقيل: لابتداء الغاية وتفيد السببية، أي بسبب كلّ أمر إلهي، وقيل: للتعليل بالغاية، أي لأجل تدبير كلّ أمر من الأمور. والحقُّ أنّ المراد بـ«الأمر»:

* إنْ كان هو الأمر الإلهي المفسّر بقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ يس:82، فـ«مِنْ» للابتداء، وتفيد السببية، والمعنى: تتنزّل الملائكة والروح في ليلة القدر بإذن ربّهم مبتدأ تنزّلهم وصادراً من كلّ أمر إلهي.

* وإنْ كان هو الأمر من الأمور الكونية والحوادث الواقعة فـ«مِنْ» بمعنى اللام التعليلية، والمعنى: تتنزّل الملائكة والروح في الليلة بإذن ربّهم لأجل تدبير كلّ أمر من الأمور الكونية.

من خصائص ليلة القدر

عن أبي ذر أنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله، ليلةُ القدر هي شيءٌ يكون على عهد الأنبياء ينزل فيها عليهم الأمر، فإذا قُبضوا دُفعت؟

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا، بل هي إلى يوم القيامة».

* عن أبي جعفر [الجواد] عليه السلام قال: «لقد خلق الله جلّ ذكره ليلة القدر أوّل ما خلق الله الدنيا، ولقد خلق فيها أوّل نبيّ يكون وأوّل وصيّ يكون، ولقد قضى أن يكون في كلّ سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، مَن جحد ذلك فقد ردّ على الله عزّ وجلّ علمَه، لأنّه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدّثون إلّا أن تكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجّة التي يأتيهم بها جبرئيل عليه السلام...».

* قال رجل للإمام الصادق عليه السلام: أخبرني عن ليلة القدر كانت، أو تكون في كلّ عام؟

فقال عليه السلام: «لو رفُعت ليلة القدر، لَرُفع القرآن».

* عنه عليه السلام: «إذا كان ليلة القدر، وفيها يُفرَقُ كلُّ أمرٍ حكيم، نادى منادٍ تلك الليلة من بطنان العرش: إنّ الله تعالى قد غفر لمَن أتى قبرَ الحسين عليه السلام في هذه الليلة».

* عنه عليه السلام أيضاً: «..هي ليلةٌ قُدّرت فيها السماوات والأرض، وقُدّرت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فيها».

* وعنه عليه السلام، قال: «ليلة القدر هي أوّل السنة وهي آخرها».

 

 

 

 

 

 

 

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات