بصائر

بصائر

12/06/2018

وصية الإمام الصادق وشهادته عليه السلام


وصية الإمام الصادق وشهادته عليه السلام

ــــــــــــــــــــــــــــ المحدّث الجليل الشيخ عباس القمّي* ــــــــــــــــــــــــــــ

 

استشهد الإمام الصادق عليه السلام في شهر شوال سنة 148 هجرية بالعنب المسموم الذي أطعمه به الحاكم العباسي المنصور الدوانيقي، وكان عمره الشريف حين استشهاده خمساً وستين سنة، ولم يعيَّن في الكتب المعتبرة اليوم الذي توفي فيه من شهر شوال، نعم قال صاحب (جنّات الخلود) المتتبّع الماهر (خاتون آبادي): إنّه استشهد في اليوم الخامس والعشرين من ذلك الشهر.

وقيل إنّ شهادته عليه السلام كانت في النصف من رجب يوم الاثنين، ونقل عن (مشكاة الأنوار) أنّه: دخل بعض أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام في مرضه الذي توفّي فيه إليه فبكى.

فقال عليه السلام: لأيّ شي‏ء تبكي؟

فقال: كيف لا أبكي وأنا أراك على هذه الحال؟

قال: لا تفعل، فإنّ المؤمن تعرّض (عليه) كلّ خير، إن قطع أعضاؤه كان خيراً له، وإن ملَك ما بين المشرق والمغرب كان خيراً له‏.

وروى الشيخ الطوسي وكذلك الكليني عن سالمة مولاة أبي عبد الله عليه السلام انّها قالت: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام حين حضرته الوفاة، فأُغمي عليه فلمّا أفاق قال: أعطوا الحسن بن عليّ بن الحسين - وهو الأفطس - سبعين ديناراً، وأعطوا فلاناً كذا وكذا، وفلاناً كذا وكذا، فقلت: أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة؟

فقال: ويحكِ، أما تقرئين القرآن؟ قلت: بلى.

قال: أما سمعتِ قولَ الله عزّ وجلّ: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾. (الرعد/21) ".." نعم يا سالمة، إنّ الله خلق الجنة وطيّبها وطيّبَ رِيحَها، وانّ ريحَها لَتُوجَد من مسيرة ألفَي عام، ولا يجدُ ريحَها عاقٌّ ولا قاطِعُ رَحِم‏.

وروى الشيخ الكليني عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام أنّه قال: «أنا كفّنتُ أبي في ثوبين... كان يُحرِمُ فيهما... وفي عمامةٍ كانت لِعَليِّ بن الحسين عليه السلام...».

وروى أيضاً أنّه لمّا قُبض أبو جعفر الباقر عليه السلام أمر أبو عبد الله الصادق عليه السلام بالسِّراج في البيت الذي كان يسكنه حّتى قُبض أبو عبد الله عليه السلام، ثمّ أمر أبو الحسن الكاظم عليه السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليه السلام ‏.

 وروى الشيخ الصدوق عن أبي بصير أنّه قال: دخلتُ على أمّ حميدة (زوجة الإمام) أعزّيها بأبي عبد الله عليه السلام فبكتْ وبكيتُ لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمّد، لو رأيتَ أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيتَ عجباً، فتحَ عينيه ثم قال: اجمعوا لي كلَّ مَن بيني وبينه قرابة.

 قالت: فلم نترك أحداً إلّا جمعناه، قالت: فنظر إليهم ثمّ قال: إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّاً بالصلاة.

ورُوي عن عيسى بن داب أنّه قال: لما حمل أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام على سريره وأُخرج إلى البقيع ليُدفن قال أبو هريرة العجليّ من شعراء أهل البيت المهاجرين هذه الأبيات:

أقولُ وقد راحوا به يحملونه

على كاهلٍ من حامليه وعاتقِ‏

أتدرون ماذا تحملون إلى الثّرى‏

ثَبِيراً  ثوى من رأس علياءَ شاهقِ‏

غداة حثا الحاثون فوقَ ضريحه‏

تراباً وأولى كان فوقَ المفارقِ

        

وروي عن داود الرقيّ أنّه قال: وفدَ من خراسان وافدٌ يكنّى أبا جعفر، واجتمع إليه جماعةٌ من أهل خراسان، فسألوه أن يحمل لهم أموالاً ومتاعاً ومسائلهم في الفتاوى والمشاورة، فورد الكوفة فنزل وزار أمير المؤمنين عليه السلام، ورأى في ناحية رجلاً حوله جماعة، فلمّا فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء ويسمعون من الشيخ.

 فسألهم عنه، فقالوا: هو أبو حمزة الثماليّ، قال: فبينما نحن جلوس إذ أقبل أعرابيّ، فقال: جئتُ من المدينة وقد مات جعفر بن محمّدٍ عليه السلام.

فشهق أبو حمزة ثمّ ضرب بيده الأرض، ثم سأل الأعرابيّ: هل سمعتَ له بوصيّة؟

قال: أوصى إلى ابنه عبد الله، وإلى ابنه موسى، وإلى المنصور.

قال أبو حمزة: الحمد لله الذي لم يضلّنا، دلّ على الصغير، ومَنّ على الكبير، وستر الأمر العظيم. ووثب إلى قبر أمير المؤمنين عليه السلام فصلّى وصلّينا، ثم أقبلتُ عليه وقلت له: فسّر لي ما قلتَه؟

فقال: بيّن أنّ الكبير ذو عاهة، ودلّ على الصغير بأنْ أدخل يدَه مع الكبير، وستر الأمر العظيم بالمنصور، حتى إذا سأل المنصور مَن وصيّه؟ قيل: أنت!

وروى الشيخ الكليني والطوسي وابن شهرآشوب، واللفظ للكليني، عن أبي أيوب النّحوي أنّه قال: بعث إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل فأتيتُه فدخلت عليه وهو جالسٌ على كرسيّ وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، قال: فلمّا سلّمتُ عليه رمى بالكتاب إليّ وهو يبكي.

فقال لي: هذا كتاب محمد بن سليمان (والي المدينة) يُخبرنا أنّ جعفر بن محمّدٍ قد مات، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون - ثلاثاً - وأين مثلُ جعفر؟

 ثم قال لي: اكتب، قال: فكتبتُ صدر الكتاب، ثم قال: أكتبْ: إنْ كان أوصى إلى رجلٍ واحدٍ بعينه، فقدّمه واضربْ عنقه!

قال: فرجع إليه الجواب أنّه قد أوصى إلى خمسة، وأحدُهم أبو جعفر المنصور، ومحمّد بن سليمان، وعبد الله، وموسى، وحميدة.

 قال العلامة المجلسي رحمه الله: كان الإمام عليه السلام يعلم بعلم الإمامة أنّ المنصور سيقتل وصيّه،‏ فأشرك هؤلاء النفر ظاهراً، فكتب اسم المنصور أوّلاً، لكنّ الإمام موسى بن جعفر صلوات الله عليه هو الذي كان مخصوصاً بالوصيّة دونهم...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* (منتهى الآمال:2/ 203 – 206)

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

12/06/2018

دوريات

  أجنبية

أجنبية

12/06/2018

أجنبية

نفحات