يذكرون

يذكرون

12/09/2018

الذكر

 

الذكر *

أفضله ما كان لُباب القلب له مدداً

____ الإمام الخميني قدّس سرّه ____

إنّ ذكر الحقّ والتذكّر لذاته المقدّسة من صفات القلب، وإنّ القلب إذا تذكّر ترتّبت عليه جميع الفوائد المذكورة للذكر، ولكن الأفضل أن يعقب الذكر القلبي، الذكر اللساني. وإنّ أفضل وأكمل مراتب الذكر كافّة هو الذكر الساري في نشآت مراتب الإنسانية، والجاري على ظاهر الإنسان وباطنه، سرّه وعلنه.

فيكون الحقّ سبحانه مشهوداً في سرّ الوجود، وتكون الصورة الباطنية للقلب والروح، صورة تذكّر المحبوب. ويطغى على الأعمال القلبية والقالبية -أي الظاهرية- التذكّر لله سبحانه. وتنفتح الأقاليم السبع الظاهرية، والممالك الباطنية، على ذكر الحقّ، وتتسخّر لتذكّر الجميل المطلق. بل لو أنّ حقيقة الذّكر تحوّلت إلى صورة باطنية للقلب، وانفتحت مملكة القلب على يديه أي الذكر- لجرى حكمه في كل الممالك والأقاليم -القوى الجسمية الظاهرية والباطنية- ولكانت حركة وسكون العين واللسان واليد والرجل، وأفعال كلّ القوى والجوارح مع ذكر الحقّ، ولم تقم ـ القوى الظاهرية والباطنية في جسم الإنسان ـ بإنجاز ما يخالف الوظائف الشرعية المقررة، فتكون حركاتها وسكناتها مبدوّة ومختومة بذكر الحق، وتَنْفُذُ ﴿..بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا..﴾ (هود:41) في جميع أطراف مملكة جسم الإنسان، بما فيه من قوى ظاهرية وباطنية.
وفي النتيجة يتحوّل الإنسان إلى حقيقة الأسماء والصفات، بل إلى صورة اسم الله الأعظم، ومظهره. وهذه هي الغاية القصوى لكمال الإنسان ومنتهى رجاء أهل الله. وكلّما حصل انخفاض عن هذا المستوى الرفيع، وقلّ نفوذ الذكر في الإنسان، انتقص وبنفس النسبة من كماله، وأثّر نقصان كلّ من الظاهر والباطن، في الآخر، لأن نشآت وجود الإنسان مترابطة ومتأثّرة بعضها ببعض.

ومن هنا يعلم أنّ ذكر الحقّ بالنطق واللسان الذي يعدّ من أقل مراتب الذكر، يكون مجدياً ونافعاً أيضاً، لأنّه:

أولاً: قام اللسان بوظيفته بواسطة ذكره، وإن كان هذا الذكر قالباً لا روح له.

وثانياً: يمكن أن يصير هذا الذكر باللسان سبباً لتفتّح لسان القلب أيضاً بعد فترة من المواظبة على ذكر اللسان، والاستمرار عليه بشروطه. ".."

قبول الأعمال على قدر توجّه القلب

ولا بُدَّ من معرفة أنّ الأعمال الظاهرية الصورية لا تليق بمقام الغيب، ولا تحشر في عالم الملكوت، إلاّ إذا بلغها من باطن الروحانية ولُباب القلب مددٌ، ووهبها حياة ملكوتية، ولا يكون ذلك إلاّ بالنفحة الروحية التي هي بمثابة الروح والباطن، لصورة خُلوص النية، والنية الخالصة، وبموجبها يحشر الجسم في عالم الملكوت ويعتبر لائقاً للقبول في مقام الغيب القدسي. ولهذا ورد في الروايات الشريفة أنّ قبول الأعمال على قدر توجّه القلب. ومع كلّ ذلك أيضاً يكون الذكر باللسان محبوباً ومستحبّاً، ويقود الإنسان في نهاية المطاف إلى الحقيقة. ومن هذا المنطلق ورد في الأحاديث الشريفة مدح عظيم للذكر اللساني. وقليلاً ما تجد موضوعاً يشتمل على أحاديث كثيرة مثل موضوع الذكر. وقد أثنت أيضاً الآيات الكريمة كثيراً على ذكر الله باللسان، وإن كانت هذه الآيات غالباً ما تتحدّث عن الذكر القلبي أو الذكر مع الروح، ولكن تذكُّر الحقّ في كلّ مرتبة محبوب ومطلوب.

 

__________________________

* (الأربعون حديثاً: الحديث الثامن عشر)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ أسبوع

إصدارات عربية

نفحات