أحسن الحديث

أحسن الحديث

14/01/2019

قصة أصحاب السبت

قصة أصحاب السبت

تأريخ التحايل على الحكم الشرعي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتضمّن القرآن الكريم، في حوالى خمسين سورة منه، حملات قارعة على اليهود بسبب انحرافهم الديني والأخلاقي، ومكائدهم ضدّ الدعوة الإسلامية وصاحبها صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإنكارهم أو كتْمهم ما عندهم من بشائر، وما يعرفون من حقائق.

ومن المواقف التي أخبر بها الوحي عن تاريخهم البعيد قصّة «أصحاب السبت» وما حلّ بهم من النقمة نتيجة تحايلهم على الشريعة، وذلك في سورة الأعراف، الآيات (163-166).

المقالة أدناه، هي مختصر لما جاء في تفسير هذه الآيات، في الجزء الخامس من «التفسير الأمثل» للمرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

 

 كانت جماعة من بني إسرائيل تعيش على ساحل أحد البحار، والظاهر أنّه ساحل البحر الأحمر المجاور لفلسطين، في ميناء يسمّى «أيله»، والذي يسمّى الآن بميناء «إيلات»، وقد أمرهم الله سبحانه وتعالى، على سبيل الاختبار والامتحان، أن يعطّلوا صيد الأسماك في يوم السبت، ولكنّهم خالفوا هذا التعليم، فأصيبوا بعقوبة موجعة ومؤلمة، نقرأ شرحها في القرآن الكريم.

في البداية يقول سبحانه مخاطباً رسولَ الله صلّى الله عليه وآله:

* ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ..﴾: أي اسأل يهودَ عصرك عن قضيّة القرية التي كانت تعيش على ساحل البحر.

* ﴿..إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ..﴾: وذكِّرهم كيف أنّهم تجاوزوا  -في يوم السبت- القانونَ الإلهيّ. لأنّ يوم السبت كان يوم عطلتهم،  وكان عليهم أن يكفّوا فيه عن الكسب وعن صيد السمك ويشتغلوا بالعبادة، لكنّهم تجاهلوا الأمر.

ثمّ يشرح القرآن «العدوان» المذكور بالعبارة التالية:

* ﴿..إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً..﴾: فالأسماك كنت تظهر على سطح الماء في يوم السبت،  بينما كانت تختفي في غيره من الأيام. ومن البديهي أنّ صيد الأسماك يشكّل لدى سكَنة ساحل البحر مورد كسْبهم وتغذيتهم، وكأنّ الأسماك بسبب تعطيل عمليّة الصيد في يوم السبت صارت تحسّ بنوع من الأمن من ناحية الصيّادين، فكانت تظهر على سطح الماء أفواجاً أفواجاً، بينما كانت تتوغّل بعيداً في البحر في الأيّام الأخرى التي يخرج فيها الصيّادون للصيد.

إنّ هذا الموضوع سواء كان له جانب طبيعي عادي، أم كان له جانب استثنائي وإلهي، كان وسيلةً لامتحان هذه الجماعة واختبارها، لهذا يقول القرآن الكريم: وهكذا اختبرناهم بشيء يخالفونه ويعصون الأمر فيه: ﴿..كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾.

عندما واجهت هذه الجماعة من بني إسرائيل هذا الامتحان الكبير المتداخل مع حياتهم تداخلاً كاملاً، انقسموا إلى ثلاث فرق:

الفرقة الأولى: يشكّلون الأكثرية، وهم الذين خالفوا هذا الأمر الإلهيّ.

الفرقة الثانية: يشكّلون -على القاعدة- الأقلّية، وهم الذين قاموا تجاه الفريق الأوّل بوظيفة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.

الفرقة الثالثة: وهم الساكتون المحايدون، والذين لم يوافقوا العصاة، ولا قاموا بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 وفي النهاية يشرح القرآن الحوار الذي دار بين العصاة، وبين الذين نَهوهم عن ارتكاب هذه المخالفة فيقول:

﴿وإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا..﴾، فأجابهم الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر:

﴿..قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾، أي أنّنا ننهى عن المنكر لأنّنا نؤدّي واجبنا تجاه الله تعالى، وحتى لا نكون مسؤولين تجاهه، هذا مضافاً إلى أنّنا نأمل أن يؤثّر كلامنا في قلوبهم، ويكفّوا عن طغيانهم وتعنّتهم.

ولكنْ في المآل، غلبت عبادة الدنيا عليهم وتناسوا الأمر الإلهيّ، حينها أنجى اللهُ الذين كانوا ينهون عن المنكر، وعاقب الظالمين: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾.

 ثمّ يوضح القرآن الكريم طبيعة العقوبة، بقوله سبحانه: ﴿فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾.  

التدرّج في العصيان

أمّا كيف بدأت هذه الجماعة عمليّة التجاوز على هذا القانون الإلهي، فقد وقع فيه كلام؛ ويستفاد من بعض الروايات:

1) أنّهم عمدوا في البداية إلى ما يسمّى بالحيلة الشرعية، فقد أحدثوا أحواضاً على الساحل، ولها أبواب مشرعة إلى البحر، فكانوا يفتحون هذه الأبواب في يوم السبت فتقع فيها أسماك كثيرة مع ورود الماء إليها، وعند الغروب حينما كانت الأسماك تريد العودة إلى البحر يوصدون الأبواب، فتُحبس الأسماك في تلك الأحواض، ثمّ يعمدون يوم الأحد إلى صيدها وأخذها من الأحواض، وكانوا يقولون: إنّ الله أمرنا أن لا نصيد السمك يومَ السبت، ونحن لم نصطد السمك إنّما حاصرناها فقط.

 ويقول البعض:

2) إنّهم كانوا يُرسلون شباكهم في البحر يومَ السبت، ثمّ يسحبونها يوم الأحد وقد علقت بها الأسماك، وهكذا كانوا يصيدون السمك يوم السبت، ولكن بصورة ماكرة.

3) ويظهر من بعض الروايات الأخرى أنّهم كانوا يصيدون السمك يوم السبت، من دون مبالاة بالنّهي الإلهي، وليس بواسطة أيّه حيلة.

ومن الممكن أن تكون هذه الأخبار صحيحة بأجمعها، وذلك أنّهم في البداية استخدموا ما يُسمّى بالحيلة الشرعية، وذلك بواسطة حفر أحواض إلى جانب البحر، أو إلقاء الشِّباك. ثمّ لمّا صغُرت هذه المعصية في نظرهم، جرّأهم ذلك على كسْر احترام يوم السبت وحُرمته بحسب شريعتهم، فأخذوا يصيدون السمك في يوم السبت تدريجاً وعَلناً، فاستحقّوا بذلك العذاب الإلهيّ.

 

الذخيرة لسكرات الموت

يستهلّ المحدث الشيخ عباس القمّي كتابه (منازل الآخرة)، بالحديث عن الاحتضار أو «سكرات الموت»، باعتباره المنزل الأول في ارتحال الإنسان من دار الدنيا إلى الآخرة. وبعد أن يفصّل الكلام على شدائد هذا المنزل المهول، يورد مجموعة من الأعمال التي تهوّن على المؤمن سكرات الموت، استناداً إلى الأحاديث الشريفة عن المعصومين عليهم السلام، منها:

1و2) صِلة الرَّحِم وبرّ الوالدين.

3) كسوة الأخ: عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن كَسى أخاه كسوةَ شتاءٍ أو صيف، كان حقّاً على الله...أن يهوّن عليه سكراتِ الموت، وأن يوسِّعَ عليه في قبره..».

4) إطعام الحلوى: عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَن أطعمَ أخاه حلاوةً، أذهبَ اللهُ عنه مرارةَ الموت».

5و6) قراءة سورتَي يس والصافات عند المحتضر.

7) تلقين المحتضر كلمات الفرج: عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: «إذا أدركتَ الرّجلَ عندَ النّزْعِ فلقِّنْهُ كلماتِ الفرَج: لا إلهَ إلّا اللهُ الحليمُ الكريم، لا إلهَ إلّا اللهُ العليُّ العظيم، سبحانَ اللهِ ربِّ السّماواتِ السّبعِ وربِّ الأرضينَ السَّبع، وما فيهنّ وما بينهنّ وما تحتهنّ، وربِّ العرشِ العظيم، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين».

(المصدر: ص 23 – 27)

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

14/01/2019

إصدارات

نفحات