الملف

الملف

14/01/2019

«مصحف فاطمة عليها السلام»

«مصحف فاطمة عليها السلام»

أجَلُّ فضائل الصدّيقة الزهراء عليها السلام

عندما نستعرض الخصوصيات التي تفتح لنا آفاقاً في محاولة رفع مستوى معرفتنا بالزهراء عليها السلام، لنرفعَ بذلك مستوى تديُّننا، لا يمكن أبداً إلّا أن نقف عند الحديث عن «مصحف فاطمة».

طال الكلام وكثُر حول مصحف الزهراء. البعض يتّهموننا بأنّنا نعتبره مصحفاً بديلاً عن القرآن الكريم، والعياذ بالله! ورواياتنا صريحة في أنّ مصحف الزهراء ليس فيه حرفٌ من القرآن الكريم. هو شيءٌ آخر. لربّما نجد تشكيكاً من بعض أوساطنا في «مصحف فاطمة»، أو في أهمّيته، أو في بعض خصوصياته. التكليف الشرعي أيّها الأحبة -بعيداً عن أيّ مزايدة- يقتضينا أن نقف عند هذه الأمور. يُصاب الإنسان بالفجيعة عندما يقابل بين حديث علمائنا الأعلام عن «مصحف فاطمة»، وبين ما نسمعه.

نجد أنّ الإمام الخمينيّ رضوان الله تعالى عليه، يفتخر في وصيّته بأمور: من جملتها «مصحف فاطمة»، فما معنى ذلك؟ إنّ هذا يكشف عن مكانة عظيمة للصحيفة الفاطمية كما يسمّيها الإمام، يقول رضوان الله عليه:

«نحن نفخر أنّ لنا مناجاة الأئمّة الشعبانية، ودعاء عرَفة للحسين بن عليّ عليهما السلام، والصحيفة السجادية زَبور آل محمّد هذا، والصحيفة الفاطمية، ذلك الكتاب المُلهَم من قِبل الله تعالى للزهراء المَرْضِيّة».

في مكان آخر يتحدّث الإمام عن «مصحف فاطمة عليها السلام»، حديث الأمر المفروغ منه، يقول ما خلاصته:

«عندما كان جبرئيل عليه السلام، ينزل على الزهراء عليها السلام، ويحدّثها بما يجري على ذريّتها من بعدها.. أليس من المحتمل أنّه حدّثها عن الجمهورية الإسلامية في إيران؟».

وحول بعض تفاصيل نزول جبرئيل عليه السلام على مولاتنا الزهراء عليها السلام، أترك الحديث هنا أيضاً للإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، حيث بيّن في كتاب (صحيفه نور:19/278 – 279) هذه الخصوصيات بما لا مزيد عليه، يقول عليه الرحمة والرضوان:

«أنا بالنسبة إلى حضرة الصدّيقة سلام الله عليها، أرى نفسي قاصراً حتى عن ذكرها، إلّا أنني أكتفى برواية فقط وردت في (الكافي) الشريف، ونُقلت بسندٍ معتبَر..». (لاحظ.. في كتاب الكافي والسند معتبر) وهي: «سُئل الإمام الصادق عليه السلام، عن مصحف فاطمة، فقال:

(إنّ فاطمةَ عليها السلام، مَكَثتْ بعدَ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، خمسةً وسبعينَ يوماً، وكان دخلَها حزنٌ شديد على أبيها، وكان جبرئيلُ عليه السلام، يأتيها فيُحسِنُ عزاءَها على أبيها، ويُطيّب نفسها، ويُخبِرُها عن أبيها ومكانِه، ويُخبِرُها بما يكون بعدها في ذرّيّتِها، وكان عليٌّ عليه السلام يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة)».

يضيف الإمام الخميني رضوان الله عليه:

«ولا أظنّ أنّ مثل هذا قد ورد حول غير الطبقة الأولى من الأنبياء العِظام. طيلة خمسة وسبعين يوماً، كان جبرئيل يتردّد إليها، ويذكر المسائل التي ستقع في المستقبل لذريّتها، وكان الأمير عليه السلام أيضاً يكتب ذلك. كان الأمير كاتب الوحي، كما كان كاتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»، ثمّ يضيف الإمام: «طبعاً ذلك الوحي، بمعنى التشريع، كان قد تمّ..».

الوحي المقصود هنا ليس بمعنى الوحي القرآني أو تشريع الأحكام.. إنّما هو وحيٌ من نوع آخر. وأوّل سؤال يرِدُ هنا: وهل هناك وحي من نوع آخر؟ هل يُوحَى إلى غير رسول الله؟

والجواب: أوَلسنا مسلمين؟ ألم نقرأ القرآن الكريم؟ ألا نجد في القرآن: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَى..﴾ ، ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ..﴾؟! [القصص:7؛ الأنفال:12]، وحديث الوحي في القرآن يشمل حتى النحل. إذاً، يمكن أن يكون وحي من غير نوع الوحي القرآني.

ثمّ يصل الإمام إلى مجيء جبرئيل إلى الزهراء عليها السلام، فيقول:

«مسألة مجيء جبرئيل إلى شخص ليست مسألة عادية. لا تتصوّر أنّ جبرئيل يأتي إلى أيّ شخص، أو أنّ من الممكن أن يأتي، إنّ هذا بحاجة إلى تناسب بين روح ذلك الشخص الذي يأتي جبرئيل إليه، وبين مقام جبرئيل الذي هو الروح الأعظم».

ثمّ يقول:

«هذا التناسب كان قائماً بين جبرئيل الروح الأعظم والدرجة الأولى من الأنبياء؛ كرسول الله صلّى الله عليه وآله، وموسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام، وأمثالهم».

يضيف رضوان الله عليه: «إنّني أعتبر هذه الفضيلة للزهراء عليها السلام، على الرغم من عظمة كلّ فضائلها الأخرى -أعتبرها- أعلى فضائلها، حيث لم يتحقّق مثلها لغير الأنبياء، بل لم يتحقّق مثلها لجميع الأنبياء، وإنّما للطبقة العليا منهم، ولأعظم الأولياء الذين هم في رتبتهم، ولم تتحقّق لشخصٍ آخر. وهذه من الفضائل المختصّة بالصدّيقة سلام الله عليها».

إيّانا أن نظلم أنفسا بإنزال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأهل البيت عليهم السلام، في غير مرتبتهم التي رتّبهم الله فيها، فإنّنا آنذاك لا يمكن أن نصل إلى التديّن الحقيقي.

أساسٌ لا بد من الوقوف عنده في طريق التديُّن، هو معرفة الزهراء والعلاقة بالزهراء. حبّ الزهراء هو الذي ينبغي أن يكون محور حركة القلب، ولا يمكن أن يحبّ الإنسان الزهراء حبّاً حقيقياً إذا كانت الحجب تحول بينه وبينها. من هذه الحجب التصورات الخاطئة. ولا يمكن أيضاً أن يحبّ الإنسان الزهراء عليها السلام، إلّا إذا خفق قلبه بحبّ العبادة. يقول الإمام الحسن عليه السلام:

«..رأيتُها تصلّي طيلة الليل وتدعو حتى انفَجَر عمودُ الصّبحِ، وما سمعتُها تدعو لِنفسِها.. سألتُها في ذلك، فقالت: يا بُنيّ.. الجار ثمّ الدار».

ومَن أنا حتّى أتحدّث عن عبادة الزهراء عليها السلام؟ ولا يمكن أن يتعرّف الإنسان على الزهراء إذا لم يخفق قلبه بحب الجهاد، فالزهراء أمّ المجاهدين.. أمّ الشهداء.. أمّ الأسرى..

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

14/01/2019

إصدارات

نفحات