صاحب الأمر

صاحب الأمر

14/01/2019

اللّهَفُ إلى «الماء المعين»

اللّهَفُ إلى «الماء المعين»

آداب العلاقة مع الإمام المهديّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ علي دعموش* ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الارتباط بالإمام الحجّة المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ليس مجرّد ارتباط بفكرة عقيدية غيبيّة، بل بإنسانٍ يعيش بيننا، يرانا ونراه، يعرفنا ولا نعرفه، يسدّدنا ويوجّهنا إلى حيث مصلحتنا ومصلحة الأمّة.

وهو إمام الإنس والجنّ، بل إمام الكون وقوامه، فلولا وجود الإمام لساخت الأرض بأهلها، كما ورد في الأحاديث المأثورة عنهم عليهم السلام. وهذا يعني أنّ الإمام لو سحب ألطافه ولم يتدخّل في بعض الشؤون، ولم يعمل على رعاية الأُمّة وتسديدها في حركتها ومواقفها، فالله وحده يعلم كيف سيصبح حال المجتمع الإسلامي، وإلى أيّ درجة من الانحطاط والضياع يمكن أن يصل.

وقد ورد في بعض الأحاديث أنّ أعمالنا تُعرض عليه فيحزن لسيّئها، ويفرح لِما حسُن منها. يقول الإمام الخميني قدّس سرّه: «علينا أن ننظر في صحيفة أعمالنا قبل أن تصل إلى محضر الله ومحضر صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف».

ومن أجل أن يكون المؤمن بالمستوى اللائق في محضر الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف، لا بدّ من مراعاة جملة من آداب العلاقة معه والارتباط به، هي تلك الآداب التي وردت في الأحاديث عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام، وسوف نورد هنا بعضها:

1) مبايعته عليه السلام: فقد ورد في دعاء العهد: «اللّهمّ إنّي أُجدّد له في صبيحة يومي هذا وما عشتُ من أيّامي، عهداً وعقداً وبيعةً له في عُنقي، لا أحولُ عنها ولا أزولُ أبداً».

2) إظهار الشوق لرؤيته: ورد أنّ أمير المؤمنين عليه السلام، ذكرَ المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف من وُلده، فأومأ إلى صدره شوقاً إلى رؤيته.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال وهو يتشوّق لرؤيته: «..لو أدركتُه لخدمتُه أيامَ حياتي».

وعلّمنا أهل البيت عليهم السلام، أن ندعو الله لرؤيته، ففي دعاء العهد: «اللّهُمّ أرِني الطّلعةَ الرشيدة، والغرّةَ الحميدة، واكحلْ ناظري بنظرةٍ منّي إليه».

وفي دعاء الندبة: «..هل إليكَ يا ابنَ أحمدَ سبيلٌ فتُلقى».

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ رؤية الإمام عليه السلام، في زمن الغَيبة الكبرى ممكنة بل وميسّرة لخواصّ المؤمنين. وقد تشرّف بعض علمائنا برؤيته صلوات الله عليه. أمّا الروايات التي تكذّب مَن ادّعى رؤيته، فهي تشير إلى معنى آخر، وهو ما نقله الشيخ الاشتهاردي عن الإمام الخميني قدّس سرّه، حيث يقول: «..والأخبار الدالّة على تكذيب رؤيته منزَّلة على دعوى رؤيته بدعوى نيابته الخاصّة من قِبله عليه السلام...».

3) الثبات على ولايته: عن الإمام الباقر عليه السلام: «يأتي على الناس زمانٌ يغيبُ عنهم إمامهم. طُوبى للثابتين على أمرِنا في ذلك الزمان...».

4) الاغتمام والبكاء على فراقه: عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «نَفَسُ المهموم لنا، المغتمّ لظلمنا، تسبيحٌ...».

وعنه عليه السلام، أيضاً: «واللهِ لَيغِيبنّ إمامُكم سنيناً من دهركم... ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين...». [تنوين سنين، لغة بني عامر كما في شرح التصريح للأزهري]

وفي (عيون الأخبار)، عن الإمام الرضا عليه السلام: «كم مِن حَرّى مؤمنةٍ وكم من مؤمنٍ متأسّفٍ حيرانَ حزين، عند فُقدانِ الماء المعين». يعني الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

5) الدعاء له: لا سيّما دعاء: «اللّهم كُنْ لوليّك الحجّةِ بن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي كلّ ساعة، وليّاً وحافظاً..».

وقد ورد تأكيد الدعاء له بتعجيل الفرج؛ ففي التوقيع الشريف المرويّ عنه عجّل الله تعالى فرجه الشريف: «وأكثِروا الدعاءَ بتعجيل الفَرَج، فإنّ ذلك فَرَجكم».

وروي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام، أنّه قال: «..واللهِ لَيَغِيبَنّ غَيبةً لا يَنجو فيها من الهَلَكة إلا مَن ثبّته اللهُ عزّ وجلّ على القولِ بإمامته، ووفّقه للدّعاءِ بتعجيلِ فَرَجِه».

6) زيارته عليه السلام: لا سيّما زيارة «آل ياسين» الواردة عنه عجّل الله تعالى فرجه الشريف، حيث يعلّمنا فيها كيف نشعر بحضوره، فنقول: «..السلامُ عليك حين تقرأُ وتُبيّن، السلام عليك حين تُصلّي وتَقنُت، السلام عليك حين تركعُ وتَسجُد».

7) التوسّل به إلى الله سبحانه: سواء في أمور الحياة الدنيا، كما توسّل به الإمام القائد السيّد علي الخامنئي، في مسجد جمكران من أجل نصر المقاومة الإسلامية في عدوان نيسان، أو في أمور الآخرة شفيعاً لنا، كما في دعاء التوسّل.

وقد ورد في بعض الروايات توسّلٌ بالإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، منها: «اللّهُمّ إني أسألك بحقّ وليّك وحجّتك صاحبِ الزمان إلا أعَنْتني به على جميعِ أُموري، وكَفَيتَني به مَؤنةَ كلِّ مؤذٍ وطاغٍ وباغٍ، وأعَنْتني به، فقد بلغَ مجهودي. وكفيتني به كلّ عدوٍّ وهمٍّ وغمّ ودَيْن..».

8) القيام عند ذكر اسمه: لا سيّما عند ذكر لفظ «القائم»، فقد ورد أنّ اسمه المبارك عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ذُكر في مجلس الإمام الصادق عليه السلام، فقام تعظيماً واحتراماً له.

ورُوي أيضاً عن الإمام الرضا عليه السلام، أنّه قام، في مجلسه بخراسان، عند ذكر لفظة «القائم»، ووضع يده على رأسه الشريف، وقال: «اللّهمّ عجِّلْ فرجَه وسهِّل مَخرجَه».

9) الصلاة عليه: فقد ورد استحباب الصلاة عليه في أكثر من مورد، كما في «دعاء الافتتاح». وكالصلاة الواردة عن الإمام العسكريّ عليه السلام: «اللّهمّ صلّ على وليّك وابنِ أوليائك، وليّ الأمر المنتظَر الحجّةِ بن الحسن».

10) التصدّق عنه عليه السلام: فقد ورد في دعاء التصدّق حين السفر: «اللّهُمّ إنّ هذه لك ومنك، وهي صدقةٌ عن مولانا (صاحب الزمان) صلواتُ الله عليه، وبين يدَي أسفاره وحركاته وسكَناته، في ساعاتِ ليله ونَهارِه...».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ في الحوزة العلمية - لبنان

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

14/01/2019

إصدارات

نفحات