اعلام

اعلام

منذ يوم

القاسم بن الإمام الكاظم عليه السلام

 

العلويّ الغريب

القاسم بن الإمام الكاظم عليه السلام

 

إعداد: الشيخ أحمد التميمي

 

* نفحة قدسيّة من نفحات النبوّة، وفرعٌ زاكٍ من فروع الإمامة، وحيد عصره في تقواه وصلاحه، ومحنته وبلائه.

* جليل القدر، عظيم الشأن، كان يُحبّه الإمام موسى الكاظم عليه السلام حبّاً شديداً، وأدخله في وصاياه.

* قال السيّد حسن الصّدر عن زيارته: «جَرَت سيرة العلماء الأجلاّء الحُجج على شدّ الرحال لزيارته من النجف وكربلاء».

* اُعِدّتْ هذه الترجمة الموجزة استناداً إلى ما ورد في (موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام ) لمؤلفها الشيخ باقر شريف القرشي، و(العلوي الغريب) للشيخ عبد الجبار الساعدي، ومجموعة من المصادر الأخرى.

 

 

 

 

 

 

 

هو القاسم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

وُلِدَ في المدينة المنوّرة سنة 150 للهجرة، وتربّى في أحضان اُسرة (النبوّة) و(الإمامة)، فأبوه: الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، سبط النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسابع أئمة أهل البيت عليهم السلام.

واُمّه: السيّدة الجليلة القدر واسمها (نجمة أو تكتم)، امرأة صالحة عابدة تحلّت بأسمى مكارم الأخلاق، وكان من مظاهر عبادتها ما رواه الشيخ المجلسي في (بحار الأنوار: 49/5): «..فقالت: أعينوني بمُرضعة، فقيل لها: أنقص الدَّرُّ؟

فقالت: واللهِ ما نقص، ولكن عليَّ وردٌ من صلاتي وتسبيحي، وقد نقص منذ وَلَدتُ».

وأخوه: الإمام عليّ الرضا عليه السلام ، ثامن الأئمة المعصومين عليهم السلام. واُخته: السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام، كريمة أهل البيت عليهم السلام المدفونة في قم المقدسة.

وأمّا بقيّة إخوانه وأخواته: فيقول عنهم الشيخ المفيد: «ولكلّ واحدٍ من ولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فضلٌ ومنقبةٌ مشهورةٌ». (الإرشاد: 2/ 246)

 

حياته

عاش «القاسم» مع أبيه الإمام موسى الكاظم عليه السلام ما يقارب الـ (19) سنة، حيث قام هارون العباسي بسجن الإمام الكاظم عليه السلام في 19 شوال سنة 169 للهجرة، وأودعه قعر السجون وظُلم المطامير الى أن دسّ له السمّ، فاستُشهد عليه السلام مسموماً مظلوماً في 25 رجب سنة 183 للهجرة.

كان الإمام موسى الكاظم عليه السلام يُكنّ في نفسه أعظم الحبّ والودّ لولده «القاسم» لما يراه منه من الهَدي والصلاح، وما يتمتَع به من الفضل والقابليّات الفذّة، فكان عليه السلام يُثني عليه ويُشيد به ويُقدّمه على سائر أبنائه، ما عدا وَلده الإمام عليّ الرضا عليه السلام، فقد روى ثقة الإسلام الشيخ الكليني في الكافي الشريف (1/313)، باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن الرضا عليه السلام، عن يزيد بن سليط، عن الإمام الكاظم عليه السلام، ما يدلّ على عظيم منزلة ابنه القاسم، وأنه في المرتبة التي تلي الإمام المعصوم المفترض الطاعة، وقد صرّح الإمام الكاظم بمحبّته لابنه القاسم ورأفته عليه.

ومن مظاهر تكريمه عليه السلام له أنّه كان ينتدبه للقيام ببعض مهامّه، فقد روى الشيخ الكليني في (الكافي: 3/ 126)، بسنده عن سليمان الجعفري، قال: «رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم: قم يا بنيّ، فاقرأ عند رأس أخيك (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) حتّى تستتمّها...».

كما جعله عليه السلام شريكاً في التولية على صدقته... كما روى ذلك الشيخ الكليني في (الكافي: 7/ 64) في باب صدقات النبيّ صلّى الله عليه وآله والمعصومين عليهم السلام.

 

هجرته وغربته

اتّصف هارون العباسي بالبغض العارم والعداء الشديد للعلويّين، فقابلهم منذ بداية حكمه بكلّ قسوة وجفاء، وصبّ عليهم جام غضبه، وقد أقسم على استئصالهم وقتلهم، فقال: «والله لأقتلنّهم -أي العلويّين- ولأقتلنّ شيعتهم». (موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام للشيخ القرشي: 29/ 75).

فهام العلويّون على وجوههم في القرى والأرياف متنكّرين لئلاّ يعرفهم أحد، قد أحاط بهم الرعب والفزع، واستولى عليهم الخوف والإرهاب، وقد أمعنت الشرطة في متابعتهم ومطاردتهم، فمن أُلقي القبض عليه أُرسِلَ إلى القبور أو السجون أو إلى بعض وزراء هارون ليُرسِلَ رأسه هديّة إليه في أيّام أعياده!

ومن أبرز هؤلاء العلويّين «القاسم»، فقد هاجر من المدينة المنورة مختفياً كاتماً لاسمه حتّى لا يُعرف، فانتهى إلى مدينة «سورا» في العراق، وأقام فيها غريباً مشرّداً عن أهله ووطنه، وقد كتم أمره لئلاّ يعرفه أحد، ولم تُعطنا المصادر الموثوق بها شيئاً عن سيرته، وما جرى عليه في غربته.

 

وفاته

أقام «القاسم» في «سورا» وهو يعاني ألم الغُربة ومطاردة السلطة، وقد أحاطت به الهواجس، وراودته الآلام القاسية التي جرت على أهله، وكان أعظم ما يحزّ في نفسه ما حلّ بأبيه الإمام موسى الكاظم عليه السلام من الرُزء القاصم، وشهادته مسموماً غريباً في غياهب السجون، وتشريد إخوانه، وغير ذلك من النّكبات والأرزاء، وقد نخر الحزن قلبه، وأضناه السقام، حتى دنا إليه الموت وهو في ريعان عمره الشريف.

ولما شعر بدنوّ الأجل المحتوم عرّف نفسه، فقد فات ما كان يحذر منه، ثم أسلم الروح إلى بارئها في 22 جمادى الأولى سنة 192 للهجرة.

وقام المسلمون في تلك المنطقة، وهم يذرفون الدموع على تقصيرهم تجاه سبط نبيّهم الذي لم يوفّوه حقه لجهلهم به، وواروا جثمانه الطاهر في مقرّه الأخير.

وتجدر الإشارة إلى أن القاسم لا عقب له، كما نصّ على ذلك غير واحد من علماء النسب.

زيارته

نصّ السيّد الجليل عليّ بن طاوس في (مصباح الزائر: 503) على استحباب زيارة المرقد الطاهر، حيث قال: «إذا أردتَ زيارة أحدٍ منهم - أي أولاد الأئمّة عليهم السلام كالقاسم بن الكاظم، او العبّاس بن أمير المؤمنين، أو عليّ بن الحسين المقتول بالطفّ، ومَن جرى في الحكم مجراهم، تقف على قبر المزور منهم صلوات الله عليهم، وتقول: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّيِّدُ الزَّكِيُّ، الطَّاهِرُ الوَلِيُّ، وَالدَّاعِي الحَفِيُّ...».

 

مرقده وكراماته

 

يقع مرقد «القاسم» المُطهَّر في مدينة «سورا» في العراق، وتُعرَف البقعة المباركة في هذه الأيام بقضاء القاسم، حيث نُسِبَ إلى اسمه الشريف، وهو أحد أقضية محافظة بابل «الحلّة».

وللمرقد القاسمي المبارك كرامات كثيرة، نذكر منها:

1- حدّث المرحوم الفقيه السيّد نصر الله المستنبط، قائلاً: «زُرتُ القاسم بن الإمام موسى بن جعفر قبل أكثر من عشرين سنة ودعوت ربي في ذلك المكان المقدّس أن يرزقني الحجّ إلى بيته الحرام عن توسعة ويُسر في الحال، وعند الخروج قُلتُ له: يا ابن رسول الله كنْ أنت شفيعي إلى الله في قضاء حاجتي، وهنا يُقسم أنّه بمجرد خروجه من الحرم المنوّر وسَيْره خطوات في الصحن الشريف، جاءه رجل سلّم عليه وأعطاه مبلغاً محترماً -يومذاك- على سبيل الهبة».

2- في يوم 15 شوال سنة 1385 للهجرة (1965م) أعلن الشهيد السعيد السيّد محمّد تقي الجلالي (العالم الديني لمدينة القاسم في ذلك الوقت) للناس عن مشروع تبديل الشباك القديم الموجود على القبر الشريف إلى شباك جديد (والذي أمر بتنفيذه فيما بعد المرجع الديني الكبير السيّد محسن الحكيم قدّس سرّه) فرحّب الناس كثيراً بهذا المشروع المبارك، وبدأوا بالتبرّع من أجل ذلك، وفي أثناء التبرعات ظهرت كرامة بمرأى من جميع الناس في الصحن الشريف، فقد كان هنالك طفل مشلول تبرّع أهله بخلخاله الفضيّ، ولمّا أخرجوا الخلخال من رِجله، قام ماشياً كأنّه لم تكن به علّة.

3- حدّث الشهيد السعيد السيّد محمّد تقي الجلالي، قائلاً: «... ما دهمني أمر أو شدّة أو حاجة، فأتيته عليه السلام -أي القاسم- إلاّ وقد قُضيت حاجتي».

4- دخل يوماً المرحوم الشيخ قاسم محي الدين (العالم الديني لمدينة القاسم لعدّة سنوات) على «القاسم» شاكياً وطأة دهره وقساوة أيامه، وكان يومذاك يُعاني العُسر وقلّة ذات اليد، فبكى وارتجل أبياتاً مطلعها:

بأبي وأمي معهداً للقاسمِ

هو خيرُ نَدْبٍ من سُلالةِ هاشمِ

 

 

 

فما مضت إلاّ أيام قلائل حتّى تحسّنت حالة الشيخ، وشُفيت أمّه من مرضها العضال.

5- وأخيراً وليس آخراً، يؤكد أبناء القضاء جميعاً أنّ «القاسم» سلام الله عليه يحفظ الجوار ويردّ عادية السُّراق، وتمّ بواسطته شفاء كثير من الأمراض والعاهات بإذن الله تعالى.

ومن قصيدة للسيد محمّد جمال الهاشمي -وهي منقوشة على شباك ضريح «القاسم»- أبيات يقول فيها:

إن رُمت أن تحيا وعيشُك ناعــمٌ

فاقصد ضريحاً حلّ فيه القاسمُ

تُقضى به الحاجات وهي عويصةٌ

ويُردّ عنك السّوء وهو مُهاجِــمُ

فيه تُحلّ المشـــــــــكلاتُ فقبرُه

كالبيتِ في زوّاره مُتزاحِـــــــمُ

 

 

 

 

 

وبهذا العرض المُوجز ينتهي بنا الحديث عن حياة هذا السيّد العظيم، فإنّ المصادر الموثوقة التي بأيدينا ضنّت علينا بإعطاء صورة مفصّلة عن حياته الكريمة.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

منذ يومين

إصدارات

نفحات