الملف

الملف

08/04/2019

الانتظار أو الظهور الأصغر

 

الانتظار أو الظهور الأصغر

  • السيّد علي السبزواري

الانتظار حالة ترقّب لنبأٍ عظيم، له الأثر في نظام العالم، وهو في حدّ نفسه من الأمور الإيجابية، فإنّ فيه جمْعَ كلمة المؤمنيـــن، وشدّ أواصرهم، وجعلهم مستعدّين لاستقبال قائـــد عظيم ينجّي الإنسانية المعذّبة من الضياع، ويُنقذ الناس من الهلاك، كما أنّ له الأثر في النفوس فيخرجها من الإحباط الذي يصيبها عند تراكم الظلم الذي هو ظلمات، كما يبعث الأمل فيها بالتغيير النوعي من جميع الوجوه والأنحاء، فهو عمليّة تربوية هادفة يحصل بها ارتباط خاص بين المؤمنين والمهديّ الموعود عليه السلام، فيترقّبون خروجه ويأملون أن يدخلوا تحت لوائـــــه، فيعمل المؤمن عندئذٍ بما يرتضيه إمامه، ليحظى بقبوله ويدخل في رفقته وينضوي تحت لوائه.

وليس الانتظار مجرّد بارقة أمل عند اليائسين، أو إنقاذ المعرِضين عن الدين، ولو كان المقصود من الانتظار هذا المعنى، لكانت سلبياته أكثر من إيجابياته، فيكون الواقع العملي حينئذٍ دائراً بين اليأس والأمل، وكلاهما بعيد عن الواقع.

فلا بدّ، إذاً، أن يكون الانتظار الذي أمَر به الأئمّة الهداة عليهم السلام، شيعتَهم، من الأمور الإيجابية وهو الذي ذكرناه آنفاً، فيكون الانتظار من أهم المقتضيات لخروج المنقِذ العظيم عليه السلام، وله الأثر في اقتراب موعد ظهوره، بل هو نوع ظهور، فَلْنُسَمِّه الظهور الأصغر مقابل الغَيبة الصغرى. وإلّا كان سبباً في تعاسة الإنسان، ويزيد في إحباطه.

الأعمال العبادية في خط الانتظار

الانتظار ليس مجرد طقوس، بل عمل ورؤية وتربية، وموقف يتّخذه المؤمن ليكون مستعداً لتلقّي الفيض الربوبيّ بظهوره الشريف، وبذلك يدخل المنتظِر في زمرة المؤمنين به عليه السلام، والراضين بفعله، السالكين على نهجه والعاملين بتوجيهاته، لكونه عليه السلام إمامهم وقائدهم، فإن كانت الطقوس من دعاء ونجوى من روافد هذه العملية التربوية للانتظار فلا بأس بها، وإلّا لم يكن لها التأثير المطلوب.

الأعمال العبادية كدعاء الندبة، ودعاء التوسّل، والصلوات الخاصة، والرقع المرقومة، وغيرها هي معايشة مع الإمام عليه السلام، فيما إذا كان الممارس لها عنده الاستعداد الكافي للدخول في حزب الإمام عليه السلام، ويكون من جنده إذا ظهر، تكون تلك الأعمال من السبل المحمودة التي تقرّب المؤمن إلى إمامه، ويكون سعيداً بقربه إليه، ويحسّ بها اقتراب ظهوره لأنّها تحدِث حالة روحانية شفافة عنده، وفي غير ذلك لا تؤثر تلك الطقوس التأثير المطلوب.

إنّ الارتباط يحصل باتّباع أحكام القرآن وشريعة سيّد الأنام صلّى الله عليه وآله وسلّم، والسَّير على منهجهم حتى يكون الإنسان مؤمناً مصدّقاً لِما ورد عنهم، موالياً لهم ومعادياً لأعدائهم، ويتميّز هذا الارتباط بالدعاء لظهوره والتعجيل في فرجه الشريف، وطلب العون منه عزّ وجلّ في جعل القابلية والاستعداد للقائه، والدخول تحت لوائه عليه السلام، فإنّه ليس لكلّ مؤمنٍ القابلية على هذا الأمر.

 

وقفة عند علامات الظهور، والتوقيعات الشريفة

العلامات التي تكون قبل ظهوره عليه السلام إنّما هي إنذار للعاقلين ليرجعوا إلى رشدهم، وتحضير أنفسهم للمساءلة أو الخروج من زمرة المنافقين، والدخول في رفقة الصالحين المؤمنين، كما أنّها بشارة للمؤمنين وزيادة الثقة في نفوسهم، وبعث الأمل فيها، وجعل الصبر شعارهم ودثارهم لأنّه العماد في كفاحهم، وليست علامات الظهور مجرّد احتمالات لمستقبلٍ منظور، أو سرد تكهّنات، بل هي حوادث تمهيدية تتتحقّق وفق ضوابط دقيقة يُبتلى بها المؤمن وغيره على حدّ سواء، فتكون بلاءً حسنا للمؤمنين، وفتنةً وشقاءً للمنافقين المعاندين.

وأما التوقيعات الصادرة عن الناحية المقدسة، روحي له الفداء، فعلى أنحاء مختلفة، منها ما يتعلّق بالتشريع؛ فلا بدّ فيها من الرجوع إلى القواعد المعمول بها عند الفقهاء، ومنها ما يتعلّق بالروايات والمعاجز والحوادث وغيرها، والقاعدة فيها.

وحينئذٍ يكون التعاطي العملي مع تلك التوقيعات وفق الضوابط والأصول المقرّرة، هو تعايش عملي مع الإمام عليه السلام، لأنه عمل بالشريعة، وهو، روحي له الفداء، من أهم عمدها.

شعب الخيرات

الأسبوع الأخير: برنامج الإمام الرؤوف

عن أبي الصّلت الهرويّ، من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام، قال: «دخلتُ على الرِّضا عليه السلام في آخر جمعةٍ من شعبان، فقال:

يا أبا الصَّلْت، إنّ شعبان قد مضى أكثرُه، وهذا آخر جمعةٍ فيه، فتَداركْ، فيما بقيَ منه، تقصيرَك فيما مضى منه.

1) وعليك بالإقبال على ما يَعنيك وتَرْكِ ما لا يَعنيك.

2) وأكثِر من الدُّعاء.

3) والاستغفار.

4) وتلاوةِ القرآن.

5) وتُبْ إلى الله من ذنوبك، ليُقبلَ شهرُ الله إليك وأنت مخلصٌ لله عزَّ وجلَّ.

6) ولا تدعنَّ أمانةً في عُنُقك إلَّا أدَّيتَها.

7) ولا في قلبك حقداً على مؤمنٍ إلَّا نزعتَه.

8) ولا ذنباً أنت مرتكبُه إلَّا أقلعتَ عنه.

9) واتَّقِ الله.

10) وتوكَّل عليه في سرِّ أمرِك وعلانيتِه، ﴿..وَمَن يَتَوكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُه إنّ اللهَ بالغُ أمرِه قَد جعلَ اللهُ لكلّ شيءٍ قَدْراً﴾.

11) وأَكثِر مِن أنْ تقول فيما بقيَ من هذا الشهر: «اللّهمّ إنْ لم تكُن قد غفرْتَ لنا فيما مضى من شعبان، فاغفِرْ لنا فيما بقيَ منه"، فإنَّ الله تبارك وتعالى يعتقُ في هذا الشّهر رقاباً من النّار لِحُرمة شهر رمضان».

(الإقبال، السيّد ابن طاوس)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات