اعلام

اعلام

08/04/2019

صاحبُ الكراماتِ الباهرة

صاحبُ الكراماتِ الباهرة

الفقيه المقدَّس الشّيخ أحمد النّجفي الأردبيلي

____ إعداد: الشيخ أحمد التميمي ____

 

* هو العالم الربّانيّ والمحقّق الصمداني، الشّيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي الآذربيجاني النّجفي، أحد كبار فقهاء الإماميّة في القرن العاشر الهجري.

* وُلِدَ في أردبيل، ونشأ بها، ثمّ هاجر إلى شيراز ودرس فيها.

* هاجر إلى النّجف الأشرف وأكمل دراسته، حتى بلغ درجة الاجتهاد، وقد أجازه بذلك السّيد علي الصائغ العامليّ (وهو من كبار تلامذة الشهيد الثاني).

* من أبرز تلامذته: السّيد محمّد العامليّ (صاحب مدارك الأحكام)، والشّيخ حسن بن الشهيد الثاني (صاحب معالم الدّين).

* من مؤلّفاته القيّمة: (مجمعُ الفائدة والبُرهان في شرح إرشاد الأذهان) في 14 جزءًا، و(زُبدة البيان في أحكام القرآن).

* قال عنه العلّامة المجلسي (صاحب بحار الأنوار): «والمحقّق الأردبيلي في الورع والتّقوى والزهد والفضل بلغ الغاية القصوى، ولم أسمع بمثله في المتقدّمين والمتأخّرين، جمع اللهُ بينه وبين الأئمّة الطاهرين».

* تُوفّي في شهر صفر سنة 993 للهجرة، ودُفِنَ في حجرة تحت المنارة الجنوبيّة عن يسار الداخل إلى الروضة العلويّة المطهّرة.

 

الأب والأمّ .. مثالان للورع والتّقوى

جاء شابٌّ الى القناة يملأ قربته ماءً فرأى تفّاحة تجري على الماء، فأخذها وأكلها، ولكنّه وقف فجأة يُفكّر: كيف أكلها ولم يعرف صاحبها ليستأذن منه. فَكّر أن يمشي باتجاهٍ معاكسٍ لجريان الماء لعلّه يصل إلى صاحب التفّاحة فيسترضيه على أكله لها. مشى مسافة حتى وصل إلى مزرعة التفّاح، فوجد صاحب المزرعة وكان عليه سيماء الصالحين، فقال له: إنّ تفّاحة كانت تجري على الماء في القناة فأخذتُها وأكلتُها، أرجوك أن ترضى عنّي.

أجابه الرجل: كلاّ، لن أرضى عنك. قال: أعطيك ثمنها. قال: لا أقبل.

وبعد الإصرار والإلحاح الشديدين، وافق صاحب المزرعة أن يرضى عنه بشرطٍ واحدٍ. قال الشاب: فما هو الشرط؟

أجابه: عندي ابنة عمياء، خرساء، صمّاء، مشلولة الأرجل، إذا وافقتَ أن تتزوّجها أرضى عنك، وإلاّ فلا.

فلمّا رأى الشاب أنهّ لا سبيل إلى جلب رضاه إلّا بموافقته على هذا الشرط الصعب، دعاه ورعهُ وتقواهُ إلى الموافقة.

وبعد أن تمّ العقد، دخل الشابّ غرفة الزفاف، ولكنّه فُوجِىءَ بعروس في غاية الجمال، ذات مواصفات نقيضة للمواصفات التي ذكرها له أبوها. فخرج مسرعاً (خشية أن يكون قد حدث خطأ ما، فيتورّط في مشكلة شرعيّة)، وإذا بالرجل ينتظره مبتسماً، قال: خيراً إلى أين؟

قال الشابّ: إنّ البنت التي ذكرت لي وصفها ليست هذه العروس!

أجابه الرجل: إنهّا هي، لأنّي حينما وجدتُك جادّاً في جلب رضاي لأكلك تفّاحة خرجتْ عن حيازتي فعلمت أنّك الشابّ الذي كنت أنتظره منذ أمد لأزوّجه ابنتي الصالحة هذه. وقُلتُ لك: إنهّا عمياء خرساء فلأنّها لم تنظر ولم تكلّم رجلاً أجنبياً قطّ، وأنّها صمّاء فلأنهّا لا تسمع غِيبة أو غناء، وأنّها مشلولة الأرجل فلأنّها لم تخرج من المنزل وتدور في الطرق، أليست هذه الفتاة المؤمنة يستحقّها شابّ مثلك يبحث عن حلالٍ خالص، وهو مستعدّ من أجل ذلك أن يقبل بشرطٍ صعب في الزواج.

وهكذا كانت ثمرة هذا الزواج المبارك، ولادة الفقيه المقدّس الشّيخ                  أحمد الأردبيلي. (قَصصٌ وخواطر: 490).

 

 

القناعةُ عِندَ الضيق

كان المقدَّس الأردبيلي يأكل ويلبس ما يصل إليه بطريق الحلال، رديّاً كان أم جيّداً، ويقول: المستفاد من الأحاديث الكثيرة وطريقة الجمع بين الأخبار أنّ الله يُحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده عند السعة، كما يُحبُّ الصبر على القناعة عند الضيق. فكان لا يردّ من أحد شيئاً، ومتى أُهدي إليه شيء من الثياب النفيسة لبسه، فكانت تُهدى إليه العمامة الغالية الثمن فيلبسها ويخرج بها إلى الزيارة، فإذا سأله أحدٌ شيئاً قطع له منها قطعة وأعطاه إياها، إلى أنْ يبقى على رأسه يسيرٌ منها فيعود إلى بيته ويلبس غيرها. (أعيانُ الشّيعة:4/409)

 

لقاء الإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف

قال العلاّمة المجلسي: أخبرني جماعة عن السّيد الفاضل أمير علاّم، قال: كنتُ في بعض الليالي في صحن الرّوضة المقدّسة بالغريّ على مشرّفها السّلام وقد ذهب كثير من الليل، فبينا أنا أجول فيها إذ رأيتُ شخصاً مقبلاً نحو الرّوضة المقدّسة فأقبلتُ إليه، فلمّا قربتُ منه عرفتُ أنّه أُستاذنا الفاضل العالم التقيّ مولانا أحمد الأردبيلي.

فأخفيتُ نفسي عنه، حتّى أتى الباب وكان مغلقاً، فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الرّوضة فسمعتُه يكلّم كأنّه يناجي أحداً ثمّ خرج وأغلق الباب فمشيتُ خلفه حتّى خرج من الغريّ وتوجّه نحو مسجد الكوفة.

فكنتُ خلفه بحيث لا يراني حتّى دخل المسجد وصار الى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين عليه السلام عنده، ومكث طويلاً ثمّ رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغريّ.

فكنتُ خلفه حتّى قرب من الحنّانة فأخذني سُعالٌ لم أقدر على دفعه، فالتفتَ إليّ فعرفني، وقال: أنت مير علاّم؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع هاهنا؟

قلتُ: كنتُ معك حيث دخلتَ الرّوضة المقدّسة إلى الآن وأقسم عليك بحقّ صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك في تلك الّليلة، من البداية إلى النّهاية.

فقال: أخبرك على أن لا تخبر به أحداً ما دمتُ حيّاً، فلمّا توثّق ذلك منّي قال: كنتُ أفكّر في بعض المسائل وقد أغلقت عليّ فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السلام وأسأله عن ذلك، فلمّا وصلتُ إلى الباب فُتِحَ لي بغير مفتاح كما رأيتَ، فدخلتُ الرّوضة وابتهلتُ إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعتُ صوتاً من القبر: أن ائتِ مسجد الكوفة وسل عن القائم عليه السلام فإنّه إمام زمانك. فأتيتُ عند المحراب وسألتُه عنها وأُجبت، وها أنا أرجعُ إلى بيتي. (بحارُ الأنوار:52/174)

 

مُواساةُ الفُقراء

كان المقدّس الأردبيلي في عام الغلاء يُقاسم الفقراء ما عنده من الأطعمة، ويُبقي لنفسه سهماً واحداً منها، وقد اتّفق أنّه فعل في بعض السنين الغالية ذلك، فغضبت زوجته وقالت: تركت أولادنا في مثل هذه السنة يتكفّفون النّاس؟ فتركها ومضى إلى مسجد الكوفة للاعتكاف.

فلمّا كان اليوم الثاني جاء رَجُلٌ بدوابٍّ محمّلة حنطة، من الحنطة الطيّبة الصافية والطحين الجيّد الناعم، فقال: هذا بعثَه لكم صاحب المنزل وهو معتكف في مسجد الكوفة.

فلمّا جاء من الاعتكاف أخبرته زوجته بأنَّ الطعام الّذي بعثه مع الأعرابيّ كان طعاماً حسناً، فحمد الله تعالى ولم يكن له خبرٌ منه. (روضاتُ الجنّات: 1/89).

 

 

حُقوق الإخوان

رأى بعض زوّار النّجف الأشرف المقدّس الأردبيلي في الطريق فلم يعرفه لبساطة أثوابه، فطلب منه أن يغسل ثياب سفره، وقال: أريد أن تزيح عنها درن الطريق وتجيئني بها، فتقبّل منه ذلك، وباشر بنفسه قصارتها وتبييضها إلى أن فرغ منها، فجاء بها إلى الرّجل ليسلّمها إيّاه فاتّفق أن عرفه الرّجل في هذه المرّة وجعل النّاس يوبّخونه على ذلك العمل، والمقدّس الأردبيلي يمنعهم عن الملامة ويقول: إنّ حقوق إخواننا المؤمنين أكثر من أن يقابل بها غسل ثياب. (روضاتُ الجنّات:1/90)

 

لا يفعلُ المباح

ذكر البعض أنّ المقدّس الأردبيلي لم يأتِ بالمباح مُدّة أربعين سنة، فضلاً عن الحرام والمكروه. وذلك بأن يقصد من كلّ عمل يقوم به نيّة القُربة ومحض رضى الله، مثل النّوم يأتي به بنيّة أنّ البدن قد ضعُف فحتّى يصير مهيّئاً للعبادة بنحو أتمّ يأتي بالنّوم، وهكذا كلّ حركة وسكون وأكل ونحو ذلك. (قَصصُ العُلماء: 589)

 

التفكيرُ القصير

كان منزل المقدّس الأردبيلي بجنب منزل ميرزا جان الباغندي شريكه في الدرس، فكان الباغندي يسهر أكثر الليل في المطالعة والمقدّس الأردبيلي ينام من أول الّليل ثمّ ينهض في السّحر لصلاة الليل، وبعد الفراغ يفكّر في ما فكّر فيه الباغندي من أوّل الّليل إلى آخره فيفهم في هذا التفكير القصير ما لم يكن فهمه الباغندي في التفكير الطويل. (أعيانُ الشّيعة: 4/409)

 

ولايةُ أمير المؤمنين عليه السلام

إنّ المقدّس الأردبيلي ومع تلك الأعمال الخالصة من أغراض الدّنيا رآهُ بعض المجتهدين بعد موته في هيئة حسنة وزيّ عجيب وهو يخرج من الرّوضة العلويّة -على مشرّفها السّلام- فسألهُ: أيّ الأعمال بلغ بك إلى هذه الحال لنتعاطاه؟

فأجابه: إنّ سوق الأعمال رأيناه كاسداً، وما نفعنا إلّا ولاية صاحب هذا القبر ومحبّته». (روضاتُ الجنّات:1/93).

 

مسكُ الختام

قال الشّيخ مُحيي الدّين المامقاني –نجل الفقيه الرجالي الكبير الشّيخ عبد الله المامقاني:

«إنّ جلالة المترجم (المقدّس الأردبيلي)، وعظيم منزلته من العلم والورع والتّقوى والزهد، والانقطاع إلى أهل البيت، ممّا سارت به الركبان، وتسالم عليه الخاصّ  والعامّ، وقد اشتُهر شهرة عظيمة باتّصاله الوثيق بأمير المؤمنين عليه السلام، وتلقّيه أجوبة مسائله، وكشف ما التبس عليه من معضلات المسائل الفقهية، من باب مدينة علم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسمعتُ ذلك من أبي عن أبيه، ومن غيره رضوان الله عليهم أجمعين، وكنتُ في عنفوان شبابي أرى أنّ أساطين العلم ومراجع التّقليد والمؤمنين الأتقياء يلزمون أنفسهم بقراءة سورة الفاتحة له عند تشرّفهم بالحرم الطاهر العلويّ... فسلام الله عليه يوم عاش ويوم مات ويوم يُبعث حيّاً، وجعلنا الله سبحانه ممّن يقتدي بهداهم ويسير بسيرتهم التي هي مثال تعاليم أهل البيت». (تنقيح المقال:7/هامش صفحة 207).

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات