وصــــايا

وصــــايا

08/04/2019

التزكية والتهذيب مفتاح المعرفة

 

التزكية والتهذيب مفتاح المعرفة

من وصايا الفقيه السيّد بهاء الديني قدّس سرّه

 

هو الفقيه الجليل السيّد رضا بهاء الديني قدّس سرّه (1327 – 1418 هجرية)، ولد في مدينة قُم المقدَّسة. كان والده السيّد صفيّ الدين رجلاً عالِماً وَرِعاً. أمّا والدته فهي امرأة جليلة تقيّة من سلالَة صَدْر المتألّهين الشيرازي.

يعدّ السيد بهاء الديني من العرفاء المعاصرين، صاحب كرامات ومكاشفات، مع نفاذ البصيرة والإحاطة بأحوال زمانه.

 حين توفّي هذا العالم الجليل أصدر قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي رسالة تعزية برحيله جاء فيها: «كان هذا العالم الجليل من النوادر التي دوماً ما تعتبر في الحوزات العلميّة كوكباً درّياً في المسائل المعنوية والعرفانية لهداية الخواصّ وبعْث الأمل والحيوية في نفوس الأعلام...».

من وصاياه الواردة في كتاب (نور العرفاء) اخترنا هذه الإشارات المعنويّة.

 

إذا أردتم أن توفّقوا لإدراك معاني آيات كتاب الله العزيز، وكلمات الأنبياء والأولياء؛ كما في (نهج البلاغة) و(الصحيفة السجّاديّة).. فعليكم أن تزكّوا أنفسكم. بالتزكية يُمكن إدراك مراد المتكلّم. ورد في القرآن الكريم، قوله تعالى:  ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾، فالإنسان غير المطهّر لا يستطيع فَهم الكتاب العزيز. حيث إن المراد –تأويلاً- من «المطهَّر» هو المطهَّر من الرذائل النفسانية ومن الشّرك. وطالما لم يتطهَّر الإنسان من هذه الرذائل، فلن يتعرّف إلى كتاب الله.

 الفَهم الفقهي يقول: إنّ المقصود مِن ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ تماسّ البدن والأعضاء والجوارح، أي لا يمكن مسّ القرآن بلا وضوء؛ وهذا من المصاديق، بَيد أن الطهارة من الأرجاس هي تطهير أيضاً. (الواقعة:79)

 

تَلازم التزكية والتعليم

ما لم يطوِ الإنسان مراحل من بناء الذات، لا ينبغي له الدخول في الأعمال الاجتماعيّة. الأفراد الحوزويّون الذين يُجذَبون إلى الأعمال الاجتماعيّة والسياسيّة عليهم أن يبنوا ذاتهم، وإلّا فإنّ ضررهم سيكون بالتأكيد أكبر من نَفْعهم.

 

تَلازم العِلم والحِلْم

كلّ كلمات الأئمّة عليهم السلام تمّ انتقاؤها بدقّة، وحين يقول المعصوم إنّ العلم توأم الحِلْم، يكون العلم بلا حِلْم بلاءً، وباعثاً على الهلاك. في بعض الأدعية يطلب المرء أحياناً شيئاً مثل العلم، لكنّه يغفل عن طلب الحِلم بمعيّة العلم، وهكذا يكون كمن حفر قبره بيديه.

 

مالكيّة النفس

يتملّك الإنسان ببركة تأييدات الحقّ تعالى السيطرة على نفسه، من قبيل المالكيّة التي يقول بها سيّدنا ومولانا الإمام عليّ عليه السلام لمالك الأشتر «فامْلك هواك». وهي المالكيّة ذاتها التي يقول بها موسى عليه السلام: ﴿..لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي..﴾ المائدة:25.

عندما يتملّك الإنسان السيطرة على نفسه، يتملّك كافّة الشرور. يعني إنْ أصبحتم حاكمين (مالكين) لأنفسكم، لن تعصي أعينُكم وآذانكم وأيديكم اللهَ عزّ وجلّ، لأنّ النفس ما دامت لا توافق على معصية العين، لن تعصي العين. وإذا مَلك الإنسان السيطرة على نفسه، يملك السيطرة على كافّة الأعضاء والجوارح، ويملك السيطرة على الشيطان، ويصبح حاكماً عليه.

هذه من مميّزات الإنسان الذي هو في مسار النور  وفي مسار الحركة الإلهيّة، لا تتبع نفسه الهوى والهوس، ويأخذ بعين الاعتبار رضا الله.

أمّا عندما يقع الإنسان في مسار الشيطان، سوف تكُون النتيجة الفساد. إنّ البشر مستعدّون جرّاء هَوَسِهم وأهوائهم أن يحرقوا الكرة الأرضيّة بأسرها. وفي هذا المسار، هناك شيطان خبير...

إذا انقطع الإنسان عن السير في طريق الله، فسوف يكون أسوأ من ألف ذئب. وسوف تكون نفسيّته نفسيّة حيوانيّة، سبُعيّة...

 

الحُجُب ورؤية الحقّ تعالى

عن النبي صلّى الله عليه وآله أنّه قال في الإمام عليّ عليه السلام: «إنّ علياً ممسوسٌ في ذات الله». ولعلّ مفادها فقدانه عليه السلام حتّى لحُجب النور، أي ليس بينه وبين الله تعالى حتى تلك الحجب النورية، فيكون -بالتالي- ممسوساً في ذات الله، وهذا بخلاف معرفتنا لله تعالى، فإنّه لا بدّ لنا من تلك الحجب النوريّة.

عن سيد الشهداء الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام أنّ مَن يبحث عن الله من طريق الآيات يكون بعيداً عنه تعالى، ففي دعاء عرفة، يقول عليه السلام: «إلهي تردُّدي في الآثار يُوجب بُعد المزار». أي من أراد البحث عنك في الآثار لم يَزددْ عنك إلّا بُعداً، فالإنسان الكامل في غنًى عن تلك الآثار، وهذا يناسب مقامه عليه السلام.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات