صاحب الأمر

صاحب الأمر

07/05/2019

﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾

 

﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾

صاحب «الأمر» الذي يتنزّل في ليلة القدر

____ إعداد: «شعائر» ____

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)﴾

محتوى سورة القدر كما يلوح من اسمها وصريح عبارة آياتها، بيان نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وبيان منزلة هذه الليلة وبركاتها.

وقد توقف المفسّرون عند كلمة ﴿تَنَـزَّلُ﴾ في الآية الرابعة منها -وهي في الأصل (تتنـزّلُ)- أي فعلٌ مضارعٌ يفيد الاستمرار، وخلصوا من ذلك إلى أن الملائكة تتنزّل في هذه الليلة، وحتى قيام الساعة، على الإمام المعصوم المفترض الطاعة، نبياً كان أم وصيّاً.

* وقد استند مفسّرو الكتاب العزيز في دعواهم على جملة من الروايات الصحيحة، منها ما ورد عن النبيّ الأكرم، لما سأله الصحابيّ أبو ذرّ: «يا رسول الله، ليلة القدر شيءٌ يكون على عهد الأنبياء ينزل فيها عليهم الأمر، فاذا مَضوا رُفعت؟».

فقال صلّى الله عليه وآله: «لا، بل هي إلى يوم القيامة».

* وفي الحديث القدسيّ –كما في الكافي بإسناده عن الصادق عليه السلام- أنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله: «..اقرأ ﴿إنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾، فإنّها نِسبتُك ونسبةُ أهلِ بيتك إلى يوم القيمة».

* وعن الإمام الباقر عليه السلام أنه سُئل: «تعرفون ليلة القدر؟».

فقال: «وكيف لا نعرف والملائكة تطوف بنا فيها».

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «لو رُفِعَتْ ليلةُ القَدر لَرُفِعَ القُرآن».

 

حتّى مطلع فجر القائم عليه السلام

فإذا كانت ليلة القدر مستمرة، وتتنزّل الملائكة والروح فيها في كلّ عام، فعلى من تتنزّل في زماننا هذا؟

* سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾، فقال: «نزلَ فيها ما يكون من السنةِ إلى السنة؛ من موتٍ أو مولود.

فقال السائل: إلى مَن؟

قال عليه السلام: إلى مَن عسى أن يكون؟ إنّ الناس في تلك الليلة في صلاةٍ ودعاءٍ ومسألة، وصاحبُ هذا الأمر في شغُل، تنزّلُ الملائكةُ إليه بأمور السنَة من غروب الشمس إلى طلوعها من كلّ أمر، سلامٌ هي له إلى أن يطلعَ الفجر».

* وعن الإمام الباقر عليه السلام، قال: «قرأ عليُّ بنُ أبي طالب: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر﴾، وعنده الحسن والحسين عليهم السلام، فقال له الحسين: يا أبتاه، كأنّ بها مِن فيكَ حلاوةً؟

فقال له: يا ابن رسولِ الله وابني، إنّي أعلمُ فيها ما لا تعلم، إنّها لمّا نزلتْ بعثَ إليّ جدُّك رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقرأها عليَّ، ثمّ ضربَ على كتفي الأيمن وقال: يا أخي ووصيّي ووليّ أمّتي بعدي، وحربَ أعدائي إلى يومِ يُبعَثون: هذه السورة لكَ من بعدي ولوُلدك مِن بعدِك، إنّ جبرئيل أخي من الملائكة حدَّث إليَّ أحداثَ أمّتي في سَنَتِها، وإنّه ليُحدّث ذلك إليكَ... ولها نورٌ ساطعٌ في قلبِك وقلوبِ أوصيائِك، إلى مطلعِ فجرِ القائم».

 * وفي (تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي)، للآيتين الثالثة والرابعة من سورة الدخان: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، قال: «أي يُقدّر الله كلّ أمرٍ من الحقّ ومن الباطل، وما يكون في تلك السنة، وله فيه البَداء والمشيّة، يُقدّم ما يشاءُ، ويؤخّر ما يشاءُ من الآجالِ والأرزاقِ والبلايا والأعراضِ والأمراضِ، ويزيدُ فيها ما يشاء، ويُنقِصُ ما يشاء، ويلقيه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ويُلقيه أميرُ المؤمنين عليه السلام إلى الأئمّة عليهم السلام، حتّى ينتهي ذلك إلى صاحِب الزّمان عليه السلام».

* وقد استدلّ بعض المحقّقين على أن ليلة القدر نفسها برهان على أنّ الإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف هو المتصدّي لأمر البشرية: «فما يحدث عند الظهور هو انكشاف المخفيّ من حركته صلوات الله عليه، وهذا الدور لا يقتصر على الإمام المهديّ، بل قام به أمير المؤمنين عليه السلام خلال الخمسة وعشرين سنة التي أُبعد فيها عن الخلافة الظاهرية، وكذلك قام به جميع الأنبياء عليهم السلام... فهل كان لإبراهيم عليه السلام دولة رسمية يرأسها؟... التاريخ يحدّثنا أنّ النبيّ إبراهيم عليه السلام قلَب فِكرَ البشرية من فكرٍ وثنيّ صنميّ إلى فكرٍ إلهيّ توحيديّ، وتغييرُ العقائد من أشكل المشكلات، والنبيّ بُعث بعد الأربعين، ولكنّه خلال الأربعين لم يكن (بلا دور)، بل هو إمام الأئمّة صلّى الله عليه وآله. فالملائكة كانت تنزل على النبيّ صلّى الله عليه وآله، ثمّ على الأئمّة واحداً بعد واحد، في ليلة القدر، بما قُدّر في تلك السنة من الآجال، والأرزاق، وكلّ أمرٍ يحدث...

 

دعاء اليوم الثالث عشر

«اللّهُمّ طَهِّرني فيه من الدَّنَسِ والأقذار، وصبِّرني فيه على كائنات الأقدار، ووفّقني فيه للتّقى وصُحبة الأبرار، بِعزّتِكَ يا قرّةَ عينِ المساكين».

* «الدَّنَس»: المراد به هنا هو القذارة المعنوية. وفي الأصل بمعنى الوسخ، الماديّ منه أو المعنويّ.

- التدين رحلة التطهير من الدَّنَس المعنويّ -كالكذب، والغشّ، والنميمة، والتشهير أو الاستهزاء بالآخرين- الذي يواجهه الإنسان في عالم الطبيعة والمادة.

* «الأقدار»: بمعنى المقادير، و «كائنات الأقدار‍‌»: الحوادث المقدّرة، وما سيقع من الابتلاءات والكوارث.

وفي الخبر: «سأل أمير المؤمنين صلوات الله عليه، شاه زنان بنت كسرى حين أُسرت: ما حفظتِ عن أبيكِ...؟ قالت: حفظتُ عنه أنه كان يقول: إذا غلبَ اللهُ على أمرٍ ذلّتِ المطامعُ دونَه، وإذا انقضتِ المدّةُ كانَ الحتفُ في الحِيلة. فقال عليه السلام: ما أحسنَ ما قال أبوك... تذلّ الأمورُ للمقادير حتّى يكونَ الحتفُ في التدبير».

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات

إصدارات

07/05/2019

إصدارات

نفحات