الملف

الملف

11/05/2020

ثامن أئمّة المسلمين الخلفاء والأسباط

 

ثامن أئمّة المسلمين الخلفاء والأسباط

الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام

 

المقالات المدرجة في هذا الملف مقتبسة من سلسلة محاضرات لسماحة العلامة الشيخ حسين كَوراني، ألقاها في «المركز الإسلامي» في شهرَي ذي القعدة من العامين 1436 و1439، في أجواء ذكرى ولادة الإمام الرضا، وشهادته صلوات الله عليه.

 

استهلال

 

هذا الملف

 

ملامح عامة من سيرة الإمام الرضا عليه السلام

 

(ولاية العهد) منبر لتجديد البعثة النبوية

الشيخ حسين كَوراني

احتجاج الإمام الرضا على رؤساء الأديان

 

من كراماته عليه السلام: صلاة الاستسقاء

 

تداعيات الكرامة الرضوية في البلاط العباسي

 

خطورة إنكار حقائق القرآن بدعوى (العقل)

 

 

 

 

استهلال

دعاء الإمام الرضا عليه السلام

للإمام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف

اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدْ وآلِ مُحَمَّدٍ

وادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وخَلِيفَتِكَ وحُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، ولِسَانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ بِإِذْنِكَ، النَّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ وعَيْنِكَ النَّاظِرَةِ في بَرِيَّتِكَ، والشَّاهِدِ عَلَى عِبَادِكَ الْجَحْجَاحِ الْمُجَاهِدِ المُجْتَهِد، عَبْدكَ الْعَائِذِ بِكَ. ".."

اللَّهُمَّ وقَوِّنَا عَلَى طَاعَتِه وثَبِّتْنَا عَلَى مُشَايَعَتِه وامْنُنْ عَلَيْنَا بِمُتَابَعَتِه، واجْعَلْنَا فِي حِزْبِه الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِه الصَّابِرِينَ مَعَه، الطَّالِبِينَ رِضَاكَ بِمُنَاصَحَتِه، حَتَّى تَحْشُرَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَنْصَارِه وأَعْوَانِه ومُقَوِّيَةِ سُلْطَانِه، اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدْ وآلِ مُحَمَّدٍ واجْعَلْ ذَلِكَ كلّهُ منّا لَكَ خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وشُبْهَةٍ ورِيَاءٍ وسُمْعَةٍ، حَتَّى لا نَعْتَمِدَ بِه غَيْرَكَ ولا نَطْلُبَ بِه إِلَّا وَجْهَكَ، وحَتَّى تُحِلَّنَا مَحَلَّه وتَجْعَلَنَا فِي الْجَنَّةِ مَعَه ولا تَبْتَلِنا في أمْرِهِ بالسَّأْمَةِ والْكَسَلِ والْفَتْرَةِ والفَشَلِ، واجْعَلْنَا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِه لِدِينِكَ وتُعِزُّ بِه نَصْرَ وَلِيِّكَ ولا تَسْتَبْدِلْ بِنَا غَيْرَنَا، فَإِنَّ اسْتِبْدَالَكَ بِنَا غَيْرَنَا عَلَيْكَ يَسِيرٌ وهُوَ عَلَيْنَا كَبيرٌ، إنّكَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ.

 (السيد ابن طاوس، جمال الأسبوع)

 

هذا الملف

  • الشيخ حسين كَوراني

في الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام، ذكرى مولد ثامن أئمّة المسلمين النقباء والخلفاء الاثني عشر، الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام.

ولا ينفصل الراهن السياسي المحلّي، والإقليمي، والعالمي، عن الانتصار العظيم الذي أحرزه الإمام الرضا على المأمون والإمبراطورية العباسية.

أراد المأمون «ولاية العهد» جسراً لتحقيق أهدافه، فشاء الله تعالى أن يجعله الإمام -مع إمبراطوريته وجميع العباسيّين- منصّةً محمّديةً ومنبراً رضويّاً لتجديد البعثة النبويّة المباركة.

وجاء كلّ إمام من بعده يُعرف بـ«ابن الرضا»، لتكتمل منظومة الإمامة وتؤتي أُكُلها بإذن ربّها عبر الأجيال، لتصل إلى جيلنا مع رجلٍ من أهل قمّ؛ عَبْر الهدير الخميني واستمراره الخامنئي، فيملأ الآفاق نوراً وهدى ومقاومة وجهاداً وتحرّراً، ويُضيّق على شياطين العصر وأبالسته الخناق، ويطيل ليلهم ويقضّ المضاجع، وصولاً إلى الراهن السياسي الذي خاطب فيه خادم الإمام الرضا عليه السلام -الذي تسلّم شهادة خدمة الحَرَم الرضوي- الرئيسَ الأميركي «ترامب» بهذا التهديد الناري الذي جاء فيه:

«لا حاجة في مواجهتكم لتدخّل الجيش والحرس. أنا قاسم سليماني وقوّات القدس، الندّ لكم، نتكفّل بمواجهتكم، وإنْ بدأتم الحرب فنحن من يختمها»!!

السؤال المركزي الذي أحاول الإجابة عليه:

كيف استطاع ابنُ سجين مطامير هارون، والشهيد في سجن السنديّ بن شاهك، وخلال ثلاث سنوات -من سنة 200 إلى سنة 203 للهجرة- أن يجدّد البعثة النبويّة من قلب عاصمة الإمبراطورية العباسية آنذاك، ويحفظ استمرار خطّ الإمامة، ويؤسّس للأجيال كيف تميّز بين الإسلام المحمّديّ الأصيل، وبين إسلام الطواغيت؟

وأرجع -في الجواب- إلى البدايات لنعرف بعض معاناة الإمام الرضا عليه السلام، من هارون العبّاسي، طيلة عشر سنوات، هي الفاصلة بين شهادة الإمام الكاظم عليه السلام، وبين هلاك هارون المسمّى بالرشيد.

 

 

أُعطيَ فهم أمير المؤمنين وعِلمَه

ملامح من سيرة الإمام الرضا عليه السلام

 

وُلد الإمام الرضا عليه السلام، سنة ثمانٍ وأربعين ومائة، وقُبض عليه السلام في صفر -أو ذي القعدة- من سنة ثلاثٍ ومائتين، وهو ابنُ خمس وخمسين سنة.

قال الشيخ الكليني في (الكافي): «وقد اختُلف في تاريخه إلّا أنّ هذا التاريخ هو الأقصد، إن شاء الله».

وقيل: «إن ولادته في حادي عشر ذي الحجّة سنة ثلاث وخمسين ومائة للهجرة، بعد وفاة جدّه أبي عبد الله الصادق عليه السلام بخمس سنين».

أمّه عليه السلام: ذُكرت لها عدّة أسماء؛ أشهرها تُكتَم ونجمة، ويقال لها: أمّ البنين. فلمّا ولدت الرضا عليه السلام، سمّاها الإمام الكاظم «الطاهرة».

كنيته: «أبو الحسن»، ومن سائر ألقابه صلوات الله عليه: «الإمام الرؤوف»، «أنيس النفوس»، «قرّة أعين المؤمنين»...

 

مدة إمامته وملوك عصره

كانت مدّة إمامته وخلافته لأبيه الكاظم عليه السلام، عشرين سنة. وكانت في أيام إمامته:

1- بقية مُلك هارون العباسي..

2- وملك ابنه محمّد الأمين بعده ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً.

3- ثمّ خلع الأمين وأجلس عمّه إبراهيم بن المهديّ، المعروف بابن شكلة، أربعة عشر يوماً.

4- ثمّ أخرج محمّد ثانية وبويع له، وبقي بعد ذلك سنة وسبعة أشهر، وقتله طاهر بن الحسين.

5- ثمّ ملك المأمون: عبد الله بن هارون بعده عشرين سنة.

 

من النصوص على إمامته عليه السلام

* عن يزيد بن سليط الزيدي، قال: لقيتُ موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام فقلت: أخبرني عن الإمام بعدك...

فقال عليه السلام: يا يزيد، إنّي أُؤخَذ في هذه السنة، وعليّ ابني سمِيُّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وسَمِيُّ عليّ بن الحسين عليهم السلام، أُعطِي فَهمَ الأوّلِ وعلمَه وبَصرهَ ورِداءَهُ، وليسَ له أنْ يَتكلّم إلّا بعد هارون بِأربع سنين، فإذا مَضت أربعُ سنينَ فَسَلْهُ عمّا شِئت يُجِبْكَ إنْ شاء اللهُ تعالى».

*عن محمّد بن سنان، قال: دخلتُ على أبي الحسن عليه السلام، قبل أنْ يُحمل إلى العراق بسنة، وعليّ ابنه عليه السلام بين يديه. فقال لي: يا محمّد! قلت: لبّيك. 

قال: إنّه سيكون في هذه السّنةِ حركةٌ فلا تَجزَعْ منها.

ثمّ أطرَق ونكَتَ بيده في الأرض، ورفع رأسه إليّ وهو يقول: يُضِلُّ اللهُ الظالِمينَ ويَفعَلُ اللهُ مَا يشاءُ.

قلت: وما ذاك جُعلتُ فداك؟

قال: مَن ظَـلم ابني هذا حقَّه وجَحَد إمامتَه من بَعدي، كانَ كمَن ظَلمَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ عليه السلام حَقَّه وجَحَدَ إمامتَه مِن بعدِ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فعلمتُ أنّه قد نعى إليّ نفسه، ودلّ على ابنه. فقلت: واللهِ لَئن مدّ اللهُ في عمري لَأُسلمنّ إليه حقَّه ولأُقرّنَّ له بالإمامة، وأشهد أنّه مِن بعدك حجّةُ الله على خَلقِه، والداعي إلى دينه.

فقال لي: يا محمّد، يمدُ اللهُ في عُمرِك، وتَدعو إلى إمامتِه وإمامةِ مَن يقوم مقامَه مِن بعده.

قلت: مَن ذاك جُعلت فداك؟ قال: محمّدٌ ابنُه.

قلت: فالرّضا والتّسليم.

قال: نعم، كذلك وجدتُكَ في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام، أمَا إنّك في شيعتِنا أَبيَنُ من البّرقِ في اللّيلة الظّلماء... حرامٌ على النّار أنْ تَمَسَّكَ أبداً».

 

بعضُ فضائله ومناقبه عليه السلام

* عن رجاء بن أبي الضحّاك، قال: «بعثَني المأمون في إشخاص عليّ بن موسى الرضا.. فكنتُ معه من المدينة إلى مَرو...

وكان إذا أصبح صلّى الغداة، فإذا سلّمَ جلس في مُصلّاه يسبّحُ الله، ويَحمدُه، ويُكبّره، ويهلّله، ويصلّي على النبيّ وآله صلّى الله عليه وآله وسلّم، حتى تطلعَ الشمسُ، ثمّ يسجدُ سجدةً يبقى فيها حتى يتعالى النهار...

وكانت قراءتُه في جميعِ المفروضات في الأولى (الحمد) و(إنّا أنزلناه)، وفي الثانية (الحمد) و(قُل هو الله أحد)، إلّا في صلاةِ الغَداةِ والظّهرِ والعصرِ يوم الجمعة...

وكان يَجهرُ بِالقراءة في المغرب، والعشاء، وصلاةِ الليلِ، والشَّفعِ، والوترِ، والغداة...

وكان إذا أقامَ في بلدةٍ عشرةَ أيامٍ صائماً لا يفطرْ، فإذا جَنَّ الليلُ بَدأ باِلصلاة قبل الإفطار، وكان في الطريقِ يُصلّي فرائضَه ركعتَين ركعتَين...

وكان لا يُصلّي من نوافلِ النهار في السفَر شيئاً، وكان يقولُ بعد كلّ صلاة يقصرُها: (سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلّا اللهُ واللهُ أكبر) ثلاثين مرة، ويقولُ: هذا لِتمامِ الصّلاة...

وكان يُكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن...

وكان لا ينزل بلداً إلّا قَصَدَه الناسُ يَستَفتونَه في معالِم دِينِهم، فيُجيبهُم ويُحدّثُهم الكثيرَ عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم...».

* وكان إذا نُصبت مائدتُه، أجلسَ على مائدته مماليكَه حتّى البوّاب والسائسَ والحجّام، حتى يوم وفاته، مع أنّه كان يوم وفاته يتململ كتملمُل السليم من أثَر السّم.

* عن رجل من أهل بلخ، قال: «كنت مع الرضا عليه السلام في سفره إلى خراسان، فدعا يوماً بمائدةٍ له، فجَمَع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلتُ فِداكَ، لو عَزلْتَ لِهؤلاء مائدة.

فقال: مَه، إنّ الربَّ تباركَ وتعالى واحدٌ، والأمَّ واحدةٌ والأبَ واحدٌ، والجزاءُ بالأعمال».

* ومرّ رجلٌ بأبي الحسن الرضا عليه السلام، فقال: أعطِني على قَدرِ مُروّتِك.

قال عليه السلام: لا يَسعني ذلك.

فقال: على قدر مروّتي.

قال: أمّا إذاً، فنعم، ثمّ قال: يا غلام، أعطِه مائتي دينار».

 (انظر: بحار الأنوار: المجلّد التاسع والأربعون؛

عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق، مجلّدان)   

 

 

«ولاية العهد» منبر اً رضويّاً

تجديد ثامن أئمة المسلمين للبعثة النبوية

 

كان هارون العبّاسي، قد أوصى لابنه محمّد الأمين، ومن بعده لولده عبد الله المأمون، وبعدهما لولده القاسم. كما وزّع المناطق بينهم، فجعل للأمين ولاية العراق والشام إلى آخر المغرب، وللمأمون من همدان إلى آخر المشرق، بما في ذلك خراسان وجهاتها، ولولده القاسم الجزيرة والثغور والعواصم.

ودارت الدوائر على الإمبراطورية العباسية بعد هلاك هارون في خطّين:

الأول: حروب الإخوة.

الثاني: ثورات العلويين.

وما جرى بين الأمين والمأمون معروف، لذا أقف، باختصار، عند ثورات العلويّين.

«في سنة 198 هجرية بعد قتل محمّد الأمين، وانتقال السلطة إلى أخيه عبد الله المأمون، أحسّ المأمون أنّ الأخطار تهدّد دولته من جميع الجهات:

ففي الكوفة: خرج أبو السرايا يدعو لمحمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن الحسن بن عليّ عليه السّلام، وبايعه الناس.

وفي المدينة: خرج محمّدُ بن سليمان بن داود بن الحسن، والحسنُ بن الحسين بن عليّ بن الحسين المعروف بـ(الأفطس)، ودعا إلى (ابن طباطبا)، فلما مات الأخير، دعا إلى نفسه.

ومع كل ثائر عشرات الألوف يناصرونه على أولئك الجبابرة الذين أقاموا عروشهم على جماجم الأبرياء والصلحاء وقتْل الأئمة المعصومين؛ محمّد بن عليّ الباقر، وجعفر بن محمّد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم عليهم السلام».

 (الميلاني، قادتنا كيف نعرفهم: 4/258)

في تلك المرحلة، وجد المأمون أنّه لا يستطيع إنقاذ الموقف بأسلوب القسوة والعنف، وقد أخذ يعاني من نتائج هذا الأسلوب بعد قتله أخاه الأمين. كما لا يستطيع ذلك بالمنطق والاحتجاج، وهو يعلم أكثر من غيره أنّ السلطة العبّاسية لا تمتلك أيّ شرعية في تسلّطها على الناس.

من هنا أخذ المأمون يفكّر في خطة غريبة من نوعها، تكون بنظره في غاية الإحكام والإتقان، فعمد إلى عَرض الخلافة على الإمام الرضا سلام الله عليه، لكنّه عليه السّلام رفض قبولها أشدّ الرفض. وبقي المأمون مدّةً يحاول إقناعه فلم يُفلح، حتّى استمرّ ذلك في «مَرْو»، أكثر من شهرين، والإمام يأبى عليه ذلك.

(انظر: ينابيع المودّة للقندوزي: ص 384)

وممّا قاله له المأمون: «..يا ابن رسول الله، قد عرفتُ فضلك وعلمك، وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحقَّ بالخلافة منّي... فإنّي قد رأيتُ أن أعزلَ نفسي عن الخلافة وأجعلها لك، وأُبايعك.

فقال الإمام: (إنْ كانت هذه الخلافة لك، فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسَكَه اللهُ وتجعلَه لغيرك، وإنْ كانت الخلافة ليست لك، فلا يجوز أن تجعل لي ما ليس لك).

قال المأمون: لابدّ لك من قبول هذا الأمر. فقال عليه السّلام: (لستُ أفعل ذلك طائعاً أبداً).

فما زال المأمون يحاول أيّاماً حتّى يئس من قبوله».

(انظر: روضة الواعظين للنيسابوري: 1/ 267)

وتنوّعت المحاولات وتعدّدت، إلاّ أنّها باءت جميعها بالخيبة. وكان المأمون قبل ذلك يكاتب الإمام الرضا عليه السّلام وهو بالمدينة ويُلحّ عليه بالقدوم إلى «مَرْو»، وأخذ يتهدّد الإمامَ، تلويحاً وتصريحاً، والإمام يأبى قبول ما يعرضه عليه، إلى أن بان للجميع أنّ المأمون لا يكفّ عنه، وأنّ الأمر بلغ مشارف القتل، فقبل عليه السّلام ولاية العهد مُكرَهاً، وذلك في السابع عشر من شهر رمضان سنة 201 هجريّة.

يقول أبو الفرج الأصفهانيّ: «أرسل المأمونُ الفضلَ والحسنَ ابنَي سهل إلى عليّ بن موسى فعرضا ذلك -يعني ولاية العهد- عليه فأبى، فلم يزالا به وهو يأبى ذلك ويمتنع منه، إلى أن قال له أحدهما: (إن فعلتَ ذلك، وإلاّ فَعَلنا بك وصَنَعْنا)! وتهدّده، ثمّ قال له أحدهما: (واللهِ أمرني -أي المأمون- بضرب عنقك إذا خالفتَ ما يريد)!

ثمّ دعا به المأمون وتهدّده فامتنع، فقال له قولاً شبيهاً بالتهديد».

(انظر: مقاتل الطالبيّين: ص 562)

حينها حدّث الإمام الرضا عليه السلام المأمونَ -عن آبائه عن النبيّ صلّى الله عليه وآله- بحديث شهادته صلوات الله عليه، وأنه يُقتل مسموماً قبل المأمون نفسه، فلا معنى لولاية عهدٍ تُوكل إلى من يُتوفّى قبل الحاكم.

فقال له المأمون بكلّ وقاحة: «يا ابن رسول الله، إنما تُريد بذلك التخفيفَ عن نفسك ودفْع هذا الأمر عنك، ليقول الناس: إنّك زاهدٌ في الدنيا!

فقال الرضا عليه السّلام: (واللهِ ما كذبتُ منذ خَلَقني ربّي عزّ وجلّ، وما زَهِدتُ في الدنيا للدنيا، وإنّي لَأعلم ما تريد).

فقال المأمون: وما أريد؟!

قال: الأمانَ على الصدق؟ قال: لك الأمان.

قال عليه السّلام: (تريد بذلك أن يقول الناس: إنّ عليّ بن موسى لم يزهدْ في الدنيا، بل زَهِدَتِ الدنيا فيه، ألا تَرَون كيف قَبِلَ ولاية العهد طمعاً في الخلافة؟!).

فغضب المأمون وقال له: إنّك تتلقّاني أبداً بما أكره.. فبالله أُقسم: لئنْ قبلتَ ولاية العهد، وإلاّ أجبرتك على ذلك، فإنْ فعلتَ وإلاّ ضربتُ عنقَك»!

(انظر: أمالي الصدوق: ص 43)

 

حيرة المأمون ودوافعه

ثلاثة أسباب اضطرّت المأمون، على الظاهر، للتقرّب من الإمام الرضا عليه السلام:

1- ثورات العلويين.

2- عداء بعض العباسيّين للمأمون.

3- المدّ الجماهيري الموالي للإمام الرضا عليه السلام.

ولمعرفة حجم هذا المدّ الجماهيري -خصوصاً في خراسان آنذاك- أذكر كلام رجلٍ خراسانيّ مع الإمام الصادق عليه السلام، عن وجود مائة ألف من الأنصار له في خراسان:

«..دخل سهل بن الحسن الخراسانيّ، فسلّم عليه – أي على الإمام الصادق- ثمّ جلس فقال له: يا ابنَ رسول الله، لكم الرأفة والرحمة، وأنتم أهل بيت الإمامة، ما الذي يمنعك أن يكون لك حقّ تقعد عنه، وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يدَيك بالسيف؟..».

(الميلاني: 4/110)

هذا المدّ الجماهيري الذي كان يقدّر بمائة ألف سيف في زمن الإمام الصادق عليه السلام، كيف أصبح في زمن الإمام الرضا عليه السلام؟  لقد وصل إلى حيث إنّ المأمون لم يرَ وسيلة لتثبيت حكمه، إلّا التظاهر باستعداده لتسليم أمر الخلافة أو ولاية العهد إلى الإمام الرضا عليه السلام.

 

منهج الإمام الرضا في مواجهة خطّة المأمون

اعتمد الإمام الرضا عليه السلام، في مواجهة دسائس المأمون، منهجاً يقوم على الأُسس التالية:

1- رفضه تولي الخلافة من قِبل المأمون.

2- رفضه قبول ولاية العهد بالاختيار.

3- قبول ولاية العهد، مكرهاً مضطراً، بشرط أن لا يتدخّل بشيء من أمور الدولة والنظام.

4- اعتماد الحوار العلمي في المجالس العامّة والخاصّة، كوسيلة أفضل لنشر العقيدة والشريعة والأخلاق الفاضلة.

5- اعتماد إظهار الكرامات في عصرٍ دعت الحاجة إليها على أوسع نطاق في مواجهة الهجمة المادية الشرسة، والتضليل والانحراف اللّذين لم تواجَه الأمّة بمثلهما من قبل.

وكان اعتماد الكرامات، كما هو الحوار العلمي، في المجالس العامّة ليموت الذين كفروا بغيظهم وينقلبوا خاسرين. وفي المجالس الخاصة لتثبيت المؤمنين وتقوية عقيدتهم.

 

هارون يسلب الهاشميّات!

لقد قاسى الإمام الرضا عليه السلام وأصحابه من ظلم العبّاسيّين وولاتهم، مثل الذي قاساه، من قبل، أبوه الكاظم عليه السّلام. فقد «بقي الإمام الرضا بعد أبيه الإمام الكاظم عليه السلام عشرين عاماً، منها: عشر سنوات في عهد هارون، وكان يتجرّع خلالها مرارة الأحداث، ويتعرّض إليه هارون بين الحين والآخر بمَن يؤذيه؛ كـ(الجلوديّ) الذي أوعز إليه بأن يهاجم دور آل أبي طالب، ويسلب ما على نسائهم من ثياب وحلل، ولا يدع على واحدة منهن ثوباً يسترها!

والجلوديّ نفّذ أوامر هارون، فلمّا انتهى إلى دار الإمام الرضا عليه السلام، بِخَيله وجنده، وقف الإمام على باب داره، وجعل نساءه في بيتٍ واحد، وحاول أن يمنعهم من دخوله.

فقال له الجلوديّ: (لا بدّ وأن أدخل البيت وأتولى بنفسي سلبهنّ كما أمرني هارون).

فقال له الرضا: (أنا أسلبهنّ لك ولا أترك عليهنّ شيئاً إلاّ جئتُك به)، وظلّ يمانعه ويحلف له بأنّه سيأخذ جميع ما عليهنّ من حلى وحلل وملابس حتّى سكن، ووافق على طلب الإمام».

(الميلاني: 4/239)

 

دلالة الحجّة العلمُ واستجابة الدعوة

احتجاج الإمام الرضا على رؤساء الأديان بِصحُفهم

 

الدليلُ على الإمام المفترض الطاعة، والذي هو حجّة الله تعالى على الخلق، أمران: العلم، واستجابة الدعاء. هذه هي القاعدة التي أرساها الإمام الرضا صلوات الله عليه في إحدى مناظراته مع علماء البلاط العباسي. فهذان الأمران يثبتان مقام الإنسان الكامل -الذي هو مربّي النوع البشريّ- في العقل والإرادة.

 ولمّا كانت سنّة الله على إتمام حجّته وإعلاء كلمته، أظهَر تعالى عِلمَ الإمام الرضا عليه السلام واستجابةَ دعائِه –كما في صلاة الاستسقاء وافتراس الأسدَين للمفتري- باستدعاءٍ من المأمون، وكذلك يتمّ الله نورَه، فيسخِّر المأمون الذي أراد إطفاء نور الإمام عليه السلام، ليجمع علماء الأمم وعظماء الملل لمناظرته:

«فلمّا قدم عليّ بن موسى الرضا عليه السلام إلى المأمون، أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق [ كبير أساقفة النصارى ]، ورأس الجالوت [ كبير أحبار اليهود ]، ورؤساء الصابئين، والهربذ الأكبر [ شيخ المجوس ]، وأصحاب زرداشت، وقسطاس الرومي [ كبير علماء الطب ]، والمتكلّمين، يسمع كلامه وكلامهم...

قال الحسن بن محمد النوفليّ: فبينا نحن في حديثٍ لنا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام، إذ دخل علينا ياسر الخادم... فقال: يا سيّدي، إنّ أميرّ المؤمنين يُقرئُك السلام، فيقول: فداكَ أخوكَ، إنّه اجتمع إليّ أصحابُ المقالات وأهل الأديان والمتكلّمون من جميع المِلَل، فرأيكَ في البكور علينا إنْ أحببتَ كلامهم...

فقال أبو الحسن عليه السلام: (...قُلْ له: قد عَلِمتُ ما أردتَ، وأنا صائرٌ إليكَ بكرةً إنْ شاء الله).

فلمّا مضى ياسر، التفتَ إلينا، ثمّ قال لي: (يا نوفليّ، أنت عراقيّ ورقّة العراقيّ غير غليظة، فما عندَك في جمعِ ابن عمّك علينا أهلَ الشّرك وأصحاب المقالات؟)

فقلت: جعلتُ فداك، يريد الامتحان ويحبّ أن يعرف ما عندك، ولقد بنى على أساسٍ غيرِ وثيق البنيان، وبئس والله ما بنى.

فقال لي: (وما بناؤه في هذا الباب؟).

قلت: إنّ أصحابَ البِدَع والكلام خلاف العلماء، وذلك أنّ العالم لا يُنكِر غير المنكَر، وأصحابُ المقالات والمتكلّمون وأهلُ الشّرك أصحابُ إنكارٍ ومباهتة، وإنِ احتجَجتَ عليهم أنّ الله واحدٌ، قالوا: صحِّح وحدانيّتَه، وإن قلت: إنّ محمّداً رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قالوا: أثبِتْ رسالتَه، ثمّ يباهتون الرجل وهو يُبطِلُ عليهم بِحجّته، ويغالطونه حتى يتركَ قولَه، فاحذَرْهُم جُعلتُ فداك!

فتبسّم عليه السلام، ثمّ قال: (يا نوفليّ، أتَخافُ أنْ يقطعوا عليّ حجّتي؟).

قلت: لا والله ما خفتُ عليكَ قطّ، وإنّي لأرجو أن يظفرَك اللهُ بهم، إنْ شاء الله.

فقال لي: (يا نوفليّ، أتحبُّ أنْ تعلمَ متى يندمُ المأمونُ؟).

قلت: نعم.

قال: إذا سمعَ احتجاجي على أهلِ التوراةِ بِتوراتِهم، وعلى أهلِ الإنجيلِ بإنجيلِهم، وعلى أهلِ الزّبورِ بِزَبورِهم، وعلى الصّابِئينَ بِعبرانيّتِهم، وعلى الهرابِذَةِ بفارسيّتِهم، وعلى أهلِ الرّوم برومِيّتِهم، وعلى أصحابِ المقالاتِ بِلغاتِهم، فإذا قطعتُ كلَّ صنفٍ ودَحَضتُ حجّتَه، وتَرَكَ مقالتَه، ورجِعَ إلى قَولي، علِمَ المأمونُ أنّ المَوضِعَ الذي هو بِسبيلِه ليس هو بِمُستَحقٍّ له، فعندَ ذلك تكونُ الندامةُ منه، ولا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله العليِّ العظيمِ...».

(انظر: توحيد الصدوق: ص 417)

 

صلاة الاستسقاء

المأمون مستنجداً: قد احتبسَ المطر... فلو دعوتَ الله

 

تقدّم أن الإمام الرضا عليه السلام، اعتمد -عقب قبوله ولايةَ العهد على إكراه- جملة خطوات قوّضت دسائس المأمون، وحوّلت هذا المنصب الذي أراده العباسيّ شرَكاً، إلى منبرٍ رضويّ لتجديد تعاليم الوحي.

ويأتي الحديث ههنا عن صلاة الإمام الرضا في الاستسقاء،كنموذج عن تطبيقه صلوات الله عليه مبدأ اعتماد الكرامات، في مواجهة النزعة المادية المهيمنة على البلاط العبّاسي، وعلى النخَب الدائرة في فلكه، وبالتالي على مختلف الشرائح الاجتماعية، لا سيما مع انتشار الأفكار الإلحادية الناجمة عن التأثّر بالفلسفات الأعجمية.

وسنرى كيف أن هذه الكرامة الواحدة منه عليه السلام، تفرّعت عليها اثنتا عشرة كرامة، وذلك حين يُسمّي الإمام أحد عشر بلداً تقصد كُلّاً منها سحابة بعينها، والثانية عشرة أنّ سحابة مَن حضر الصلاة مسامِتةٌ لرؤوسهم حتى يرجعوا إلى بيوتهم ومقارّهم.

نقل السيد الميلاني (4/214)، عن الحمويني في (فرائد السّمطين)، أنه قال:

«رأيت في كُتب أهل البيت عليهم السلام، أنّ المأمون لمّا جعل عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام وليّ عهده، احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصّبين على الرضا يقولون: انظروا ما جاءنا عليّ بن موسى الرضا، وليّ عهدنا، فحُبس عنّا المطر، واتّصل ذلك بالمأمون واشتدّ عليه، فقال للرضا: قد احتبس عنّا المطر، فلو دعوتَ الله تعالى أن يمطر الناس.

قال الرضا: (نعم).

قال: فمتى تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة.

فقال: (يوم الاثنين، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم، أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، فقال: يا بنيّ انتظر يوم الاثنين، فابرز فيه إلى الصحراء واستسقِ، فإنّ الله عزّ وجلّ يسقيهم، وأخبِرهُم بما يُريك اللهُ ممّا لا يعلمون ليزداد علمُهم بفضلك ومكانك من ربّك عزّ وجلّ).

فلمّا كان يوم الاثنين غدا عليُّ بن موسى الرضا إلى الصحراء، وخرج الخلائق ينظرون، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: (اللّهمّ يا ربّ، أنت عظّمتَ حقَّنا أهلَ البيت، فتوسَّلوا بنا كما أمَرتَ، وأمّلوا فضلَك ورحمتَك، وتوقّعوا إحسانك ونعمتك، فاسقِهم سقياً نافعاً عامّاً غير ضارّ، وليكنِ ابتداءُ مطرِهم بعد انصرافهم من مشهدِهم هذا إلى منازلهم ومقارّهم).

قال: فوَالّذي بعَث محمّداً نبيّاً، لقد نسجتِ الرياح الغيومَ وأرعدت وأبرقتْ، وتحرّك الناس كأنّهم يريدون التنحّي عن المطر.

فقال الرضا: (على رسلكم أيُّها الناس، فليس هذا الغَيم لكم، إنّما هو لأهل بلد كذا).

فمضت السحابة وعبرت، ثمّ جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد وبرق فتحرّكوا، فقال الرضا عليه السّلام: (على رسلكم، فما هذه لكم إنّما هي لبلد كذا).

ثمّ أقبلت سحابة حادية عشر، فقال: (يا أيُّها الناس، هذه بعثَها اللهُ لكم، فاشكروا الله على تفضّله عليكم، وقوموا إلى مقارّكم ومنازلكم، فإنّها مُسامِتَةٌ لرؤوسكم ممسكةٌ عنكم، إلى أن تدخلوا مقارّكم، ثمّ يأتيكم من الخير ما يليقُ بكرم الله عزّ وجلّ).

ونزل الرضا عن المنبر وانصرف الناس، فما زالت السحابة مُمسِكةً إلى أنْ قربوا من منازلهم، ثمّ جاءت بوابل المطر، فملأت الأودية والحياض والغدران والفلوات، فجعل الناس يقولون: هنيئاً لِولد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كرامات الله.

ثمّ برز إليهم الرضا عليه السّلام وحضرت الجماعة الكثيرة منهم، فقال:

(يا أيّها الناس، اتّقوا الله في نِعَم الله عليكم، فلا تنفّروها عنكم بِمعاصِيه، بل استَديموها بطاعتِه وشكرِه على نِعَمِه وأياديه، واعلموا أنّكم لا تشكرون اللهَ عزّ وجلّ بشيءٍ بعد الإيمان بالله، وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله مِن آل محمّدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أحبّ إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبَرٌ لهم تعبر بهم إلى جنان ربّهم، فإنّ مَن فعل ذلك كان من خاصّة الله تعالى)...».

 

 

سمّاه اللهُ «الرّضا»...

* في (عيون أخبار الرضا عليه السلام)، أن الإمام الكاظم عليه السلام، كان يُسمّي ولدَه عليّاً عليه السلام «الرِّضا»، وكان يقول: ادعوا لي ولديَ الرضا... وإذا خاطبه قال: «يا أبا الحسن».

* وفيه أيضاً، أن رجلاً قال للإمام الجواد عليه السلام: إنّ قوماً من مخالفيكم يزعمون أنّ أباكَ إنّما سمّاه المأمون «الرِّضا» لمّا رضيه لولاية عهده؟

فقال عليه السلام: كذَبوا والله وفجَروا، بلِ الله تبارك وتعالى سمّاه بـ«الرضا عليه السلام»، لأنّه كان رضىً لله عزّ وجلّ في سمائه، ورضىً لرسوله والأئمّة بعده صلوات الله عليهم، في أرضِه.

فقيل له: ألم يكن كلّ واحد من آبائك الماضين عليهم السلام، رضىً لله عزّ وجلّ ولرسوله والأئمّة بعده عليهم السلام؟ فقال: بلى.

قيل: فلمَ سُمّي أبوك عليه السلام من بينهم الرّضا؟

قال: لأنّه رضيَ به المخالفونَ من أعدائه كما رضيَ به الموافقون من أوليائِه، ولم يكُن ذلك لأحدٍ من آبائه عليهم السلام، فلذلك سُمِّي من بينهم الرضا عليه السلام.

 

 

لو شئتُ لما ناظرتُك...

وقائع ما بعد كرامة الاستسقاء

 

من الطبيعي جداً أن لهذا الحدث النوعي -أي نزول المطر بدعاء الإمام الرضا عليه السلام- آثاره المدويّة، لا في عاصمة العباسيّين فقط، بل في جميع أرجاء العالم الإسلامي آنذاك. وما أنا بصدده هنا الحديث عن بعض الآثار المدويّة في العاصمة العباسية آنذاك.

ولكي نقترب من أجواء هذا الحدث العظيم:

- تصوّر حصول مثل هذه الحادثة في واشنطن اليوم.

- فكيف ستكون آثارها على القادة وكبار القوم وصغارهم؟

- وهل ستهفو القلوب إلى غير مَن جرتْ على يديه هذه المكرمة الإلهية العجيبة؟

* والأهمّ من ذلك كلّه:

- أنّ هذه الكرامة الإلهيّة، في هذا الحدث النوعيّ، قد حصلت على يد مَن كان حسّاده والمناوؤن له بين القادة ودهاقنة العباسيّين، أكثر بكثير من الموالين له.

- أن لا ننسى أنّ المأمون سار بعكس التيّار العباسي، وأنّه هو في قرارة نفسه لم يكن يريد أن يزداد تعلّق الناس بالإمام الرضا عليه السلام، بل كان يريد الاستفادة من وجوده لتقوية مُلكه.

نستحضر هذه الخصوصيات، ونتابع البحث عن وقائع ما بعد صلاة الاستسقاء، ولحسن الحظّ نجد رواية طويلة عن الإمام الجواد بن الإمام الرضا عليهما السلام، أوردها الشيخ الصدوق في (عيون أخبار الرضا عليه السلام). وخلاصة ما في هذه الرواية:

1- عظمتْ البركة في البلاد بنزول المطر بدعاء الرضا عليه السلام.

2- تحرّك الحسّاد للإمام الذين كانوا حول المأمون من عباسيّين وغيرهم.

3- حرّض بعضهم المأمون على الإمام، وأوغروا صدره بالتخويف من انتقال الخلافة إلى أهل البيت.

4- تجاوب معهم المأمون، واعترف بأنّه تورط وهو يفكّر بالمخرج المناسب.

5- قال له الحاجب حميد بن مهران: دعني أجادله لأحطّ من قدره.

6- وافق المأمون وعُقد مجلس خاصّ لذلك، حضره كبار القوم.

7- بدأ هذا الشخص -واسمه حميد بن مهران- بالتطاول على الإمام الرضا والتقليل من شأن نزول المطر.

8- وممّا قاله للإمام ما خلاصته: إنْ كنتَ صاحب كرامات ومعاجز، فمُرْ هذين الأسدَين -وأشار إلى صورة أسدَين على مسند المأمون- ليفترساني.

9- فغضب الإمام الرضا عليه السلام، وأمر صورة الأسدين، فتحوّلت أسدَين وافترستا حميد بن مهران!! إلى آخر الحادثة كما في هذه الرواية عن الإمام الجواد عليه السلام، يصف تداعيات استجابة دعاء أبيه الرضا عليه السلام، بالاستسقاء للقوم:

«..قال الإمام (الجواد) محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام:

1- وعظّم اللهُ تبارك وتعالى البركةَ في البلاد بدعاء الرضا عليه السلام.

2- وقد كان للمأمون مَن يريد أن يكون هو وليَّ عهده من دون الرضا عليه السلام، وحسّادٌ كانوا بحضرة المأمون للرضا عليه السلام.

3- فقال للمأمون بعض أولئك: يا أميرَ المؤمنين:

* أُعيذك بالله أن تكون تأريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم والفخر العظيم، من بيت ولد العباس إلى بيت ولد عليّ.

* لقد أَعنتَ على نفسك وأهلك؛ جئت بهذا الساحر ولدِ السّحَرة، وقد كان خاملاً فأظهَرتَه، ومتّضعاً فرفعتَه، ومَنسِيّاً فذكّرتَ به، ومُستَخَفاً فنوّهت به.

* قد ملأ الدنيا مخرقة وتشوّفاً بهذا المطر الوارد عند دعائه.

* ما أخوَفني أن يُخرِج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العباس إلى ولد عليّ.

 *بل ما أخوفني أن يتوصّل بسحره إلى إزالة نعمتك والتواثب على مملكتك. هل جنى أحدٌ على نفسِه ومُلكِه مثل جنايتك؟

4- فقال المأمون:

* كان هذا الرجل مستتراً عنّا يدعو إلى نفسه.

* فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المفتونون به أنّه ليس ممّا ادّعى في قليلٍ ولا في كثير، وأنّ هذا الأمر لنا دونه، وقد خشينا إنْ تركناه على تلك الحالة أن ينفتق علينا منه ما لا نسدّه، ويأتي علينا منه ما لا نطيقه.

* والآن، فإذ قد فعلنا به ما فعلناه، وأخطأنا في أمره بما أخطأنا، وأشرفنا من الهلاك بالتنويه به على ما أشرفنا، فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنّا نحتاج أن نضعَ منه قليلاً قليلاً، حتى نصوّره عند الرعايا بصورة مَن لا يستحقّ لهذا الأمر، ثمّ ندبّر فيه بما يحسم عنّا موادَّ بلائه.

5- قال الرجل: يا أمير المؤمنين، فولّني مجادلته فإنّي أُفحمه وأصحابَه، وأضع مِن قَدرِه، فلولا هيبتك في نفسي لأنزلتُه منزلتَه وبيّنتُ للناس قصوره عما رشّحته له.

قال المأمون: ما شيءٌ أحبّ إليّ من هذا.

6- قال: فاجمعْ جماعة وجوه مملكتك من القوّاد والقضاة وخيار الفقهاء، لأُبيّن نقصَه بحضرتهم، فيكون أخذاً له عن محلّه الذي أحللتَه فيه، على علمٍ منهم بصواب فعلك.

7- قال: فجمعَ الخلقَ الفاضلين من رعيّته في مجلس واسع قعد فيه لهم، وأقعد الرضا عليه السلام بين يدَيه في مرتبته التي جعلها له، فابتدأ هذا الحاجب المتضمّن للوضع من الرضا عليه السلام، وقال له:

8- إنّ الناس قد أكثروا عنك الحكايات وأسرفوا في وصفك بما أرى أنّك إنْ وقفتَ عليه برئتَ إليهم منه. وذلك أنّك قد دعوتَ اللهَ في المطر المعتادِ مجيئه، فجاء فجعلوه آيةً معجزةً لك، أوجبوا لك بها أنْ لا نظيرَ لك في الدنيا، وهذا أمير المؤمنين أدام الله مُلكه وبقاءه لا يوازى بأحدٍ إلّا رَجَح به، وقد أحلّك المحلّ الذي قد عرفتَ، فليس من حقّه عليك أن تسوّغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذّبونه.

9- فقال الرضا عليه السلام: (ما أدفعُ عبادَ اللهِ عن التحدّث بنِعَمِ اللهِ عَلَيَّ، وإنْ كنتُ لا أبغي بذلك أشراً ولا بطراً، وأمّا ذِكرُك صاحبَك الذي أحلّني ما أحلّني، فما أحلّني إلّا المحلَّ الذي أَحلّه ملكُ مصر يوسفَ الصدّيقَ عليه السلام، وكانت حالهما ما قد علمتَ).

10- فغضب الحاجب عند ذلك، وقال: يا ابن موسى، لقد عدوتَ طَورك وتجاوزتَ قدْرَك أنْ بعثَ اللهُ بمطرٍ مُقدِّرٍ وقتُه، لا يتقدّم ولا يتأخّر، جعلتَه آيةً تستطيلُ بها، وصَولةً تصولُ بها، كأنّك جئتَ بمثل آيةِ الخليل إبراهيم عليه السلام، لمّا أخذ رؤوسَ الطَّير بيده، ودعا أعضاءها التي كان فرّقها على الجبال، فأتينَه سعياً، وتركّبنَ على الرؤوس، وخَفَقنَ وطِرْنَ بإذن الله تعالى، فإنْ كنتَ صادقاً في ما تُوهِم فأحيِ هذَين وسلِّطهما عليّ، فإنّ ذلك يكون حينئذٍ آيةً معجزةً؛ فأمّا المطر المعتاد مجيئه، فلستَ أنتَ أحقّ بأنْ يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوتَ.

وكان الحاجب أشار إلى أسدَين مصوّرَين على مسند المأمون الذي كان مستنداً إليه، وكانا متقابلين على المسند.

11- فغضب عليّ بن موسى عليهما السلام، وصاح بالصّورتين: (دونَكما الفاجرَ، فافتَرِساه ولا تُبقِيا له عيناً ولا أثراً).

فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدَين، فتناولا الحاجب ورضّضاه، وهشّماه، وأكلاه، ولَحَسا دمَه، والقومُ ينظرون متحيّرين ممّا يبصرون.

12- فلمّا فرغا منه أقبلا على الرضا عليه السلام، وقالا: يا وليّ الله في أرضه، ماذا تأمرنا نفعل بهذا، أنفعل به ما فعلنا بهذا؟ يشيران إلى المأمون.

13- فغشيَ على المأمون ممّا سمع منهما.

14- فقال الرضا عليه السلام: (قفا)، فوقفا.

15- قال الرضا عليه السلام: (صبُّوا عليه ماءَ وردٍ وطيّبوه). فَفُعِل ذلك به، وعاد الأسدان يقولان: أتأذنُ لنا أنْ نُلحقَه بصاحِبِه الذي أفنيناه؟

16- قال: (لا، فإنّ لله عزّ وجلّ فيه تدبيراً هو مُمضيه). فقالا: ماذا تأمرنا؟ قال: (عودا إلى مقرّكما كما كنتما). فصارا إلى المسند، وصارا صورتَين كما كانتا.

17- فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شرّ حميد بن مهران، يعني الرجلَ المفترَس.

18- ثمّ قال (المأمون) للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله، هذا الأمر لجدّكم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ لكم، فلو شئتَ لنزلتُ عنه لك.

19- فقال الرضا عليه السلام: (لو شئتُ لما ناظرتُك ولم أسألك، فإنّ الله تعالى قد أعطاني من طاعةِ سائر خلقِه مثلَ ما رأيتَ مِن طاعة هاتَين الصورتين، إلّا جهّال بني آدم، فإنّهم وإنْ خسروا حظوظَهم فلِلّه عزّ وجلّ فيهم تدبير، وقد أمَرَني بِتركِ الاعتراض عليك، وإظهار ما أظهرتُه من العمل من تحت يدك، كما أمَر يوسفَ بالعمل من تحت يد فرعون مصر).

20- فما زال المأمون ضئيلاً في نفسه إلى أن قضى في عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ما قضى».

 

 

عصا موسى تلقَفُ ما يأفكون

خطورة إنكار حقائق القرآن بدعوى «العقل»

تقدّم الحديث عن الكرامة الإلهية الخاصّة للإمام الرضا عليه السلام، بنزول المطر عقب صلاته ودعائه عليه السلام، وما أعقبها من جوٍّ مشحون في البلاط العباسي ضدّ الرضا عليه السلام، وما انتهى إليه الأمر من خيبتهم والمأمون جميعاً، وأنه ما فتئ ضئيلاً في نفسه حتى شهادة الإمام صلوات الله عليه.

وأرجو من الله عزّ وجلّ أن يقيّض لهذه الكرامة، ونظائرها، مَن يُخرجها ويصوّرها في أفلام، ويكتب عنها روايات، وأن تُنشر على أوسع نطاق؛ نثراً وشعراً. هذا إذا أردنا أن نعرّف بأهل البيت عليهم السلام على قاعدة الإيمان بالغَيب، وألا نكون من ضحايا الغزو الثقافي الذي يفكّر بالمادة ويفكّر بالعينين، ويركب الموجة العامّة. فالنهج السائد أو نمط التفكير عند كثير من المؤمنين حيال المعاجز والكرامات، هو: ما هذه الخرافات؟!

هل هذه حقّاً خرافات؟ رواية نزول المطر التي تقدّم ذكرها مرتبطة بعصا موسى عليه السلام، كما سيأتي. وهل عصا موسى عليه السلام خرافة أم حقيقة قرآنية؟

إذا كان المقياس في قبول ورفض ما ورد في القرآن الكريم هو ما ينسجم مع العقل، وما هو غير مستغرَب، فإذاً ثلاثة أرباع القرآن لا يقبله «العقل».

وهل يَرد المبدأ القرآني لمرة واحدة لا تتكرر، أم أن كتاب الله تعالى يضع لنا أسس التفكير والتعقّل، من قبيل أنّه: يُمكن للنمل أن يتكلم، ويُمكن للهدهد أن يصبح ضابط استطلاع أمني لا يرقى إلى مستواه حتّى الضابط الأمني الكبير الذي يتأثّر بالغرب، لأنّ الهدهد ذهب واستطلع وتحدّث عن قوّة الجانب المادّي وعن ضعف العقيدة: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ..﴾. النمل:24. يوجد عرش عظيم ومُلك عظيم، لكنّي وجدتهم يسجدون للشمس، وهذا قول الهدهد.

مبدأ الإيمان بالغَيب يقول بأنّ الكائنات والموجودات كلّها، بلا استثناء، تمتلك حياةً وتوحيداً: ﴿..وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ..﴾. الإسراء:44

والإنسان أشرف الكائنات، لكن هذا لا يعني أن الجماد والحيوان لا قيمة لها. إذا ألغى الإنسان هذا الجانب -العقل والإيمان بالغَيب- يصبح أسوأ من الحيوان: ﴿..إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ الفرقان:44.  

يجب أن نقف مليّاً عند هذه العناوين ونتدبّر فيها، إذا أردنا أن نعرف أئمّتنا عليهم السلام حقّ معرفتهم.

 

مقارنة بين عصا موسى وصورتي الأسدين

تلك كانت عصا وهاتان صورتان، فإلامَ تحوّلت العصا؟ لنعرف إمكانية تحول الصورتين إلى أسدين، أكتفي بهذه الرواية التي أوردها الشيخ الكليني في (الكافي: 1/231):

«..عن أبي جعفر  الباقر عليه السلام، قال: كانت عصا مُوسى لآِدمَ عليه السلام، فصارتْ إلى شُعَيب، ثمّ صارتْ إلى موسَى بنِ عِمران، وإنّها لَعِندَنا، وإنّ عَهدي بها آنِفاً وهيَ خضراءُ كَهيئَتِها حينَ انتُزِعَت من شجرتِها، وإنَّها لَتَنطِقُ إذا استُنطِقَت، أُعِدَّت لِقائِمِنا عليه السلام، يَصنَعُ بها ما كانَ يَصنَعُ موسى، وإنَّها لَتَرُوعُ وتَلقَفُ مَا يأْفِكونَ، وتَصنَعُ ما تُؤمَرُ به، إنّها حيثُ أَقبَلَت تَلقَفُ مَا يَأفِكُونَ، يُفتَحُ لها شُعبتانِ؛ إحداهُما في الأرضِ والأُخرى في السّقفِ، وبينهما أربعونَ ذِراعاً، تَلقَفُ ما يَأْفِكونَ بِلسانِها».

 

كرامة باب الحوائج

تشبه هذه الكرامة المعجزة للإمام الرضا ما حصل من أبيه الإمام الكاظم عليهما السلام، التي ذكرها الشيخ الصدوق في (أماليه: ص 212)، قال:

«...استَدعى الرشيدُ رجلاً يُبطِلُ به أمرَ أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، ويقطعه ويُخجله في المجلس، فانتُدِب له رجلٌ مُعَزِّم (المُعَزِّم: الراقي الذي يعمل بالعزيمة والرّقى)، فلمّا أُحضرت المائدة عمل ناموساً (سحراً) على الخبز، فكان كلّما رام خادم أبي الحسن عليه السلام، تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه، واستفزّ هارون الفرح والضحك لذلك، فلم يلبث أبو الحسن عليه السلام، أنْ رفَع رأسَه إلى أسَدٍ مُصوّر على بعض السّتور، فقال له: (يا أسدَ الله، خُذْ عدوَّ الله).

قال: فوثَبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السِّباع، فافترَسَت ذلك المُعزِّم، فخَرَّ هارون وندماؤه على وجوههم مغشيّاً عليهم، وطارت عقولهم خوفاً من هَول ما رأوه، فلمّا أفاقوا من ذلك بعد حين، قال هارون لأبي الحسن عليه السلام: أسألُك بِحقّي عليك، لما سألَت الصورة أن تردّ الرجل.

فقال: (إنْ كانت عصا موسى عليه السلام، رَدّت ما ابتلعَتْه من حِبال القوم وعِصيِّهم، فإنّ هذه الصورة تردُّ ما ابتلعَته من هذا الرجل)...».

 

كرامة الإمام الهادي

في معرض شرح الشيخ البهائي في كتابه (مفتاح الفلاح: ص 173) لدعاء الساعة العاشرة، الخاصة بالإمام الهادي عليه السلام، وحول عبارة (الذي كَفَيْتَه حِيلَة الأعداء)، قال الشيخ البهائي:

«فيه إشارة إلى ما رواه أصحاب السِّيَر من الخاصّة والعامّة، من أنّ المتوكّل أمَر بعض السّحَرة أن يعمل ما يُوجب خجل الهادي عليه السلام، فلمّا أراد الساحر فعل ذلك، أشار عليه السلام إلى صورة أسد منقوشة على بعض وسائد المتوكّل، وأمَرَها بافتراس الساحر، فصارت بإذن الله أسداً وافترست الساحر، ثمّ عادت إلى ما كانت».

ثمّ قال الشيخ البهائي، أنّ: «المتوكّل لمّا رأى ذلك أُغمي عليه وعلى أهل المجلس، فلمّا أفاق قال للإمام عليه السلام: أردُدْ ذلك الرجل، فقال عليه السلام: إنْ كانت عصا موسى عليه السلام، تردّ حبالَ السحرة وعصيّهم فذلك الرجل يُردّ».

اخبار مرتبطة

  تاريخ و بلدان

تاريخ و بلدان

نفحات