قراءة في كتاب

قراءة في كتاب

11/05/2020

قراءة في دعاء عَرَفَة للإمام الحسين بن عليّ عليه السلام

كتاب (مباني وأصول العرفان الشّيعي) للملّا فاضل

قراءة في دعاء عَرَفَة للإمام الحسين بن عليّ عليه السلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قراءة: الشيخ أحمد التميمي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكتاب: مباني وأصول العرفان الشّيعي

المؤلّف: الملّا محمّد عليّ فاضل (ت: 1342هجرية)

النّاشر: «دار المعارف الحكميّة»، بيروت 1432 هجرية

 

دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عَرَفَة، له امتيازات ثلاثة:

الأول: مُنشِئ الدّعاء، وهو سيّد الشهداء الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه.

الثاني: مضامين الدّعاء، والمشتملة على المعارف الربّانيّة، ومن أهمّها مباحث التوحيد.

الثالث: يوم الدّعاء، وهو يوم عَرَفَة، يقول الفقيه الشّيخ الملَكي التبريزي في (المراقبات):

«يومٌ كأنّه مُحّض (خُصّص) للدّعاء... وأهميّة الدّعاء في هذا اليوم بحيث منعوا مَن يُضعِفُه الصّوم عن الدّعاء عن الصّوم فيه، مع أنّ في بعض الأخبار الصّحيحة المعتمدة أنّ صومه كفّارة تسعين سنة».

ومَنْ وُفّق في يوم عَرَفَة للحضور في عرفات أو كربلاء، وقراءة الدّعاء هناك، فذلك امتياز رابع.

ومن هنا تتّضح الأهميّة الاستثنائيّة للكتاب موضوع القراءة (مباني وأصول العرفان الشّيعي) لمؤلّفهِ الفقيه العارف الملّا محمّد علي فاضل، والمشهور بـ«حاجي فاضل خراساني».

خصائص الكتاب

تناول كتاب (مباني وأصول العرفان الشّيعي) شرحاً لدعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عَرَفَة. وقدّ عدّه بعض الباحثين المعاصرين في علوم الفلسفة والإلهيات «من الكُتب المرجعيّة التأسيسيّة في المعارف الربّانيّة، ويشكّل مُرتكزاً مرجعيّاً لإدراك وفهم مباني العرفان وأصوله في المدرسة الإماميّة».

وهذا الوصف المتقدّم، يعود إلى جُملةِ خصائص يمكن ذكر بعضها على النحو التالي:

أولاً: منزلة المؤلّف العلميّة، فهو فقيه أصوليّ، عارف حكيم، مفسّر محدّث، أديب جامع، كان يُعدّ من أكابر علماء الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري. ويُعتبر كتابه هذا شاهداً حيّاً لما كان يحمله من علوم ومعارف، وإدراك عميق لدقائق المعقول والمنقول، في مسائل الإلهيات ومباحث التوحيد والصفات ومطالب الأخلاق الرفيعة ونحوها.

ثانياً: توضيح المباني النظرية للعرفان الشّيعي، من علوم الحقائق الدقيقة في معرفة توحيد الله تعالى، ومبادئ السير والسلوك إليه عزّ وجلّ، والتي أسّس لها أهل البيت عليهم السلام. وقد جاءت فقرات الدّعاء المشروحة في هذاء الكتاب مصداقاً لهذا التوضيح.

ثالثاً: الشروح الدقيقة والرقيقة لفقرات الدّعاء، فعلى الرغم من أنّ المؤلّف لم يشرح الدّعاء كلّه، وإنّما بعض الفقرات منه، إلّا أنّها شروح في غاية العمق والتدبّر. ولعلّ أحد الأسباب التي لم تساعده على إكمال شرح الدّعاء (بصورة خاصة)، وقلّة مؤلّفاته (بصورة عامة)، هو انشغاله في محكمة الشرع، والمرجعيّة العلميّة في العلوم المتداولة، حيث كان يجيب عن كلّ سؤال جواباً وافياً على البديهة.

فصول الكتاب

جاء كتاب (مباني وأصول العرفان الشّيعي) في 36 فصلاً وبعناوين مختلفة، متضمّنة لشرح فقرات من دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عَرَفَة، من بداية الدّعاء: «الحَمْدُ ِللهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ»، وإلى قوله عليه السّلام: «وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُني لَدَيْكَ».

نقرأُ في فصلٍ تحت عنوان (في التوحيد ومعاني الأسماء)- وهو شرح لقول الإمام الحسين عليه السّلام: «فلا إلهَ غيره»- ما يلي:

«الإله: اسم جنس بمعنى المألوه مثل الكتاب، من أَلِهَ إليه، إذا فزع ولجأ إليه، إذْ هو الملجأ والمفزع بالحقيقة، ولا ملجأ إلاّ إليه، ولا مفزع غيره ... ولذا إذا انقطعت الأسباب الظاهرية التي جعلها الله عللاً معدّة، يتوجّه الإنسان بغريزته وبالفطرة التي فطره الله عليها إلى الله ويدعوه مخلصاً: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾. (العنكبوت: 65)

ولذا لما سُئِلَ الصَادق عليه السّلام وقال السائل: يا ابن رسول الله، دلّني وعرّفني، -وما يشابهه- إلى الله، أحاله صلوات الله عليه إلى فطرته التي فُطرت على التوحيد، وقال: هل ركبتَ البحر؟ قال: بلى.

قال: هل تلاطمتِ الأمواجُ واختلفتْ عن اليمين واليسار والجنوب والشمال، وانقطعت أسبابُ النجاة ونفدتِ الحِيَل لحياتك، ويَئِسْتَ من كلّ سببٍ ووسيلة، فهل يتوجّه قلبك ويشهد أنّ هناك قادراً وملجأً ومنجياً؟

قال: نعم، فقال صلوات الله عليه: ذلك هو الله تبارك وتعالى».

ونقرأُ في فصلٍ آخر تحت عنوان (في الخوف والخشية من الله تعالى) -وهو شرح لقوله عليه السلام: «وَرَوَّعتَنِي بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ» - ما يلي:

«الرَّوع: هو الفزع والخوف و الخشية، والعُجب. والترويع هو التخويف والإعجاب، وكِلا المعنيين صحيح، فإنّ الله تبارك وتعالى خوّف عباده من فرط رأفته ورحمته، قال الله تعالى: ﴿...وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾. (آل عمران:30)

وكلّما كانت المعرفة بالله تعالى أكثر كان الخوف منه أشدّ، فالخوف من الله لازمٌ لمعرفته... ولمّا كانت معرفة رسول الله صلّى الله عليه وآله، أتمّ وأكمل، قال: (إنّي أخشاكم لله وأتقاكم)... وكان إذا قام إلى الصّلاة يسمع (خفقان) قلبه خوفاً من الله. وكان أخشى الناس وأتقاهم بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله، مولانا أمير المؤمنين سلام الله عليه... فكان في الليالي يَتَملمَل تَمَلمُل السّليم، ويبكي بُكاء الحزين، ويقول: آهٍ من قلّةِ الزّاد وبُعْد السَّفَر، ووَحْشَةِ الطّريق، وعِظَمِ الموْرِد».

كلمة ختام

إنّ كتاب (مباني وأصول العرفان الشيعي) للفقيه العارف الملّا محمّد علي فاضل رضوان الله عليه، له فرادته في شرح دعاء الإمام الحسين عليه السّلام في يوم عَرَفَة، وخصوصاً للمنهجيّة المعرفيّة في الشرح، وهو ما يمنح الكتاب صفة المرجعيّة في بحوث شرح الأدعية.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  إصدارات

إصدارات

11/05/2020

إصدارات

نفحات