بشائرُ الأنبياء السابقين بنبيّنا صلّى الله عليه وآله

بشائرُ الأنبياء السابقين بنبيّنا صلّى الله عليه وآله

23/01/2012

بشائرُ الأنبياء السابقين بنبيّنا صلّى الله عليه وآله

         ﴿..يعرفونه كما يعرفون أبناءهم..﴾ البقرة:146
                ﴿..ومبشِّراً برسولٍ يأتيٍ من بعدي اسمه أحمد..﴾ الصف:6

بشائرُ الأنبياء السابقين بنبيّنا صلّى الله عليه وآله

ـــــــــــ إعداد: خليل الشيخ علي ـــــــــــ

في مقدّمة رسالته العمليّة كتب المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني:
لقد بشّرت الكتب السماوية والأنبياء السابقون عليهم السلام بنبيّنا محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، ومع أنّ أتباعهم حرَّفوا كُتبَهم لكي لا يبقى أثرٌ لتلك البشارة، لكنّ المتأمِّل في ما بقي منها تنكشفُ له الحقيقة. ونكتفي منها بنموذجين:
 


الأول: جاء في التوراة -سِفر التثنية- الإصحاح 33: «وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال: جاء الربّ من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم». و«سيناء» محل نزول الوحي على نبيّ الله موسى، و«سعير» محلُّ بعثة نبيّ الله عيسى، و«فاران» الذي يتلألأُ بنور الله تعالى، هي جبال مكّة المكرّمة التي تلألأت بنور نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله.

* وفي سفر التكوين، الإصحاح 21، عن إسماعيل وأمّه هاجر: «وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البريّة وكان ينمو رامي قوس. وسكن في بريّة فاران. وأخذت له أمّه زوجةً من أرض مصر». ففاران هي مكّة التي سكنها إسماعيل وأبناؤه، ومَن تلألأَ من جبل فاران وعن يمينه نارُ شريعةٍ لهم، هو السّراج المنير الذي أرسله الله من جبل حراء ليُضيئ سماء العالم بنور هداية القرآن، ويحرق الكفر والنفاق بنار غضب القهّار ﴿يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين..﴾ التوبة:73؛ التحريم:9.
 
* وفي التوراة  -سفر حيقوق النبيّ- الإصحاح الثالث: «الله جاء من تيمان، والقدّوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطّى السماوات. والأرضُ امتلأت من تسبيحه. وكان لمعانٌ كالنّور. له من يده شعاع. وهناك استتار قدرته».
 فبظهوره صلّى الله عليه وآله حدث ذلك الدويُّ في العالم من جبال مكّة بصوت: «سبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر»، وانتشر في العالم ترديدُ المسلمين في صلواتِهم: «سبحان ربّيَ العظيمِ وبحمدِه» و«سبحان ربّيَ الأعلى وبحمدِه».

 الثاني: جاء في إنجيل يوحنّا، الإصحاح الرابع عشر: (15) «إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي. (16) وأنا أطلب من الأب فيُعطيكم مُعَزِّيَاً آخر ليمكُثَ معكم إلى الأبد».
وفي الإصحاح الخامس عشر: (26) «ومتى جاء المُعَزِّي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحقّ الذي من عند الأب ينبثق، فهو يشهد لي».
وقد ورد في النسخة الأصليّة اسم النبيّ الذي وعدهم عيسى بأنّ ربّه سوف يرسله «بارقليطا» أو «بركليتوس» وترجمتُها المحمود والأحمد، ولكن المترجمين غيَّروها إلى «المعزّي»! وهذه الحقيقة ظهرت في (إنجيل برنابا)، فقد جاء في الفصل الثاني عشر بعد المائة: (13) «فاعلم يا برنابا أنّه لأجل هذا يجب التحفّظ، وسيبيعُني أحدُ تلاميذي بثلاثين قطعةٍ من نقود (14) وعليه فإنّي على يقينٍ من أنَّ من يبيعُني يُقتَل باسمي (15) لأنّ الله سيُصعِدُني من الأرض، وسيغيّر منظر الخائن حتّى يظنُّه كلُّ أحدٍ إيّاي (16) ومع ذلك فإنّه لمّا يموت شرَّ ميتة، أمكثُ في ذلك العار زمناً طويلاً في العالم (17) ولكنْ متى جاء محمَّدٌ رسولُ الله المقدّس تُزالُ عنّي هذه الوصمة».

 * وقد جاءت البشارة بعنوان «محمّد رسول الله» في فصولٍ من هذا الإنجيل. منها: ما جاء في الفصل التاسع والثلاثين: (14) «فلمّا انتصب آدم على قدَميه رأى في الهواء كتابةً تتألّق كالشّمس نصُّها لا إلهَ إلّا الله، ومحمّدٌ رسول الله (15) ففتح حينئذٍ آدمُ فاه وقال: أشكرُك أيّها الرّب إلهي، لأنّك تفضَّلتَ فخلقتني (16) ولكن أضْرعُ إليك أن تُنبئَني ما معنى هذه الكلمات: محمّدٌ رسولُ الله (17) فأجابَ اللهُ: مرحباً بك يا عبدي آدم (18) وإنّي أقول لك إنَّك أوّلُ إنسانٍ خلقت».

 * ومنها: ما جاء في الفصل الواحد والأربعين: (30) «لمّا التفتَ آدم رأى مكتوباً فوق الباب: لا إله إلّا الله، محمّدٌ رسولُ الله».

 * ومنها: ما جاء في الفصل السادس والتسعين: (11) «حينئذٍ يرحمُ اللهُ ويُرسِلُ رسولَه الذي خلقَ كلَّ الأشياء لأجلِه (12) الذي سيأتي من الجنود بقوَّة، وسيبيد الأصنام وَعَبَدَةَ الأصنام (13) وسينتزع من الشيطان سلطتَه على البشر (14) وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يُؤمنون به (15) وسيكون مَن يؤمنُ بكلامه مباركاً».

 * ويكفي لإثبات بشارات التوراة والإنجيل بنبيّنا محمّدٍ صلّى الله عليه وآله:

1- أنّه دعا اليهود والنصارى وحكّامهم وأحبارهم ورهبانَهم وقساوستَهم إلى الإسلام، وأعلن رفضَه لعقيدة اليهود: ﴿..عزير ابن الله..﴾ التوبة:30، ولعقيدة النّصارى: ﴿..إن الله ثالث ثلاثة..﴾ المائدة:73.

2- وأعلن بكلّ صراحة بأنّه هو الذي بشّرت به التوراة والإنجيل ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل..﴾ الأعراف:157، ﴿وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد..﴾ الصف:6، فهل كان يُمكنه الإعلان عن هذه الدعوى، وهو غيرُ صادقٍ فيها، أمام أولئك الأعداء الذين كانوا ينتهزون الفرصة للقضاء عليه حتّى لا يفقدوا موقعيّتهم المادّية والمعنوية؟

 * إنّ الأحبارَ والقساوسةَ، وعلماء اليهود والنّصارى وسلاطينَهم الذين توسّلوا بكلّ الوسائل للوقوف أمامه، وبذلوا جميع جهودهم للتصدّي له، ورجعوا خائبين مُندَحرين حتّى في الحرب والمباهلة، كيف سكتوا في مقابل هذه الدّعوى المدمّرة، وعجزوا عن مواجهتها وإبطالها؟

 * إن هذا السكوت الفاضح من علماء اليهود والنصارى وأمرائهم، وذلك الإدّعاء الواضح منه صلّى الله عليه وآله برهانٌ قاطعٌ على ثبوتِ تلك البشارات في ذلك الزّمان، وأنّهم لم يجدوا بعدَ ذلك بُدّاً من تحريف الكُتُب، حفظاً لما بأيديهم من حطام الدنيا، وحبّاً للجاه والمقام بين الناس، كما يحدّثنا عن ذلك قسيّسٌ أسلم في كتابه (أنيس الأعلام)، وخلاصةُ كلامه: «إنّي وُلدت بين كنائس "أرومية"، وفي أواخر أيّام دراستي صرتُ خادماً عند أحد كبار طائفة الكاثوليك، وكان يحضر درسه أربعمائة أو خمسمائة مستمِع، وذات يوم كان التلاميذ يتباحثون في ما بينهم في غياب الأستاذ، وعندما دخلت عليه سألني: في أي شيءٍ كانوا يبحثون؟ قلت له: في معنى كلمة (الفارقليط). فسألني عن آراء المتباحثين فأخبرتُه، فقال: الحقّ غير ما قالوه! ثمّ أعطاني مفتاحَ صندوقٍ كنت أتصوّر أنّه صندوقٌ فيه كنزٌ له، وقال: في هذا الصُّندوق كتابان، أحدُهما باللّغة السريانيّة والآخر باليونانيّة، وقد كُتبا على رقٍّ قبل بعثة محمّد، أحضِرهما لي.

* وعندما أحضرتُهما أراني الجملة التي فيها كلمة (الفارقليط)، وقال: هذا اللّفظ بمعنى أحمد ومحمّد، وقال لي: لم يكن بين علماء المسيحيّة خلافٌ في معنى هذا الإسم قبل بعثتِه، لكنّهم بعد بعثته حرّفوا إسمه!

* سألتُه عن دين النصارى، فقال: هو منسوخ، وطريق النّجاة منحصرٌ باتّباع محمّد صلّى الله عليه وآله!

* سألتُه: لمَ لا تُظهر ذلك؟ فقال: إذا أظهرتُ ذلك سوف يقتلونني. عندها بكينا كِلانا معاً، ثمّ سافرتُ بهذا الزّاد الذي تزوّدتُه من أستاذي إلى بلاد المسلمين!».

وكانت مطالعة ذينك الكتابين كافية لإحداث تحوّل في عقيدة ذلك القسّيس، وبعد تشرّفه بالإسلام ألّف كتابه (أنيس الأعلام) في بطلان دين النصارى، وأنّ الدين الحقَّ هو الاسلام، وكتابه يدلّ على تتّبعه وتحقيقه في التوراة والإنجيل.
(الشيخ وحيد الخراساني، منهاج الصالحين: ج 1، ص 122 - 127)
 

اخبار مرتبطة

  بين الحسين عليه السلام ويزيد

بين الحسين عليه السلام ويزيد

  الغنيّ، هو المتَّصل بالله تعالى المنقطعُ إليه

الغنيّ، هو المتَّصل بالله تعالى المنقطعُ إليه

  دوريات

دوريات

24/01/2012

دوريات

نفحات