الإختلاف والإئتلاف

الإختلاف والإئتلاف

منذ يوم

الإختلاف والإئتلاف


الإختلاف والإئتلاف
نظرة تربويّة في ضوء منهج أهل البيت
ــــــــالشيخ علي خازم*ــــــــ



«المرجعيّة الحكيمة هي التي تلتزم طريقة أهل البيت، تبعاً لقول الإمام الصادق عليه السلام: لا يعظِّم حرمةَ المسلمين إلَّا مَن عظَّم اللهُ حرمتَه على المسلمين، ومَن كان أبلغ حرمةً لله ورسوله كان أشدَّ حرمة للمسلمين».
ما يلي، الكلمة التي ألقاها الشيخ علي خازم -ممثلاً والشيخ عبد الناصر الجبري «تجمّع العلماء المسلمين» في لبنان- في مؤتمر «فضائل أهل البيت، ومساهماتهم في تعزيز التآخي بين المسلمين»، الذي عُقد في «جامعة بورسة» في تركيا، برعاية الدكتور حيدر باش، رئيس حزب «تركيا المستقلّة»، في 22 تشرين الأوّل الفائت.
  
 


ما هو الجديد الذي يمكن أن تقدِّمَه ورقة عن فضائل أهل البيت عليهم السلام، وعن مساهماتهم في تعزيز التآخي بين المسلمين، لتستحقّ أن تُطْرَحَ بين أيدي مائةٍ وعشرينَ باحثاً من أرجاء العالم الإسلامي؟
بل ما هو الجديدُ في أصل المسألة ليُعادَ طرحُها؟ فضلاً عن جناية توهُّمِ خلافِ ذلك في حقّ جنابهم!
أمَّا وإن أصرَّت «غُزَيَّةُ» على الحاجة إلى ذلك، فقوموا أذِّنوا في مسامعها وتودَّعوا منها لأنَّ شيطانها لم يعد «طائفاً» مسَّها وهي إِذ ذاك معه في «حالٍ من الأحوال»، بل صار حالّاً ذاكراً، وهي معه في «مقام» الغفلة والنسيان من سَفَرِ الغاوين:

وهل أنا إلّا من «غُزيَّة» إنْ غوتْ   غويت وإن ترشد غزيّة أرشد

نعم. إذا صار الكلام إلى البحث عن الإستفادة من طريقتهم في تَأَلُّفِ قُلوبِ النَّاس من حولهم -مسلمين بل وغير مسلمين- فنعمَّا هو بحثٌ عن صوىً يُقامُ عليه، أو يُتَفَرَّقُ عنه ويبقى حدَّاً من حدود الله، وعن الأعراف، وهم أهل الله في حِلٍّ وفي حَرَمِ.
ونِعمَّا هو بحثٌ في استعادة المفهوم القرآني ومصطلحه: مفهوم ومصطلح «الأخوّة الإيمانيّة الإسلاميّة»، إضافة إلى ما نعمل تحته اليوم من شعار «الوحدة الإسلاميّة».
ولئن كان إطلاق مصطلح «الوحدة الإسلاميّة» إستعادة من الإمام الخميني رحمه الله لمصطلح «الجامعة الإسلاميّة» الذي أطلقه المرحومان السيِّد جمال الدين الأسدآبادي الأفغاني والشيخ محمّد عبده المصري، إلى أصله القرآني في قوله تعالى: ﴿إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾ الأنبياء:92، وقوله تعالى: ﴿وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون﴾ المؤمنون:52، فإنَّ ما بين هذين المصطلحين: «الوحدة الإسلاميّة» و«الأخوّة الإيمانيّة الإسلاميّة» من علاقة يستدعي دفع توهّم التطابق؛ فإنَّ موضوع الأول كيان الأمّة الإسلاميّة مقابل الأمم الأخرى، وموضوع الثاني أفراد هذه الأمّة الإسلاميّة في علاقتهم ببعضهم البعض.

النَّزغُ الشيطانيّ وعلاجُه


في هذا المقام، سأطرح للمذاكرة -في ما أعتبره كذلك- واحداً من أهمّ ما يعتري علاقة أفراد هذه الأمّة من أمراض، لأنَّه كَداء لا تنحصر أعراضُه بالمستوى الشخصي المباشر، بل تتفشّى حتى تعيق استكمال سلامة جسد الأمّة  بما يرجع إلى واحدٍ من عناصر بنائها وقوامها، وهو عنصر المساواة والأخوّة الدينيّة بين أفرادها. وهذا المرض هو بالتعبير القرآني «النَّزْغُ الشيطاني» وسأعرض بعضاً من طريقة أهل البيت عليهم السلام في الوقاية منه وفي علاجه. وهذا الباب التربوي قلَّ ما ننظر فيه عند البحث عن أسباب مرض اختلاف الأمّة ونزاعاتها.
لقد جعل الله المؤمنين إخوة بقوله تعالى ﴿إنَّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون﴾ الحجرات:10. وقد سمَّى الله سبحانه في القرآن الكريم المؤاخاة نعمة، حيث قال عزَّ وجلَّ: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فالَّف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها كذلك يبين لكم آياته لعلَّكم تهتدون﴾ آل عمران:103.
وإنَّ الشقاق والنزاع بين الأخوة كائنٌ منذ أن خلق الله لآدم عليه السلام ذريَّة أخوة؛ فلقد شجر نزاع طوَّعت نفسُ أحدهما له فيه  قتل أخيه، ومن ذلك أيضاً النزاعُ بين إخوة سيّدنا يوسف عليه السلام الذي أرجعه إلى الشيطان في حكاية القرآن الكريم، قوله عليه السلام: ﴿..من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي..﴾ يوسف:100.
والنزغ يقع للإنسان من الشيطان؛ فهو من أدواته في تحقيق بقائه، ولذلك ذكَّرنا المولى بضرورة الإستعاذة به عزَّ وجلَّ لإستبعاده عن عيشنا ودفعه عن أذيّتنا في آيتين من كتابه العزيز، ختمها مرة بقوله تعالى: ﴿..فاستعذ بالله إنَّه سميع عليم﴾ الأعراف:200، وأخرى بقوله تعالى: ﴿..فاستعذ بالله إنَّه هو السميع العليم﴾ فصِّلت:36، بعد قوله: ﴿وإمّا ينزغنَّك من الشيطان نزغٌ..﴾ فصِّلت:36.
والنزغ هو الإزعاج والإغراء، وأكثر ما يكون حال الغضب، وهو يجرُّ إلى الإنتقام.
ولقد أمرنا المولى عز وجلَّ بعلاج وقائي للنزغ الشيطاني، في قوله: ﴿وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إنَّ الشيطان ينزغ بينهم إنَّ الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا﴾ الإسراء:53.
فللنزاع والشقاق الإنسانيّان إذاً سببان: مباشرٌ هو ترك القول الحسن في المحاورات خلافَ ما أمر به المولى عزَّ وجلَّ في كثير من آياته، وآخر غير  مباشر هو الشيطان القاعد المتربص للإنسان في كثير من أمور حياته، حتى تصير مقالة السوء والفحش عادةً غالبة على حاله، ولا علاج لهما إلَّا الإستعاذة بمالك أمره وزمامه.
وإنَّ صلاح حال الإنسان لا يكون إلَّا بالإيمان والتقوى، وممّا يقوِّيهما في الناس وحدَتُهم وائتلافهم وأخوّتُهم الإيمانيّة في الله وهي الدائمة غير المتزلزلة لبقاء سببها، دون أيّة أُخوّة أو ائتلاف على مصلحة دنيويّة لزوالها الحتمي بزوال سببها، كما قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: «الإخوان في الله تدوم مودَّتُهم لدوام سببها».
وقد وصفنا الله تعالى بما يجب وبما يحبّ أن نكون عليه في قوله: ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانا على سرر متقابلين﴾ الحجر الآية:47.
وجعل عزَّ وجلَّ القوَّة والسلطان والمِنعة والغلبة ردفاً للأخوَّة بقوله لموسى عليه السلام: ﴿قال سنشدُّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون﴾ القصص:35.

حِفظُ الأخوّة


ولنذكر استفادةً من القرآن الكريم والحديث الشريف عن النبيّ الأعظم وأهل بيته الأطهار أنّه ليس شيء مثل الإعراض والتغافل من صفات المؤمنين التي تريح قلوبَهم وأجسادهم، فقد قال تعالى في محكم التنزيل عن سيرة النبي صلَّى الله عليه وآله في سيرته مع بعض أزواجه في عتابه على حديث لهنَّ: ﴿وإذ أسرَّ النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلمَّا نبَّأت به وأظهره الله عليه عَرَّفَ بعضه وأعرض عن بعض..﴾ التحريم:3.
وعن النبي صلَّى الله عليه وآله: «المداراة نصف الإيمان، والرفق نصف العيش». وعن عليٍّ عليه السلام قال: «خير الإخوان من لم يكن على أخوتِه مستقصياً»، وعنه عليه السلام: «مَن حاسب الإخوان على كلِّ ذنبٍ قلَّ أصدقاؤه»، وعن الصادق عليه السلام: «لا تفتّش الناس عن أديانهم فتبقى بلا صديق».
 ولنذكر أنَّ من صفات المؤمنين تركُ «القيل والقال»، وأنَّه «إذا غضب الله على قوم ابتلاهم بالجدل وجعل بأسهم بينهم».
وقد كنت تشرَّفت بجمع أربعين من حديث النبيّ الأعظم صلَّى الها عليه وآله والأئمّة من أهل بيته عليهم السلام في الأخوَّة بين المسلمين المؤمنين، وهو يتضمّن لمعاتٍ مضيئةً في ما نتدارسه، أضُمُّه إلى كلمتي هذه .
أخيراً، إنَّه ممّا ينفع المسلمين اليوم في حفظ أخوَّتهم أن يستفيدوا من طريقة أهل البيت عليهم السلام عند حضور ما ينبش خلافاتِ الماضي، أو يبثّه الأعداء والمرجفون بشأن ".." الحاضر وما يتهدّد إخواننا المسلمين عموماً في أكثر ديارهم من نزغ شيطاني ببثٍّ لِدواعي الإختلاف والفرقة، بل وفي أخَّص قضايا المسلمين وأهمّها وهي قضية فلسطين، حيث يظهر سعي شياطين الجنّ وشياطين الإنس لإيجاد النزاع والشقاق والفوضى والبلبلة وتهديم السلطان بما يسبِّب الفتن. فلنَعُد إلى سيرة الإمام عليّ بن الحسين السجّاد عليه السلام وهو مَن حضر كربلاء، وعاصر [وقعة] الحرَّة، وعاش في حكومة معاوية ويزيد وهشام بن عبد الملك، لنجد في صحيفته السجادية -مزمور آل محمّد عليهم السلام- دعاءه لأهل الثغور وهم جند الحكومة الأمويّة، وممّا قال فيه: «أللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وحصِّن ثغور المسلمين بعزّتك، وأيِّد حماته بقوّتك، وَأَسبغ عطاياهم من جدتك، أللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وكثِّر عدّتهم، واشحذ أسلحتَهم، واحرس حوزتَهم، وامنع حومتهم وألِّف جمعهم ودبِّر أمرهم».
وهذا الدعاء هو من الأدعية التي انتصرنا بها للمقاومة الإسلاميّة في لبنان في حرب تموز 2006، وانتصرنا بها للمقاومة الإسلاميّة في حرب غزّة 2009، فإنَّ جدّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: «لا يكبرنَّ عليك ظلمُ مَن ظلمك فإنّما يسعى في مضَّرته ونفعك، وليس جزاء من سرَّك أن تسوءه، ومَن سلَّ سيف البغي قُتل به، ومن حفر بئراً لأخيه وقع فيها، ومَن هتك حجاب أخيه هتك عوراتِ بيتِه، بئس الزاد إلى المعاد العدوانُ على العباد، وأسدٌ حطوم خيرٌ من سلطان ظَلوم، وسلطانٌ ظلوم خير من فِتنٍ تدوم، أُذكر عند الظلم عدلَ الله فيك، وعند القدرة قدرةَ الله عليك».

الحِراك الشعبي في العالم العربي

ثمّة ضوابط وسُنَن لإستقرار المجتمع ورفاهه، منها ما يتعلّق بالحاكم، ومنها ما يتعلّق بالمحكومين كأفراد وكأخوة مواطنين في وطن واحد، ومنها ما يتعلّق بعلاقتهما ببعض، وأيّ خلل فيها تكون نتيجتُه إهتزاز المجتمع على حساب الإستقرار أو الرفاه أو كليهما إلى أن تستقرّ الأمور في أحد الإتّجاهات، فتكون النتيجة متناسبة مع الإتّجاه الذي تكون لصالحه، وأمّا مع استقامتها جميعاً وفق المنهج الرباني فيستحقّ هذا المجتمع التوفيق إلى النِّعم الإلهيّة فتعمر الأرض، ويأمن الناس إلى مستقبلهم ويمكَّنُ السلطانُ للحاكم. وهذا ما قدَّمتُ الكلام عليه عندما تحدّثت عن أثر النزغ الشيطاني بين الأخوة على سلامة جسد الأمّة، وهو تصديق لحديث سيِّد أهل البيت؛ نبيّنا محمّد صلَّى الله عليه وآله: «المؤمن للمؤمن بمنزلة البنيان يشدُّ بعضُه بعضاً»، وقوله: «مَثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسّهر والحمّى».
منذ أشهر تشهد منطقتنا العربيّة تحركات شعبيّة في اتّجاه تقويم الأوضاع فيها، وقد وُفِّقت بعضها إلى بعض ما تريد وتستمرّ الأخرى معها في استكمال نتائج هذه الحركة، ومع التباين في تحقيق وجود مؤامرة استهدفت التغيير الحاصل أو الحراك الذي لم يستكمل إنجازه في عدد من الدُّول العربيّة، إلَّا أنَّ هذا الحراك الشعبي لا يمكن وصفه بأنّه إستجابة مطلقة لمحرِّك خارجي -وإن شهدنا هذا التدخّل سافراً فيه-لأنَّ حجم الإستبداد والظلم والإستئثار بالثروة أفحش من أن يُتعامى عنه، بل يصحّ القول إنَّ هذه التحرُّكات قد تأخّرت، وهي لمَّا تبدأ بعدُ في دول أخرى تحتاجها.
وأخطر ما يحيق بهذه التحرَّكات هو الفوضى وغياب المرجعيّة الحكيمة، إذ النتيجة تكون الدخول في حال الفتنة الدائمة؛ فلا السلطة متمكِّنة ولا الشعب آمن. وحال الفتنة هو المناخ المناسب للتدخًّل الخارجي الذي من شأنه تعزيز الفتن، لِيَصفى له الجوّ ويحكم قبضته على المفاصل المؤثّرة لمصلحته، في ما يبدو كأنّه هو المحرّك وليس مجرّد مستفيد.
المرجعيّة الحكيمة هي التي تستطيع تشخيص مآلات الأحداث، بحيث لا تدع مجريات الأمور تذهب في خطِّ الفتنة، وهي التي تستطيع الموازنة بين أن يخدم الحدث مصلحة الناس أو أن يخدم مصلحة العدو، ولا نتحدَّث عن استثماره منه فهذا غير ممكن عقلاً ويقع عادةً .
المرجعيّة الحكيمة هي التي تحفظ «الخروج على الحاكم الظالم»، الجائز شرعاً بل الواجب أحياناً، من أن يتحوَّل «بغياً» على الحاكم أو «حرابة» أو «إفساداً في الأرض» بين الناس، ما يعني تهديم الأخوَّة بين المواطنين وتدمير العلاقة الأخويّة بين مكوِّنات الشعب الواحد؛ الإثنيّة والدينيّة ببعضها، إذ لا يوجد على امتداد دولنا الإسلاميّة دولة ذات صفاء إثني أو مذهبي فضلاً عن الدِّيني.
المرجعيّة الحكيمة هي التي تقود «الخروج» مع ملاحظة محيطها في الدّول الأخرى، فتؤثِرُ نجاحه في إحداها لأنَّه يخدم مصلحة الأمّة على الوقوع في فتنة داخليّة، فلا هي تنجح ولا هي تستطيع الإستفادة من نجاح أختِها .
المرجعيّة الحكيمة هي التي تنطلق من داخل أرضها وبقوَّتها الذاتيّة، وليست تلك التي تنطلق من أرض دولة أخرى وتعتمد على سلطان حاكمٍ آخر، لأنّه إنّما يعمل وفق مصلحة بقائه وتعزيز نفوذه هو.
وقبل كلّ ذلك، المرجعيّة الحكيمة هي التي تستبق الأمور وتقوم بواجبها أمام الحاكم وأمام المحكوم، فلا يتجاوز الحاكم حدوده ولا يضطرّ المحكوم إلى خروج عليه.
المرجعيّة الحكيمة هي التي تلتزم طريقة أهل البيت تبعاً لقول الصادق عليه السلام: «لا يعظِّم حرمة المسلمين إلَّا من عظَّم اللهُ حرمتَه على المسلمين، ومَن كان أبلغ حرمةً لله ورسوله كان أشدَّ حرمةً للمسلمين».

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

* باحث ومدرّس في الحوزة العلميّة - لبنان

اخبار مرتبطة

  بين الحسين عليه السلام ويزيد

بين الحسين عليه السلام ويزيد

  الغنيّ، هو المتَّصل بالله تعالى المنقطعُ إليه

الغنيّ، هو المتَّصل بالله تعالى المنقطعُ إليه

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

نفحات