وصايا

وصايا

منذ 3 أيام

من وصايا الفقيه العارف الشيخ الهمداني


 
من وصايا الفقيه العارف الشيخ الهمداني
حالاتٌ، وأورادٌ، وأذكار
ـــــــ إعداد : علي حمود ـــــــ



الشيخ حسين قُلي (عبد الحسين) الهمداني، فقيهٌ كبير، وصاحبُ مدرسةٍ في الأخلاق والعرفان، تولّى تدريس الأبحاث العليا في الحوزة العلميّة في النجف بعد العلَم الكبير الشيخ مرتضى الأنصاري، ويتأسّف المرجع السيّد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) لأنّه لم يواصل حضور دروسه في الأخلاق.
ما يلي وصية منه قدّس سرّه لبعض مُريديه، تقدّمها «شعائر» مع بعض التوضيحات.

لا ينبغي أن يبقى خافياً على طالبي النّجاة والسعادة الأبديّة أنّ أهل النجاة قسمان:
أحدهما: أصحاب اليمين، والآخر: المقرَّبون.
وإذا عمل طالب السعادة بوظيفة أصحاب اليمين التي هي عبارة عن ترك المعصية، فسيُصبح منهم، وللمقرّبين بالإضافة إلى ذلك وظيفة أخرى ليس الهدف بيانها.
أولاً يجب فهم أنّ الإنسان إذا فهم حقارتَه وضِعته، وفهم بعد ذلك عَظَمة ملك الملوك وقدرته، فسيفهم طبعاً أنّ الجرأة والإقدام على المعصية في محضر مثل هذا السلطان العظيم الشأن، في غاية القُبح والشناعة، والتّعاسة.
لماذا أنت غافل عن قدرة القادر الذي إذا أراد إفناء جميع الموجودات، فبمجرّد إرادته تفنى جميعها وتلحق بالمعدومات..!
إنّ السبب في ما تراه من كوْن المعصية سهلة في نظرك هو عدّة أمور أذكر بعضها:
 
أولاً: أنّ فكرك منصبٌّ كليّاً على الدّنيا الدّنيّة، ولذا فقد غفلتَ نهائيّاً عن الضّرر الأُخروي. لا تعلم كم هي كثيرةٌ كثيرة المنافع والسعادة الأبدية التي فاتَتك. كم هي كبيرة جداً الأضرار التي ألحَقْتها بنفسك.
ثانياً: أنّك غير ملتفت لعجزك وحاجتك وفقرك، بحيث إنّ كلّ ذرّة من بدنك قائمة بحفظ عمّاله الذين هم الملائكة.
ثالثاً: لا تعلم أنّ في كلّ آنٍ من الآنات، في كلّ جزءٍ من أجزاء بدنك، نِعَماً لا تتناهى، منَّ بها عليك ويمنّ، ولا يمكن حصرُها بالبيان والبنان. إذاً رغم هذا كلّه، كيف تُنفق نِعمَه في معصيته؟
رابعاً: لماذا أنت غافل عن عقوباته الشديدة؟ ألا تعلم أنّ بين الموت والقيامة ألف غصّة، وأسهلها مرارة اقتلاعِ الروح؟ لماذا أنت غافلٌ عن شدائد يوم القيامة؟!

الأمان الأمان، من يوم يسيطر فيه -من الدّهشة والوحشة- الخوفُ والاضطراب على المقرّبين!
ولم لا؟
نعم، سيضطرب المُحسنون ويخافون في يومٍ أرضُه وسماؤه نار، وجهنّم محيطة بأطراف الخلائق، والملائكة الغِلاظ الشِّداد منصرفون إلى القاء القبض وشدّ الوثاق.
المحسنون في وحشة واضطراب. والمُسيؤون في شقاء وعذاب. الشمس فوق الرأس. والأرض أشدُّ حرارة من التنّور. خطرُ الحساب من جهة، ودهشةُ الصِّراط من جهة أخرى.
هذا، ولم يصل الأمر بعدُ إلى جهنّم. أَعَن نارها وسلاسلها والأغلال أتحدّث؟ أم عن أفاعيها، والعقارب؟
الخلاصة، هذه كلّها مختصرات، والفقرات المتقدّمة لا تشكّل واحداً من ألف. كلُّ توصيات هذا المسكين لك أن تهتمّ بترك المعصية. إذا أدّيْتَ هذه الخدمة، فسيُوصلونك في نهاية الأمر إلى مقامٍ رفيع. حتماً..حتماً..لا تقصّر في اجتناب المعصية.
إنْ عصيتَ لا سمح الله، فتُب بسرعة وصلِّ ركعتين واستغِفر بعد الصّلاة سبعين مرّة ثمّ اسجُد، واطلب في سجودك العفوَ من الله، آمل أن يتفضّل بالعفو.
• المعاصي الكبيرة مدوّنة في بعض الرّسائل العمليّة. تعلّمها، واترُكها. وحذارِ أن تحوم حول الغِيبة والكذب.
• استيقِظ قبل الصبح (الفجر) بساعة على الأقل.
• وأدِّ السَّجدة.(1) وما هو مذكور في (منهاج النّجاة) للمرحوم الشيخ محسن الفيض رضوان الله جلّ جلالُه عليه؛ كافٍ وشافٍ (2). التزم به في عمل اللّيلة واليوم.
•  وَاسْعَ أن لا يكون عملك وذكرك باللّسان فقط، وأن يكون بحضور قلب، فإنّ العمل بلا حضور لا يُصلِح القلب رغم أنّ له ثواباً قليلاً.
• حتماً..حتماً..فرَّ من الطعام الحرام، لا تأكل إلّا حلالاً.. كُلْ قليلاً. أي لا تأكل ما يزيد على حاجة بُنْيَتِك. لا تأكل كثيراً بحيث يُثقلك (الأكل) ويُعيقك عن العمل. ولا تقلّل أكلك بحيث يودي بك إلى الضّعف، ويمنعك من العبادة، ومهما استطعتَ فصُم، بشرط أنْ لا تملأ بطنك في اللّيل بدل النهار.
الحاصل..أنّ الطعام بقدر الحاجة ممدوح، والزّيادة والقلّة كلاهما مذمومتان.
• وابدأ بالصّلاة بقلبٍ خالٍ من الحقد والحسد، والغِلّ وغشّ المسلمين. احرص على أن يكون لباسك والفرش ومكان صلاتك مباحاً، ورغم أنّ نجاسة غير مكان الجبهة بنجاسة غير متعدّية لا يُبطل الصّلاة، إلّا أنّ عدم ذلك أفضل..
• وَقِفْ في الصّلاة وقفةَ العبد في حضور المولى الجليل، برقبةٍ منحنيةٍ وقلبٍ خاضعٍ وخاشع.
• واستغفر بعد فريضةِ الصبح سبعين مرّة.
• وكرّر كلمة التوحيد الطيّبة مائة مرّة.
• واقرأ دعاء الصّباح المشهور.
•  ولا تترك تسبيح سيّدة النساء عليها صلوات الرحمن بعد الفريضة.
•  واقرأ كلّ يوم ما استطعت من القرآن، على الأقل جزءاً منه، على وضوء وباحترامٍ وخضوعٍ وخشوع، ولا تتكلّم أثناء القراءة إلّا عند الضرورة.
• واقرأ عند النوم الشهادة (3) وآية الكرسي، والفاتحة مرّة، والتوحيد أربعاً، والقدر خمس عشرة مرّة، واقرأ آية: ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ..﴾ آل عمران:18-19، والاستغفار أيضاً مناسب.
• وإذا استطعت في بعض الأوقات أن تقرأ سورة التوحيد مئة مرّة فذلك جيّد جدّاً. ولا تغفل عن ذِكر الموت، ونَم ويدُك على خدّك الأيمَن. وأنت على يمينِك.
• ولا تغفل عن الوصيّة.
• وأكثِر من الذِّكر المبارك «لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنتُ من الظالمين»، بأيّ مقدار وفي أيّ وقت. قُلْ ذلك كثيراً.
• وفي اللّيل، وليلة الجمعة، إقرأ في كلٍّ من ذلك سورة القدر المباركة مائة مرّة.
• ولا تترك دعاء كميل كلّ ليلة جمعة.
• واقرأ من المناجاة الخمسة عشر ما ناسب حالَك منها، لا سيّما مناجاة الشّاكِين، والتّائبين، والمُفتقرين والمُريدين، والمتوسِّلين، والمعتصمين، إقرأها كثيراً.
• وأدعية الصحيفة في المقام المناسب (4) جيّدة جدّاً.
• واستغفِر عند العصر سبعين مرّة، وقُلْ مرّة «سبحانَ الله العظيم، سبحانَ الله وبحمدِه».
• وأقرأ أيضاً الإستغفارات الخاصّة. ولا تنسَ السجدة الطويلة. وإطالة القنوت جيّدة جداً.
وكل هذه جيّدة مع ترك المعاصي.


 
توضيحات

(1) قال الشيخ البهائي قدّس سرّه: «فإذا انتبهت من نومك فأوّل ما ينبغي لك فعلُه أن تسجدَ لله تعالى، فقد رُوي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان إذا انتبهَ من نومه يسجُد. ثمّ قلْ في سجودك: ألحمدُ لله الذي أحياني بعدما أماتَني وإليه النّشور، ألحمدُ لله الذي ردَّ عليَّ روحي لأَحمدَه وأعبدَه». (مفتاح الفلاح: ص227).
(2) جاء في (منهاج النجاة): «إذا استيقظتَ من النّوم صباحاً، فينبغي أن تجتهد لأنْ تستيقظَ قبل طلوع الصّبح، وأن يكون أوّل ما يجري على قلبِك ولسانِك ذكرُ الله، فتقول عند ذلك: ألحمدُ لله الذي أحياني بعدما أماتَني وإليه البعثُ والنّشور، والحمدُ لله الذي ردَّ عليّ روحي لأَحمدَه وأعبدَه. وإذا سجدتَ فقد تأسيّت بالنبيّ صلّى الله عليه وآله، فإذا تمكّنتَ من الجلوس فتقول: حسبيَ الرّبُ من العباد، حسبيَ الذي هو حسبي منذُ كنت، حسبيَ اللهُ ونِعمَ الوكيل. فإذا قمتَ قلت: أللّهمّ أَعِنِّي على هَوْل المُطَّلَع، ووسِّعْ عليَّ المَضجع، وارزُقني خيرَ ما قبل الموت، وارزُقني خيرَ ما بعد الموت. فإذا لبستَ ثيابك إلخ. (منهاج النجاة: ص67، آداب الإستيقاظ من النوم)
(3) المراد شهادة الموت: اللهُ ربّي، ومحمّدٌ صلّى الله عليه وآله نبيّي، والإسلامُ ديني، والقرآنُ كتابي، والكعبةُ قِبلتي، وأميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب إمامي، والحسنُ بن عليِّ المجتبى إمامي، والحسينُ بن عليّ الشهيدُ بكربلاء إمامي، وعليٌّ زينُ العابدين إمامي، ومحمّدُ الباقر إمامي، وجعفرُ الصّادق إمامي، وموسى الكاظم إمامى، وعليُّ الرّضا إمامي، ومحمّدُ الجواد إمامي، وعليُّ الهادي إمامي، والحسنُ العسكريُّ إمامي، والحجّةُ المنتظَر إمامي. هؤلاء صلوات الله عليهم أجمعين أئمّتي وسادتي وقادتي وشُفعائي، بهم أتولّى، ومن أعدائهم أتبرأُ في الدّنيا والآخرة. (أنظر: السيّد اليزدي، العروة الوثقى (ط.ق): ج 1، ص 441)
(4) المقصود هو أن يلاحظ الحال التي هو فيها فيختار من أدعية الصّحيفة ما يناسب حاله، إمّا في طلب الرّزق، أو للأمن من الظّالم، أو في التوبة، وهكذا..وهي توصية شديدة الأهميّة، تؤكّد على أنّ موقع العلاقة بالصحيفة المباركة ينبغي أن يكون دائماً في صُلب برنامج تزكية النّفْس.

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر 7

ملحق شعائر 7

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 3 أيام

دوريات

نفحات