مرتبة الإمام الحسين عليه السلام

مرتبة الإمام الحسين عليه السلام

29/01/2006

بديهي أن كل حديث عن أهل البيت وتعظيمهم جميعاً أو عن أي منهم إنما هو ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله ولأجله، ولأنه بلَّغ عن الله تعالى وجوب طاعتهم ومودتهم. كما أن كل حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وتعظيم له إنما

بديهي أن كل حديث عن أهل البيت وتعظيمهم جميعاً أو عن أي منهم إنما هو ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله ولأجله، ولأنه بلَّغ عن الله تعالى وجوب طاعتهم ومودتهم. كما أن كل حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وتعظيم له إنما هو باعتبار أنه الطريق إلى الله تعالى، فالحديث في الموردين هو من باب توحيد الله سبحانه وليس فيه أدنى شائبة شرك والعياذ بالله. على هذا الأساس يجب التنبه إلى أن تكون مرتبة أهل البيت في معتقد كل مسلم هي التي رتبهم الله تعالى فيها، فكما لايجوز الغلو فيهم الذي هو تفضيلهم على رسول الله أو نسبة الألوهية إليهم والعياذ بالله تعالى، لايجوز كذلك التعامل معهم بما ينزلهم عن المرتبة التي اختصهم الله تعالى بها.


بسم الله الرحمن الرحيم


مرتبة الإمام الحسين عليه السلام

الشيخ حسين كوراني

الشام، حوزة الإمام الخميني، السبت 7 محرم 1425



بديهي أن كل حديث عن أهل البيت وتعظيمهم جميعاً أو عن أي منهم إنما هو ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله ولأجله، ولأنه بلَّغ عن الله تعالى وجوب طاعتهم ومودتهم.

كما أن كل حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وتعظيم له إنما هو باعتبار أنه الطريق إلى الله تعالى، فالحديث في الموردين هو من باب توحيد الله سبحانه وليس فيه أدنى شائبة شرك والعياذ بالله.

على هذا الأساس يجب التنبه إلى أن تكون مرتبة أهل البيت في معتقد كل مسلم هي التي رتبهم الله تعالى فيها، فكما لايجوز الغلو فيهم الذي هو تفضيلهم على رسول الله أو نسبة الألوهية إليهم والعياذ بالله تعالى، لايجوز كذلك التعامل معهم بما ينزلهم عن المرتبة التي اختصهم الله تعالى بها.

وقد روى ابن قولويه والشيخ الطوسي، والشيخ الصدوق وغيرهم زيارة عاشوراء التي ورد فيها:

" يا أبا عبد الله لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل الإسلام وجلت وعظمت مصيبتك في السماوات على جميع أهل السماوات ، فلعن الله أمة أسست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت ولعن الله أمة دفعتكم عن مقامكم وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها، ولعن الله أمة قتلتكم، ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم برئت إلى الله وإليكم منهم ومن أشياعهم وأتباعهم وأوليائهم ".[1]

وهذا يعني أن يكون محط العناية والإهتمام على الدوام أن نعرف مرتبة أهل البيت التي لايجوز أن ينزلوا عنها، وبما أننا في أيام عاشوراء فسيتركز الحديث على مرتبة الإمام الحسين عليه السلام.

1- سيد الأحياء

من بديهيات الإسلام أن الشهيد حي، فالحسين عليه السلام سيد الأحياء لأنه سيد الشهداء.

والسؤال: هل نتعامل معه عليه السلام على هذا الأساس؟ هل نشعر بأنه حي؟

وهو سؤال يقودنا إلى تصحيح معرفتنا بالمعصومين جميعاً خصوصاً برسول الله صلى الله عليه وآله.

* حياة الشهداء حقيقية

يحاول بعض الماديين وإن كانوا من المتظاهرين بالإسلام أو المسلمين الجاهلين أن يصوروا أن حياة الشهيد اعتبارية فهو لما يتركه من آثار عظيمة بشهادته كما لو أنه كان حياً. وهو تصور باطل.

في معرض تفسير الآية المباركة: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لاتشعرون. البقرة154 قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة:

فان قيل: هل الشهداء أحياء على الحقيقة، أم معناه أنهم سيحيون وليسوا أحياء ؟ قلنا : ألصحيح أنهم أحياء إلى أن تقوم الساعة، ثم يحيبهم الله في الجنة، لا خلاف بين أهل العلم فيه إلا قولاً شاذاً من بعض المتأخرين. والأول قول الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والجبائي ، وابن الأحشاد ، والرماني ، وجميع المفسرين . والقول الثاني حكاه البلخي .

واستدل أبو علي الجبائي على أنهم أحياء في الحقيقة بقوله : ( ولكن لا تشعرون ) فقال : لو كان المعنى سيحيون في الآخرة، لم يقل للمؤمنين المقرين بالبعث والنشور: ولكن لا تشعرون لأنهم يعلمون ذلك، ويشعرون به".[2]

وإذا كان كل شهيد حياً وسيدهم سيد الأحياء فما هو حال رسول الله صلى الله عليه وله وكيف يجب أن يكون التعامل معه؟

إن الحياة الثابتة للشهيد فرع اتباعه للمصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله ولأهل البيت، وحياة النبي عند ربه فوق حياة الشهيد عند ربه بمراتب لايدرك كنهها.

* حياة الأنبياء أسمى

قال ابن حزم:

"43 - مسألة - وإن الأنفس حيث رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به أرواح أهل السعادة عن يمين آدم عليه السلام وأرواح أهل الشقاء عن شماله عند سماء أهل الدنيا لا تفنى ولا تنتقل إلى أجسام أخر لكنها باقية حية حساسة عاقلة في نعيم أو نكد إلى يوم القيامة فترد إلى أجسادها للحسنات وللجزاء بالجنة أو النار حاشى أرواح الأنبياء عليهم السلام وأراح الشهداء فإنها الآن ترزق وتنعَّم. ومن قال بانتقال الأنفس إلى أجسام أخر بعد مفارقتها هذه الاجساد فقد كفر .

وأما الشهداء فان الله عزوجل يقول ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) وقال تعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاًَ بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ) ولا خلاف بين المسلمين في أن الأنبياء عليهم السلام أرفع قدراً ودرجة وأتم فضيلة عند الله عزوجل وأعلى كرامة من كل من دونهم، ومن خالف في هذا فليس مسلما".[3]

* حياة رسول الله صلى الله عليه وآله أسمى

وبملاحظة إجماع المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وآله الشاهد على الأنبياء طبقاً لما ورد في القرآن الكريم، فإن هذا يستدعي نحو حياة للمصطفى الحبيب تختلف في البدء عن حياة الخلق أجمعين، وطبيعي أن يكون ذلك سبب اختلافها في الحاضر والمستقبل بمعنى أن حياة رسول الله صلى الله عليه وآله في نشأة الدنيا وما بعدها استمرار لحياته في النشأة الأولى فهي تختلف جذرياً عن أي حياة لأنها بإذن الله تعالى سركل حياة.

يتأكد ذلك بملاحظة ما يلي:

1- ارتباط وجود الدنيا والحياة عليها وسير الأفلاك بوجوده صلى الله عليه وآله.

ويتفرع على ذلك أمور منها:

1- روايات التقدير في ليلة القدر حيث تنص على أن الله عز وجل يمضي ما أبرمه إلى المصطفى ومنه إلى الأوصياء واحداً بعد واحد.

2- ما تؤكده الروايات من عرض الأعمال عليه صلى الله عليه وآله.

3- أنه يرى أعمال العباد: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.

4- وأن ما من مسلم يصلي عليه وآله إلا ويبلغه ذلك.

* حسين مني وأنا من حسين

هنا بالذات ينبغي أن نبحث عن معنى حياة الإمام الحسين عليه السلام، في هذه المرتبة من حياة المصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله.

وللحديث صلة


أسئلة حول الدرس

1- مامعنى سيد الشهداء، بلحاظ الحياة؟
2- هل حياة الشهداء حقيقية أم اعتبارية، وما هو الفرق بينهما؟
3- ماهو رأي الشيخ الطوسي في حياة الشهداء؟
4- ماهو رأي ابن حزم في حياة الأنبياء؟
5- أذكرباختصار بعض الأدلة على عظمة حياة رسول الله صلى الله عليه وآله.


-------------------------------------------------
[1] الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد774
[2] الشيخ الطوسي، التبيان2/34-35
[3] إبن حزم، المحلى1/24

اخبار مرتبطة

نفحات