بسملة

بسملة

15/09/2012

أشهُر الحجّ

أشهُر الحجّ

﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ..﴾
قرآن كريم

أبرز الثّوابت الرّئيسة التي تَكشف أبعاد الحجّ، كما يلي:
أ‌- تلازُم بناء الشّخصيّة الموحِّدة نظريّاً وعمليّاً مع أُمنية التّوفيق للحج ﴿..ومن كفر فإن الله غنيٌّ عن العالمين﴾ آل عمران:97. تَرْك الحجّ مع الإستطاعة خروجٌ من دائرة التّوحيد.
ب‌- حضور «الحجّ» النّوعيُّ والمتكثّر في أدعية رجب وشعبان، وشهر رمضان.
ت‌- تقوم طبيعة المناسك على التّماهي مع عالمَي الغَيْب والشّهادة، من خلال التّأسيس لما يُفترض أن تكُونه رحلة الموحّد في الشّهادة -في سياق أصالة الغَيْب، وإقامة الحجّتَين الباطنة وهي العقول، والظّاهرة وهي الرُّسُل- وفي سفر الحياة الطّيّبة «الآخرة» والبعث والنشور.
تشير هذه الثّوابت الكبار إلى أنَّ العمر كلّه مدى الإستعداد لحجٍّ حقيقيّ.
وأبرز مَحاوِر البحث المركزيّةُ في الحجّ، هي التّالي:
اليقين الثَّقافي. الأسرة البشريّة الواحدة. الإنسان أكبر من الدّنيا. الإنسان روحٌ أولاً.
توضح هذه المحاور ما أشارت إليه الثّوابت المتقدّمة.

***

• في المحور الأوَّل: نلامس جوهر البَون الشّاسع بين الشّاكِّ والموقِن.
مَن يَبني حياته وكلّ مفاهيمه ومفردات السّلوك على أساس الشَّك واللّامبالاة، لا يمتلك تفسيراً عقليّاً أي علميّاً للكون والوجود فإذا به لا يأوي من اليقين إلى ركن شديد. يمضي عمره متأرجِحاً قلقاً حرج الصّدر كأنّما يصعَّد في السّماء.
يعتقد بالوجود ولا يملك تفسيراً منطقيّاً له. ويعتقد بالموت، ولا يفهم الموت، فهو لا يفهم الحياة، ولا حقيقة جوهرة إنسانيّة الإنسان وعوالمها والخلود.
أمّا الموقن فهوعلميّ وعقلانيّ في الأُسس والمنطلقات وحركة القلب والحياة، واجه الشّكّ بالدّليل فغادر الحيرة والقلق والهلع.
ألموقن على هُدىً من ربّه، وبيّنة من دينه وجميع أمره: المبدأ والمعاد وما بينهما ﴿..أسّس بنيانه على تقوىً من الله ورضوان..﴾ التوبة:109 «تزول الجبال ولا يزول» «يُسْتَفَل الجبل بالمعاول، ولا يُسْتَفَلُّ مِن دينه شيء».
• في محوَر «الأسرة البشريّة الواحدة»: يكشف الحجّ ضحالة حديث العولمة داخل الكرة الأرضيّة التي هي بالنّسبة إلى عولمة الله تعالى للوجود بعوالمه كلّها أصغر من قرية صغيرة بالقياس إلى الكرة الأرضيّة.
أذّن النّبيّ إبراهيم بالحجّ في سمع شريط الزّمن لتلبّي الأجيال نداء عودة أفراد الأسرة إلى البيت الأوَّل، يبحث كلٌّ منهم عن اسمه في سجلّ «العائلة» ليوَقِّّع بجانب الإسم مردِّداً: «أمانتي أدّيْتها، وميثاقي تعاهدتُه، لتَشهد لي بالموافاة».
• في محوَر «الإنسان أكبر من الدّنيا»: سفر الحجّ في الحياة «الدُّنيا» تذكيرٌ بسفر الحياة «العُليا» الطّيّبة والخالدة. تأصيلُ السّهل الممتنع: «إنا لله وإنا إليه راجعون». الإنسان أكبر من هذا المَمَرّ «الوصلة» بين عالمَي النّشأتَين الأولى والآخرة.
• في محوَر «الإنسان روحٌ أوّلاً»: يُزهق الحجّ باطل السّائد في أربع رياح الأرض من الرّكون إلى الدُّنيا والإخلاد إليها، وتفضيل رنين المال وقرقعة أسلحة الممتلكات والمأكل والمشرب ووَهم الجاه، على منظومة القِيَم والأخلاق والتزام لذائذ الجسد حتى إنْ أَضَرّت بالرُّوح فمَسَختها. يقول الحجّ: أخرج من كلّ الماديّات، حتّى ثيابك وتدثّر بلباس الرُّوح وهو التّقوى. التَّقوى ثقافة العدل والقانون. يكفيك ثوبا الإحرام لتلبّي فيتحقّق مناخ التّوبة من هذا الشّرك الذي جعل الجسد معبود الرُّوح، والهوى إله العقل.
الحجّ ثورةٌ تتحقّق أهدافُها بصدق التّوبة. منَّا مَن يكون حجّه بـ«الإنقلاب» أشبه. ومنّا مَن يضجّ ولا يحجّ.

***
قال الصّادق عليه السّلام: «إذا أردتَ الحجّ فجرِّد قلبك لله تعالى من كلّ شاغلٍ. وفوِّض أمورك كلَّها إلى خالقك، وتوكَّل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك، وسلَّم لقضائه وحكمه وقدَره، ودعِ الدّنيا والرّاحة والخَلق، واخرج من حقوقٍ تُلزمك من جهة المخلوقين، ولا تعتمد على زادك وراحلتك، وأصحابك وقوّتك، وشبابك ومالك ".." والبس كِسوة الصّدق والصّفاء، والخضوع والخشوع، وأَحْرِمْ من كلّ شيء يمنعك عن ذكر الله، ويَحجبك عن طاعته، ولبِّ بمعنى إجابة صافية زاكيةٍ لله عزَّ وجلَّ ".." متمسّكا بعروته الوثقى».
تلك هي بعض المَدَيات الأرحب للحجّ، التي يحتاج الإعداد لها إلى أشهر الحجّ.
• الشيخ حسين كوراني

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

15/09/2012

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات