يذكرون

يذكرون

17/12/2012

الذكر قوت القلوب


قلوبٌ، لا طعامَ فيها للشّيطان
«الذِّكر قوتُ القلوب»
_______الشيخ الفيض الكاشاني______



الصَّلاةُ مَحَكُّ القلوب، فيها تظهر مساويها ومحاسنها؛ فالصّلاة لا تُقبَل من القلوب المشحونة بشهوات الدّنيا.
ما يلي، مقتطف من كتاب (المحجّة البيضاء) للعالم الشيخ الفيض الكاشاني رحمه الله (ت:1091) حول حقيقة الذِّكر، وأنَّ استقراره في القلب مشروطٌ بخلوِّه من قُوت الشَّيطان.

ما العلاج في دفع الشَّيطان؟ وهل يكفي ذكر اللَّه تعالى، وقول الإنسان «لا حول ولا قوّة إلَّا بالله العليّ العظيم»؟
إعلم أنّ علاج ذلك هو سدُّ هذه المداخل وتطهير القلب من هذه الصِّفات المذمومة. نعم، إذا قُلِعَت من القلب أصول هذه الصِّفات كان للشَّيطان بالقلب اجتيازات وخَطَرات ولم يكن له استقرار، ويمنعه من الإجتياز ذكرُ اللَّه تعالى؛ لأنّ حقيقة الذِّكر لا تتمكَّن من القلب إلَّا بعد عمارة القلب بالتَّقوى وتطهيره من الصِّفات المذمومة، وإلَّا فيكون الذِّكر حديث النَّفس لا سلطان له على القلب فلا يَدفع سلطان الشَّيطان، ولذلك قال اللَّه تعالى: ﴿إنّ الَّذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكَّروا..﴾ الأعراف:201، خَصَّص ذلك بالمُتّقين.

الذِّكر دواء القلوب

ومَثَل الشَّيطان مثل كلبٍ جائع يَقرُب منك، فإنْ لمْ يكن بين يديك لحم وخبز فإنّه يُزجَر عنك بأنْ تقول له: إخسأ، فمجرّد الصَّوت يدفعه، وإن كان بين يديك شيء من ذلك وهو جائع، فإنّه يهجم ولم يندفع بمجرّد الكلام. فالقلب الخالي عن قُوت الشَّيطان ينزجر عنه بمجرّد الذكر. فأمّا الشهوة إذا غَلَبت على القلب دَفعت حقيقة الذّكر إلى حواشي القلب، ولم يتمكَّن من سويدائه فيستقرّ الشَّيطانُ في سُوَيداء القلب، وأمّا قلوب المتّقين الخالية من الهوى والصِّفات المذمومة فإنّه يطرقها الشَّيطان لا للشَّهوات بل لخلوّها بالغفلة عن الذِّكر، فإذا عاد إلى الذِّكر خَنس الشَّيطان، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿..فاستعذ بالله..﴾ الأعراف:200.
والذِّكر دواء والتّقوى احتماء يُخلي القلب من الشَّهوات، فإذا نزل الذِّكرُ قلباً فارغاً من غير الذِّكر، اندفع الشَّيطان عنه كما تندفع العلَّة بنزول الدّواء في معدة خالية عن الأطعمة، قال اللَّه تعالى: ﴿إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب..﴾ ق:37، وقال تعالى: ﴿كتب عليه أنّه من تولاه فإنّه يضلَّه ويهديه إلى عذاب السعير﴾ الحج:4.
فانظر إلى نفسك، فليسَ الخبرُ كَالمعاينة، وتأمّل أنّ مُنتهى ذكرَكَ وعبادتَكَ صلاتُكَ، فراقِب قلبَك إذا كنتَ في صلاتك كيف يَتجاذبه الشَّيطان إلى الأسواق وحساب المعاملين وجواب المعاندين، وكيف يَمرُّ بك في أودية الدُّنيا ومهالكها، حتّى أنّك لا تتذكَّر ما نسيته من فضول الدُّنيا إلَّا في صلاتك، ولا تزدحم الشَّياطين على قلبك إلَّا إذا صلَّيت، والصَّلاة محكُّ القلوب، فيها تظهر مساويها ومحاسنها؛ فالصّلاة لا تُقبَل من القلوب المشحونة بشهوات الدّنيا، فلا جرم لا يُطرَد عنك الشَّيطان، بل ربَّما يزيد عليك الوسواس. فإنْ شئتَ الخلاص من الشَّيطان فقدّم الإحتماء بالتَّقوى ثمّ أَرْدِفه بدواء الذَّكر، وقد فرّ الشَّيطان منك.

ما بالُنا ندعو فلا يُستجابُ لنا؟

قيل لإبراهيم بن أدهم: «ما بالنا ندعو فلا يُستجاب لنا، وقد قال اللَّه تعالى: ﴿..ادعوني أستجب لكم..﴾ غافر:60؟ قال: لأنّ قلوبكم ميتة، قيل: وما الَّذي أماتها؟ قال :ثمان خصال: عرفتم حقّ اللَّه فلم تقوموا بحقّه، وقرأتم القرآن فلم تعملوا بحدوده، وقلتم: نحبّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وتركتم سنّته، وقلتم: نخشى الموت ولم تستعدّوا له، وقال اللَّه عزّ وجلّ: ﴿إنّ الشيطان لكم عدوّ فاتّخذوه عدوّا..﴾ فاطر:6 فواطأتموه على المعاصي، وقلتم: نخاف النّار وأرهقتم أبدانكم فيها، وقلتم :نحبّ الجنّة ولم تعملوا لها، وإذا قمتم من فرشكم رَمَيْتُم بعيوبكم وراء ظهوركم وقدّمتم عيوب النّاس أمامكم فأَسخطْتُم ربَّكُم، فكيف يَستجيب لكم؟».

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

17/12/2012

دوريات

نفحات