الملف

الملف

13/03/2013

سُبْحَانَ اللهِ ذِي العِزِّ الشّامِخ

تسبيحُ اللهِ تَعالى
سُبْحَانَ اللهِ ذِي العِزِّ الشّامِخ


تتّضحُ أهميّةُ التّسبيحِ من قولِه تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ طه:130.
أمّا كيفَ نسبِّح وماذا نقول، فهو ما يَنبغي الرّجوعُ فيه إلى المعصومين عليهم الصّلاة والسّلام.
ما يلي، نماذجُ من التّسبيح المَرويّ عن الصّدّيقة الكبرى الزّهراء عليها السلام.


 ( 1 )

تسبيحٌ غيرُ محدّدٍ بوقتٍ خاصّ: عن أبي سعيد المداينيّ، قال: دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام فقلتُ: ".." جُعِلتُ فداك، عَلِّمني تسبيحَ عليٍّ وفاطمة عليهما السلام، قال: نعم يا أبا سعيد ".." وتسبيحُ فاطمة عليها السلام:
«سُبْحانَ ذِي الجَلالِ الباذِخِ العَظِيمِ، سُبْحانَ ذِي العِزِّ الشَّامِخِ المُنِيفِ، سُبْحانَ ذِي المُلْكِ الفاخِرِ القَدِيمِ، سُبْحانَ ذِي البَهْجَةِ وَالجَمالِ، سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّى بِالنُّورِ وَالوَقارِ، سُبْحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّملِ فِي الصَّفا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الهَواءِ».
(ابن قولويه، كامل الزّيارات: ص 384)
وقد شرح المجلسيُّ الأوّل في موسوعتِه (روضة المتّقين) مفردات هذا التّسبيح كما يلي:
«سبحانَ ذي الجلال»: أي العَظَمة المعنويّة، أو الأَجَلّ ممّا يَصِفُه الواصفون. «البَاذِخ»: ذو الكبرياء. «العَظيم»: بمَعنى الجليلِ فيها، وكذا «ذو العزِّ الشّامخ»: الرّفيع. «المُنيف»: العالي. «سبحانَ ذي المُلك»: أي العظَمة أو القدرة التّامّة. «الفاخر»: النّفيس، أو يفخرُ ملكٌ على كلِّ ملكٍ بالقِدَم الذّاتيّ. «سبحانَ ذي البَهجة»: والحُسن «والجمال» بالحُسن الذّاتيّ، فإنّ ذاتَه أحسنُ الذّوات، وصفاتَه أحسنُ الصّفات، وأفعالَه أحسنُ الأفعال، بل لا مناسبةَ بينَه وبينَ غيرِه إلّا من حيث التّفهيمِ بالنّظر إلى عوامِّ الخَلق. «سبحانَ مَن تردّى بالنّور»: أي لبسَ رداءَ النّور، «والوَقار»، والحِلم، أي ينوّرُ عالمَ العَدَم بلباسِ الوجود، والضّالّين بلباسِ الهداية، و[يعفو] عن المُذنبين بالحِلم. «سبحانَ مَن يرى أثرَ النّمل» مع نهاية الخَفاء «في الصّفا»: الحجرِ الأَملَس الذي لا يظهرُ فيه شيء، يعني علمُه محيطٌ بالكليّاتِ والجزئيّات. «وَوَقْعَ الطّير»: أي موقعَه في الهواء [أو صوتَ خَفْقِ أجنحتِه].
(المجلسيّ الأوّل، روضة المتّقين: ج 5، ص 418)

( 2 )

تسبيحُ فاطمة عليها السلام في اليوم الثّالث (من كلِّ شهرٍ هجريّ)

تحتَ عنوان: «تسبيحُ النّبيّ والأئمّة عليهم الصّلاة والسّلام» أوردَ الفقيهُ القطبُ الرّاونديّ في كتابه الشّهير (الدّعوات، ص 89) تسبيحَ المعصومين عليهم السلام، لكلِّ يومٍ من أيّام الشّهر، وجاءَ فيه أنّ تسبيحَ الزّهراء عليها السلام في اليوم الثّالث من الشّهر هو ما يلي:
«سُبحانَ مَن استَنارَ بالحَوْلِ والقوّة، سبحانَ مَن احتجبَ في سَبعِ سماواتٍ فلا عَيْنَ تراه، سُبحانَ مَن أذلَّ الخلائقَ بالموت، وأعزَّ نفسَه بالحياة، سبحانَ مَن يَبقى ويَفنى كلُّ شيءٍ سِواه، سبحانَ مَن استخلصَ الحمدَ لِنَفسِه وارتضاه، سبحانَ الحيِّ العليم، سبحانَ الحليمِ الكريم، سبحانَ المَلِكِ القُدّوس، سبحانَ (العليّ) العظيم، سبحانَ الله وبِحَمدِه».
القطب الرّاونديّ، الدّعوات (عُرف بـ «سَلوة الحزين»، ص 90)


( 3 )

تسبيحُ الزّهراء عليها السلام

وهو التّسبيحُ المعروفُ المشهورُ الذي يُؤتى به بعدَ كلِّ صلاة، والرّواياتُ في فضلِه كثيرةٌ جدّاً. منها ما رُوي عن الإمام الباقر عليه السلام: «تسبيحُ فاطمةَ عليها السلام في كلِّ يوم، دبر كلِّ صلاة، أحبُّ إليّ من صلاةِ ألفِ ركعةٍ في كلِّ يوم».
* قال الشّيخ الطّوسيّ: «التّعقيبُ [أذكارٌ يؤتى بها عقيب الصّلاة] مُرغَّبٌ فيه عَقيب الفرايض، والدّعاءُ فيه مَرجوٌّ [تُؤمل استجابته وتُرجى]، ولا يُترَك تسبيحُ فاطمة عليها السلام خاصّة، وهو أربعٌ وثلاثون تكبيرة، وثلاثٌ وثلاثون تحميدة، وثلاثٌ وثلاثون تسبيحة. يبدأُ بالتّكبير. ثمّ بالتّحميد. ثمّ بالتّسبيح، وفي أصحابنا مَن قدَّم التّسبيحَ على التّحميد، وكلُّ ذلك جايز».
(المبسوط: ج 1، ص117)
* وقال الشّهيد الثّاني: «ثمّ تسبِّحُ تسبيحَ الزّهراء عليها السلام، علَّمها إيّاه النّبيُّ صلّى الله عليه وآله. وقد رُوي [عن الإمام الباقر عليه السلام] أنّ: ما عُبِدَ اللهُ بشيءٍ أفضلَ منه، ولو كان شيءٌ أفضلَ منه لَنَحَلَه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله فاطمةَ عليها السلام.
وهو ثلاثٌ وثلاثون تسبيحةً، وثلاثٌ وثلاثون تحميدةً، وأربعٌ وثلاثون تكبيرةً، ويتخيّرُ بين البَدأة بالتّسبيح كما ذكرناه وبين البَدأة بالتّكبير، وكلٌّ منهما مرويّ». (الرّسائل: ج 2، ص 829)
* وقال الشّيخ البهائيّ: «..المشهورُ استحبابُ تسبيح الزّهراء عليها السلام في وقتَين؛ أحدهما بعد الصّلاة والآخر عند النّوم، وظاهر الرّواية الواردة به عند النّوم تقتضي تقديمَ التّسبيح على التّحميد، وظاهر الرّواية الصّحيحة الواردة في تسبيح الزّهراء عليها السلام على الإطلاق يقتضي تأخيرَه عنه ".." (فَيَنبغي) حملُ الثّانية على الأولى لصحّة سَندِها واعتضادِها ".." ليرتفعَ التّنافي بينَهما».
(مفتاح الفلاح: ص 213)
والنّتيجة أنّه قدّس سرّه يُفتي باستحبابِ تسبيح الزّهراء عليها السلام بالتّرتيب المعروف بعد كلّ صلاة، وقبلَ النّوم. وهو مطابقٌ لما جاء في (العروة الوثقى) -كما يأتي- ووافقَ عليه جميعُ المراجع الذين وردتْ تعليقاتُهم في هذه النّسخة. (نسخة برنامج مكتبة أهل البيت عليهم السلام - الإصدار الثّاني).
* قال السّيّد اليزديّ في (العروة الوثقى): «الظّاهرُ استحبابُه في غير التّعقيب أيضاً، بل في نفسِه، نعم هو مؤكَّدٌ فيه [في التّعقيب]، وعندَ إرادةِ النّوم لِدَفعِ الرّؤيا السّيئة، كما أنّ الظّاهر عدمُ اختصاصِه بالفرائض، بل هو مستحبٌّ عَقيب كلِّ صلاة، وكيفيّتُه: الله أكبر: أربعٌ وثلاثون مرّة، ثمّ الحمد لله ثلاثٌ وثلاثون، ثمّ سبحان الله كذلك، فمجموعُها مائة، ويجوز تقديمُ التّسبيح على التّحميد، وإنْ كان الأَولى الأوّل». [أي: تقديم التّحميد كما هو الشّائع]

***

تنبيهات


الأوّل: عند الشّكّ في عددِ تكبيراتِ تسبيحِ الزّهراء عليها السلام، أو تحميداتِه، أو تسبيحاتِه، يبني المسبِّحُ على الأقلّ إنْ لم يكن قد تجاوزَ ما شكَّ فيه، أي إنْ شكَّ -مثلاً- في التّكبير وهو لم يتجاوزه بعدُ إلى التّحميد، يبني على الأقلّ ويُكمِلُ العددَ المطلوب، أمّا إنْ كان قد تجاوزَ المحلَّ فيَبني على أنّه قد جاءَ بالعددِ المطلوب، أمّا إنْ وجدَ أنّه قد زادَ على العددِ المطلوب فإنّه يرفعُ اليدَ عن الزّائد، أي كأنّه ألغاه، وينوي أنّه لم يُرِد غيرَ العددِ المطلوب. قال السّيّدُ اليزديّ في (العروة الوثقى) ووافقَه المراجع: «إذا شكَّ في عدد التّكبيرات أو التّسبيحات أو التّحميدات بنى على الأقلّ إنْ لم يتجاوز المحلّ، وإلّا بنى على الإتيانِ به، وإنْ زادَ على الأعدادِ بَنى عليها، ورفعَ اليدَ عن الزّائد».
الثّاني: للحصول على مزيدِ الثّواب، يُستحبُّ أن يتّخذَ المؤمنُ سبحةً من طينِ قبرِ سيّد الشّهداء عليه السلام [أي تراب القبر الشّريف]، ولكن ينبغي التّنبُّه لعدمِ تعريض التّربة المباركة للإهانة من خلال وضعِها في الجيب أو المحفظة بطريقة تُعرِّضُها لما لا يليق، والتّنبُّه كذلك لأهميّة الكَوْن على طهارة حين ملامسةِ السّبحة من هذه التّربة، ولتحقيقِ ذلك يناسبُ أن يقتصرَ التّسبيحُ بهذه السُّبحة على الأوقات والأماكن التي يُمكن فيها مراعاةُ حرمةِ التّربة الشّريفة.
حولَ أصل هذا الاستحباب، جاء في (العروة الوثقى): «يستحبُّ أن تكون السّبحةُ بطينِ قبر الحسين صلوات الله عليه، وفي الخبر أنّها تسبِّحُ إذا كانت بِيَدِ الرَّجل من غير أن يسبِّح، ويُكتَب له ذلك التّسبيحُ وإنْ كان غافلاً».
الثّالث: بعدَ الكلام حولَ تسبيحِ فاطمة عليها السلام: قالَ الشّيخُ المفيد عليه الرّحمة في (المُقنعة): «وتستغفرُ اللهَ بعد ذلك بما تيسّر، وتصلّي على محمّدٍ وآلِه، وتدعو فتقول: أللَّهُمَّ انْفَعْنا بِالعِلْمِ، وَزَيِّنَّا بِالحِلْمِ، وجَمِّلْنا بِالعافيةِ، وَكَرِّمْنا بِالتَّقْوى، إنَّ وَليّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ وَهُو يَتَولّى الصّالِحينَ».
(المجلسيّ، بحار الأنوار: ج 83، ص 51)




 

..تهاونَ بصلاتِه من الرِّجال والنّساء

عن سيّدة النِّساء فاطمة عليها السلام، أنّها سألتْ أباها محمّداً صلّى الله عليه وآله فقالت:
«يا أبَتاه، ما لِمَن تهاوَنَ بِصَلاتِهِ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ؟».
قال: «يا فاطِمَة، مَن تَهاوَنَ بِصَلاتِهِ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ ابتَلاهُ اللهُ بِخَمسَ عَشَرَةَ خِصلَةً: سِتٌّ مِنها في دارِ الدُّنيا، وثَلاثٌ عِندَ مَوتِهِ، وثَلاثٌ في قَبرِهِ، وثَلاثٌ فِي القيامَةِ إذا خَرَجَ مِن قَبرِهِ.
* أمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ في دارِ الدُّنيا: فَالأُولى يَرفَعُ اللهُ البَرَكَةَ مِن عُمرِهِ، ويَرفَعُ اللهُ البَرَكَةَ مِن رِزقِهِ، ويَمحُو اللهُ عزَّ وجلَّ سيماءَ الصّالِحينَ مِن وَجهِهِ، وكُلُّ عَمَلٍ يَعمَلُهُ لا يُؤجَرُ عَلَيهِ، ولا يَرتَفِعُ دُعاؤُهُ إلَى السَّماءِ، والسّادِسَةُ لَيسَ لَهُ حَظٌّ في دُعاءِ الصّالِحينَ.
* وأمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ عِندَ مَوتِهِ فَأَوَّلُهُنَّ أنَّهُ يَموتُ ذَليلاً، والثّانيَةُ يَموتُ جائِعاً، والثّالِثَةُ يَموتُ عَطشاناً؛ فَلَو سُقيَ مِن أنهارِ الدُّنيا لم يُروَ عَطَشُهُ.
* وأمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ في قَبرِهِ: فَأَوَّلُهُنَّ يُوَكِّلُ اللهُ بِهِ مَلَكًا يزعجُهُ في قَبرِهِ، والثّانيَةُ يُضَيِّقُ عَلَيهِ قَبرَهُ، والثّالِثَةُ تَكونُ الظُّلمَةُ في قَبرِهِ.
* وأمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ يَومَ القيامَةِ إذا خَرَجَ مِن قَبرِهِ: فَأَوَّلُهُنَّ أن يُوَكِّلَ اللهُ بِهِ مَلَكًا يَسحَبُهُ عَلى وَجهِهِ والخَلائِقُ يَنظُرونَ إلَيهِ، والثّانيَةُ يُحاسَب حِساباً شَديداً، والثّالِثَةُ لا يَنظُرُ اللهُ إلَيهِ ولا يُزَكّيهِ ولَهُ عَذابٌ أليمٌ».
(السيّد ابن طاوس، فلاح السائل: ص 22)


 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

08/03/2013

دوريات

نفحات