مصطلحات

مصطلحات

07/06/2013

الفلسفة

 

الفلسفة

نَظمُ العالَم نَظماً عقليّاً

ـــــ السّيّد كمال الحيدري ـــــ

ما يلي، تعريف السّيّد كمال الحيدري لـ «الفلسفة» لغةً واصطلاحاً، نقلاً عن تقرير شروحه على كتاب (الحكمة المُتعالية في الأسفار العقلية الأربعة) لِصدر المتألّهين الشّيرازيّ (ت: 1050 للهجرة).

«الفلسفة» كلمةٌ يونانيّةٌ، وأصلُها اليونانيّ «فيلاسوفا» أي مُحِبُّ العلمِ والحكمة، ثمّ انتقَلَت هذه الكلمة إلى اللُّغة العربيّة بلفظ «فيلسوف»، واشتُقَّ منه بعد ذلك لفظُ «الفلسفة».

قال الفيروزآباديّ: «والفيلسوف: يونانيّة، أي: مُحبّ الحكمة، أصلُه (فيلا) وهو المحبّ، و(سوفا) وهو الحكمة، والاسم: الفلسفة، مركّبة كالحَوْقَلة».

***

التّعريف الاصطلاحيّ: ذكر صدرُ المتألّهين (في الأسفار الأربعة) للفلسفةِ تعريفَين اصطلاحيَّين، وكلُّ واحدٍ منهما يَحكي جانباً من جوانب حقيقة الفلسفة وماهيّتها.

التَّعريف الأوّل: هو ما أشار إليه المُصنّف بقوله: «معرفةُ حقائق الموجودات على ما هي عليها، والحكمُ بوجودها تحقيقاً». وقال أيضاً في موضع آخر من (الأسفار): «إنّهم عَرَّفوا الحكمةَ بأنّها عِلمٌ بأحوالِ الموجودات الخارجيّة، على ما هي عليها في الواقع».

ومن مجموع هذه الكلمات يتَّضح أنّ الفلسفة عند صدر المتألّهين هي: العلمُ الباحث عن معرفة أحوالِ الموجودات الخارجيّة، والحُكمُ بوجودها تحقيقاً على ما هي عليه في الواقع الخارجيّ، أي العلم بأحوال الموجودات على نحوِ القَطْعِ واليقينِ بالوقوف على حقائقها الخارجيّة.

وليس المقصود من معرفةِ أحوالِ الموجودات عن طريق العلوم العقليّة هو اكْتِناهُ ذَوات الأشياء والوقوفُ على تمامِ حقيقتِها، وإنّما المُراد من ذلك أنّ الإنسان يَتعرّف على الأشياء في الواقع بَحَسبِ وسعِهِ وطاقته؛ ولذا أضاف صدرُ المتألّهين إلى تعريف الفلسفة قائلاً: «بِقَدرِ الوسْع الإنسانيّ»، فالمعرفةُ الفلسفيّة للأشياءِ محدودةٌ وتابعةٌ لِقدرةِ الإنسان واستعدادِه.

وقال ابن سينا في (الشّفاء): «إنّ الغرضَ في الفلسفة أن يُوقفَ على حقائق الأشياء كلّها على قَدْر ما يُمكن الإنسان أن يقفَ عليه».

التّعريف الثّاني: هو ما أشارَ إليه المصنّف بقوله: «وإنْ شئْتَ قُلتَ: نَظْمُ العالَمِ نَظماً عقليّاً على حسب الطّاقة البشريّة».

بيانُ ذلك: إنّنا عندما نأتي إلى الواقع والعالم الخارجيّ، نراه قائماً على أساسِ نظامٍ خاصٍّ، وهو نظامُ السَّبَبيّة والمُسبِّبيّة والعِلِّيّة والمعلوليّة، وبالتّعبير القرآنيّ: إنّ هذا العالم مخلوقٌ على أساسِ القوانين والسُّنن الإلهيّة الثّابتة الّتي لا تَتَبدّل ولا تَتَحوّل، كما في قوله تعالى: ﴿..فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلًا﴾ فاطر:43. أي أنّ جميع موجودات العالَم الخارجيّ تَسيرُ وفْقَ سُنَنٍ إلهيّةٍ خاصّةٍ لا يمكن أن تَختلف أو تَتخلّف، وما من مخلوقٍ من المخلوقات إلَّا وهو محكومٌ بهذا القانون الإلهيّ العامّ. قال تعالى: ﴿..مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ هود:56.

إذن فَلِلعالَمِ قانونُه ونظامُه الخاصّ، وهو نظام السُّنَن الإلهيّة والأسباب والمُسبِّبات، والفلسفةُ بِحَسَب هذا التّعريف الثّاني، عبارة عن النَّظم العلميّ والعقليّ المُطابِق لذلك النِّظام الخارجيّ القائم على أساس العلّيّة والمعلوليّة، والفيلسوف هو الّذي يقفُ على حقيقة النّظام الخارجيّ للعالم، ولكن من خلال فَهْمِه وإدراكه الذِّهنيّ لذلك النّظام، فيعرف حقائقَ الأشياء على ما هي عليه من العلاقات والرَّوابط والسُّنَن الّتي تَحكُمها في الواقع الخارجيّ.

والفرق بين هذا التَّعريف والتَّعريف السّابق من جهتَين:

الجهة الأولى: إنّ التّركيز في التّعريف السّابق كان متوجِّهاً إلى العلم والمعرفة بحقائق الموجودات على ما هي عليه، وأمّا التّعريف الثّاني فالنَّظر فيه مُتوجِّهٌ إلى ذات النّظام العقليّ المُضاهي لِنظامِ العالَمِ الخارجيّ.

الجهة الثّانية: إنّ نظام الرّوابط والسُّنن الّذي يَحكم العالم الخارجيّ لم يكُن مُصرَّحاً به في التّعريف الأوّل، ولكنّه جاء صريحاً في التّعريف الثّاني.

اخبار مرتبطة

  أيُّها العزيز

أيُّها العزيز

  دوريات

دوريات

07/06/2013

دوريات

نفحات