يذكرون

يذكرون

04/11/2013

من أذكار المُستغفرين بالأسحارِ

من أذكار المُستغفرين بالأسحارِ

لا يواري عنك ليلٌ ساجٍ، ولا سَماءٌ ذات أبراج

_____الشّيخ بهاء الدّين العامليّ قدّس سرّه_____

إذا انتبهْتَ من نومك، فأوّل ما ينبغي لك فعله أن تسجدَ لله تعالى؛ (فقد رُوي) أنَّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله كان إذا انتَبَه من نومِه يَسجد. (ثمّ قُل) في سجودك أو بعد رفع رأسك منه: الحمدُ لله الّذي أَحْياني بعدما أماتَني وإليه النُّشور، الحمدُ لله الّذي رَدَّ عليَّ روحي لِأَحْمَدَهُ وأَعْبُدَه.

(وروى) ثقةُ الإسلام في (الكافي) بسندٍ حسنٍ عن الباقر عليه السّلام: «إذا قمْتَ باللّيل فانظُر في آفاق السّماء وقُل: (أللّهمّ) إنَّه لا يُواري عنك ليلٌ ساجٍ، ولا سماءٌ ذاتُ أبراجٍ، ولا أرضٌ ذاتُ مِهادٍ، ولا ظلماتٌ بعضُها فَوْقَ بعضٍ، ولا بحرٌ لُجِّيٌّ، تُدلِجُ بين يَدَي المُدْلِجِ مِن خَلْقِك، تعلمُ خائنةَ الأعْيُنِ وما تُخفي الصُّدورُ، غارتِ النُّجومُ ونامَتِ العيونُ وأنتَ الحيُّ القيُّومُ، لا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ ولا نومٌ، سبحانَ الله ربِّ العالمينَ وإلهِ المُسلمين، والحمدُ لله ربِّ العالمين».

ثمّ اقرأ الآيات الخمس من آخر آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ آل عمران:190-194.

توضيح الحديث:

* «لا يواري عنك ليلٌ ساج»: أي لا يَسترُ عنك من المواراة وهي السّتر، و«ساج» بالسّين المهملة، وآخره جيم، اسم فاعل مِن سَجَى بمعنى رَكَدَ واستقرَّ؛ والمرُاد ليلٌ راكدٌ ظلامُه، مستقِرٌّ قد بلغ غايتَه. 

* «ولا أرضٌ ذات مِهاد»: بكسر أوَّله، جمعها أَمْهِدَةٌ ومُهُدٌ، أي ذات أمكنة مُستوية مُمَهَّدة. 

* «ولا بحرٌ لُجِّيّ»: بِضَمّ اللّام وقد تُكْسَر، وتشديد الجيم المسكورة، والياء المشدَّدة، أي عظيم.

* «تدلج بين يدي المدلج»: الإدلاج السَّير باللّيل، وربّما يَختصّ بالسَّير في أوَّله، وربّما يُطلَق الإدلاج على العبادة في اللّيل مجازاً، لأنَّ العبادة سَيْرٌ إلى الله تعالى، وقد فُسِّر بذلك قول النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن خافَ أَدْلَجَ، ومن أدلجَ بَلَغَ المنزل»، ومعنى (تُدلِجُ بين يدي المُدْلِج)، إنَّ رحمتَكَ وتوفيقَكَ وإعانتَكَ لِمَن توجَّه إليك وعَبَدَكَ، صادرةٌ عنك قبل توجُّهه إليك، وعبادَتِه لكَ؛ إذ لولا رحمتكَ وتوفيقكَ وإيقاعك ذلك في قلبه، لم يخطر ذلك بباله، فكأنَّك سَرَيْتَ إليه قبل أن يَسرِيَ هو إليك.

* «وغارَتِ النُّجومُ»: أي تَسَفَّلَت وأَخَذَت في الهبوط والانخفاض، بعدما كانت آخذةً في الصُّعود والارتفاع، واللّام للعهد، [لام العهد: هي الدّاخلة على معهود لدى المخاطب أو المتكلّم] ويجوز أن يكون بمعنى غابت.

* و«السِّنة»: بالكسر مبادي النَّوم.

.. وتوضيح الآيات

* ﴿لآَيَاتٍ﴾ أي علامات عظيمة أو كثيرة، دالّة على كمال القدرة.

* ﴿لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ أي لذوي العقول الكاملة؛ وسُمِّيَ العقل لُبّاً لأنَّه أنفس ما في الإنسان، فما عداه كأنّه قشر.

* ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال المفسِّرون في هذا دلالة على شرف علم الهيئة.

* ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً﴾ أي قائلين حال تفكُّرهم في المخلوقات العجيبة الشّأن.

* ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ﴾ أي نُنَزِّهك عن فعل العبث تنزيهاً.

* ﴿سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ لمَّا كان خَلْقُ هذه الأشياء لِحِكَمٍ ومصالح منها أن يكون سبباً لمعاش الإنسان، ودليلاً يدلّه على معرفة الصّانع، ويَحثُّه على طاعته والقيام بوظائف عباداته لينال الفوز الأبديّ، والإنسان مخِلٌّ في الأغلب بذلك، حَسُنَ التّفريع على الكلام السّابق.

* ﴿مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ قال بعض المفسِّرين فيه إشعارٌ بأنّ العذاب الرّوحانيّ أشدّ من العذاب الجسمانيّ؛ إذ الخِزْيُ فضيحةٌ وحقارةٌ نفسانيّة.

* ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ﴾ المُراد به الرّسول صلّى الله عليه وآله، وقيل القرآن.

* ﴿رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ المُراد بها الكبائر، ﴿وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا﴾ المُراد بها الصّغائر، أي  اجعلها مكفَّرة عنّا بتوفيقنا لاجتناب الكبائر، ﴿وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾ أي في زُمرَتِهم.

* ﴿رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾ أي على تَصديقهم أو على ألسنَتِهم.

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

04/11/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات